إفريقيا جنوب الصحراء فى 2021 – العالم يفكر
نشر فى :
الثلاثاء 19 يناير 2021 – 6:25 م
| آخر تحديث :
الثلاثاء 19 يناير 2021 – 6:25 م
نشر مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية تحليلا لعدد من الخبراء والخبيرات، يعرضون فيه أهم القضايا الرئيسية فى منطقة إفريقيا جنوب الصحراء وتطوراتها فى 2021… نعرض منه ما يلى:
سيكون عام 2021 عاما مضطربا بالنسبة لإفريقيا جنوب الصحراء فى ظل الآثار الصحية والاقتصادية السيئة لوباء كورونا، والنزاعات فى إثيوبيا وموزمبيق والساحل. وبالرغم من ذلك، سيحدد العام الجديد العلاقة بين الصين وإفريقيا من خلال الدبلوماسية الصحية ــ توزيع اللقاحات ــ والإعفاء المحدود من الديون. وستكون النقطة المضيئة هذا العام هى إمكانات القيادة الإفريقية فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ورؤية إدارة بايدن القادمة لإصلاح العلاقات وإحياء الشراكات بشأن تغير المناخ ومكافحة الفساد.ولمعاينة بعض أهم الأحداث فى 2021 فى منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، نسرد آراء الخبراء والخبيرات كالتالى.
الاقتصادات الإفريقية تكافح من أجل التعافى من تداعيات كوفيد ــ 19يقول ليرد تريبر كبير المساعدين (غير مقيم) فى برنامج إفريقيا التابع لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية إن الحكومات الإفريقية ستواجه مهمة شاقة لإنعاش اقتصاداتها فى 2021، فهناك تحديات كبيرة أمام تحقيق ذلك، وهى أن الاضطرابات المستمرة فى الاقتصاد الدولى ستحد من قدرات قطاعات كثيرة تساعد البلدان الإفريقية على التعافى، بما فى ذلك التحويلات المالية.ومع ذلك، فإن الصورة بعيدة عن أن تكون قاتمة. فإبرام اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA) فى 1 يناير 2021، سيؤدى إلى تعزيز التجارة الإقليمية، وخلق فرص العمل، وتسهيل انضمام البلدان إلى سلاسل التوريد العالمية. ومن المرجح أيضا أن تتوصل البلدان الإفريقية إلى بعض الاتفاقات مع الدائنين لتسهيل خدمة الديون. بجانب ذلك ستعمل الشركات الأمريكية وإدارة بايدن على تعميق الشراكات التجارية مع إفريقيا وتعزيز جهود الحكومات الإفريقية فى قطاعات مثل الطاقة وتكنولوجيا المعلومات لجعل اقتصاداتها أكثر تنافسية.
الصراع الإثيوبى يزيد من زعزعة استقرار القرن الإفريقىتقول هيلارى ماتفس، مساعد أول (غير مقيم) فى برنامج إفريقيا التابع لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية أن الحرب الأهلية فى منطقة تيجراى ستتفاقم، وهو ما يؤدى إلى عدم الاستقرار والنزوح فى جميع أنحاء المنطقة. والصراع سيهدد الاستقرار الإقليمى، خاصة مع ورود تقارير عن قيام الحكومة الإثيوبية بسحب قواتها من جهود تحقيق الاستقرار فى الصومال، وقيام القوات العسكرية الإريترية بإعادة اللاجئين الإريتريين بالتعاون مع الحكومة الفيدرالية الإثيوبية، وأخيرا تجدد التوتر بين إثيوبيا والسودان بشأن الأراضى الحدودية المتنازع عليها. ولا داعى للقول بأن الصراع سيؤدى إلى تآكل سمعة آبى كوسيط سلام ويعيق التحول الديمقراطى فى البلاد، مما يلقى بظلال من الشك على مصداقية الانتخابات التاريخية المقرر إجراؤها هذا العام.
الساحل يتجه لمزيد من التدهوربشأن الأوضاع فى منطقة الساحل يقول ويل براون، مساعد أول (غير مقيم) فى برنامج إفريقيا التابع لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية أن الأمن سيتراجع فى منطقة الساحل بمعدل ينذر بالخطر فى 2021، وهو العام العاشر منذ بدء الأزمة فى شمال مالى والتى كان عام 2020 من أكثر الأعوام دموية بالنسبة لها حيث قُتل ما لا يقل عن 2754 شخصا على الرغم من وجود الآلاف من القوات الدولية. وأضاف الانقلاب الذى وقع فى أغسطس الماضى درجة عالية من عدم اليقين.الوضع قاتم بنفس القدر فى بوركينا فاسو: توجد مساحات شاسعة من البلاد محظورة على مجموعات المساعدات الإنسانية والقوات الحكومية. والأسوأ من ذلك، فى أكتوبر الماضى، حذر برنامج الغذاء العالمى من أن أكثر من 10 آلاف فى بوركينا فاسو «على بعد خطوة واحدة من المجاعة». أما بالنسبة للنيجر، فلقد شهدت سلسلة من المذابح والقتل على أيدى قوات الأمن فى 2020 مما حطم أى أمل فى استقرار البلاد. وفى الثانى من يناير الحالى، قُتل ما لا يقل عن 100 مدنى على أيدى إسلاميين متطرفين فى منطقة تيلابيرى. ويبدو أنه من المحتمل أن تشهد النيجر المزيد من الهجمات فى 2021.
تنزانيا تزحف نحو الاستبدادمارييل هاريس، باحثة مشاركة فى برنامج إفريقيا التابع لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، تقول بشأن تنزانيا أن الرئيس التنزانى جون ماجوفولى، والذى أعيد انتخابه لولاية ثانية مدتها خمس سنوات فى أكتوبر 2020 بانتخابات مزورة طبقا لتقارير المراقبين الدوليين، سيضاعف فى 2021 من سياساته المناهضة للديمقراطية، وقمع المعارضين وتقنين السياسات الاقتصادية التى تنفر الشركات الأجنبية.يكاد يكون من المؤكد أن سياسات ماجوفولى ستثنى الشركات الدولية عن ممارسة الأعمال التجارية فى البلاد من خلال اللوائح الأكثر صرامة. ونتيجة تدهور حرية الصحافة وازدياد قلق المجتمع المدنى سارع المعارضون إلى مغادرة البلاد خوفا على حياتهم والتزم المواطنون الهدوء والصمت فى ظل قبضة ماجوفولى الاستبدادية.
عام ملىء بالتحديات من أجل الديمقراطيةيقول جون تمين فى هذا الشأن، وهو مساعد أول (غير مقيم) فى برنامج إفريقيا التابع لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية أنه سيتم اختبار قوة المؤسسات الديمقراطية وإيمان الأفارقة بها وبالانتخابات كطرق للإصلاح فى 2021. فبالنسبة للأشهر الأخيرة من عام 2020 شهدت إفريقيا عدة انتخابات معيبة للغاية، بما فى ذلك الاقتراع الذى ضمن فترة ولاية ثالثة لرئيسى غينيا وكوت ديفوار. ولكن حتى فى الوقت الذى يتلاعب فيه القادة الأقوياء بالعمليات الانتخابية للبقاء فى السلطة، فإن حركات الاحتجاج ستسعى إلى تفكيك هياكل السلطة الاستبدادية وخلق فرص للأجيال الجديدة للقيادة. وخير دليل على ذلك، الاحتجاجات الأخيرة الناجحة فى ملاوى والسودان وستكرر نفسها فى دول أخرى. وإذا كانت التنبؤات بالمكان الذى ستظهر فيه هذه الاحتجاجات غير معروف بعد، فالمؤكد هو أن حركات المواطنين المناهضة للاستبداد لن تخاف من الخضوع لأن النموذج أثبت فاعليته فى ملاوى والسودان.
الصين تعطى الأولوية للصحة والديون فى إفريقياتقول لينا بن عبدالله، مساعد أول (غير مقيم) فى برنامج إفريقيا التابع لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية أن العلاقات الصينية الإفريقية ستركز فى 2021 على الدبلوماسية الصحية والتعافى الاقتصادى. ففى الأشهر المقبلة، ستحث الحكومات الأفريقية شركات الأدوية الصينية المملوكة للدولة (سينوفارم) على توفير لقاح ميسور التكلفة للسكان الأفارقة. ومن المرجح أيضا أن يحتل التعافى الاقتصادى من تداعيات كورونا جزءا كبيرا من المحادثات الصينية الأفريقية سواء كان ذلك من خلال مشاريع استثمارية جديدة، أو إعادة تمويل الصفقات الحالية، أو الإعفاء من الديون.من المقرر كذلك أن يُعقد منتدى 2021 حول التعاون الصينى الأفريقى (FOCAC) فى داكار، السنغال ــ وهى القمة الثامنة ــ فى سبتمبر القادم مما يعطى فرصة للصين لتعيد تأكيد التزامها تجاه الشركاء الأفارقة فى كل من التعاون فى مجال الرعاية الصحية والاستثمارات والمساعدات بعد تفشى الوباء.
القيادة الإفريقية تصوغ جدول أعمال مجلس الأمنيقول كايل مورفى، مساعد أول (غير مقيم) فى برنامج إفريقيا التابع لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية أن كينيا والنيجر وتونس ستستخدم تواجدها فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإعادة تركيز الاهتمام الدولى على الجهود متعددة الأطراف لمواجهة تدهور الأمن والصحة والتحديات الإنسانية وتحديات هشاشة الدولة فى القارة السمراء، خصوصا فى ثلاث مناطق فى القارة: القرن الأفريقى، والساحل، وليبيا.تولت تونس الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولى، وستتولى كينيا القيادة فى أكتوبر، وتختتم النيجر عام 2021 لتحديد جدول أعمال المجلس. تتضمن خطة تونس لشهر يناير مناقشات حول تحديات الحفاظ على السلام، والتهديد الإرهابى بعد 20 عاما من قرار مجلس الأمن الدولى بعد أحداث 11 سبتمبر، والتعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية. وبالنسبة لكينيا فقد ترشحت لمجلس الأمن الدولى على أجندة من 10 نقاط تعطى الأولوية للتعددية والسلام والأمن والإغاثة الإنسانية والتنمية المستدامة. ويمكن للنيجر، بناء على رئاستها لمجلس الأمن الدولى فى عام 2020، إعادة تركيز جهودها على العواقب الإنسانية والأمنية للتدهور البيئى، ودور المنظمات الإقليمية فى السلام والأمن، والحوكمة العالمية بعد كوفيد ــ 19.
الرئيس بايدن يعيد ضبط السياسة الأمريكية تجاه إفريقيايُختتم التحليل برأى جود ديفيرمونت، مدير برنامج إفريقيا التابع لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، والذى يقول إن الرئيس المنتخب بايدن أشار إلى أن الديمقراطية والحكم وحقوق الإنسان ستستعيد مكانتها فى إدارته بعد أربع سنوات من الإهمال فى عهد سلفه. وشدد على أهمية التعامل مع المنطقة فى سياقات متعددة الأطراف، وهو ما أكده تعيينه مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة لإفريقيا ليندا توماس جرينفيلد كسفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة.ستسعى الإدارة أيضا لإشراك النظراء الأفارقة والمجتمع المدنى فى قضايا مثل تغير المناخ والآثار الاقتصادية والصحية الناتجة عن للوباء. أخيرا، من المرجح أن يتراجع بايدن عن سياسات ترامب المناهضة للهجرة، والتى أثرت على المهاجرين واللاجئين والطلاب الأفارقة. كما استعرض مستشاره للأمن القومى، جيك سوليفان، نهجا أكثر توازنا تجاه الصين، ووعد بـ«التعايش الواضح بشروط مواتية لمصالح الولايات المتحدة وقيمها». بالإضافة إلى ذلك، يريد فريق الرئيس إعادة التفكير فى المساعدة الأمنية الأمريكية والالتزامات العسكرية فى المنطقة. ومع ذلك، قد تواجه طموحات بايدن عقبات كبيرة، بما فى ذلك الموارد المحدودة، وصغر مدة حكمه، والمقايضات بين أولويات حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب.
إعداد ــ ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى