آلاف المؤسسات التونسية المتعثرة بلا دعم: مأزق الموازنة
خسائر كبيرة لحقت بالقطاع الخاص بسبب كورونا (ياسين غادي/الأناضول)
ينتظر أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة والعاملون في القطاعات المتضررة من جائحة كورونا المساعدات الحكومة التونسية التي وعدت بها السلطات ضمن قانون الموازنة، حيث لا يزال تطبيقها على أرض الواقع معلقا بسبب تأخر صدور النصوص التطبيقية لموازنة 2022.
ورغم انقضاء الربع الأول من العام لم تصدر حكومة نجلاء بودن بعد الأوامر الترتيبية لأكثر من 7 إجراءات أقرتها الدولة لفائدة قطاعات اقتصادية وعمال القطاع السياحي، من بينها إحداث خطوط تمويل لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة وصرف مساعدات مالية شهرية لفائدة العاملين في القطاع السياحي.
ويطالب متعاملون اقتصاديون بتوضيحات رسمية بشأن الإجراءات الحكومية التي وردت في قانون المالية، سيما وأن تطبيق بعضها مقيد بفترة لا تتجاوز الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، بينما لا تفصح الحكومة عن أسباب تأجيلها للمساعدات.
يؤثر تأخر صدور الأوامر الترتيبية والنصوص التطبيقية لقانون المالية على مناخ الأعمال الذي يعلّق الآمال على التسهيلات الحكومية، وتحفيز قطاع الاقتصاد من أجل تجاوز الخسائر الكبيرة التي خلفتها تداعيات الجائحة الصحية على المؤسسات ولا سيما منها الصغيرة والمتوسطة.
ويرى عضو المكتب التنفيذي للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات أحمد الكرم أن تأخر صدور النصوص التطبيقية لقانون الموازنة يزيد صعوبات المؤسسات الاقتصادية والقطاعات المتعثرة التي تنتظر الدفع اللازم من أجل العودة إلى النشاط.
وقال الكرم في تصريح لـ”العربي الجديد” إن المعهد العربي لرؤساء المؤسسات أحصى ما يقارب 8 أوامر رئاسية و7 قرارات وزارية وعديد الاتفاقيات مع المؤسسات لم تصدر بعد، مؤكّدا أنّ قسطا كبيرا من إجراءات قانون المالية لم تنفّذ ولا تزال حبرا على ورق.
وأفاد الكرم أن المؤسسات الاقتصادية خسرت إمكانية الانتعاش خلال الربع الأول من السنة بسبب تأخر صدور النصوص الخاصة بقانون المالية، معتبرا أن عامل الوقت مهم جدا في ظرف اقتصادي صعب تزيده التقلبات العالمية تعقيدا.
وأضاف المتحدث: “خسرنا ربع سنة ولم تنتفع المؤسسات بهذه الإجراءات”، مشدّدا على ضرورة لفت الانتباه إلى هذه الوضعية ودعوة المسؤولين إلى التسريع في إصدار هذه الأوامر ليتم الانتفاع بإجراءات قانون المالية.
وقال المتحدث إنه يفترض أن تكون الحكومة قد أمّنت المخصصات المالية لتطبيق التدابير التي أتى بها قانون المالية، غير أنه رجّح أن يكون ضعف الحركية داخل الوزارات وراء التأخير.
وأعتبر الكرم أن التأخير في تطبيق أحكام قانون المالية مكلف اقتصاديا، مشددا على ضرورة انطلاق تونس في القيام بالإصلاحات اللازمة رغم أن العديد منها مكلفة وغير شعبية، بحسب تعبيره.
ويعاني اقتصاد تونس من ضعف النمو نتيجة تأثير الجائحة الصحية، بينما تزيد الحرب الروسية الأوكرانية صعوبات المالية العمومية نتيجة زيادة أسعار المواد الأساسية والمحروقات وعدم حصول تونس على أي دعم مالي خارجي.
وتوقع البنك الدولي أن يحقق الاقتصاد التونسي نموا بنسبة 3.5 بالمائة خلال سنة 2022 ونسبة 3.3 بالمائة في سنة 2023 مقابل 2.9 بالمائة في سنة 2021.
وتعاني عديد القطاعات الاقتصادية من نقص الدعم الحكومي وغياب التمويلات اللازمة لمساعدتها على النشاط، بينما ترجح بيانات لجمعيات مدنية أن يكون النسيج الاقتصادي قد خسر آلاف المؤسسات خلال العامين الماضيين.
يعاني اقتصاد تونس من ضعف النمو نتيجة تأثير الجائحة الصحية، بينما تزيد الحرب الروسية الأوكرانية صعوبات المالية العمومية نتيجة زيادة أسعار المواد الأساسية والمحروقات وعدم حصول تونس على أي دعم مالي خارجي
وأدخلت الأزمة الاقتصادية في تونس آلاف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في نفق التعثر المالي، إذ تفاقم عدد الحالات المنظورة أمام القضاء أو التي انتهى بها الأمر خلف قضبان السجون بسبب الشيكات من دون رصيد، إذ أوصدت 130 ألف شركة أبوابها معلنة الإفلاس النهائي، منذ بداية جائحة فيروس كورونا مطلع عام 2020، وفق بيانات رسمية.
ويعتبر صاحب مؤسسة متوسطة، ظافر الغربي، أن تأخر صدور الأوامر الترتيبية لقانون المالية يزيد جراح المؤسسات المتعثرة التي يواجه أصحابها احتمال السجن ولا يجدون الدعم الكافي من المؤسسات المالية لإنقاذهم.
وقال الغربي مصرحا لـ”العربي الجديد” إن قانون الموازنة أحدث خط تمويل لفائدة أصحاب المشاريع والمهن الصغرى وخط تمويل آخر لفائدة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وهي تمويلات يفترض أن تساعد على بعث الحياة مجددا في المشاريع الصغرى التي تكابد من أجل البقاء.
وأضاف: “يبدو أن الصعوبات المالية للدولة تحول دون تنفيذ إي اجراء وتزيد إغراق المؤسسات”، مؤكدا أن القطاع المصرفي بدوره لا يبدي أي تجاوب لطلبات التمويل التي يتقدم بها أصحاب المشاريع.
وبحسب تقرير لمكتب الاستشارات “إرنست أند يونغ” العالمية، فإن 63% من المؤسسات الصغرى والمتوسطة ستندثر بعد جائحة كورونا”.
#آلاف #المؤسسات #التونسية #المتعثرة #بلا #دعم #مأزق #الموازنة
تابعوا Tunisactus على Google News