إضراب تونس… المؤسسات تتوحد والشارع ينقسم
نفذ الاتحاد العام التونسي للشغل اليوم إضراباً عاماً في 159 مؤسسة ومنشأة عمومية، وسط انقسام شديد بين مساند ورافض في الشارع التونسي.
وعلى الرغم من نجاح الإضراب، بحسب ما أكده الأمين العام للمنظمة النقابية بنسبة 96 في المئة، فإن منشآت عدة لم تمتثل له.
حيثيات الرفض والقبول
ويقول ماهر معاوية وهو موظف حكومي، إن “الإضراب لن ينفع لا تونس ولا الطبقة الشغيلة التي ستزداد فقراً”. ويرى أن اتحاد الشغل يريد أن يلعب دوراً سياسياً. مفسراً، “لو وافق قيس سعيد على شروطهم خلال الحوار الوطني فلن يقوموا بهذا الإضراب”.
عبير الرزقي، مواطنة، ترى أن “المواطن التونسي لم يعد يكترث لمثل هذه الإضرابات التي لم تنفعنا بشيء”، فيما يساند مختار الرباعي المنظمة الشغيلة ويقول، “لولا اتحاد الشغل لعرفت تونس حرباً أهلية”.
موضحاً، “دائماً ما كان دور الاتحاد هو الحاسم في حل كبرى الأزمات السياسية في البلاد”.
أما الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي فأكد خلال تجمع عمالي من أمام مقر الاتحاد بالعاصمة تونس أن “العمال ضربوا اليوم موعداً مع التاريخ على الرغم من الهجمة التي تستهدف المنظمة الشغيلة من قبل الميليشيات والمرتزقة التي تعمل على تشويهها وشيطنتها وتخوينها”.
وانتقد الطبوبي تعامل الحكومة مع العمال المنضويين تحت راية الاتحاد قائلاً إن “الحكومة تلتزم بتعهداتها مع الدائنين في الخارج، لكن التعهدات مع الاتحاد لا تلتزم بها، ونحن متمسكون بحقوقنا وعلى الحكومة الالتزام بتعهداتها”.
وأكد أن العمال يعانون بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد من تراجع المقدرة الشرائية وتردي الأوضاع الاجتماعية، مشدداً على أن الاتحاد لن يتراجع وسيواصل تنفيذ سلسلة من الإضرابات من أجل استحقاقات الطبقة العاملة وتنفيذ المطالب.
ودعا الطبوبي الحكومة إلى نشر الوثيقة التي قدمتها إلى صندوق النقد الدولي من أجل نيل قرض قيمته أربعة مليار دولار، ومصارحة الشعب بما تحمله هذه الوثيقة من إجراءات مجحفة تعصف بالمقدرة الاستهلاكية للتونسيين.
معاً على طريق الإضراب
من جهته، أكد الأمين العام المساعد للاتحاد سامي الطاهري أن الإضراب كان ناجحاً سواء في تونس العاصمة أو المحافظات منذ ساعات الصباح الأولى. وأضاف، “لم نسجل أي إشكال في أي مؤسسة عمومية، والتقارير التي بلغتنا من كل الجهات تؤكد نجاح الإضراب”.
ودعا الطاهري التونسيين إلى عدم التخوف من الإضرابات لأنها “تمثل دفاعاً عن الحقوق والحريات”، وفق تصريحه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلنت منظمات وطنية دعمها الإضراب الذي نفذه اتحاد الشغل، إذ عبرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين عن “مساندتها التامة لنضالات الاتحاد العام التونسي للشغل من أجل تحقيق مطالبة المشروعة، بخاصة أمام عدم تحمل الحكومة مسؤولياتها في إدارة التفاوض الاجتماعي والتحاور مع الأطراف الاجتماعية والالتزام بالاتفاقات السابقة”.
ويشار إلى أن الرحلات الجوية والبرية والبحرية تعطلت بشكل كامل تقريباً، كما توقف العمل في 159 مؤسسة ومنشأة عمومية، في إضراب عام ليوم واحد بدعوة من الاتحاد العام التونسي للشغل احتجاجاً على السياسة الاقتصادية الجديدة التي تنتهجها الحكومة التونسية، إضافة إلى عدم التوصل لاتفاق مع الحكومة للدخول في مفاوضات اجتماعية حول زيادة الأجور لسنوات 2021 و2022 و2023.
مطالب ملحة وإصلاحات مؤلمة
ويرى الصحافي أيمن الزمالي أنه “كان الأجدى والأنفع فتح باب التفاوض مع الاتحاد العام التونسي للشغل والاعتراف بحق ملايين التونسيين في بضع دينارات زيادة في أجورهم الزهيدة بفتح باب المفاوضات الاجتماعية”.
ويضيف الزمالي، “أن تقدم الحكومة برامج إصلاح لمنظومة الدعم وأن تبني خططاً لاقتصاد ترفع الدولة فيه أياديها عن المطالب الملحة للشعب، فذلك لن يكون سوى ضرب للطبقات الشغيلة الضعيفة وما تسمى بـ (الوسطى) شبه المنهارة”.
وتابع، “على الدولة أن تعترف بسنة المفاوضات الاجتماعية الحميدة التي حافظت على السلم الاجتماعي في دولة الاستقلال”.
ويستدرك الزمالي قائلاً، “نعم لدولة القانون ونعم لهيبة الدولة ومركز السلطة ونعم لثقافة العمل والتفاني فيه، ولا لأساليب التفاوض بمنطق مرحلة ما قبل الـ 25 من يوليو (تموز)، لكن ليس على حساب الطبقات الضعيفة والمتهالكة، ولا لتسييس المطالب الاجتماعية الشرعية في هذا الظرف الذي يمر به التونسيون”.
ويتساءل، “ما الدولة وما السلطة وما الشرعية والمشروعية عندما يضيق حال التونسيين وتمر الدولة بأوضاع استثنائية وأزمات في مختلف أبعادها؟ وما ذنب عموم الشغالين التونسيين؟”.
واعتبر مراقبون أن خطوة المنظمة الشغيلة بمثابة تحد لرئيس الجمهورية قيس سعيد الذي لم يرضخ لشروطهم حول الحوار الوطني بخصوص دستور جديد للبلاد، وأيضاً رداً على إجراءات اقترحتها الحكومة بهدف الخروج من الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد ورفضها الاتحاد العام التونسي للشغل. وتضمنت تلك الإجراءات تجميد الأجور وخفض الدعم، في ما وصفه اتحاد الشغل بـالإصلاحات المؤلمة التي تتحمل وزرها الطبقة الشغيلة.
وتسعى الحكومة التونسية من وراء هذه الإجراءات إلى تأمين الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي تناهز قيمته أربعة مليارات دولار، وبحسب مصادر رسمية فإن التفاوض في شأنه سيكون خلال الأيام القريبة المقبلة، لكن عدم توافق السلطة التنفيذية والطرف الاجتماعي قد يعطل هذه المفاوضات التي تحتاج إليها تونس في الوقت الراهن، ويبقى المشهد السياسي والاقتصادي التونسي قابلاً لكل التطورات أمام ضبابية الرؤية.
#إضراب #تونس #المؤسسات #تتوحد #والشارع #ينقسم
تابعوا Tunisactus على Google News