“إسرائيل” هي مَن قتلت العالِم والمفكّر المصري الشهيد الدكتور جمال حمدان
د.جمال شهاب المحسن*
من المؤكد انَّ “إسرائيل” رأت فى كتاب “اليهود والصهيونية وبنو إسرائيل” أنه سيكون المرجع الأقوى فى فهم جرائمها وإرهابها وأساطيرها ودعاياتها التضليلية ، فأقدمت على قتل مؤلفه العلاّمة والباحث الجيوسياسي الإستراتيجي والمفكّر العبقري المبدع المصري والعربي والعالمي الكبير الشهيد جمال حمدان في السابع عشر من نيسان عام 1993 ، كما قتلت العديد من العلماء والمخترعين والكوادر العلمية والمفكرينَ العرب والمسلمين والمسيحيين الجدّيين من أحرار الأمة ، حيث أنَّ الصهاينةَ يتخوّفون من إمكانية توصُّل هؤلاء العلماء والمفكرين إلى نتائج علمية تضرُّ بالمصالح العليا للكيان الصهيوني الغاصب الذي يسعى مع رُعاتِه إلى إبقاء الفجوة العلمية والتقنية واسعةً بيننا وبين أخطارِ التقدم العلمي “الإسرائيلي” ، وذلك لمنعنا من تحقيق التميّز العلمي والتقني والثقافي والحضاري.
.
وكان الكاتب والروائى المصري يوسف القعيد قد أثار الجدل حول رحيل العلّامة والمفكّر الكبير جمال حمدان ، وذلك فى صفحته المميّزة بجريدة الدستور المصرية “أشهد أنى عشت”، وفى عدد 23 يونيو 2010 بلغ الجدل ذروته بالاعترافات الخطيرة التى أدلى بها شقيق وشقيقة جمال حمدان إلى القعيد ، وأكدا فيها أن حمدان مات مقتولاً.
قال القعيد إن جمال حمدان قبل وفاته كان انتهى من ثلاثة كتب ، أولها “اليهود والصهيونية وبنو إسرائيل” ويقع فى ألف صفحة، وكان من المفروض أن يأخذه ناشره يوسف عبد الرحمن، وكتاب ” العالم الإسلامى المعاصر”، الذى أصدره عام 1965 ثم توسّع فيه حتى صار كتاباً جديداً ، أمّا الكتاب الثالث فهو عن علم الجغرافيا، ويقول القعيد :”لقد ذهبنا إلى الشقة فور علمنا بوفاته وعاينّاها، واختفت هذه الكتب التى كانت موجودة وكنتُ رأيتها بنفسى”.
شقيق الدكتور جمال حمدان اللواء عبد العظيم حمدان قال أدلّةً أخرى ليوسف القعيد تؤكد حتميةَ قتله، وهى أن الطبّاخ الذى كان يطبخ له فوجئنا بأن قدمه انكسرت وأنه سافر إلى بلده، ولم نعد نعرف له مكاناً، وأن جارةً له قالت لنا إن هناك رجلاً وامرأة “خواجات” سكنا فى الشقة الموجودة فوق شقته شهرين ونصف قبل اغتياله ثم اختفيا بعد قتله.
هناك تفاصيل أخرى ذكرها القعيد تؤكد أن جمال حمدان قد تمَّ قتله بفعل فاعل، وليس نتيجة تسرّب غاز أو أشياء أخرى كما قيل وقتها، والتى قادت شقيقته إلى القول:”المؤكد أن الموساد الإسرائيلى هو الذى قتل جمال حمدان”.
جزْمُ شقيق جمال حمدان بأن الموساد “الإسرائيلى” هو الذى قتل حمدان لا يحمل أى مبالغة، فتاريخ “إسرائيل” وجهاز الموساد فى سفك الدماء لا يحتاج إلى دلائل، فهى لا تتعقّب فقط مَن يحملون السلاح فى مقاومتها، وإنما تتعقّب كل مَن يقدّم فكراً يؤصّل جرائمها ضد الإنسانية، وكتاب مثل “اليهود والصهيونية وبنو إسرائيل” الذى كان جمال حمدان انتهى من تأليفه ، وكما يقول القعيد، أنه كان على موعد مع ناشره لتسليمه، هو ذروة المقاومة ضد “إسرائيل” فى مجال الفكر، الذى يقود فى النهاية إلى حمل السلاح ضدها، وبالتالى فإن قتل الرجل والسطو على الكتاب من البديهى أن تقوم به “إسرائيل” عبر جهازها المخابراتى “الموساد”.
والجدير بالذكر أن العلاّمة الجيوبوليتيكي الدكتور جمال حمدان يُعَدُّ كتابُه “شخصية مصر” المرجع الأول فى فهم الشخصية المصرية، ويُعدُّ كتابه “استراتيجية الإستعمار والتحرير” من أهم الكتب الإستراتيجية في العالم ، علماً أنه قد ترك لأمته والإنسانية جمعاء أفخر وأغنى المؤلفات في فلسفة الجغرافيا والجيوبوليتيك والإستراتيجيات ومنها كتاب “اليهود أنثروبولوجياً” حيث أصدره في شهر شباط 1967م والذي حاول فيه إثبات أن اليهود المعاصرين الذين يدّعون زوراً وبهتاناً الإنتماء أصلاً إلى أرض فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا منها في فترة ما قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية الخزر التترية التي قامت بين بحر قزوين والبحر الأسود، والتي اعتنقت الديانة اليهودية في القرن الثامن الميلادي.
وتأتى أهمية الكتاب من كونه أول من هدم الأسس الأنتروبولوجية التى بنى عليها الصهاينة اليهود أكاذيبهم فى حقهم للعودة إلى أرض فلسطين، وقد استعان جمال حمدان فى بحثه بتاريخ نشأة اليهود وتتبّع تنقلاتهم جغرافياً في الأزمنة القديمة والحديثة والتغيرات التى طرأت على أعدادهم بالزيادة المفاجئة فى فترة قصيرة، ومن الناحية الأنتروبولوجية يتتبّع صفات الطول ولون البشرة والشعر والعين وغيرها وأهمها على الإطلاق شكل الرأس، ليثبت أن اليهود الحاليين ليسوا إلا متهوِّدين، ويستدل على ذلك بالصفات الموجودة بين القلة الباقية من اليهود الذين لم يخرجوا من فلسطين.. وكذلك ينقض مقولة اليهود بالنقاء الجنسي والعرقي .
“إسرائيل” هي التي قتلت العبقري الدكتور جمال حمدان ، لكن السؤال الموجِع فى هذا الأمر أنَّ ملف القضية، كغيره من الملفات المماثلة يبقى دون إثارة كافية !!!!!….
ويحضُرُنا الإستهدافُ الصهيوني للعلماء السوريين والعراقيين و من آبرزهم الشهيد البطل الدكتور عزيز إسبر مدير مركز البحوث العلمية في مصياف … وما هو مؤكد ضلوع العدو الصهيوني في عملية الاغتيال عن طريق عملائه في الداخل حيث أقدم على استهداف مركز البحوث العلمية في مصياف أكثر من مرة عبر غارات طيرانه … كما أننا لا ننسى الشهيدين المخترعين السوريين عيسى عبود واللواء نبيل زغيب.. وكذلك اغتيال مهندس الطائرات المسيّرة في المقاومة الفلسطينية محمد الزواري في تونس .
ولا بدَّ من التذكير أنَّ “إسرائيل” هى التى قتلت عالِم الذرّة الايراني محسن فخري زادة و عالم الذرّة المصرى يحيى المشدّ ، وهى التى قتلت العالم سعيد سيد بدير وغيرهم .
ولن ننسى جرائم الموساد “الإسرائيلي” بحق النخب العلمية والفكرية وحتى الأدبية الفلسطينية ومنهم الشهداء غسان كنفاني وكمال ناصر وماجد أبو شرار ومحاولة اغتيال رئيس مركز الأبحاث الفلسطيني الدكتور أنيس صايغ الذي نجا بأعجوبة في العام 1972 ولكنه أصيب بالنظر والسمع وبتر بعض أصابع يديه فبقيت هذه الإصابات تشهد على بشاعة الإرهاب الصهيوني حتى وفاته منذ عدة سنوات… وكم كان يكرّر على مسامعي قائلاً لي شخصياً إنه شاهد حيّ على الإرهاب الصهيوني …
وبالمناسبة وفي العام 2005 كشفت “يديعوت أحرنوت” أنَّ عملاء جهاز “الموساد” هم الذين اغتالوا غسان كنفاني في 8 تموز/ يوليو في العام 1972، وكانت العملية ضمن “حملة الثأر”، التي حملت توقيع رئيسة وزراء “أسرائيل” غولدا مائير والتي طالت حتى المفكّرين والأدباء.
وفي لبنان فإنَّ الحديث يطول ويطول حيث أن الإستهداف الصهيوني قد طال القادة الشهداء في المقاومة من الشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي والحاج عماد مغنية و المخترع الحاج حسان اللقيس كما طال بعض النخب العلمية كالمخترع رمّال رمّال والعالِم غسان قانصوه وغيرهم .
باختصار شديد إنَّ العدو الصهيونى المجرم يخافُ العلماء والمخترعين والمفكرين العرب والمسلمين الجدّيين تماماً كما يخافُ المقاومة وقياداتها .. ولذلك هناك مهمةٌ ملحةٌ هي ضرورة حماية كوادرنا العلمية والفكرية من الإستهداف الصهيوني.
* إعلامي وباحث في علم الإجتماع السياسي وسوسيولوجيا الصراع
المصدر: بريد الموقع
#إسرائيل #هي #من #قتلت #العالم #والمفكر #المصري #الشهيد #الدكتور #جمال #حمدان
تابعوا Tunisactus على Google News