%11 نسبة المشاركة في الدور الثاني.. ما دلالات استمرار عزوف التونسيين عن التصويت؟
تونس – مع انتهاء الدور الثاني من الانتخابات التشريعية بتونس مساء اليوم الأحد، يتجادل فريقان حول النتائج السياسية لتلك الانتخابات التي شهدت عزوفا كبيرا من الناخبين.
فبينما يقول البعض إن الرئيس قيس سعيد فشل في حشد الشارع خلف مساره السياسي، يرى آخرون أن استكمال الانتخابات سيخول تشكيل البرلمان للقيام بدوره مهما كانت نسبة التصويت.
وعلى غرار برودة الطقس صباح اليوم الأحد، سيطرت البرودة على أجواء الإقبال في مراكز الاقتراع، حيث غابت طوابير الناخبين عن المشهد، على عكس ما شهدته أجواء الانتخابات التشريعية من حركية وتنافس وإقبال مكثف للتونسيين بعد سقوط النظام السابق مطلع عام 2011.
وفي مؤتمر صحفي مساء اليوم الأحد، كشفت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن النسبة الأولية للمشاركة في الدور الثاني بلغت 11.3% من أكثر من 7 ملايين و850 ألف ناخب ممن سجلوا في الدور الثاني.
مراكز الاقتراع في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية في تونس شهدت عزوفا كبيرا (الجزيرة نت)
لامبالاة بالانتخابات
كان الرئيس قيس سعيد قد وعد بأن يكون الدور الثاني من الانتخابات أفضل من الدور الأول، الذي جرى يوم 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي ولم تتجاوز فيه نسبة المشاركة 11% ممن سجلوا في الدور الأول وعددهم نحو 9 ملايين و136 ألف ناخب.
وقتها قال سعيد إنه لا يمكن قراءة الانتخابات من دورها الأول، معتبرا التشكيك في الانتخابات بسبب نسبة العزوف الكبيرة في الدور الأول بمثابة الإعلان عن النتيجة في مقابلة رياضية في شوطها الأول فقط.
لكن جولة للجزيرة نت في مراكز اقتراع بمحافظتي أريانة وبن عروس المحاذيتين للعاصمة تونس، أثبتت أن الناخبين غير مهتمين بالمسار الانتخابي، ويأتي ذلك في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية أثقلت كاهل التونسيين بسبب ارتفاع الأسعار وفقدان المواد الاستهلاكية الأساسية باستمرار. كما شهدت مشاركة الشباب تراجعا كبيرا بنسبة لم تتجاوز 4%.
ونأت هيئة الانتخابات بنفسها عن سبب هذا التراجع في المشاركة التي كانت تبلغ في الانتخابات السابقة 30%، مبينة أنها قامت بكل ما في وسعها بإعلام الناس بموعد الانتخابات والتعريف بالمرشحين وبرامجهم.
صفعة للرئيس
ويمثل تكرر سيناريو العزوف عن المشاركة في الانتخابات التشريعية -التي دعا لها الرئيس قيس سعيد بعد نحو عام ونصف العام من إعلانه التدابير الاستثنائية- ضربة قاصمة له، بحسب القيادية بجبهة الخلاص شيماء عيسى، مؤكدة أن الشعب التونسي حشر الرئيس في الزاوية ولفظه، بحسب تعبيرها.
وفي حديثها للجزيرة نت، اعتبرت أن عزوف الناخبين “صفعة للرئيس بأن مشروعه الانقلابي فشل في حشد الشارع خلفه”، مشيرة إلى أن “إصرار الرئيس على الهروب إلى الأمام لتنصيب برلمان تابع له دون صلاحيات، سيزيد في تخبط البلاد في أزمات ساحقة”.
وقال رئيس جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي إن المجلس الذي ستفرزه هذه الانتخابات لن يجد اعترافا من القوى السياسية ولا من المواطنين.
واعتبر الشابي أن إعلان هيئة الانتخابات عن نسبة المشاركة في الدور الثاني يعني عزوف نحو 90% من التونسيين عن التصويت.
وفي الأثناء، طالبت خمسة أحزاب تونسية، هي التيار والقطب والجمهوري والعمال والتكتل، بالوقف الفوري لما سمته الانقلاب.
وقالت في بيان مشترك إن البرلمان المنبثق عما وصفتها بمهزلة الانتخابات فاقد للشرعية وعنوان من عناوين الأزمة.
وأضافت أن برلمانا صوريا بلا صلاحيات تشريعية ولا رقابية فعلية لن يكون إلا ديكورا بلا تأثير على السياسات العامة، حسب نص البيان.
ودعت الأحزاب الخمسة سائر القوى الديمقراطية والتقدمية التونسية إلى مواصلة العمل المشترك للخروج من الأزمة.
وتقاطع أغلب الأحزاب الانتخابات، معتبرة أن ما قام به الرئيس قيس سعيد انقلاب على الشرعية بعدما جمد البرلمان السابق وأقال الحكومة وألغى دستور 2014، قبل أن يصيغ دستورا جديدا ويعدل قانون الانتخابات ليصبح بنظام الاقتراع على الأفراد بعدما كان على القوائم الحزبية.
المهم البرلمان وليس نسبة التصويت
في هذا السياق، يقول وسام عويدات القيادي بحركة الشعب -إحدى القوى السياسية المؤيدة للتدابر الاستثنائية التي فرضها الرئيس قيس سعيد- إن استكمال المسار الانتخابي بدورتيه الأولى والثانية سيخول تشكيل البرلمان للاضطلاع بدوره مهما كانت نسبة التصويت.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرجع عويدات ارتفاع نسبة العزوف عن الانتخابات إلى خيبة الأمل لدى التونسيين بسبب تدهور المعيشة وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لكنه يرى أن خصوم الرئيس يسعون لاستغلال الأوضاع المعيشية ذريعة للعودة للوراء بادعاء أن الشعب رافض لمسار 25 يوليو/تموز 2021، بحسب وصفه.
ويعتبر المتحدث أن انتهاء الدور الثاني من الانتخابات سيعبد الطريق أمام برلمان جديد يسمح بملء الفراغ التشريعي الراهن، وينقل البلاد من المرحلة الاستثنائية إلى مرحلة استقرار دائم، تمكن من التركيز على مصلحة التونسيين بدرجة أولى، وتتيح تحريك العجلة الاقتصادية وطمأنة الفاعلين الدوليين.
إعلان النتائج
وتنافس في الدور الثاني للانتخابات التشريعية بتونس 262 مرشحا للفوز بـ131 مقعدا متبقية من جملة 161 مقعدا في البرلمان القادم، بعدما فاز 23 مرشحا في الدور الأول من الانتخابات التشريعية، منهم 3 نساء فقط. في حين بقيت 7 دوائر انتخابية في الخارج شاغرة لعدم ترشح أي شخص فيها.
ومن المنتظر أن تفصح هيئة الانتخابات عن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية في الدور الثاني في الأول من فبراير/شباط المقبل، على أن تعلن عن النتائج النهائية للانتخابات ونواب البرلمان في الرابع من مارس/آذار القادم، على أن يعقد البرلمان الجديد أول جلساته يوم 20 مارس/آذار المقبل تزامنا مع ذكرى الاستقلال الوطني.
يذكر أن البرلمان القادم لا يتمتع بصلاحيات واسعة للتشريع والرقابة على السلطة كما كان في النظام البرلماني المستمد من دستور 2014 الملغى من قبل الرئيس قيس سعيد، حيث ستكون صلاحياته محدودة ولا يمكنه عزل الرئيس أو مساءلته، كما ستكون مشاريع القوانين المقترحة من الرئيس لها أولوية النظر.
#نسبة #المشاركة #في #الدور #الثاني. #ما #دلالات #استمرار #عزوف #التونسيين #عن #التصويت
تابعوا Tunisactus على Google News