الحشد الشعبي في تونس: محاكاة لتنظيم مسلح بالعراق أم خيار للتجرّد من الأحزاب؟
بسام حمدي-
ردود أفعال متباينة أثارها الإعلان عن تأسيس “الحشد الشعبي في تونس” وتوجسات كثيرة تلف طبيعة هذا التنظيم ومدى تقاربه مع توجهات مثيله في العراق، نظرا لتتطابق الأسماء وتشابه الشعارات والألوان.
ويُقدم مؤسسو “الحشد الشعبي في تونس” في البيان التأسيسي أن هذا التنظيم حراكا مدنيا بديل عن الأحزاب السياسية ونقيض لها وهدفه القيام بحشد شعبي لا يحتكم إلى ايديولوجيا ولا قوى من وراء البحار ولا فكر رجعي.
ويشغل المترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2019، منصف الوحيشي، خطة الناطق الرسمي باسم “الحشد الشعبي” فيما عين أنيس قعيدان رئيسا لمجلس القيادة صلبه.
وما أثار الجدل بعد تأسيس هذا التنظيم هي تشابه تسميته مع تسمية الحشد الشعبي في العراق وكذلك اعتماد نفس الألوان في الشعار الذي تم اختياره رمزا لهذا التنظيم.
والحشد الشعبي في العراق هو تنظيم تأسس في جويلية 2014 بعد سيطرة تنظيم “داعش” على مدينة الموصل بشمال العراق، ولعب دورا في مساعدة القوات العراقية النظامية في عمليات دحر “داعش” الارهابي.
قوات الحشد الشعبي في العراق
وفي سنة 2016، أصدر البرلمان العراقي قانونًا جديدًا يقنن وضع قوات “الحشد الشعبي”، التي تمثل الفصيل غير النظامي الأبرز في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وهو ما أثار جدلا واسعا بشأن وضع هذه القوات تحديدًا ضمن القوات المسلحة في العراق، خاصة أنها اتهمت في مرات عدة بارتكاب انتهاكات ذات صبغة طائفية.
وبموجب القانون الجديد، تعد “فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي كيانات قانونية تتمتع بالحقوق وتلتزم بالواجبات باعتبارها قوة رديفة وساندة للقوات الأمنية العراقية ولها الحق في الحفاظ على هويتها وخصوصيتها ما دام لا يشكل ذلك تهديداً للأمن الوطني العراقي”.
وعبرت بعض الأطراف السياسية والحقوقية عن مخاوفها من تحوّله إلى تنظيم مسلح على شاكلة الحشد العراقي، سيما وأن المتحدث الرسمي باسمه عرف بدعمه للرئيس الليبي السابق معمر القذافي وللفكر الجماهيري.
واعتبر الناشط السياسي، نور الدين الغيلوفي،”إن الأمر بات مخيفا والبلاد صارت مهدَّدة بتشكيلات مدعَّمة قد تستدعي تشكيلات مضادة تهدد أمنها”.
ودوّن الغيلوفي على صفحته بموقع الفايسبوك”الحشد الشعبي العراقي تشكيل مسلّح فهل ننتظر من النسخة التونسية أن تكون كيانا مسلحا موازيا لمؤسسات الدولة الصلبة؟ ومن هي الجهة التي ستمدّه بالسلاح وتدفع رواتب منتسبيه؟”.
من جانبه، اعتبر القيادي بحركة النهضة المفكر أبو يعرب المرزوقي، في تصريح لموقع “سبوتنيك”، أن تشكيل الحشد الشعبي التونسي يمثل “خطرا داهما يهدد أمن واستقرار ووحدة التونسيين”، وأن أي تأخير في مواجهته لا يمكن تداركه.
وقال “إن الحشد الشعبي مشروع لا يكتفي بضرب الأحزاب والمنظمات المدنية بل هو يضرب أداتي الحماية في كل دولة لإفقادها شروط السيادة الداخلية والخارجية”.
في المقابل، شدد الناطق الرسمي باسم الحشد العبي، منصف الوحيشي، في تصريحات إعلامية عديدة على أن الحشد لا يتقارب مع الحشد الشعبي في العراق أو إيران.
وأكد الوحيشي أن “اختيار التسمية هدفه الابتعاد عن كلمتي الحزب والحركة، التي ملّ منهما الشعب التونسي بعد أن فقدت الأحزاب مصداقيتها بسبب المآسي التي سببتها الأحزاب الحاكمة طوال السنوات الأخيرة على الجميع”، وفق قوله.
ودعا الحشد الشعبي في بيان له إلى “الكف عن الترويج لفتنة طائفية غير موجودة في تونس”.
وفيما يخص الشأن العام وتطورات المشهد السياسي، أعلن الحشد الشعبي دعمه للقرارات التي أعلنها رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 25 جويلية 2021 كما يعلن معاداته لمنظومة الأحزاب واعتراضه على ما يسمى بمشروع “الربيع العربي”.
#الحشد #الشعبي #في #تونس #محاكاة #لتنظيم #مسلح #بالعراق #أم #خيار #للتجرد #من #الأحزاب
تابعوا Tunisactus على Google News