أزمة النفايات بولاية صفاقس تُثبت فشل قيس سعيد و أذرُعه التنفيذية
أزمة النفايات بولاية صفاقس تُثبت فشل قيس سعيد و أذرُعه التنفيذية
تتخبّط ولاية صفاقس منذ أكثر من سنة في أزمة النفايات التي أضحت مُنتشرة في كلّ الشوارع والأنهج ، أزمة بيئية كارثية تواجهها صفاقس ومتساكنيها أمام تخاذل وعدم جديّة السلطة الجهوية والمركزية في إيجاد حلول عاجلة وناجعة لحلّ أزمة النفايات بطريقة نهائية.
ملف النفايات بولاية صفاقس ليس بالجديد بل هو فريد من نوعه ، ملف عجزت الدولة عن حلّه ولم يتمكّن رئيس الجمهورية قيس سعيد من إلزام وزاراته المعنية بمتابعة هذا الملف بتطبيق أوامره التي تجاوزت أكثر من سنة دون تنفيذ ، في سبيل إيجاد حلول جذرية ونهائية للمصبات في ولاية صفاقس.
ماذا قدّم قيس سعيد لأهالي صفاقس في هذا الملف؟ ما هي الحلول التي اقترحها ؟ لا شيء.
ملف النفايات في ولاية صفاقس يعود إلى عملية غلق مصب ” القنة ” بمنطقة عقارب بقرار من محكمة الناحية في مدينة عقارب التابعة لولاية صفاقس يوم الخميس 10 أكتوبر 2019. قرار الغلق جاء بناء على شكوى تقدم بها عدد من متساكني المنطقة المتضرّرين من المصبّ ومكونات المجتمع المدني، نظرا للأخطار التي يمثّلها على صحة المواطنين وحقهم في التمتع ببيئة سليمة وذلك حسب الفصلين 213 و214 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية وما ينصّ عليه الفصل 45 من الدستور.
غلق المصبّ ساهم في اندلاع مواجهات عنيفة بين القوات الأمنية وأهالي الجهة بعد ان تقرّر إعادة فتح المصبّ بالقوة العامة في تجاهل تامّ لأهالي عقارب وذلك في إطار رفع الفضلات والنفايات التي تراكمت بكامل مدينة صفاقس. قوات الأمن لم تترك أحدا من أهالي منطقة عقارب إلاّ وانهالت عليه بالغاز المُسيّل للدموع واستعملت أسلوب وحشي وعنيف في تفريق المحتجين وشهدت منطقة عقارب حالة احتقان وكرّ وفرّ بين المواطنين والأمنيين. ثمّ تأكّد خبر وفاة الشاب عبد الرزاق الأشهب والذي توفي وفقا لرواية عائلته ولرواية المحامية فريدة عكاشة متأثّرا بالغاز المُسيّل للدموع.
في حين أنّ رواية وزارة الداخلية فنّدت ونفت ذلك، وأوضحت في بلاغ لها في ساعة متأخرة من ليلة الإثنين 8 نوفمبر 2021، أنّ الفقيد عبد الرزاق الأشهب توفي على إثر إصابته بتوعك صحي طارىء بمنزله الكائن على بعد 06 كلم من مكان الاحتجاجات حيث تم نقله من قبل أحد أقاربه إلى مستشفى المكان أين فارق الحياة.
مصبّ ” القنة ” راح ضحيته الشاب عبد الرزاق الأشهب، ولم تتعظ السلطة الحاكمة، واليوم تراكم الفضلات بشكل كبير في كلّ شارع وركن في صفاقس واندلاع حريق بمصب النفايات المغلق بطريق الميناء ، ساهم في اختناق أهالي الجهة وجعل مدينة صفاقس تتحوّل إلى مدينة ضباب جرّاء الدخان المنبعث من النفايات المحترقة والذي تسبّب في تسجيل حالات اختناق في صفوف تلاميذ مما أدى إلى غلق بعض المدارس.
يوم الثلاثاء 15 نوفمبر 2022 ، استفاق أهالي صفاقس على اندلاع حريق بالمصب الوقتي للفضلات بطريق ميناء الصيد البحري بولاية صفاقس وتدخلت وحدات الحماية المدنية بالجهة لمحاولة إطفاء الحريق خاصة وأن الدخان امتد إلى أغلب أرجاء المدينة ساهمت في مزيد من الروائح الكريهة، التي تضاف إلى أطنان الفضلات التي لم يتم رفعها منذ مدة طويلة.
على الرّغم من مجهودات أعوان الحماية المدنية لإخماد الحريق إلاّ أنّ المصب لم تنطفئ نيرانه وبات الدخان يكسو مدينة صفاقس مع انبعاث روائح كريهة خلّفت حالات اختناق.
أمام هذه الكارثة البيئية ، كانت هذه إجابة والي صفاقس المثير للجدل فاخر الفخفاخ ”عوض أن أهتم بالتنمية في الجهة أصبح إهتمامي مُنصب على الفضلات“. هذا الوالي لم يكتفي بهذا التصريح اللامسؤول ، بل دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى قطع الفيسبوك من تونس وذلك خلال ترأسه لإجتماع لجنة مكافحة الكوارث. هذا الوالي استشاط غضبا منتقدا تدوينات أهالي صفاقس وكلّ الذين ندّدوا بتفاقم الوضع البيئي في صفاقس واعتبر أنّ ذلك يصُبّ في سبيل ‘ تأجيج التوتر و صب الزيت على النار’ وصرّح قائلا حرفيا “شوية دخان الله غالب نتحملوه لازم الواحد يقول الحمد لله، وعاونونا بالسكات”.
هيئة المحامين فرع صفاقس، أبدى كلّ تضامنه مع أهالي صفاقس وأعلن أمس الأربعاء عن قيامه بتقديم شكاية جزائية ضد من سيكشف عنه البحث حول جريمة حرق النفايات. ودعا رئيس الجمهورية قيس سعيد الى القيام بزيارة ميدانية للولاية للوقوف على حقيقة الوضع وترؤس مجلس جهوي عاجل لإيجاد حلول فورية للكارثة التي تهدد مواطني صفاقس.
كما أصدرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان فرع صفاقس الجنوبية، بذات اليوم بيانا ندّدت من خلاله بالسياسة المُنتهجة من وزارة البيئة ومن خلالها وكالة التصرف في النفايات في تعاطي في ملف النفايات بولاية صفاقس. وحذّر فرع الرابطة من التداعيات البيئية والصحية لتفاقم تراكم النفايات وحرقها على صحة المواطنات والمواطنين. وحمّل المسؤولية لرئاسة الجمهورية ولرئاسة الحكومة للجريمة التي تقترف بحقّ سكّان صفاقس باعتبار أنّ الحق في بيئة سليمة حق دستوري على الدّولة ضمانه بدرجة أولى، ودعا في هذا السياق رئاسة الجمهورية لعقد مجلس وزاري عاجل مخصّص لملف النفايات بولاية صفاقس لتُتخذ فيه قرارات حاسمة يتمّ تنفيذها دون تأخير.
بدوره ، المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس ، دعا كافّة النقابات ومن خلالها كل أعوان المؤسسات العمومية والخاصة الراجعة بالنظر إلى صفاقس المدينة والمتضررة من النفايات والاختناق الى تنفيذ وقفة احتجاجية صبيحة اليوم الخميسمن الساعة الثامنة إلى الساعة العاشرة صباحا أمام مقر ولاية صفاقس. وحمل مسؤولية حرق النفايات وتداعياتها الخطيرة على أهالي صفاقس إلى السلطات المركزية والجهوية معبّرا عن استنكاره الشديد لتعاطي والي الجهة مع هذه الأزمة وتراخيه في حلحلة المسألة واعتماده على الخطاب الشعبوي زيادة عن تصريحاته الاستفزازية والمبتذلة في حق المواطنين من خلال نعتهم بأوصاف لا تليق ودعوته لقطع شبكة التواصل الاجتماعي.
رئيس الجمهورية قيس سعيد ، وبعد أن احترقت النفايات وانتشر الدخان والروائح الكريهة بولاية صفاقس وبعد تحرّك المنظمات الوطنية وتفاعل اتحاد الشغل ، وبنفس الأسلوب الذي تعامل به مع كارثة جرجيس أثناء دفن جثث الغرقى بطريقة غير قانونية، قام باستدعاء وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي وأسدى كعادته تعليماته بضرورة اتخاذ إجراءات فورية لوضع حد لهذه الكارثة البيئية بالتنسيق مع كل الهياكل المعنية.
”المطلوب هو اتخاذ إجراءات فورية ، لوضع حدّ لما تعيشه مدينة صفاقس.. القضية بيئية والكلّ يعرف أنّ الأمر يتعلق بالبيئة والمواطنون اليوم يختنقون بالروائح الكريهة وبالدخان المُرتفع من حرق القمامة من قبل املواطنين لأنّهم لم يجدوا حلاّ إلاّ الحرق ولكن الدخان يتصاعد ويتنفسون بصعوبة ”، هذا ما أمر به قيس سعيد وزيرة البيئة.
ربّما نسي رئيس الجمهورية أنّ ذات الأوامر باتخاذ إجراءات فورية لحلّ أزمة النفايات في صفاقس كان قد أسداها في السنة الفارطة بذات هذا الشهر ، نوفمبر ، تعليمات لم يُسديها فقط لوزيرة البيئة التي لا حول ولا قوّة لها في دولة عاجزة بل أسداها أيضا لرئيسة الحكومة نجلاء بودن وكذلك لوزير الداخلية توفيق شرف الدين.
وهذه نبذة عن سلسلة اللقاءات الصورية والتي لم تُنتج أيّ حلولٍ حقيقية.
من المؤسف وتزامنا مع القمة الفرنكوفونية ، أن يعلم رؤساء الدول الذين سيشاركون في هذه القمة حقيقة تونس الخضراء التي تتخبّط في القمامة ومن المؤسف أكثر أنّ صفاقس الولاية المشهود لها بالريادة وديناميكيتها الاقتصادية وإنتاجها الزراعي والطاقي، تستغيث وسط تصاعد دخان النفايات المحترقة واختناق أهلها بالروائح الكريهة في ظلّ عجزٍ تامٍ لسلطة تتكلّم ولا تفعل شيئا.
يسرى رياحي
#أزمة #النفايات #بولاية #صفاقس #تثبت #فشل #قيس #سعيد #أذرعه #التنفيذية
تابعوا Tunisactus على Google News