آخرها لرئيس الوزراء.. ماذا تمثل الزيارات التونسية المتتالية للدوحة؟
– ما الذي ناقشه رئيس الوزراء التونسي في قطر؟
العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل دعمها وتعزيزها.
– ما الهدف من زيارة الغنوشي أيضاً؟
البحث عن تمويل لدعم الاقتصاد التونسي المنهار.
– ما الذي يربط قطر بتونس؟
علاقات دبلوماسية واقتصادية كبيرة.
تتسم العلاقات القطرية التونسية بأنها عميقة واستثنائية، وتتميز بالنمو المطرد وتتفرد بوتيرتها العالية في نسق التشاور والتعاون وتبادل الزيارات على جميع المستويات.
وتتيح الزيارات المتبادلة بين السياسيين في البلدين مزيداً من الفرص للاستفادة من الطاقات والإمكانيات، والدفع بمستوى التعاون والارتقاء به لأفضل المستويات بما يخدم مصالحهما ويحقق طموحاتهما في إطار التفاهم القائم بينهما، ووحدة رؤاهما إزاء القضايا الثنائية المشتركة وقضايا المنطقة العربية والإسلامية والملفات الإقليمية.
وخلال شهر مايو 2021، شهدت قطر زيارتين هامتين؛ بدأها رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، واختتمها رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي أواخر الشهر ذاته، في إطار بحث علاقات التعاون الثنائي بين البلدين وسبل تطويرها وتنميتها في مختلف المجالات.
زيارة حكومية
خلال ثلاثة أيام في الدوحة، التقى “المشيشي” والوفد المرافق له بعدد من المسؤولين القطريين، في مقدمتهم أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي استقبله بمكتبه في الديوان الأميري، في 31 مايو 2021.
ووفق وكالة الأنباء القطرية (قنا)، “جرى خلال المقابلة “استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها”، إضافة إلى “عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.
وفي 30 مايو، ذكرت الوكالة القطرية أن رئيس الوزراء وزير الداخلية، الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني، بحث مع نظيره التونسي “علاقات التعاون الثنائي بين البلدين وسبل تطويرها وتنميتها في مختلف المجالات”.
بدورها قالت رئاسة الوزراء التونسية: إن “الزيارة تمثل فرصة مهمة لمزيد من تدعيم علاقات الأخوة والتعاون القائمة بين البلدين، بكل المجالات، خاصة في المجال الاقتصادي”.
زيارة سابقة للغنوشي
لم تكن زيارة المشيشي هي الأولى المهمة خلال شهر مايو، ففي الخامس منه شهدت الدوحة زيارة لرئيس البرلمان التونسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، بهدف “تعزيز التعاون بين البلدين وزيادة الدعم الاقتصادي والصحّي”.
وأعلنت حركة النهضة التونسية، في 8 مايو، عن نتائج إيجابية لزيارة الغنوشي، وأكدت في بيان “أن ما يعتزم رئيس الحركة راشد الغنوشي القيام به من زيارات إلى عواصم عربية وغربية يأتي في إطار الدبلوماسيّة الحزبيّة”.
وذكر نشطاء محسوبون على النهضة أن الغنوشي اختار زيارة قطر “بحثاً عن تمويلات جديدة لمعالجة الوضع الاقتصادي المأزوم في البلاد”.
ووفقاً لوسائل إعلام، فإن الزيارة التي قام بها الغنوشي إلى الدوحة كانت مثمرة جداً، بعد الحصول على وعود بتعاون مالي بقيمة ملياري دولار من دولة قطر، ومواصلة الدعم الصحي لتونس، إلى جانب مضاعفة حصة تونس من عقود العمل، فيما لم تكشف وسائل الإعلام القطرية عن معلومات حول سبب زيارته.
زيارة مهمة
يشير المحلل السياسي التونسي، محمد هدية، إلى أن زيارة المشيشي “تندرج في إطار علاقات الأخوة والتعاون القائمة بين البلدين في كل المجالات، وخاصة في المجال الاقتصادي”، موضحاً أن قطر تحتل المرتبة الثانية عالمياً من حيث الاستثمارات في تونس.
ويرى أن هذه الزيارة ما كان لها أن تجد كل هذا الاهتمام “لولا وجود عنصرين مهمين”، موضحاً لـ”الخليج أونلاين” أنهما يتمثلان أولاً في “الوضع الاقتصادي المتردي في تونس، والأزمات التي تعصف بالحالة الاجتماعية وتهدد المسار السياسي”.
أما العنصر الثاني فيتمثل في “الأزمة السياسية في تونس، التي تتجلى في القطيعة المعلنة بين الرئاسيات في تونس، والتي أفرزت حالة من عدم التنسيق في المواقف بين المشيشي والرئيس التونسي قيس سعيد”.
ويضيف: “هذا الأخير (قيس سعيد) لم يترك فرصة تمر دون الإشارة إلى أن العلاقات الدبلوماسية والسياسة الخارجية هي حكر على رئاسة الجمهورية، بل ذهب أكثر من ذلك بتلميحه أكثر من مرة أنه بوصفه رئيساً للجمهورية يعتبر المحدد الوحيد لسياسة تونس الخارجية”.
ولفت إلى أن سعيد “أبدى تحفظاً كبيراً لما يعتبره تدخلاً في اختصاصات الرئاسة، وخصوصاً ما يقوم به رئيس البرلمان راشد الغنوشي من زيارات للخارج أو اتصالات ببعض الزعماء دون تنسيق مسبق مع مؤسسة الرئاسة”.
وأوضح أن الزيارة “كان شهدت أصداء وحديثاً عن توصلها للعديد من الاتفاقيات في مجالات عدة، أبرزها القطاع المالي وقطاع العمالة، خصوصاً لما أبداه الجانب القطري من ارتياح لما تقدمه الجالية التونسية، ورغبة قطر في زيادة عدد التونسيين في مجال التعاون الفني بين البلدين”.
وأضاف: “ما من شك في أن هذا التعاون والدعم القطري سينعش اقتصاد تونس المترهل، خصوصاً بعد جائحة كورونا”، لكنه استدرك قائلاً: “من المؤكد أن الدعم القطري وفي خضم الحالة المتردية للاقتصاد وأمام حدة الأزمة لن يكون إلا جرعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أو أن يكون زورق نجاة لحكومة المشيشي المهددة بالفشل في أي وقت”.
وتابع: “يبقى الاقتصاد التونسي في حاجة إلى تصورات جديدة للمنوال التنموي والإصلاحات التي من شأنها تجنيب تونس شبح الإفلاس، حتى يواكب المسار الاقتصادي مسارات الانتقال الديمقراطي”.
تعاون دبلوماسي واقتصادي
خلال 2020، تبادل أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التونسي قيس سعيد، زيارات رسمية بين البلدين، حيث زار الشيخ تميم بن حمد تونس، في فبراير 2020، في مقابل زيارة قام بها “سعيد”، 14 نوفمبر، إلى الدوحة في زيارة رسمية تعتبر الأولى من نوعها منذ وصوله إلى قصر قرطاج، في أكتوبر 2019.
وبالرغم من التعاون الدبلوماسي بين الجانبين الذي يعود إلى أول سفارة قطرية في تونس عام 1974، فإن العلاقات الثنائية بين البلدين بدأت تتوطد بعد ثورة 14 يناير 2011، حيث قرر الشعب التونسي إطلاق شرارة الربيع العربي، وهو ما ساندته الحكومة القطرية من منطلق تأييد خيارات الشعب التونسي ذات العلاقة بالحرية والكرامة.
وأثناء المرحلة الانتقالية التي مرت بها تونس بعد نجاح ثورتها، سعت الدوحة إلى ضمان تحقيق التحول الديمقراطي التونسي المنشود عن طريق حزمة واسعة من برامج التعاون المشترك والاستثمارات النوعية في القطاعين المالي والاستثماري، بهدف تنشيط الاقتصاد المحلي بما يلبي طموحات الشعب التونسي في توفير فرص عمل واعدة للشباب.
وعرفت العلاقة الاقتصادية بين الجانبين تطوراً ملحوظاً، حيث تقدر الصادرات القطرية إلى تونس بــ85 مليون ريال قطري (24 مليون دولار)، في العام 2019، في حين سجلت الصادرات التونسية إلى قطر نحو 85 مليون ريال قطري، وهو ما يعني أن الصادرات القطرية إلى تونس قد ارتفعت ما بين 2011 و2019 بنحو 6 أضعاف، أما الصادرات التونسية إلى قطر فقد سجلت ارتفاعاً بنحو 10 أضعاف.
ونظراً لتنويع محفظة الاستثمارات القطرية في تونس تصدرت الدوحة الدول العربية المستثمرة في تونس، حيث تمثل استثماراتها نحو 43% من مجموع الاستثمارات الخارجية في البلاد، وفق إحصائيات رسمية صادرة عن وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، بما يفوق 580 مليون دينار، أي ما يعادل 215 مليون دولار.
تابعوا Tunisactus على Google News