الجنيه الاسترليني يتهاوى مع تزايد الغموض الاقتصادي في بريطانيا – BBC News عربي
- نور نانجي
- مراسلة شؤون الأعمال – بي بي سي
انخفض سعر صرف الجنيه الاسترليني في مقابل الدولار الجمعة مع صدور أرقام جديدة ترسم صورة قاتمة للاقتصاد البريطاني.
فقد انخفض الجنيه الاسترليني إلى مستوى 1.11 دولاراً، بعد أن انتعش أمس الخميس مع استقالة رئيسة الوزراء ليز تراس.
وجاء هذا التراجع في وقت أظهرت فيه الأرقام الرسمية أن الاقتراض الحكومي ارتفع في سبتمبر/ أيلول الماضي إلى ثاني أعلى مستوى له على الإطلاق.
وفي هذه الأثناء، فإن نشاط التسوق لدى الأشخاص تراجع عما كان عليه قبل جائحة كورونا، وفقا لأرقام من مكتب الإحصاءات الوطني.
وأظهرت الأرقام الرسمية أن مبيعات التجزئة انخفضت بمعدل أكثر من المتوقع الشهر الماضي، حيث انخفضت بمعدل 1.4 في المئة ولا تزال تواصل انخفاضها منذ أغسطس/ آب.
ويأتي التراجع الأخير في قيمة الجنيه الاسترليني بعد فترة من التقلب في التعاملات التجارية للعملة.
فقد هبط إلى مستوى قياسي مقابل الدولار الشهر الماضي، بينما ارتفعت تكاليف الاقتراض الحكومي بشكل حاد في أعقاب الإعلان عن الموازنة المصغرة. وقد أصيب المستثمرون بالفزع بعد أن وعدت الحكومة بتخفيضات ضريبية كبيرة دون أن تقول كيف ستدفع تكاليف هذه التخفيضات.
وقالت جين فولي، وهي محللة استراتيجية للعملات في شركة “رابوبانك”، إن حالة الغموض السياسي والاقتصادي بالإضافة إلى البيانات الاقتصادية السلبية هي المسؤولة عن انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني الجمعة.
وأضافت “بينما انتعش الجنيه أمس لدى استقالة تراس، أعتقد أن المستثمرين أدركوا اليوم أنه لا توجد ضمانة بأننا سنحصل على نتيجة مواتية للأسواق من السباق على قيادة حزب المحافظين”.
ومن المقرر أن يعلن وزير المالية، جريمي هانت، خططاً للإنفاق والضرائب في 31 أكتوبر/ تشرين الأول ضمن خطته الاقتصادية، التي أكدت الوزارة إنها ستمضي قدماً، على الرغم من وجود تقارير تقول إنها قد تُؤجل بسبب السباق على قيادة حزب المحافظين.
وقالت فولي إن حالة الغموض هذه تُلقي بثقلها هي الأخرى على الجنيه.
وأضافت “كلما طالت فترة الغموض، كان ذلك أسوأ على الأسواق”.
لماذا يُعتبر انخفاض الجنيه الاسترليني مهماً؟
إن انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني يزيد من أسعار السلع والخدمات المستوردة من الخارج إلى داخل المملكة المتحدة- وذلك لأنه عندما يكون الجنيه ضعيفاً في مقابل الدولار أو اليورو، على سبيل المثال، فإن الشركات في المملكة المتحدة ستتكبد تكاليف أكبر لشراء أشياء مثل الغذاء والمواد الخام أو قطع الغيار من خارج البلاد.
كما أن ضعف الجنيه سيرفع من التكاليف المتزايدة أيضاً إذا اختارت الشركات تحميل الأسعار المرتفعة على الزبائن. وبالنسبة للأشخاص الذين يخططون لقضاء إجازة في الخارج، فإن التغيرات في قيمة الجنيه ستؤثر على اختيارهم للمكان الذي سيقضون فيه الإجازة بالنظر إلى قيمة ما يحملونه من أموال بالجنيه الاسترليني.
تراجع الشراء لدى المتسوقين
وقال دارين مورغان، من مكتب الإحصاءات الوطني، الذي نشر الأرقام الأخيرة، إن “المستهلكين يقبلون على الشراء الآن بدرجة أقل مما كانت عليه قبل جائحة كورونا”.
وأضاف قائلا: “أبلغنا تجار التجزئة بأن الانخفاض في سبتمبر/ أيلول كان عائدا في جانب منه إلى أن الكثير من المحلات أقفلت في جنازة الملكة، ولكنه كان عائدا أيضاً إلى الضغوط السعرية المتواصلة التي قادت المستهلكين إلى اتخاذ جانب الحذر فيما يتعلق بالانفاق”.
وتواصل أزمة تكاليف المعيشة ضغطها على ميزانيات الأسر، مع ارتفاع الأسعار بوتيرة أسرع من ارتفاع متوسط الأجور.
وارتفع التضخم- وهو المعدل الذي ترتفع به الأسعار في المملكة المتحدة- ليصل إلى 10.1 في المئة الشهر الماضي ومن المتوقع أن يرتفع أكثر.
وقال مورغان، وهو مدير الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطني، إن جميع أنواع المحلات التجارية شهدت تراجعا في المبيعات وبخاصة المحلات التي تبيع المواد الغذائية حيث كانت الأكثر تضررا.
فواتير الطاقة
تقترض المملكة المتحدة مليارات الجنيهات الاسترلينية من أجل الحد من الارتفاعات في فواتير الطاقة على المنازل والشركات.
وقال مكتب الإحصاءات الوطني إن الاقتراض- الذي يُلجأ إليه لسد الفجوة بين الانفاق والدخل من الضرائب- بلغ 20 مليار جنيه الشهر الماضي، بارتفاع مقادره 2.2 مليار جنيه عن السنة السابقة.
وقال المكتب إن هذا ثاني أعلى اقتراض في شهر سبتمبر/ ايلول منذ بدأت سجلات الاقتراض للأشهر في العام 1993.
وقال المكتب إن مبلغ الاقتراض يعتبر أقل من نظيره في سبتمبر/ أيلول 2020، في ذروة جائحة كورونا، عندما كانت الحكومة تقترض من أجل تمويل خطط مثل الإجازات المدفوعة التي منحت للعاملين في القطاعات المختلفة خلال الإغلاق.
توقعات بارتفاع الاقتراض
لكن خبراء الاقتصاد يحذرون من أن الاقتراض الحكومي من المتوقع أن يرتفع أكثر خلال الأشهر القادمة.
ويقدم “مكتب مسؤولية الموازنة”، وهي هيئة مهنية مستقلة، تنبؤات مستقلة حول تأثير القرارات الحكومية حول أمور مثل الضرائب والانفاق على الاقتراض والنمو.
ومن المقرر أن يصدر تنبؤه الأخير في 31 أكتوبر/ تشرؤين الأول وهو الموعد الذي سيقدم فيه وزير المالية خطته الاقتصادية التي تذكر تفاصيل خططه للانفاق.
وقال كارل إميرسون، نائب مدير معهد الدراسات المالية البحثي، إن الاقتراض الحكومي للنصف الأول من العام كان حتى الآن كالمتوقع تقريبا، لكنه حذر من أنه من المرجح أن يرتفع أكثر بكثير.
وقال: “لكن هذا يعد مؤشرا ضئيلا على مقدار الاقتراض خلال السنة المالية بأكملها، حيث أن التكلفة الهائلة للدعم الحكومي لاستهلاك المنازل والشركات من الطاقة قد بدأت فعليا هذا الشهر”.
ويتوقع معهد الدراسات المالية أن الاقتراض هذا العام قد يصل إلى حوالى 200 مليار جنيه استرليني، “بزيادة حوالى 100 مليار جنيه عن توقعات مكتب مسؤولية الموازنة”، كما أضاف إميرسون.
وحذر ميشال ستيلماخ، وهو كبير المحللين الاقتصاديين في فرع شركة “كي بي أم جي” في المملكة المتحدة، من أن الاقتراض الحكومي لا يتوقع له “إلا أن يزداد سوءً من أكتوير/ تشرين الأول فصاعدا”.
وقال إن هذا عائد إلى ضمانات الحكومة لسعر الطاقة للمنازل والشركات، إضافة إلى القسط الثاني من المساعدة في تكاليف المعيشة والدعم المقدم للمتقاعدين”.
وقال وزير المالية جيريمي هانت: “من أجل ترسيخ استقرار الأسواق، كنت واضحا بالقول إن حماية الموارد المالية العامة تعني أن هناك قرارات صعبة في انتظارنا”.
وأضاف: “سنفعل كل ما يلزم لخفض الدين على المدى المتوسط ولضمان الانفاق الجيد لأموال دافعي الضرائب، من خلال وضع الموارد المالية العامة على طريق مستدام بينما نعمل على تنمية الاقتصاد”.
#الجنيه #الاسترليني #يتهاوى #مع #تزايد #الغموض #الاقتصادي #في #بريطانيا #BBC #News #عربي
تابعوا Tunisactus على Google News