- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

أين ذهبت وستذهب أموال تونس.. رسالة قيس سعيد مضمونة الوصول | حكيم مرزوقي

“الكسّابة تكسب والحسّابة تحسب” مثل شعبي تونسي يقال للفقير الذي يحسب للأغنياء ثرواتهم بابتهاج وحماس وكأنها تخصه، بينما يمضي الأثرياء في جمع الأموال غير آبهين لبؤس الفقراء أو حتى لعدهم وابتهاجاتهم.
ينطبق هذا المثل العامي على حالة التونسيين الذين استبشروا خيرا للأموال التي تدفقت إلى تونس عام 2011 واستمرت بالتدفق خلال عشر سنوات.
كانت الأموال تأتي من كل حدب وصوب، على شكل هبات ومساعدات وودائع وقروض وغيرها من شتى الهيئات والدول والجهات المانحة، وكان التونسيون يظنون أن ربيعهم أزهر فعلا، وسيثمر عمّا قريب تشغيلا وتنمية، لكن النتيجة كانت ما أصبحوا عليه من فقر وتفقير، وإحباط زاد من منسوب العنف والهجرة والتطرف.
لطالما تجمّع البسطاء التونسيون والبطالون والحالمون في المقاهي يتجادلون بحماسة في أرقام الأموال الممنوحة لبلادهم، ويضيفون لها الأصفار على طريقتهم، فيحوّلونها إلى آلاف المليارات من الملاليم، لكنهم سرعان ما استفاقوا على كابوس مرعب.

مراقبون في تونس يذهبون نحو التفاؤل رغم قسوة الوضع المعيشي الذي يعيشه المواطن التونسي، ويأتي تفاؤلهم من كون الحكومة الحالية ماضية في الحزم وعدم التراخي مع المقصرين، وتستمد قوتها من ثقة تبنى يوما بعد يوم بينها وبين المواطن

وبالفعل، فإن حجم القروض والهبات التي تلقتها الدولة التونسية منذ بدء الانتقال السياسي عام 2011 وحتى عام 2021 بلغ 113.3 مليار دينار تونسي (نحو 36.6 مليار دولار)، كما جاء في تصريح رئيس اللجنة المالية في البرلمان التونسي عصمان شوشان منذ أيام قليلة، كاشفا أن جانبا من هذه الأموال لم يمرّ عن طريق البنك المركزي التونسي.
أين ذهبت تلك الأموال؟
ظهرت بفضل الأموال المتدفقة المتاجر الضخمة والعمارات وفنادق “حلال”، ترافقها الفيلات الفخمة والسيارات ذات أحدث الموديلات لدى أشخاص كانوا بالأمس القريب في السجون ثم تقلدوا مناصب قيادية بقدرة قادر.
كان التونسيون قبل 2011 يشتكون ويتذمّرون من سلوكيات فئة ضيقة من المنتفعين، وسرعان ما تفاجأوا بشبكات مافيوزية أشد فتكا وتنظيما وضراوة من سابقيهم.. إنها الحقيقة التي يتناولها جميع الناس في تونس دون مواربة.
ووصلت وقاحة ناهبي الأموال العامة في تونس إلى حد تعطيل مشاريع حيوية كمستشفى الملك سلمان في مدينة القيروان، وتسديد من خزينة الدولة نفقات وفوائد قروض لم تذهب إلى خزينة الدولة أصلا بل إلى جيوب المنتفعين.
بعد هذا المشهد القاتم الناتج عن سلوك تدميري متعمد للدولة ومؤسساتها، لا بد من متابعة قضائية وجزائية لكل من تورط في مجموعة تلك الجرائم التي لا ينبغي أن تسقط بالتقادم، كما أنها حتما، لن تتوقف ما لم تضرب الدولة بحزم على أيادي العابثين بلقمة عيش المواطن.
ليست مهمة حكومة الرئيس التونسي قيس سعيد، الآن، أن تقتصر على ملاحقة الفاسدين في العشرية السوداء وحدها ومقاضاتهم ومحاكمتهم، بل عليها أن تشدد الرقابة على من يأتي بعدها.
تونس ليست فقيرة ولا محدودة الموارد كما يروّج بعض الخبثاء من المنتفعين الذين يحاولون التغطية على سرقاتهم، وإنما هي بلد أغنى مما قد يتصور البعض، سواء في تعدد مصادر ثروتها أو في طاقاتها البشرية على وجه الخصوص.

- الإعلانات -

ليست مهمة حكومة الرئيس التونسي قيس سعيد، الآن، أن تقتصر على ملاحقة الفاسدين في العشرية السوداء وحدها ومقاضاتهم ومحاكمتهم، بل عليها أن تشدد الرقابة على من يأتي بعدها

الدليل على صحة هذا الحديث هو ما يردّده التونسيون مستشهدين بكلمة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، حين تساءل في إحدى خطاباته: لا شك أن تونس من أغنى بلدان المنطقة، وإلا كيف تتعرض ميزانيتها إلى هذا الكم الهائل من السرقات ولا تعلن إفلاسها؟
وبغض النظر عن ملابسات هذا الخطاب الذي قيل في عصر بورقيبة، رغم أن الرجل كان معروفا بانضباطه وتشدده إزاء الفاسدين، فما عساه أن يقال في العشرية السوداء.
مراقبون في تونس يذهبون نحو التفاؤل رغم قسوة الوضع المعيشي الذي يعيشه المواطن التونسي، ويأتي تفاؤلهم من كون الحكومة الحالية ماضية في الحزم وعدم التراخي مع المقصرين، وتستمد قوتها من ثقة تبنى يوما بعد يوم بينها وبين المواطن.
ويدرك التونسيون الآن، أكثر من أيّ وقت مضى، أن ساعة العمل الجاد والمسؤول دقت ضمن شراكة لا غنى عنها بين الدولة والمواطن، فلقد ولّى ولن يعود عصر الاتكالية والانتهازية والتعامل مع ممتلكات الدولة وكأنها من أرزاق الأعداء والغرباء فيتسابق على نهبها المواطنون والمسؤولون على حد سواء.
لن تعود تونس القهقرى، ولن تحن أبدا إلى أزمنة الفساد والمحسوبية التي عانت منها طويلا، كما أن الرهان اليوم أصبح على وعي مواطنيها والتفافهم حول مشروع وطني ينقذ البلاد أمام تحديات كثيرة.
أما أكثر نقطة مضيئة نلحظها اليوم في تونس فهي استخفاف الناس بالشعارات الحزبية والنقابية، إذ أصبح المواطن يمتلك ذكاء فطريا يعوّل عليه في تحقيق المشاريع التنموية مدركا أننا إن متنا فسنموت سواء مثل الحمقى والأغبياء، وإن عشنا فسنعيش سواء سعداء وفخورين بكوننا ولدنا هنا ونعيش هنا.

#أين #ذهبت #وستذهب #أموال #تونس. #رسالة #قيس #سعيد #مضمونة #الوصول #حكيم #مرزوقي

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد