أما زالت باريس فكرة جيدة؟!
مقالات
525
منى الجهني
أما زالت باريس فكرة جيدة؟!
05 يوليو 2023 , 02:00ص
« الحرية والمساواة والإخاء» هو شعار فرنسا الديمقراطي، فمنذ أيام تعم الفوضى والغضب العارم فرنسا، والسبب جريمة قتل مراهق فرنسي على يد رجل شرطة من مسافة قريبة بسبب مخالفة مرورية، اشتعلت فرنسا غضبا، ومواجهات عنيفة، وعمليات تخريب، ونهب.
هذه الاحتجاجات والغضب المشتعل انما هو تراكمات فقبلها كانت احتجاجات من نفس النوع ولأسباب عنصرية، وقد سبقتها في عام ٢٠٠٥ احتجاجات على سياسات التمييز التي كانت تقوم بها الداخلية الفرنسية وظهر ذلك على كل أجنبي وتهديد للمهاجرين وكل ذلك برضا فرنسا ولم تحرك ساكنا بحجة الحرية.
بالفعل ان الرئيس ايمانويل ماكرون يواجه تحديات وضغوطا كبيرة عليه اليوم، بسبب العنصرية في المجتمع الفرنسي وللمسلمين بشكل خاص، ويظهر أن هناك من يريد اضعاف موقف ماكرون نتيجة لتعزيز علاقته مع الصين ومطالبته باستقلال أوروبا عن أمريكا.
من المعلوم أن التاريخ الاستعماري طويل لفرنسا، وشهدت السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية حروبا مطولة افضت في نهاية المطاف الى استقلال الجزائر ومعظم المستعمرات الفرنسية في افريقيا وجنوب شرق آسيا. ودفعت ثمنا غاليا انسانيا واقتصاديا في الحربين العالميتين الأولى والثانية.
لا تزال الاحداث جارية الى اليوم والصدامات مستمرة برغم اتخاذ إجراءات أكثر منها إيقاف حركة المرور للحافلات والمترو، وقطع الانترنت لمنع التواصل وتقييد حرية التعبير، لمنع المصادمات المتزايدة في هذا البلد الأنيق.
في وقت تشهد فرنسا والقارة الأوروبية ذروة السياح في موسم الصيف، وتعد فرنسا البلد الذي يقصده أكبر عدد من السائحين في العالم ذلك أن البلد يعتمد على عوائد السياحة، ودخل 80 مليون سائح إلى فرنسا هذا العام.فالقارة الاوروبية على صفيح ساخن، ويبدو أن الاحتجاجات قد امتدت إلى ما وراء البحار الفرنسية ولم تسلم سويسرا وبلجيكا من هذا المظاهرات، وبعيدا عن هذه الأحداث هل من الممكن أن نرى صيفا أوروبيا على غرار الربيع العربي؟
إنها تعتبر أعمال العنف الأسوأ منذ أزمة منذ احتجاجات «السترات الصفر».
بالتأكيد انها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. غالبا ما يحدث اليوم في فرنسا وراءه أيد خفية داخلية وخارجية فالأعمال التخريبية والانفلات الأمني تشعر وكأنها منظمة وبدقة ولا يستطيع الفرد العادي اشعال كل ذلك في أوقات متزامنة مع بعضها.
المفارقة العجيبة حاولت الشرطة الفرنسية قمع أحدهم بالقتل والتستر على الشرطي، ولكن عندما ظهر فيديو مصور عن قرب عن الحادث، تظهر الشرطي وهو يقتل الشاب بشكل متعمد وبلا مبالاة، تحولت فرنسا بكاملها الى ساحة مظاهرات واحتجاج. فالقضية ليست قتل، ولكن انعكاسات العنصرية نفسها على فرنسا وعلى الرئيس الفرنسي نفسه أيضا مما يجعله يشعر بالقلق اتجاه شعبيته.
رغم كل الدعوات من كبار المسؤولين للتريث وإتاحة الوقت للنظام والعدالة لكي تأخذ مجراها، لا يزال عدد كبير من الناس في جميع أنحاء فرنسا مصدومين وغاضبين، وخاصة الشبان والشابات الملونين، الذين وقعوا ضحايا للتمييز من قبل. وكأن هذه الحادثة نكأت كل الجروح القديمة التي تعرضوا لها من انعدام المساواة، من والعنصرية الفرنسية.
الشرطة. بغض النظر عن أنه كان يجب على نائل أن يلتزم بالقانون، ولكن هل كان على الشرطي قتله من هذه المسافة القريبة جدا من نافذة السيارة؟ وهل يستحق أن تزهق روحه ثمنا للعنصرية؟ بعد هذا كله يراودني سؤال مهم؛ هل مازالت مقولة اودري هيبون صحيحة: « باريس دائما فكرة جيدة». كل هذا وبيني وبينكم..
اقرأ المزيد
معلومات كاذبة
في بدايات شهر يونيو، وقبل أسابيع قليلة من انطلاق أعمال «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام»،… اقرأ المزيد
مساحة إعلانية
#أما #زالت #باريس #فكرة #جيدة
تابعوا Tunisactus على Google News