- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

التشكيلي انعيم يوظف الفن الرقمي بلوحات “في انتظار فرس الغياب”

معتصم الرقاد – افتتح معرض الفنان غازي انعيم “في انتظار فرس الغياب”، في جاليري رؤى 32 للفنون مؤخرا، ويستمر حتى 1 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

وقد اعتمد الفنان انعيم، في معرضه، على تقنية الجرافيك/ الفن الرقمي (الديجيتال)، وهو مصطلح واسع يشمل الأعمال والممارسات الفنية عن طريق استخدام التكنولوجيا الرقمية بطرق محترفة، وجعلها من خلال استخدام الفأرة عنصرا مهما لبلورة مفهوم الإبداع، وتكمن أهمية هذه التقنية بسهولة انتشارها ووصولها للناس بأسعار غير مبالغ فيها، ويضاف إلى ذلك أن الفن الرقمي يقدم قيما جمالية لا تتأتى من الفنون الأخرى، وهو فن يرضي الجمهور لأن اللوحة التي ينتهي الفنان من عملها وطباعتها بنسخ محدودة وموقعة هي لوحة أصلية، ويأتي ترقيمها لحفظ حقوق المقتنين.

ويعد معرض الفنان انعيم، المنفذ بتقنية الفن الرقمي، الأول من نوعه لفنان سواء في الأردن أو الوطن العربي، لا سيما أن هذه التقنية الرقمية تقوم على التمازج بين الإبداع الفني والإبداع العلمي، وتلعب فيها خبرة الفنان الدور المهم في استخدام الفأرة في الرسم كأداة فنية لإيصال رسالته وأسلوبه بلغة الحس والإبداع.

تجربة الفنان انعيم تمثل تجليات تعبيرية ممسوقة على حافة التجريد. تغوص في العمق، والذات الإنسانية، وما يعتريها من مشاعر صراع وأحلام وآمال وأفراح، وهي تأخذ المشاهد على ظهر الفرس مع بقية عناصر العمل الفني في جولة ممتعة لفك شيفرة اللوحة التي تحمل أكثر من مضمون، ولعل ما يميز هذه التجربة أنها اعتمدت على جمال ونقاء الطبيعة، وعلى الذاكرة الشعبية الجمعية، وعلى التراث الذي قام بتوظيفه توظيفاً معاصراً من خلال الرموز والدلالات مثل (الحصان والديك والحمامة والكف والزخارف والقط والأزياء التراثية وغيرها).

وقد احتفى مجموعة من النقاد العرب في هذه التجربة؛ حيث وصفها الفنان والناقد الأردني محمد العامري، قائلا “ورغم تغير الوسيط الفني ظلت لوحة انعيم متمسكة بصفاته الجمالية وطبائع التكوين والعناصر المستخدمة في اللوحة كالحصان والطائر والمطرزات الفلسطينية والبيوت والحقول والمرأة والرجل، تلك العناصر هي السيرة “السرد بصرية” لأعمال انعيم التي شكلت حضورها على المستويين المحلي والدولي، فالهم التراثي إحدى حالات الذات التي تهيم داخل المنظومات الرمزية الموروثة التي تشكل سلطة قوية تم توظيفها بتنويعات مدروسة وفاعلة في المخيال الجماعي”.

ويشير الناقد السوري ورئيس تحرير مجلة الحياة التشكيلية سعد القاسم، إلى أن التقنية ليست عند غازي انعيم غاية، وإنما وسيلة لإنجاز عمل فني بتأثيرات بصرية يريدها بذاتها، وإذ ينحو في المرحلة الحالية من تجربته نحو مزيد من التجريد، فإنه في الآن ذاته لا يتخلى عن الجذور الواقعية لأشكاله، ولا عن الرموز البصرية أصيلة الحضور على امتداد تجربته، هنا يدع المشاهد أمام فرصة اكتشاف جذور هذه الرموز بدلالاتها، وإدراك تحولاتها الشكلية، محاطة بعالم من الألوان المتناغمة المبهجة الأنيقة، مستمدة من شمس فلسطين الساطعة، وغنى وصراحة ما تغمره، التي هي في الجانب الرمزي: “الضوء- الأمل الذي لن يغيب مهما طال الظلام..”.

ويؤكد الفنان والناقد المغربي بنيونس عميروش، أنه لا يمكن فصل الأعمال عن “الذاكرة”، بوصفها منبع الحوافز والانفعالات وصور الانتماء؛ صور البيئة الأردنية حيث يعيش، وصور مسقط الرأس ومدينة القدس الشريف، المتوجة بالأصول. ولذلك، يختار الفنان العلامات والتكوينات الأيقونية بالعناية التي تسمح له بالتجذر عميقا في تربتها، ومن خلالها يعمل على ترتيب قاموسه الشكلي الدال الذي لا يتخلف في تشييد معماري مزدان بتزاويقه وعاداته وشخوصه (نساء ورجال وأطفال)، فيما يسير في شحذ عوالمه البنائية ضمن معادلة تؤلف بين حساب العقل وميزان الوجدان؛ ففي الوقت الذي قرر فيه توليف الواجهات السكنية بالمسطحات، أوجد لهذا التركيب الثنائي الأبعاد العمق والمسافة عبر تراكب المساحات (الواجهات: كبير/ صغير، قريب/ بعيد) للتدليل البصري على البعد الثالث، بينما الأضواء والظلال تكمن في تنقية العواطف الكروماتيكية واللعب على درجات صفائها وإشراقها، المتناغمة مع المربعات والمستطيلات الصغيرة (النوافذ والمداخل). كل هذه الهياكل الهندسية وجزئياتها تدخل في محاورة بديعة مع باقي علامات النسيج الحضري (المساجد، المآذن، الكنائس، القباب، الأقواس…) والزخارف والعناصر الطبيعية الأخرى (الأشجار، الزهور، الطيور، الخيول، الشمس، القمر…)، ضمن عملية إحياء وإعمار المدائن التي تترجم روح صانعها بجلاء.

ووصفت الفنانة والناقدة التشكيلية المصرية ورئيسة تحرير سلسلة “آفاق الفن التشكيلي” الدكتورة أمل نصر، تجربة انعيم الجديدة بأن كل لوحة وطن، تحتشد صاخبة محتدة ثم ما تلبث أن تستقر بخلفية هادئة ساكنة أو نافذة مفتوحة لفضاء غير محدد، اللوحة مركبة بترتيب متتال: الأشكال المتصدعة ثم المدينة القديمة ثم النافذة يتوسطها القمر أو قرص الشمس في طريقه للشروق، حلم العودة يتراجع لخلفية اللوحة ويستقر فيها كما يستقر في الوعي الذي لا ينسى.

المكان عنده محشود بالحياة: أناشيد الأرض التي أطلقها، وفتياته عازفات الناي، وأمهاته المكلومات، أمسيات الونس، وديوك الفجر الصداحة، ومآذن المساجد، وأحصنة جامحة، حمائم وطيور وحيوانات الحقول وسيدات يرتدين الزي التقليدي ويمارسن مهامهن اليومية.

وما يلفت الفنانة والناقدة التشكيلية اللبنانية الدكتورة رويدا الرافعي في لوحات الفنان انعيم الأخيرة “النقلة النوعية التي تميزت بها تلك اللوحات؛ حيث قدم لنا أسلوبا حديثا من التعبير بعيدا عن الصيغة التقليدية، وضمن علاقة درامية تجمع بين التعبيرية في المفردات التشكيلية، والتجريدية في المساحات اللونية والمعالجة التشكيلية، إلى جانب الرمزية التي تصل إلى مزيد من البحث الروحي للفنان، والتي ظلت حاضرة في مجمل مراحله الفنية.

لوحاته تتميز بلغة عميقة الطرح، وفكرة جمالية ابتكارية تخوض تصورات مبنية على حالات حسية وفكرية، وانطباعات واقعية أحيانًا لها مستوياتها في خلق مفاهيمها التوضيحية. كما تتميز بالخصوصية والفرادة التعبيرية التصويرية لمكنونات الفنان الداخلية، في جمالية مختزلة ومحددة السمات، في عالم مليء بالأحجية والأسرار! فلكل لوحة من لوحاته قصة وقضية، ولكل حكاية من حكايات لوحاته ماضٍ وحاضرٍ ومستقبل. يتجلى المكان بطلا حقيقيا في مجمل أعماله الأخيرة التي تعكس حالة فكرية وتقنية متقدمة للفنان في التعبير تشكيليا عن رؤيته الإنسانية تجاه العلاقة بين (الإنسان) و(المكان)، مجسدًا مشاعر الإنسان في علاقته بالمحيط، والمكان في تعبيره ليس فقط كحالة وجودية إنسانية، بل في تأكيده هوية المكان وقدسيته، وأهمية السلام كحالة داخلية للإنسان”.

ويذكر أن الفنان غازي انعيم من مواليد مدينة صوريف الفلسطينية العام 1960، ودرس (الجرافيك) في كلية الفنون الجميلة بدمشق العام 1985، رأس رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين من العام 2008-2016، عضو رابطة الكتاب الأردنيين، وعضو هيئة تحرير مجلة “أوراق” الصادرة عن الرابطة، أسس ورأس تحرير مجلة التشكيلي العربي، كما أسس ورأس تحرير مجلة “براعم الوطن العربي”، نائب رئيس اتحاد التشكيليين العرب، عمل محاضرا غير متفرغ في كلية الفنون والتصميم في الجامعة الأردنية، يكتب في العديد من الصحف والمجلات المحلية والعربية، صدر له العديد من المؤلفات النقدية، أقام العديد من المعارض التشكيلية في دمشق، عمان وبرلين.

اقرأ أيضاً:

وادي فينان للفنون يزهو بلوحات رقمية

- الإعلانات -

#التشكيلي #انعيم #يوظف #الفن #الرقمي #بلوحات #في #انتظار #فرس #الغياب

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد