الحكومة التونسية.. إقالة وزير الداخلية تفتح باب التساؤلات
وقال نواب في البرلمان ومتابعون للشأن السياسي في البلاد: “مقبلون قريبا على تحوير وزاري وليس فقط سد شغور في الوزارات الثلاث”، وهو تحوير يحول حكومة المشيشي من حكومة كفاءات مستقلة إلى حكومة متحزبة. ومنذ أوائل شهر أكتوبر الماضي، تمت إقالة وزير الثقافة وليد الزيدي من منصبه بعد رفضه وقف الأنشطة الفنية والثقافية ضمن خطة حكومية لمواجهة تفشي فيروس كورونا وتكليف وزير السياحة حبيب عمار بتسيير وزارة الثقافة بالنيابة. كما تم خلال شهر نوفمبر إعفاء وزير البيئة والشؤون المحلية مصطفى العروي من مهامه، وذلك على خلفية تحقيق قضائي بشأن استيراد نحو 280 حاوية نفايات من إيطاليا لا تتطابق مع المعايير البيئية، وتكليف وزير التجهيز والإسكان والبنية التحتية كمال الدوخ بالإشراف على وزارة الشؤون المحلية والبيئة بالنيابة. من جانبه، أوضح النائب عن التيار الديمقراطي هشام العجبوني أن “التحوير الوزاري كان تحدث عنه رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي منذ يوم جلسة منح الثقة لحكومة هشام المشيشي بتاريخ الأول من سبتمبر الماضي والذي كان شرطا لمنح أصوات نوابه للحكومة”. وصرح نبيل القروي حينها أنه تم الاتفاق مع رئيس الحكومة هشام المشيشي على إجراء تغيير في 7 حقائب وزارية لم يكن حزب قلب تونس راضيا عنها وأولهم وزير الداخلية. ويفيد مراقبون أن وزير الداخلية المقال توفيق شرف الدين كان أحد المقربين من الرئيس قيس سعيّد وأنه كان نقطة تجاذب وخلاف بين قصر الحكومة بالقصبة وقصر قرطاج. وأضاف النائب عن الكتلة الديمقراطية هشام العجبوني لـ”سكاي نيوز عربية” أن إقالة وزير الداخلية لم تكن بسبب تسميات أقرها في عدد من الخطط الأمنية كما راج في الأوساط السياسية فتلك من صلاحياته وكان يمكن إلغاؤها بكل بساطة، لكن المسألة أعمق بكثير وفق قوله: “كنّا نتوقع ذلك ونعلم جيدا أنهم يبحثون عن تعلة لإقالة وزير الداخلية لأنه كان “غير مضمون” بمنطق حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي وهي التي لم تتوقف عن محاولات اختراق وزارة الداخلية والسيطرة عليها”. واعتبر النائب هشام العجبوني أن تصريح رئيس الحكومة هشام المشيشي خطير جدا في علاقة بأسباب الإقالة وأنها تأتي لحماية المؤسسة الأمنية من إرباك عملها وإمكانية اختراقها والحفاظ على تماسك البناء الأمني. ودعا رئيس الحكومة إلى التوضيح بأكثر دقة “أما إذا صحّ أن وزير الداخلية حاول اختراق المؤسسة الأمنية فعليه رفع قضية ضده، ولكن في الحقيقة الإقالة تمت في إطار اتفاق مع جزء من الحزام السياسي للحكومة وهو حركة النهضة وحزب قلب تونس وائتلاف الكرامة”. وتعليقا على تولي المشيشي الإشراف على تسيير وزارة الداخلية بالنيابة إلى حين تكليف وزير جديد قال العجبوني: “من غير الطبيعي أن يشغل رئيس الحكومة في نفس الوقت منصب وزير الداخلية، هذا الأمر لم يحدث إلا مع زين العابدين بن علي عندما جمع بين منصبه كوزير أول ووزير داخلية”.يذكر أن هشام المشيشي شغل المنصب ذاته في الحكومة السابقة برئاسة إلياس الفخفاخ، فيما أكد النائب هشام العجبوني على ضرورة الإسراع لسد الشغور في أقرب وقت في الوزارات الثلاث. في المقابل، دافع النائب عن حركة مشروع تونس ورئيس كتلة الإصلاح حسونة الناصفي عن قرار رئيس الحكومة إعفاء وزير الداخلية من مهامه قائلا: “وفق المعطيات التي قدمها رئيس الحكومة. أعتقد أنه قرار في محله، فالدولة تحكمها قوانين ولابد من احترام تسلل الهرم الإداري في السلطة التنفيذية”. وأضاف “ما قام به وزير الداخلية المقال من تعينات بحجم كبير في مواقع أمنية حسّاسة من شأنه أن يدخل إرباكا على العمل الأمني”. وعلّق النائب في إشارة إلى ما يتداوله عدد من الفاعلين السياسيين من أنها مسألة صراع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة “أن نص الدستور واضح ويضبط صلاحيات رئيس الحكومة بدقة وأهمها إعفاء الوزراء أو تغييرهم فهو اختصاص حصري لرئيس الحكومة”. وأضاف حسونة الناصفي لـ”سكاي نيوز عربية” أنه مر على عمل الحكومة 4 أشهر ومن حق رئيس الحكومة إجراء تقييم لأداء فريقه الحكومي وبإمكانه إدخال تحويرا على تركيبتها. وأعرب النائب عن تمسك كتلته بالحفاظ على التركيبة الحكومية وبأنها تضم كفاءات مستقلة، قائلا: “نحن لا نرى داع اليوم لتغيير شكل الحكومة لتتحول من مستقلة إلى حكومة تضم عناصر ينتمون إلى أحزاب سياسية مما قد يجرنا إلى منطق المزايدات السياسية ولا يساعد على حل الأزمة”. كما بين الناصفي في خصوص مدى تأثير إقالة وزير الداخلية في توقيت حرج تعيشه البلاد ما يلي: “تونس تفرض إحكام حالة طوارئ منذ 10 سنوات وأعتقد أن لا وجود لتوقيت مناسب وآخر غير مناسب، هي قرارات تفرضها حيثيات مرتبطة بالموضوع، وأعتقد أن رئيس الحكومة تعامل مع الموقف بكل مسؤولية”. من جانبه، أكد الصحفي المختص في الشأن البرلماني سرحان الشيخاوي “أن تونس مقدمة خلال الأسابيع القليلة المقبلة على تحوير وزاري معمّق ولن يكون مجرد سد شغور في ثلاث وزارات وهي الداخلية والبيئة والثقافة”. وشرح كيف أنه سيكون في الظاهر تقييما لأداء الوزراء، ولكن في الحقيقة سيكون من ناحية أولى فرصة لرئيس الحكومة لمحاولة إرضاء الائتلاف السياسي الذي دعمه ومنحه الثقة، ومن ناحية ثانية هي فرصة لإخراج وزراء لهم علاقة مباشرة بقصر قرطاج ويُعرف أن ولائهم للرئيس قيس سعيّد وكان هشام المشيشي واجه صعوبات في التعامل معهم في المجالس الوزارية ويختلف معهم حول طرق تسيير الوزارات. ورجّح سرحان الشيخاوي أنه سيكون تحويرا يمكن أن يمتد لستة أو سبعة حقائب وزارية مما سيضفي ملامح جديدة على التشكيلة الحكومية.
المصدر