- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

أزمة قيادات الإخوان.. سيناريوهات أحلاها مرّ


تتفاقم أزمة الرؤوس الكبرى في تنظيم الإخوان، منذرة بتلاشي الجماعة، تحت وطأة إصرار كل فريق على أحقيته بإدارة دفة القيادة.

ووسط تمسك كل فريق بموقفه، انشطر الإخوان إلى جبهتين، إحداهما يقودها الأمين العام السابق لجماعة الإخوان محمود حسين من داخل تركيا، فيما يقود الثانية القائم بأعمال المرشد العام للتنظيم، إبراهيم منير، البريطاني المقيم بلندن.

وقطعت جبهة تركيا خطوة إلى الأمام في معركة كسر العظام، بإعلان قائدها محمود حسين، تنصيب القيادي الإخواني مصطفى طلبة، قائماً بأعمال المرشد، وعزل غريمه إبراهيم منير من منصبه، لينتشر الخلاف في قواعد التنظيم بين الجبهتين.

وفي ظل هذا الجو المشحون تبقى سيناريوهات الأزمة مفتوحة على جميع الاحتمالات، لكن الحقيقة الوحيدة الثابتة، أن تنظيم الإخوان أصبح على بعد مسافة كبيرة من التماسك، وانطلق فيه عداد التدمير الذاتي، جراء التنافس على المصالح الشخصية، والجشع نحو السيطرة على الموارد المالية للتنظيم.

ويرسم مركز  “STRATEGIECS Think Tank”، ومقره عمّان، عدة سيناريوهات تنتظر الأزمة بين قيادات الإخوان، محاولا في ورقة بحثية، التعرض لما ستؤول إليه معركة جبهة لندن وإسطنبول، بما في ذلك مراوحة الأزمة وبقائها عند مستوياتها الحالية، أو بدء جهود وساطة بقيادة رموز إخوانية تاريخية لإنجاز مصالحة توافقية بين الجناحين المتصارعين، حسم الخلافات لصالح الفريق في بريطانيا.

زلزال وارتدادات

الدراسة التي كتبها خبير الأمن الاستراتيجي، عمر الرداد، تشير إلى أن “تصاعد الخلافات بين تياري قيادات التنظيم الدولي في أنقرة ولندن تمثل محطة جديدة، من المؤكد أنها ستؤثر على مسارات ومستقبل جماعة الإخوان، وترقى لدرجة وصفها بأنها زلزال جديد، هز قيادة التنظيم الدولي للجماعة، ولا يستبعد أن يمتد عبر هزات ارتدادية أخرى ليشمل التنظيمات القُطرية للإخوان، ليس في مصر فحسب، بل وكافة تنظيمات الإخوان في شمال إفريقيا والمشرق العربي”.

ويعود الباحث إلى بداية الأزمة، موضحا أنها “جاءت بعد اتهامات وتشكيك متبادل بين تياري قيادة التنظيم الدولي، وهما: التيار الذي يقوده “إبراهيم منير” من لندن، والتيار الذي يتزعمه “محمود حسين” من إسطنبول، لا سيما بعد الإطاحة بحسين في انتخابات لا تُعرف ظروفها، وقد اعتبرها الأخير، وبعض مؤيديه أنها “مؤامرة” للإطاحة به ومحاولة من منير لإحكام سيطرته على التنظيم تركيا وبريطانيا، الأمر الذي نتج عنه قرارات متبادلة بالفصل من قيادة الجماعة، خاصة وأن حسين يتهم قيادات إخوانية مقيمة في تركيا بالانحياز لمنير، وهو ما يعكس أن موازين القوى بين التيارين تميل لصالح منير”.

سياق دولي وخدعة “الربيع العربي”

الورقة البحثية، تخلص إلى أن “تصاعد الخلافات بالصيغة التي ظهرت عليها يطرح جملة من التساؤلات حول سياقاتها، بما في ذلك الظروف التي مهدت لها، سواء وفق أسباب خارجية عنوانها التغيرات التي طرأت على تحالفات الإخوان وحواضن التنظيم، لا سيما المظلة الواسعة التي وفرتها تركيا، من خلال حزب العدالة والتنمية الحاكم. أو سياقات تنظيمية داخلية عنوانها التنافس على المراتب القيادية والتمسك بالسلطة، بما في ذلك مقدرات التنظيم المالية التي تبلغ بالمليارات، وفشل النموذج الإخواني بعد وصوله إلى السلطة في عدد من الدول العربية والإسلامية”.

وتتابع الورقة البحثية أنه “على صعيد التحولات الدولية، خضعت تنظيمات الإخوان لمراجعة عميقة في أوساط القرار الأمني والسياسي في أمريكا وأوروبا، وكانت مخرجاتها تتضمن أن مقاربة الإدارة الأمريكية التي تضمنت دعم الإخوان للوصول إلى السلطة بعد ما يُعرف بـ”الربيع العربي”، لم تكن موضوعية استنادا لتقييم سلوكهم في الحكم”.

وتتابع في هذا السياق، أن “أمريكا ومعها الدول الأوروبية تبينت أن تنظيمات الإخوان تشكل، عبر جمعياتها ومؤسساتها الدعوية والمرتبطة بعناوين العمل الخيري والإنساني، حواضن للتطرف والإرهاب. وهو ما كشفته متابعات أمنية لجمعيات ومؤسسات الإخوان في لندن وباريس وبروكسل وغيرها من العواصم الأوروبية”.

غياب الحاضنة والتراجع الشعبي

وتتعرض الورقة لدور غياب الحاضنة في تشتت الإخوان، وتقول “إن موقف القيادة التركية بـ “تفكيك” علاقتها التحالفية مع التنظيم الدولي عبر سلسلة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، مع سياسات الانفتاح على الدول العربية، والتي شملت وقف المنصات الإعلامية لتنظيم الإخوان في الساحة التركية، والتحول في علاقات أنقرة مع القاهرة والرياض وأبوظبي، بالإضافة للمصالحة بين الدوحة وجيرانها، والتي كان لها هي الأخرى مساهمتها في تصاعد الأزمات الإخوانية”.

وفي السياق ذاته -تضيف الورقة- “شهدت شعبية الإخوان تراجعات كبيرة في الشارع الإسلامي، عكسها التراجع في حجم الكتلة الناخبة المحسوبة على الإخوان في انتخابات المؤسسات “المدنية التمثيلية” من نقابات مهنية وعمالية وبرلمانات وانتخابات الاتحادات الطلابية في الجامعات، وهو ما أدرك معه الغرب الوزن الحقيقي للإخوان المسلمين، وفقا لنتائج صناديق الاقتراع، خاصة وأن الإخوان كانوا يقدمون أنفسهم للغرب بأنهم القوة الوحيدة القادرة على السيطرة على الشارع العربي والإسلامي”.

تآكل من الداخل

ولفت الباحث في ورقته إلى أنه “على الصعيد الداخلي، يتزامن الانكشاف في خلافات التنظيم الدولي مع ما يمكن وصفه بـ “الفشل” في إدارة وتوجيه التنظيمات القُطرية التي وصلت إلى السلطة في كل من مصر والمغرب وتونس إضافة إلى السودان، وما شهده بعضها الآخر من انشقاقات كما هو حال التنظيم في الأردن، بالإضافة للعلاقة المرتبكة مع حركة حماس، واستخدام التنظيم الدولي هذه العلاقة للمساومة في مفاوضاته مع أمريكا ودول أوروبية”.

خبير الأمن الاستراتيجي يؤكد أنه في داخل التنظيم هناك “إشكاليات بنيوية تعاند متطلبات التطور والتغيير والاستجابة للتحولات الاجتماعية والفكرية في المجتمعات العربية والإسلامية. ولا يبدو أن هذه الإشكاليات تختلف عن إشكاليات التنظيم الدولي نفسها، لعل في مقدمتها عدم قدرة الإخوان على الفصل بين “السياسي والدعوي”.

ويتابع قائلا إن الإشكالية الأخيرة “تندرج في إطارها قضايا أعمق بما فيها الهوية والموقف من الآخر وشيطنته عبر مقولات إخوانية عدة، ليس أقلها “الغرب الكافر”، وضبابية الموقف من الإرهاب، ومقاربات التنظيمات الإرهابية بـ”الخلافة الإسلامية”، وهو الشعار الذي يطرحه الإخوان بصيغة مواربة عبر شعارهم: “الإسلام هو الحل”، إضافة للموقف من مفاهيم الديمقراطية والتشاركية، وإشكالية تحالف الإخوان في مصر والمغرب وتونس وغيرها مع ماركسيين وليبراليين”.

سيناريوهات مستقبل الأزمة

ويخلص الباحث في ورقته إلى سيناريوهات مستقبل الأزمة الحالية، قائلا إنه “ربما نجح التنظيم في احتوائها نسبياً، لا سيما مع وساطات ربما أُجريت بإشراف شخصيات غير بعيدة عن تدخلات أجهزة استخبارية تتبع لدول حاضنة للإخوان، كان لها مصلحة في تخفيف حدة الخلافات والصراع بين أجنحة التنظيم الدولي، بغية ضمان تنفيذ أجنداتها السياسية، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول ثبات موقفها من الإخوان، خاصة فيما إذا كانت تلك المصالح ما تزال قائمة أم أنها استُنفذت؛ واستنفذ معها التعويل على إمكانية أن يخدم التنظيم الدولي استراتيجياتها؟”.

السيناريو الأول

ويشير السيناريو الأول وفق الورقة البحثية إلى “بقاء الأزمة عند المستوى الحالي”، وبينما يرجح الخبير الإستراتيجي هذا السيناريو، يوضح أنه يعني أن “تتواصل الأزمة وتتوسع الخلافات دون قدرة أي من الطرفين على حسم الأمور لصالحه، لا سيما وأنهما يعتمدان مقاربة “كل شيء أو لا شيء”، ويستند كلاهما على مرجعيات مشتركة قوامها الإقصاء الكلي والقضاء على الطرف الآخر”.

وحول المنتصر في هذا السيناريو، يوضح الرداد أنه “يبدو أن مسارات الصراع تسير وفقا لهذه المقاربة حال استمرارها لصالح تيار منير، استنادا لعامل حاسم في الخلافات التاريخية الإخوانية وهو أن من يملك مالية التنظيم ستكون له الغلبة، بالإضافة لاستثمارات أخرى عبر قائمة من الشركات والمؤسسات التي تعمل في الأسواق بما فيها أسواق العقار، وهو ما يفتقده تيار تركيا الذي يعتمد في تغطية نفقات التمويل على قيادة لندن، بما في ذلك رواتب وامتيازات قياداته وتكاليف منصاته الإعلامية”.

السيناريو الثاني

لكن الرداد يعود ويفتح الباب أمام سيناريو آخر، وهو نجاح وساطة يتردد في أوساط عديدة أن شيوخا في تيار الإسلام السياسي يقودونها، لـ”إنجاز مصالحة بين الطرفين تحت شعارات الحفاظ على الجسم الإخواني ووحدته”، غير أن هذا السيناريو كما يشير الباحث يبدو احتمالا غير واقعي، مذكرا بـ”مصالحات نجحت في إخماد نيران الصراع مؤقتاً وتأجيله، لكنه عاد ليتجدد وبمستويات أكثر حدة بعد كل مصالحة، وهو ما يؤكد عمق الخلافات، علاوة على ذلك فقد بات من الواضح أن الصراع وصل إلى طريق مسدود”.

السيناريو الثالث

هذا السيناريو، مفاده “استمرار الأزمة وتفاقمها وذهابها إلى مستويات أكثر تصعيدا”، وهو يقول الباحث “أحد السيناريوهات المحتملة، خاصة في ظل السياقات الإقليمية والدولية ومحاصرة فروع التنظيم دوليا وفشل تجاربهم في دول شمال أفريقيا والمشرق العربي، إضافة لرفع الغطاء عن التنظيم من قبل أنقرة، عبر سلسلة إجراءات وقرارات عميقة، كان أبرزها ضبط منصات الإخوان الإعلامية وتقييد تحركات قياداتها على الأراضي التركية تحت مراقبة أجهزة الأمن، فضلا عن ضغوطات ومطالبات من داخل التنظيم بالتجديد، وتحديداً في الساحة المصرية، وذلك بعد سلسلة أخطاء أسهمت في الإطاحة بهم عن الحكم في مصر”.

وتلك عوامل -وفق الورقة البحثية- كلها في ترجيح السيناريو الأخير، لكن المنتصر فيه أيضا جناح لندن بقيادة “منير”، رغم تركيز جناح أنقرة على رفض قيادته بذريعة حمله الجنسية البريطانية، الأمر الذي يخالف اللوائح الداخلية الإخوانية.

ناهيك أن “هناك عاملا آخر يعد معياراً قوياً لكيفية توقع انتهاء الصراع، وهو أن غالبية قيادات التنظيم الدولي من المصريين، والتنظيم الإخواني المصري يشهد صراعات أكثر حدة بعد الاعتقالات الأمنية التي طالته، وبعد تراجع شعبيته وظهور تيار شبابي إخواني يرفض القيادات التاريخية التي يمثلها جناح أنقرة في الصراع، وهو ما يعني أن كفة منير ستكون الأرجح في الاستيلاء على قيادة التنظيم”، وفقا للخبير الأمني الاستراتيجي.

سقوط الإيديولوجيا

ويختم عمر الرداد ورقته البحثية بالقول إنه “بمعزل عن تحديد شكل السيناريو الذي ستتطور من خلاله الأزمة الإخوانية، فإن هذه الأزمة تعكس تحولات عميقة داخل التنظيم، غير بعيدة عن تحولات عميقة أخرى تشهدها المجتمعات العربية نتيجة ما يعرف بـ “الربيع العربي”، بعد ركوب الإخوان موجة الاحتجاجات معتقدين أن بإمكانهم تجاوز حقيقة مطالب هذه المجتمعات”.

ويردف الرداد “أن شعوب العالم كلها تعيش اليوم في ظل تأثير منظومات قيم موحدة، سقطت معها أيدولوجيات كثيرة لم تستطع التكيف مع الواقع الجديد بما فيه من تطورات ومستجدات، فالعناوين البرامجية المرتبطة بالقضايا الحياتية أصبحت اليوم معايير تحقيق الشعبية التي تعبر عن نفسها في صناديق الاقتراع، وهو الأمر الذي لم يدركه الإخوان، لا سيما وأن محددات نجاح أي جناحي التنظيم واحتمالات بقاءه ستكون مرتبطة بالاستجابة للقضايا المطلبية والتعددية والتنوع، لا للأفكار الكبرى التي تتساقط يوما بعد يوم، ليس في العالم العربي والإسلامي فحسب، بل وفي الغرب بما فيه أمريكا وأوروبا”.

- الإعلانات -

#أزمة #قيادات #الإخوان #سيناريوهات #أحلاها #مر

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد