“الاستراتيجيات”: 39% نصيب أجور العمال من الناتج المحلي الإجمالي
عمان- الغد- أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ملخص سياسات بعنوان “مساهمة الأجور في الناتج المحلي الإجمالي: ما هو المطلوب للتخفيف من آثار جائحة كورونا”، وذلك بهدف تسليط الضوء على حصة أجور العمالة في الاقتصاد الأردني خلال العقد الماضي. كما تناولت الورقة بعض المشاهدات المتعلقة بمساهمة أجور العمالة نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.وأوضح الملخص الصادر عن منتدى الاستراتيجيات الأردني أن نسبة “تعويضات العاملين” في الأردن إلى الناتج المحلي الإجمالي تعكس اتجاهاً تصاعدياً بالمتوسط؛ حيث إن نسبة تعويضات العمالة إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة (2010-2018) ارتفعت بمقدار 4.1 نقطة مئوية (من 34.9 % إلى 39.0 %)، وهو ما يمكن اعتباره مؤشرا إيجابيا وإن كانت النسب متواضعة. مشيراً إلى أنه وبالاستناد إلى تقديرات منظمة العمل الدولية، فإن حصة تعويضات العمالة في الأردن (نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي) تبلغ (36.5 %). وهذه النسبة تعد أعلى مقارنة ببعض الدول العربية مثل قطر والكويت والبحرين والسعودية؛ في حين أن نسبة تعويضات العمالة في الأردن تعد أقل منها في عمان وتونس والمغرب. وفي المقابل، فإن هذه النسبة تعد منخفضة للغاية مقارنة بالعديد من الاقتصادات الأوروبية والإسكندنافية ودول أميركا اللاتينية، وجورجيا والصين واليابان وأستراليا؛ وهو ما يعكس بشكل واضح سياسة الأجور في تلك الدول، وهي دول بالمجمل تتمتع بدرجة عالية من التوازن الاقتصادي والاجتماعي.وبين الملخص أن دخل العمالة (أو نسبة أجور العمالة من الدخل الإجمالي) يمكن تعريفه بأنه الجزء المخصص من إجمالي الناتج الإجمالي لتعويض العمالة نتيجة مساهمتها في العملية الإنتاجية، وذلك من خلال الأجور والرواتب والمزايا والتعويضات. مشيراً إلى أن التوزيع الفعال للدخل يكون عن طريق توزيع الدخل بين حصة أجور العمالة ورأس المال بشكل متكافئ؛ حيث يمكن لتراجع نسبة الأجور من الدخل القومي في ظل تخصيص حصة أكبر للأرباح أن يؤدي إلى اختلالات اقتصادية واجتماعية.وأوضح الملخص أن تداعيات أزمة جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي ما تزال تظهر على السطح بشكل تدريجي، إلا أن بعض سمات التغيير أصبحت واضحة بالفعل، مبيناً أنه وفقاً لتقديرات منظمة العمل الدولية شهد العالم انخفاضا في ساعات العمل بنسبة (6.7 %) خلال الربع الثاني من العام 2020؛ أي ما يعادل 195 مليون عامل بدوام كامل، إضافة إلى انخفاض حاد في مستوى متوسط الأجور (أو معدل نمو الأجور) في ثلثي الدول التي تتوافر عنها بيانات حديثة (التقرير العالمي للأجور 2020-2021).وفي هذا السياق، بين الملخص الآثار المترتبة لتداعيات جائحة كورونا على جانبي العرض والطلب؛ حيث شهد جانب العرض اختلالا واضحاً في إدارة سلسلة التوريد نتيجة لإغلاق المصانع وتراجع واضح في العديد من القطاعات الخدمية؛ كما شهد جانب الطلب انخفاضاً فعلياً في إنفاق المستهلكين، ما أدى إلى تراجع مبيعات الشركات والأعمال بشكل عام.كما بين الملخص أن هذا التوزيع بين حصة العمالة ورأس المال يعد مهماً في قياس الحاجة إلى بناء السياسات التي تعزز من نسبة أجور العمالة المرتبطة بزيادة الإنتاجية، والذي بدوره سينعكس إيجاباً على ارتفاع مستوى الإنفاق المحلي، وهو ما سيؤدي بالنتيجة إلى رفع الطلب المحلي والتوسع في إنتاج وتقديم السلع الخدمات.وفيما يتعلق بالأهمية المترتبة على قياس نصيب أجور وتعويضات العمالة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، بين الملخص أنه عندما تكون حصة أجور العمالة منخفضة، فإن ذلك سيترجم إلى نمو اقتصادي متواضع وسيترتب على ذلك ضعف القدرة على تحسين دخل الأسر والأفراد، كما يمكن أن يؤدي انخفاض أو تدني حصة أجور الأيدي العاملة إلى تراجع إنفاق الأسر واستثمارات القطاع الخاص، ما سيؤدي بالنتيجة إلى تراجع النمو الاقتصادي المحلي.وأشار الملخص إلى وجود علاقة بمرور الوقت بين ارتفاع حصة رأس المال (الأرباح) من الناتج المحلي وارتفاع نسب التفاوت في توزيع الدخل بين أفراد المجتمع؛ حيث يعزز هذا النمط من العلاقات في تركز الثروة في أيدي فئات محدودة من المجتمع.
وفيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية حول حصة تعويضات العمالة، أشار الملخص إلى توقع انخفاض نسبة مساهمة العمالة في الأردن نتيجة لتداعيات جائحة كورونا على قطاع الأعمال وتراجع النشاط الاقتصادي بشكل عام لأسباب عدة ومنها؛ عدم تحسن الأجور ونموها بشكل متناغم مع غلاء المعيشة والتضخم في مرحلة ما بعد جائحة كورونا والذي سيؤدي إلى تراجع حصة تعويضات العمالة من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة.وأوصى المنتدى بضرورة الحفاظ على حصة تعويضات العمالة من الدخل المحلي خاصة في مرحلة ما بعد كورونا، مؤكداً ضرورة أن تكون من ضمن الأولويات، ما يتطلب تعزيز حصة أجور وتعويضات العمالة الذي سينعكس بدوره على تحسين توزيع الدخل؛ كما أوصى المنتدى بضرورة ربط زيادة تعويضات العاملين ومنافعهم بتطور وتحسن إنتاجية العمال، وهو ما يقتضي تحسين التدريب والتأهيل ووضع مؤشرات واضحة لذلك بما يضمن تحقيق التوازن بين أصحاب العمل والعمال.وفي هذا السياق، أكد منتدى الاستراتيجيات الأردني أنه يتوجب على أصحاب القرار وقادة القطاع الخاص عدم ترك أجور الموظفين (والقوى الشرائية) في الأردن وفقاً لضغوطات العرض والطلب في سوق العمل فقط، لا سيما في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها الأردن والعالم أجمع؛ حيث إن أبرز الاختلالات التي يعاني منها الأردن هو تراجع مستويات الإنتاجية وارتفاع العائد على رأس المال مقابل تواضع ذلك العائد على تعويضات العمال.
مقالات ذات صلة