- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

أستاذة القانون الدستوري في تونس سلسبيل القليبي: لسنا في ظرف مناسب للدخول في مسار تأسيسي جديد بحكم حال الاستثناء | القدس العربي

- الإعلانات -

 حاورتها: روعة قاسم

تطرقت أستاذة القانون الدستوري في تونس سلسبيل القليبي في هذا الحوار لـ«القدس العربي» إلى الأزمة الراهنة في تونس وأبرز الإشكالات المطروحة فيما يتعلق بمشروع الدستور الجديد وشكل النظام الجديد والتحديات التي تواجه التونسيين. واعتبرت ان الحوار الوطني بنسخته الحالية لا جدوى منه خاصة انه لا يتضمن الطابع التمثيلي الذي يفترض اشراك وتمثيل الخصوم السياسيين والنظر والتعرف على رؤاهم وتصوراتهم للإصلاحات المزمع القيام بها. وحذرت من خطورة تبني نظام الاقتراع على الأفراد بما أنه سيفتح الباب أمام المال الانتخابي. وأكدت ان الخطر الذي يحمله مشروع نظام رئاسي يكمن في فقدان فكرة السلطة والسلطة المضادة وهو ليس بالنظام الذي يناسب تقاليد البلاد وتراكماتها الديمقراطية المحدودة جدا والهشّة. يشار إلى ان سلسبيل القليبي تبوأت عدة مسؤوليات فهي عضو العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية بين أعوام 2015-2018 ونائب رئيس الجمعية التونسية للقانون، ونائبة رئيس المنظمة العربية للقانون الدستوري، وهي مدرّبة في مجال حقوق الإنسان لدى المعهد العربي لحقوق الإنسان. وأصدرت عددا من الكتب والأبحاث والدراسات. وهنا نص الحوار.

○ قلت في أكثر من مناسبة بأن المشكل في تونس ليس في الدستور بل في عدم تطبيقه، انطلاقا من ذلك كيف تنظرين إلى المشهد في ظل التحولات الراهنة منذ 25 تموز/يوليو وحتى اليوم؟
• بالفعل البلد تقريبا بصدد عملية تأسيس جديدة، هذا ما أعلن عنه رئيس الجمهورية بعد يوم 25 تموز/يوليو ولم يتم إعلان ذلك مباشرة مع إقرار حالة الاستثناء بل بعد أشهر، حيث جاء بطريقة غير مباشرة وغير دقيقة في أيلول/سبتمبر سنة 2021 حسب الأمر عدد 117 المؤرخ في 22 أيلول/سبتمبر 2021. فقد أقرّ هذا الأمر بتنظيم مؤقت للسلط العمومية أُدرج تحت تسمية «تدابير استثنائية». وجاء في الفصل 22 منه ان رئيس الجمهورية ينوي القيام بإصلاحات سياسية، هكذا جاءت العبارة «مجموعة من الإصلاحات» وسيقوم بتشكيل لجنة يعين أعضاءها بنفسه وتعمل تحت إشرافه لإعداد النصوص الضرورية لمثل هكذا إصلاحات. وبقي الأمر على ذلك الحال والغموض إلى حدود الأسابيع القليلة المنقضية، حيث تمّ الإعلان بشكل صريح انه سيقع التخلي عن دستور 2014 وسيتم الإعداد لنص دستوري جديد سيعرض على الاستفتاء الشعبي يوم 25 تموز/يوليو المقبل. وبالتالي منذ ذلك الحين علمنا أننا بصدد عملية تأسيس جديدة أو مسار تأسيسي جديد، يعني بصدد وضع دستور جديد للدولة فقط بعد أقل من 8 سنوات على صدور دستور 2014. وهذا هو الوضع الراهن الآن الذي نعيشه. وهذا المسار التأسيسي الجديد هو على نحو يختلف جذريا عن المسار التأسيسي الذي عشناه بين أعوام 2011 و 2014 لأننا لسنا بصدد هيئة منتخبة ستقوم بإعداد مشروع الدستور بل نحن بصدد هيئة عيّن رئيسها رئيس الجمهورية. ومخرجات هذه اللجنة المكلفة بإعداد مشروع الدستور ستعرض في مرحلة أولى على رئيس الجمهورية الذي سينظر فيما أعدته اللجنة. ثم لا ندري تحديدا ماذا سيكون مصير هذا المشروع وعما إذا كان سيُدخل عليه رئيس الجمهورية تعديلات أو سيتركه على حاله ثم يُعرض على الاستفتاء الشعبي.
○ إذن كان الحديث عن إصلاحات ولكن المشهد اليوم يتوجه نحو تغيير جذري ونحو  قيام «جمهورية جديدة ثالثة»؟
• بالضبط العبارة كانت في البداية عامة تتعلق بإصلاحات وكنا ننتظر أو نتوقع إصلاحا للقانون الانتخابي أو ربما إصلاح قانون الأحزاب، لكن اكتشفنا ان سقف الإصلاح أصبح عاليا جدا بما انه يطال النص الدستوري. وأكثر من ذلك مسار الإصلاح لا يتعلق بتعديل الدستور القائم أو تنقيحه بل بالتخلي عنه تماما ووضع دستور جديد.
○ يرى كثيرون ان دستور 2014 كان مكسبا فيما يتعلق بالحقوق والحريات، كأستاذة قانون ومطلعة على الدساتير ما هي مؤاخذتك على شكل أو طريقة تأسيس الجمهورية الثالثة فيما يتعلق بوضع الدستور الجديد وهل نحن نسير نحو نظام رئاسي؟
• أولى ملاحظاتي بالنسبة للمسار الجديد، أعتقد انه في غير محله بالنسبة إلى ظرف إعداده. فالعديد منا كتونسيين وتونسيات ننسى أننا نعيش في حالة استثناء وفي ظرف دستوري وسياسي خاص قبل الدخول في هذا المسار التأسيسي الجديد. فمنذ 25 تموز/يوليو تمّ إعلان حال الاستثناء والتي تقتضي نظاما قانونيا خاصا وعلى غاية من الخطورة لأنه يقلّص كثيرا من الضمانات المتعلقة بالحقوق والحريات. وحالة الاستثناء – كما هو معلوم- يترتب عنها بالضرورة تقليص الضمانات المتعلقة بالحقوق والحريات، ويترتب عنها جمع السلطتين التنفيذية والتشريعية بين يدي رئيس الجمهورية. لذلك اعتبر أن الظرف ليس ملائما للدخول في مسار تأسيسي يتطلب تشاركية ونقاشا في الفضاء العام واسع النطاق، لأن الدستور يتعلق بخيارات مصيرية لا يشمل فقط النظام السياسي بل نموذج المجتمع الذي سيتم إقراره، وهذا يقتضي أولا حدا أدنى من السكينة، وحالة الاستثناء لا تُعرف بكونها قمة في السكينة والطمأنينة والعقلانية. حتى من ناحية الظرفية لسنا في ظرف مناسب للدخول في مسار تأسيسي جديد بحكم قيام حالة الاستثناء. مع العلم بالنسبة للتجارب المقارنة، نعلم ان الدساتير لا تعدّل أو من باب أولى لا تُلغى في حالة الاستثناء. فحالة الاستثناء صحيح أنها تتيح سلطات موسعة لرئيس الجمهورية بما أنها تسمح له بالجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لكن  في جميع الديمقراطيات معلوم بانه لا يجوز المساس بالنص الدستوري القائم في ظل ديكتاتورية دستورية أي ديكتاتورية يتيحها النص الدستوري. وهذا هو المشكل الكبير الأول في تونس في أن الظرف ليس مناسبا للدخول في عملية دقيقة تتطلب تشاركية وغيره.
○ هل هناك اتفاق حول المؤاخذات على دستور 2014 حتى نتخلص منه برأيك؟
• ليس هناك اتفاقا حول المؤاخذات على دستور 2014. مع العلم أنه في حقيقة الأمر، كل المؤاخذات صدرت عن جهات سياسية كانت ممثلة في السلطة السياسية وتحديدا في البرلمان الذي تمّ حله والتي تعمدت على امتداد عشر سنوات انتهاك الدستور وعدم احترامه. وبرأيي الخاص حتى نتمكن من النظر في نص مستقبلي يجب ان نعرف مسبقا ما هي عيوب الدستور الحالي الذي نحن بصدد إلغائه. وهنا أود أن أوضح بأن كل نصّ دستوري ينقسم إلى جزأين، جزء يتعلق بالحقوق والحريات والضمانات المتصلة بها وجزء متعلق بهندسة المؤسسات السياسية وهندسة السلط السياسية وعلاقتها فيما بينها. صحيح ان هناك تواتر لمؤاخذات حول هندسة المؤسسات وحول طبيعة النظام السياسي ، فليكن ولنسلّم بذلك، ولو اني لا أتبنى هذا الرأي. وهنا أطرح سؤالا إلى أين يريدوننا ان نذهب اذا كنا سنتخلى عن هذه المنظومة برمتها، والتي يمكن أن ألخصها في جملة واحدة. فالنظام السياسي القائم في بلادنا هو نظام برلماني مختلط أُدخلت عليه بعض عناصر النظام الرئاسي. لكن في الواقع المأخذ الرئيسي على هذا النظام هو بنية السلطة التنفيذية وهي بنية ثنائية قائمة على رئيس دولة من جهة ورئيس حكومة من جهة يتقاسمان السلط التنفيذية وكل الإشكاليات يبدو انها متأتية من هنا.
○ اذن هل يعني هذا ان التوجه اليوم هو نحو نظام رئاسي تقوم به السلطة التنفيذية على رأس واحد؟
• هنا أود ان أقول انه إلى حد اللحظة لا نعلم إلى أين نحن ذاهبون وليست لدينا فكرة واضحة حول مضمون الدستور المزمع إعداده. ولكن بناء على المؤاخذات المتعلقة بدستور 2014 يبدو أننا نتجه إلى نظام رئاسي. مع العلم أنه سبق لرئيس الجمهورية ان نظمّ استشارة وطنية حول انتظارات الشعب التونسي في عديد المجالات، وعند قراءته لمخرجات الاستشارة -والتي أذكر انه تم التصويت عليها من قبل عدد ضئيل جدا من المواطنين أي حوالي 500 ألف مواطن فقط، وهي نسبة محدودة مقارنة بحجم الناخبين والناخبات-، ولكن هذا يبدو انه لم يمنع رئيس الجمهورية من الإقرار عقب الإعلان عن نتائج الاستشارة ان هناك أغلبية واسعة جدا للأشخاص الذين شاركوا في الاستشارة طالبوا بإرساء نظام رئاسي. وسبق في عديد المناسبات ان حذرنا كمجموعة من الباحثين والمختصين في القانون الدستوري من مخاطر النظام الرئاسي فهو نظام تكاد تنفرد به الولايات المتحدة في شكله المعتدل وفي شكله المتوازن، وهو نظام فشل حيثما أريد تجريبه في أمريكا اللاتينية أو في دول أفريقيا جنوب الصحراء أو في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيثما تم تركيز نظام رئاسي في هذه التجارب وانزلق هذا النظام بحدة وبشكل متسارع إلى نظام تسلطي يتسّلط به الرئيس ويتغوّل على بقية السلط. إذن إذا كان الاتجاه في تونس نحو نظام رئاسي فيا خيبة المسعى.
نص دستور 2014 حقق تقدما هاما جدا فيما يتعلق لا فقط بحجم وتنوع الحقوق والحريات التي تمّ إقرارها بل حقق ثورة بالنسبة للضمانات التي أدرجها لحماية الحقوق والحريات، ولم يكتف بوضع قائمة بالحقوق والحريات من الحقوق الفردية إلى الاقتصادية والاجتماعية من الحق في العمل والسكن اللائق والحق في التعليم والصحة وحق الملكية. وهنا بصراحة لا أدري بماذا قصد القائمون على إعداد الدستور الجديد بانه سيتم إثراء الدستور بالحقوق الاقتصادية بنسخته الجديدة، رغم ان دستور 2014 كان زاخرا بالحقوق المتنوعة البيئية والتضامنية مع ضمانات متعلقة بحماية الحقوق، على غرار ما ورد في الفصل 49 من الدستور الذي وضع قيودا متعددة ومعقدة على المشّرع في كل محاولة منه لوضع قيود على الحقوق والحريات. ولم تعد أيدي المشرّع طليقة بل أصبح مجبرا على الالتزام بجملة من الشروط لعل أهمها شرط التناسب بين القيد وبين موجباته، وشرط ضرورة وضع قيد لدولة ديمقراطية مدنية. فضلا عن الضمانات القضائية باعتبار أنه جعل من القاضي هو الضامن والحامي للحقوق والحريات من أي انتهاك. وهذا ورد سواء في الفصل 102 من الدستور أو في الفصل 49. أعتقد حتى وان جاء في الدستور الجديد قائمة هامة من الحقوق والحريات لكن أخشى ما أخشاه ان يقع التخلي عن الضمانات التي ذكرتُها، لأن الحكمة ليست في تعداد الحقوق والحريات ولكن في إرساء ضمانات لها. إذ الخوف من ان يقع التراجع عن الضمانات سواء كان من حيث فكرة التناسب أو من حيث دور القضاء المستقل في حماية الحقوق والحريات.  نحن أيضا نخشى التراجع عن مكسب هام جدا وهو الهيئات الدستورية المستقلة التي تمثّل سلطة مضادة تمنع انحرافات السلطة السياسية وتنتصب كرقيبة على السلط السياسية، ومنها هيئة حقوق الإنسان وهي هيئة دستورية وظيفتها التحقيق في كل التجاوزات والانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان. ونخشى ان يتم التخلي عن خيار هذه السلط العمومية المستحدثة الجديدة والتي تمثل شكلا جديدا من أشكال الرقابة على السلط السياسية والسلط المضادة للسلط السياسية. فهناك 5 هيئات دستورية مستقلة ولكن في الواقع ليس هناك سوى هيئة وحيدة مشكلة هي هيئة الانتخابات. إضافة إلى هيئة مكافحة الفساد وهيئة حقوق الإنسان والتنمية المستدامة وهيئة تعديل القطاع السمعي البصري وهي ضرورية لضمان حرية التعبير والتنوع في الخطاب الإعلامي. وكل ما أخشاه بالنسبة للمستقبل لأنه يمكن ان يترتب عن إعادة النظر في هندسة السلطة في علاقة السلط فيما بينها يمكن ان يحدث اختلال في التوازن بين السلط يمكن ان يشكل تهديدا وفقدان فكرة السلطة وسلطة المضادة. وتصبح الحقوق مجرد خطاب سياسي لا يجد طريقه للنفاذ. وهذا لعمري الخطر الذي يحمله مشروع نظام رئاسي، فهو ليس بالنظام الذي يناسب في حقيقة الأمر تقاليدنا وتراكماتنا الديمقراطية المحدودة جدا والهشّة.
○ في أكثر من مناسبة قلت بأن قانون الانتخاب على الأفراد يطرح إشكاليات عديدة؟
• هناك حديث متواتر عن التحول من اقتراع على القوائم بتمثيل نسبي إلى الاقتراع على الأفراد بالأغلبية في دورتين. وهذا التوجه فيه خسارة للمكتسبات التي حققها القانون الانتخابي السابق، حتى لو أفرز نتائج سلبية بالتشتت الذي أحرزه لكن الانتقال من النقيض إلى النقيض سيحولنا من سلبيات إلى سلبيات من نوع آخر.  وأهم سلبيات الاقتراع على الأفراد هو انه يجذّر فكرة شخصنة الحكم يعني الناخب سيتجه إلى صناديق الاقتراع لا لاختيار قيم أو مشروع سياسي أو تصور للعيش المشترك بل يتجه لاختيار شخص يعرفه ولن يختار إلا من يعرفه. بمعنى أما انه قريبه أو شخص نافذ في المنطقة التي يقطن بها. ولا يجب ان ننسى ان الاقتراع على الأفراد يتطلب اعتماده إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية إلى دوائر صغرى جدا. وأكيد ان الوجوه التي تبرز في الدوائر الصغرى هي الأعيان بالنفوذ أو بالمال أو بالعشيرة. ولن تبرز وجوه شبابية ولن يغامر الناخب ويترك من بيده المال والجاه ومن هو ابن فلان وعلان لينتخب شابا في مقتبل العمر. فضلا عن ان الاقتراع على الأفراد – كما هو معلوم في الدراسات المقارنة- امكانية المال الفاسد وشراء الناخبين تكون أوسع بكثير من الانتخاب في دائرة انتخابية واسعة، لأن ضخ الأموال في دائرة انتخابية واسعة يجب ان يكون بحجم كبير جدا بينما في دائرة صغرى لا يتطلب المال الكبير وهذا سيفتح الباب أمام المال الانتخابي وهو أمر خطير جدا. فنحن شعب تجربتنا الديمقراطية حديثة وهشّة جدا ولم نتمكن بعد من الانتقال نحو فكرة السلطة -كسلطة قائمة على مؤسسات يتعاقب عليها أشخاص وقائمة على مؤسسات وقواعد قانونية. نحن ما زلنا نختزل السلطة في خصال شخص «المنقذ» أو «العادل» ولا يهم ان كان مستبدا بالنسبة لهؤلاء. وهو أمر على غاية من الخطورة لأنه مع كل التجاوزات التي تمت للنص الدستوري منذ 25 تموز/يوليو من سنة 2021 إلى حد الآن، لا أحد يكترث لذلك بما ان الفاعل هو الرئيس الحالي المعروف لدى هؤلاء بانه عادل وإنسان نزيه وغير ذلك. فلا يهم ان عبث بالنص الدستوري، صحيح أننا بصدد شخص نزيه ومشهود بنزاهته، لكننا في المستقبل لا ندري من سيحكم البلاد ومن سيأتي غدا سيكرر هذا التجاوز بما ان هناك سابقة حصلت بتجاوز النص الدستوري. وهذا ما لا يدركه كثيرون وهو سبب خوفنا على النص الدستوري وضرورة احترامه. ولهذا اعتبر ان المرور للاقتراع على الأفراد هو انتكاسة بالنسبة للتجربة الديمقراطية التي لا تزال هشّة وغضّة. والإشكال الآخر بالنسبة لنظام الاقتراع على الأفراد، فهو كما أنه لا ينصف الشباب فهو لا ينصف النساء أيضا، فإذا ترشحت امرأة قبالة الرجل فلا أحد سيصوّت لها بحكم العادات والتقاليد والمجتمع الذكوري القائم، وهذا يضرب مبدأ المناصفة.
○ كيف تنظرين إلى الحوار الوطني بنسخته الراهنة وهل يمكن ان يخرج البلاد من محنتها خاصة في ظل الانسحابات العديدة التي شهدها؟
• لا أعتقد أنه حوار وطني فعلي، فبقطع النظر عن كفاءات المشاركين فيه خاصة اللجنة المهتمة بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية والتي تضمّ مختصين وكفاءات، لكن ليست هناك تمثيلية واسعة. فما ينقص هذا الحوار هو الطابع التمثيلي، ولا نستطيع أن نتحدث عن حوار وطني بلا تمثيلية واسعة. أما بالنسبة للجنة الشؤون القانونية التي ستُعنى بإعداد مشروع الدستور، أيضا فيها نفس النقائض، وبعد إعلان عمداء كلية الحقوق نيتهم في عدم المشاركة فيها، نحن لا نعرف تحديدا من سيشارك بها. وبالتالي أرى ان الجدوى منها محدودة جدا ولا ترتقي إلى مفهوم الحوار بما يقتضيه من اشراك الخصوم ومن تمثيل الخصوم السياسيين والنظر والتعرف على رؤاهم وتصوراتهم للإصلاحات المزمع القيام بها.
○ هل هناك خوف على استقلالية القضاء برأيك؟
• بطبيعة الحال هناك خوف، فما أقدم عليه رئيس الجمهورية هو أمر غير مسبوق رغم نيته تبييض القضاء. وهي سابقة بدأت بها الترويكا منذ سنة 2012 وتحديدا عندما قام وزير إسلامي – تحت تعلة تطهير القضاء- ولكن ما فعله حينها كان من باب التشفي والتركيع. اليوم هناك عودة لهذا السلوك ولكن رأينا ردة فعل القضاء، فقد رفض ان يركع ودخل في حركة اضراب وهي أعتى أشكال المعارضة خاصة بالنسبة لمرفق هام مثل القضاء.
○ كيف تنظرين إلى مستقبل تونس في ظل الوضع الاقتصادي الصعب والضغوط الخارجية والتجاذبات الداخلية؟
• للأسف، بالنسبة للمستقبل في نظري هناك غموض كبير لا ندري في الحقيقة ماذا سيحدث حتى في الأسبوع المقبل وليس فقط في الأشهر المقبلة. فشبح الصعوبات الاقتصادية غير المسبوقة في تونس لا يزال مخيما.  وأعتقد ان أهم خطر محدق بتونس هو هذه الصعوبات الاقتصادية والمالية. ولكن رغم كل هذا عندما أنظر إلى الوراء وأتذكر ماذا حدث من سنة 2011 إلى حدود سنة 2016 وكل ما مرّت به البلاد من أحداث غير مسبوقة، فحينها أرى ان هناك إمكانية للخروج من النفق وهناك مجتمع مدني أصبح متمرسا الآن بحكم ما عاشه في السنوات الثلاث الأولى التي لحقت بالثورة ولا ننسى الأحداث الدموية والاغتيالات السياسية والاحتجاجات المتواصلة. أعتقد ان المجتمع المدني صار متمرسا ولا أعتقد ان هناك عديد التونسيين يرضون بالعودة إلى الوراء. هناك طاقات للتونسيين والتونسيات يمكن ان تمثّل صمام أمان من أي انتكاسة لنظام استبدادي أيا كان نوعه. وبالتالي لا أعتقد ان التونسيين والتونسيات على استعداد للتضحية بما حققوه في مجال الحقوق والحريات لأي كان ولأي سبب كان.

#أستاذة #القانون #الدستوري #في #تونس #سلسبيل #القليبي #لسنا #في #ظرف #مناسب #للدخول #في #مسار #تأسيسي #جديد #بحكم #حال #الاستثناء #القدس #العربي

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد