التحقيق مع رئيس اتحاد الفلاحين فصل جديد من محاربة الاحتكار في تونس | خالد هدوي
تونس – دشّنت السلطات التونسية مرحلة جديدة في مواجهة مظاهر الاحتكار والمضاربة، بعد حزمة من المواقف والتصريحات المحذرة من استهداف قوت التونسيين وتهديد معيشتهم، حيث فتح القضاء تحقيقا ضد رئيس اتحاد الفلاحين بتهم الخيانة والاستيلاء على أموال عمومية والاحتكار.
وأكد الحبيب الترخاني المتحدث باسم محكمة الاستئناف أن الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس أذن لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس بفتح تحقيق ضد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري عبدالمجيد الزار وكل من سيكشف عنه البحث من أجل جرائم الاحتكار والخيانة الموصوفة والاستيلاء على أموال عمومية.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن الترخاني قوله إنّ هذا الإجراء جاء “إثر الإذن الصادر عن وزيرة العدل بتاريخ الثامن والعشرين من يناير الجاري طبقا لأحكام الفصل 23 من مجلة الإجراءات الجزائية”.
ويتواصل غياب بعض المواد الاستهلاكية الأساسية في الأسواق التونسية، على غرار الزيت النباتي والسكر، وهو ما يثير جملة من التساؤلات لدى المواطنين بشأن جدية السلطات في محاربة الاحتكار ومراقبة مسالك التوزيع.
عمار ضيّة: يجب مواجهة الحيتان الكبيرة والمتسبب الأول في التهريب والاحتكار
وثمّن مراقبون هذه الخطوة، من أجل الدفاع عن القدرة الشرائية للتونسيين، بعدما أصبح الاحتكار ممارسة يومية، ودعوا إلى ضرورة محاسبة المتسببين (الوسائط) في قطع قوت التونسيين.
وأفاد عمار ضيّة رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك “في الفترة الأخيرة أشرنا إلى أن التصريحات لا تكفي لمحاربة الاحتكار وارتفاع الأسعار، وانتقدنا الطرق التي تستخدمها الإدارة، وقلنا ‘تحمّلوا مسؤولياتكم’”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “شرعنا في إعداد تصورات للبحث عن طرق بديلة، وطالبنا بأن تعمل الإدارة على تفعيل القوانين بصرامة”، لافتا “التحقيق مع رئيس اتحاد الفلاحين خطوة أكثر جدية في محاربة الاحتكار، ولن نسكت مستقبلا على هذه الممارسات ويمكن أن نرفع قضايا”.
وتابع “الآن أصبح جليا للعيان أن هناك وسائط بين المنتج والمستهلك، ولا بد من مراجعة مسالك التوزيع حتى نقضي على هذه الممارسات، ومن الضروري مواجهة الحيتان الكبيرة والمتسبب الأول في التهريب والاحتكار”.
واعتبرت شخصيات سياسية أن مواجهة الاحتكار هي خطوة أولية تندرج ضمن سياسة الرئيس قيس سعيد في الحرب الشاملة على الفساد.
ووصف المحلل السياسي نبيل الرابحي هذه الخطوة بـ”الإيجابية”، قائلا “تندرج ضمن سياسة الرئيس سعيد في محاربة الاحتكار والمضاربة، حيث سبق وأن تحول سعيد إلى عدة مخازن وتم إيقاف نشاطها وفتح ملفات في الغرض”.
وأضاف لـ”العرب” “أعتقد أن هذه خطوة أولية وستكون هناك عقوبات على المضاربين”، لافتا “الزار هو من منظومة حركة النهضة، ومن المقربين من الغنوشي، وكانت ستقترحه الحركة لخلافة هشام المشيشي في رئاسة الحكومة لو لا قرارات الرئيس في الخامس والعشرين من يوليو الماضي”.
وتابع “التحقيق مع رئيس اتحاد الفلاحين يندرج في إطار الحرب على الفساد المالي والسياسي والحرب على المحتكرين، واليوم نلاحظ ارتفاعا مشطّا للأسعار وعدم توفر المواد الاستهلاكية الأساسية بسبب الاحتكار”.
نبيل الرابحي: التحقيق مع عبدالمجيد الزار خطوة في الحرب على الفساد
وأردف الرابحي “تحميل المسؤولية لاتحاد الفلاحين لأنه يوفر أهم المواد الاستهلاكية التي أثرت في القدرة الشرائية للمواطن (الخضر والغلال واللحوم)، وهناك حلقات أخرى قد تكشف عنها التحقيقات”.
وسبق أن أقرت أوساط تونسية بوجود أطراف سياسية تدفع نحو الضغط على الرئيس سعيد وإحراجه أمام المواطنين عبر الترفيع في أسعار المواد الأساسية والاستهلاكية ومواصلة احتكار السلع.
وتواترت الدعوات في تونس إلى ضرورة التصدي لكل التجاوزات المتعلقة بعمليات الاحتكار والمضاربة بهدف حماية قوت المواطنين، فضلا عن إيجاد إطار قانوني لمسالك التوزيع.
وفي وقت سابق حذر الرئيس سعيد من التخفي وراء جهات معينة للمزيد من تأزيم الأوضاع الاجتماعية في البلاد، مؤكدا على “ضرورة التصدي لكل مظاهر الاحتكار والمضاربة وإيجاد إطار قانوني لمسالك التوزيع، خاصة بعد أن تعمد البعض في الفترة الأخيرة تخزين مواد غذائية وأخرى ذات علاقة بقطاعات البناء والصحة وغيرها من المجالات”.
وشدد سعيد على أن “الجميع سواسية أمام القانون”، مشيرا إلى أن “كل من يعتقد أن بإمكانه التخفي وراء جهة معينة سيتحمل المسؤولية مع الجهة التي تتستر عليه بل وتعمل كذلك على زيادة التوتر في الأوضاع الاجتماعية والتنكيل بالمواطنين في حياتهم اليومية”.
كما أعرب عن “ثقته في قدرة بلاده على تجاوز الأزمة التي تمر بها وإيجاد التوازنات المالية المنشودة بفضل العمل الدؤوب وتشريك كل المواطنين والمواطنات داخل تونس وخارجها”.
ويرى خبراء الاقتصاد أن الوسطاء هم من ساهموا في تزايد الاحتكار والمضاربة، وأن كل المواد التي يتم تسعيرها تفقد آليا من السوق وتباع في مسالك غير قانونية.
#التحقيق #مع #رئيس #اتحاد #الفلاحين #فصل #جديد #من #محاربة #الاحتكار #في #تونس #خالد #هدوي
تابعوا Tunisactus على Google News