الاحتجاجات المطالبة برحيل الطبقة السياسية الحاكمة تتصاعد في تونس | صغير الحيدري
تونس – اندلعت احتجاجات جديدة في تونس بالتزامن مع وفاة أحد المحتجين في ولاية (محافظة) القصرين أصيب خلال المظاهرات الأخيرة وسط أزمة سياسية حادة دفعت إليها مناورات حركة النهضة الإسلامية وحلفائها في البرلمان.
وخرج الثلاثاء العشرات من المحتجين من مناطق في العاصمة نحو قصر باردو (مقر البرلمان)، حيث رفعوا شعارات مناوئة للطبقة السياسية الحاكمة ورئيس الحكومة هشام المشيشي وحركة النهضة الإسلامية برئاسة راشد الغنوشي الذي يرأس أيضا البرلمان.
وردّد المتظاهرون خلال المسيرة، التي خرجت من حي التضامن بالعاصمة ووصلت إلى مقر البرلمان، أين اشتبك المحتجون مع قوات الأمن الذين طوقوا البرلمان بإجراءات أمنية غير مسبوقة، العديد من الشعارات بينها “التشغيل استحقاق يا عصابة السرّاق” و”الغنوشي ارحل” و”لا خوف لا رعب.. الشارع ملك الشعب” وغيرها من الشعارات التي تكشف عن تعمق أزمة الثقة بين الطبقة السياسية الحاكمة والشارع التونسي.
وجاءت هذه المظاهرات في أعقاب اندلاع صدامات عنيفة ليلة الاثنين – الثلاثاء بين محتجين وقوات الأمن في مدينة القصرين (وسط غرب) على خلفية وفاة أحد المحتجين الذي شارك في الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها البلاد مؤخرا.
وانتشرت وحدات من الجيش أمام المؤسسات الحكومية في سبيطلة، المدينة الواقعة في ولاية القصرين، منعا لأي محاولة لاقتحامها.
باسل الترجمان: الاحتجاجات تتصاعد لأن هدفها إسقاط الحزام الفاسد للمشيشي
وأفاد شهود عيان بأنّ الاشتباكات اندلعت في الحيّ الذي كان القتيل يقيم فيه وأنّ الشرطة أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
وقال شوقي بن حمودة، مدير المستشفى الجهوي بولاية سوسة (شرق)، إنّ الشاب هيكل الراشدي فارق الحياة في المستشفى عصر الاثنين، من دون أن يحدّد سبب وفاته.
وكانت اشتباكات اندلعت في سبيطلة الأسبوع الماضي إثر ورود شائعات عن وفاة هذا الشاب الذي أكّدت وسائل إعلام محلية وأقارب له أنّه أصيب في 19 يناير الجاري بقنبلة مسيلة للدموع.
ويومها نفت وزارة الداخلية وفاة الشاب، مشيرة إلى أنّها فتحت تحقيقا للكشف عن ملابسات إصابته.
وتعرف تونس احتجاجات متصاعدة منذ منتصف يناير الجاري، حيث خرجت العديد من المظاهرات في مدن تونسية عدة للمطالبة بسياسة اجتماعية أكثر عدلا وبإطلاق سراح المئات من المحتجين الذين اعتقلتهم قوات الأمن بعد الاشتباكات.
وفيما اكتفى المشيشي وحزامه البرلماني والسياسي باتهام المحتجين بالتخريب والسرقة وتعبئة المزيد من القوات الأمنية لمواجهة الاحتجاجات، تحاول أطراف معارضة حشد الشارع للإطاحة بـ”المنظومة السياسية الفاشلة”.
وقال المحلل السياسي باسل الترجمان إن “الاحتجاجات ستتصاعد لأن هدفها إسقاط الحزام الفاسد الذي يسيطر على حكومة المشيشي (..) المشكلة لم تعد بين الأحزاب وأطراف سياسية أخرى لكن بين الشعب التونسي وقوى تحتضن الفساد وتريد شرعنته والمزيد من تمكينه للهيمنة على مقدرات الدولة”.
وأضاف الترجمان في تصريح لـ”العرب”، أن “الشارع التونسي اليوم عبّر عن مطالبَ واضحة رافضة للفساد لأن لدينا حكومة في تونس تضم أربعة وزراء على الأقل تحوم حولهم شبهات فساد (..) ليس من المعقول بعد عشرة أشهر من مواجهة جائحة كورونا وأزمة اقتصادية نجد أن هناك من يريد تعديل الحكومة لكي تكون حكومة محاصصة حزبية لخدمة الفساد”.
ومع احتدام الأزمة السياسية بين الرئاسات الثلاث تنتقد أطراف سياسية استمرار الاحتجاجات الشعبية دون أي شعارات أو مطالب واضحة، ما قد يُفضي إلى الفوضى لاسيما بوجود مؤسسات منتخبة على غرار البرلمان ورئيس الجمهورية.