الخبر-الموجة الخامسة تزحف في صمت
عاد “كوفيد-19” لينتشر في صمت وينذر بحلول موجة خامسة خلال أيام وأسابيع، فيما لم يواكب المواطنون وتيرة الإصابات المتصاعدة، حيث لم يعودوا لاعتماد الإجراءات الوقائية كارتداء الكمامة، سوى كبار السن والمرضى، وسط تحذيرات أطباء ومختصين من تفاقم الوضع.
هدوء حذر في المستشفيات
رغم الأخبار التي تشير إلى ارتفاع جديد في أرقام الإصابات اليومية بفيروس كورونا بحوالي 130 إصابة جديدة، إلا أن الوضع لايزال تحت السيطرة التامة في المستشفيات والعيادات والصيدليات، بما يوحي بمرحلة التعايش التي أصبحت تميز الإحساس العام لدى الجزائريين، تجاه هذا الفيروس مقارنة بالسنوات الأولى التي ظهر فيها عام 2020.
والصورة ذاتها تقريبا في كل زاوية من زوايا شوارع العاصمة، حيث أدار المواطنون ظهورهم إلى الجائحة، وقد اختفت حالة الفزع والهلع والخوف التي ميزت العام الأول منها، وهو ما حاولت “الخبر” رصده من خلال جولة شملت العديد من المرافق الصحية الهامة في الجزائر، التي كانت إلى وقت قريب تشهد اكتظاظا وقلقا بين المواطنين والإدارة، وأحيانا حالة من الارتباك والرعب.
ويعتبر مستشفى اسعد حساني ببني مسوس واحدا من أشهر المراكز الصحية التي واجهت الجائحة عندما وصلت الأزمة إلى مرحلة الذروة، مما تطلب تخصيص المستشفى لـ9 مصالح للتكفل بحالات كوفيد-19، من بينها أجنحة خاصة بالأطفال، غير أن الوضع الآن يبدو أكثر هدوء، وقد خفت حركة المواطنين الذين كانوا يقصدون المستشفى من أجل الحصول على كشف “بي سي آر”، ولم تعد الأجنحة التي كانت مخصصة لكورونا سوى ذكرى لأزمة كبيرة مرت من هنا قبل عامين.
هذه الوضعية لا تعني، حسب الأطباء، نهاية الوباء كليا، فالأزمة لا تزال قائمة، مما وضع مصالح وزارة الصحة في حالة الاستعداد الدائم مع مؤشرات الموجة الخامسة التي بدأت تعرفها البلاد في الأسابيع الأخيرة وعودة أخبار الوفيات.
فرغم حالة الهدوء التي تسيطر على الشارع التي توحي بأن الجزائريين دخلوا رسميا مرحلة “التعايش” مع الوباء، وهو ما كان يتوقعه عدد كبير من خبراء الصحة الذين تحدثوا في بداية الأزمة عن أن التعايش مع كورونا سيكون الخيار الأخير، رغم جميع الحلول، سواء على مستوى التلقيح أو العلاج والتوعية.
وأكد رئيس عمادة الأطباء، الدكتور محمد بقاط بركاني، أن العالم يعيش مرحلة جديدة مع كورونا، مما يستدعي دائما الحيطة والحذر والالتزام بإجراءات التباعد، وحتى أخذ اللقاحات التي أصبحت متوفرة بشكل كبير في الجزائر، على عكس الأشهر الأولى عند ظهور الجائحة.
وقال بقاط لـ”الخبر”: “موضوع كورونا لم يطو أبدا، وهذا الأمر على المستوى العالمي، هناك عشرات الآلاف من الإصابات في أوروبا يوميا ونحن أمام متحور بي 4 وبي 5، وهما فيروسات سريعة الانتقال، ولكنها غير خطيرة مثل أوميكرون”.
ويرى الدكتور أن الشيء الإيجابي الذي نعيشه في الجزائر هو اكتساب السلطات للخبرة في التعامل مع هذا الوباء، بالإضافة إلى المناعة الجماعية التي اكتسبها الشارع الجزائري، ولكنها تبقى مناعة ظرفية، مما يستدعي الأمر ضرورة أخذ الحيطة.
والأمر نفسه تقريبا في جميع مستشفيات العاصمة التي قمنا بزيارتها لتتبع الوضع الوبائي، كما هو الشأن حتى في مستشفى بوفاريك، حيث أكد رئيس مصلحة الأمراض المعدية لمستشفى بوفاريك، البروفسور محمد يوسفي، أن الوضعية الصحية مستقرة رغم الانتشار السريع لمتحور أومكرون الذي لا يشكل خطورة كبيرة على المصابين من غير المسنين أو أصحاب الأمراض المزمنة.
وقال يوسفي “إنه لا توجد أي حالة إصابة بمستشفى بوفاريك وإن جميع المصابين يتوافدون على مصالح الإنعاش بأعراض زكام عادية كالحمى والسعال وآلام في الحنجرة وفي المفاصل، يأخذون العلاج اللازم ويغادرون مباشرة”.
حالة من الاطمئنان بخصوص الأدوية
في مقابل ذلك، لا تسجل الصيدليات في العاصمة أي ندرة في الأدوية التي تتعلق بأمراض كوفيد-19، حيث تبدو نسبة الإقبال على الفيتامينات الموصى بها للمصابين بعدوى الفيروس التاجي ضعيفة، بحسب الآراء التي قامت “الخبر” برصدها على مستوى بعض الصيدليات على مستوى العاصمة.
ويقول الصيدلي فريد مسعودي لـ”الخبر”: “الوضع مستقر على مستوى الأدوية، وذلك منذ أربعة أشهر تقريباً، بعدما سجلنا ندرة طفيفة في دواء زيترموماكس وفيتامين سي بالتزامن مع عودة ارتفاع عدد الإصابات اليومية وانتشار المتحور أوميكرون سريع الانتشار، في شهر جانفي عندما قاربت أعداد الإصابات اليومية حدود الألف”.
وتشهد مخابر التحليل الطبية تراجعا كبيرا في عدد إقبال المواطنين على اختبار “بي سي آر”، وذلك بعد رفع العديد من قيود السفر، خاصة القرارات الأخيرة التي اتخذتها تونس التي أعلنت عن إعفاء المسافرين الجزائريين من استصدار اختبار “بي سي آر”، كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا التي قررت هي الأخرى إلغاء هذا الإجراء على المسافرين الجزائريين، وهو ما ساهم بشكل بارز في خلق حالة من الهدوء العام بالمخابر الطبية التي عملت على مدار العامين الماضيين بشكل مكثف ومضاعف لتقديم هذه الخدمة للمواطنين يوميا، وذلك بمعدل يصل إلى مئة كشف “بي سي آر” يوميا على مستوى المركز الواحد، كما أكدت الطبيبة نبيلة جنادي صحابة مخبر التحليل الطبية
المؤسسات الصحية استقبلت إصابات كثيرة بولايات الشرق
تشهد مصالح الاستعجالات بالمستشفيات الثلاثة على مستوى ولاية جيجل، إضافة إلى العيادات متعددة الخدمات، لاسيما تلك المتواجدة بالبلديات الساحلية، وكذا العيادات الخاصة منذ أسابيع، تشهد استقبال أعداد كبيرة من الأشخاص من مختلف الفئات العمرية، ومن مختلف الولايات، الذين يعانون أعراضا تشبه الأنفلونزا الموسمية، والمتمثلة أساسا في الحمى، والسعال، والتهابات في الحلق والإسهال.
وأشارت المعلومات المستقاة من المستشفيات الثلاثة بالولاية، بأن عدد مرضى المتحور الجديد لـ “كوفيد-19” الذين يوجدون في الاستشفاء، يبقى قليلا ولا يدعو للقلق في الوقت الحالي، حيث يجري التكفل على مستواها فقط بالحالات المستعصية والذين يعانون مضاعفات، لاسيما من كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة، في حين يتم توجيه معظم المرضى للعلاج بالمنازل، مع حثهم على الالتزام بالحجر بعد فحصهم ومنحهم وصفات طبية، وهو الشأن بالنسبة للكثير ممن يفضلون القيام بفحوصات على مستوى العيادات والمخابر الخاصة.
وفي وقت حذر فيه أطباء مختصون من إمكانية تسجيل ارتفاع في عدد الإصابات بهذا المتحور الذي تشبه أعراضه إلى حد قريب “الأنفلونزا” على مستوى الولاية، في الأسابيع المقبلة، مرجعين ذلك إلى التوافد الكبير للمصطافين على المنطقة، وظروف تنقل وإقامة الكثير من العائلات، فإن معظم المواطنين، سواء من سكان الولاية أو المصطافين، أصبحوا لا يبالون بتلك التحذيرات وبخطورة الوباء، وهو ما يبرز جليا من حيث التراخي الكبير في تطبيق الإجراءات الوقائية بأغلب الفضاءات العامة.
وفي قسنطينة، بلغ عدد المصابين بفيروس كورونا المتواجدين على مستوى مستشفيات الولاية الأربعة المجهزة لاستقبال مرضى هذا الوباء، 15 شخصا من كلا الجنسين، يخضعون للمراقبة الطبية في الأقسام المخصصة لذلك، فيما لم تسجل حالة وفاة منذ عودة ارتفاع الأرقام مجددا.
وحسب الأرقام المسجلة لدى مديرية الصحة، إلى غاية أمس، فإن عدد الحالات غير مقلق والوضعية الوبائية متحكم فيها ومستقرة، مع عودة مؤشر الإصابات والعدوى التي عرفت ارتفاعا في الأيام الأخيرة على مستوى عاصمة الشرق، حيث تم وضع 15 شخصا تحت المراقبة الطبية، بعد أن أثبتت التحاليل إصابتهم بالفيروس. فيما لم تسجل حالات وفيات منذ مدة ولا تزال عند رقم صفر، حيث كشفت مديرية الصحة لولاية قسنطينة، أن الوفيات جراء هذا الفيروس منذ بداية الجائحة وصل إلى 933 وفاة.
كما كشفت حصيلة المديرية ذاتها، يوم أمس، فإن عدد الملقحين بالولاية طيلة الموجات السابقة لم يتعد 381 ألف ملقح، لتبقى كل الأقسام والوحدات المتواجدة بمستشفى الخروب، وديدوش مراد والمؤسسة الصحة البير، إلى جانب المستشفى الجامعي ابن باديس، تتأهب لأي طارئ ولاستقبال المرضى، وفق فرق طبية عاملة، تعودت على مثل هذه الحالات.
من جهته، أكد مدير الصحة بالنيابة ببرج بوعريريج، أن الوضعية الوبائية بالولاية مستقرة ولم تسجل خلال الأسبوعين الأخيرين إلا حالة واحدة مؤكدة بمستشفى المنصورة، وحالة غير مؤكدة بمستشفى برج غدير.
وحول الإجراءات المتخذة، أضاف المصدر ذاته، أن الولاية على استعداد تام لمواجهة الموجة الخامسة، وتم تخصيص الأسرّة لاستقبال الحالات عبر كل مستشفيات الولاية، مشيرا إلى أن عملية التلقيح ما تزال متواصلة.
أرقام الإصابات متفاوتة بولايات الغرب
تؤشر إحصائيات حالات الاستشفاء والوفيات المسجلة مؤخرا في وهران، بسبب الإصابة بفيروس كورونا، إلى استقرار الوضعية الوبائية وعدم خروجها عن السيطرة، بالرغم من تسجيل ارتفاع نسبي في حالات الإصابة، وصل في الآونة الأخيرة إلى حدود 25 إلى 35 إصابة مؤكدة يوميا، باعتبار أن الحالات التي تستدعي التحفّظ عليها داخل المؤسسات الاستشفائية تراجع بشكل كبير، مثله مثل حالات الوفيات التي باتت نادرة جدا، جراء الوباء المُواصل في الانتشار منذ أزيد من سنتين عبر كل أرجاء العالم.
في الوقت الذي تواصل فيه معدلات الإصابة بفيروس كوفيد 19 منحاها التصاعدي هذه الأيام على المستوى الوطني، يؤكد المختصون في وهران استقرار الوضعية الوبائية بالولاية، وعدم وجود أي مؤشرات تستدعي القلق والخوف، على الأقل في الوقت الراهن، حيث أوضح الدكتور يوسف بوخاري، الناطق الرسمي باسم مديرية الصحة بوهران، في تصريح أدلى به لـ “الخبر”، أمس، بأن “الفرق الطبية ترتكز في تشخيصها لمدى خطورة الوضعية الصحية، على معدلات حالات الاستشفاء والوفيات التي تراجعت بشكل كبير، باعتبار أن إجمالي المرضى الخاضعين للاستشفاء لا يتعدى حاليا سبعة مرضى، تم التحفظ عليهم من باب الاحتياط فقط قبل إعطائهم الإذن بالخروج بشكل دوري”، مضيفا بأن “معدل الإصابات المؤكدة مستقر منذ أكثر من أسبوع كامل في حدود 25 إلى 35 إصابة مؤكدة يوميا، ما يعني استبعاد أي سيناريو لانفجار كبير في حالات الإصابة مستقبلا “.
وحسب الحالة العامة التي نشهدها، هذه الأيام، جُل المؤسسات الاستشفائية المتواجدة بالولاية، وعلى رأسها مستشفى الدكتور بن زرجب المتواجد بحي البلاطو، والمؤسسة الاستشفائية 1 نوفمبر بمنطقة إيسطو، فإنه لم يتم تسجيل أي حالات استنفار جراء الارتفاع النسبي في أعداد المصابين، بدليل أن الجهات الوصية لم تلجأ بعد إلى إقرار نظام المداومة الذي كان مطبقا أثناء عُمر الموجات السابقة للفيروس، فضلا عن عدم فتح المرافق الطبية المخصصة لمرضى الكوفيد، على غرار مستشفى الكرمة ومستشفى شطيبو اللذان تم غلقهما، بعد التراجع الكبير المسجل في الإصابات عقب الموجة الأخيرة.
وأمام هذا الوضع، يواصل الوهرانيون الذين تستضيف ولايتهم، هذه الأيام، أعدادا قياسية من المصطافين، ممّن تدفقوا على الولاية من داخل وخارج الوطن، خاصة بعد الترويج الكبير الذي ساهمت به الألعاب المتوسطية، تسيير يومياتهم بشكل عادي دون الاكتراث بالأرقام المتصاعدة التي تعلن عنها وزارة الصحة حول حصيلة الإصابات اليومية للفيروس. في حين بدأ بعض المواطنين، وعلى قلتهم، لاسيما من فئة المسنين والمرضى، في اعتماد بعض التدابير الاحترازية لتجنب الإصابة بالفيروس، على غرار ارتداء الكمّامات في الأماكن المغلقة، والاستعانة بالسجّادات الفردية أثناء الذهاب إلى المساجد لأداء الصلوات، فضلا عن الغسل الدوري للأيدي.
وفي ولاية الشلف، كشف مدير الصحة بالنيابة عن تسجيل 9 حالات مشتبه في إصابتها بالفيروس المتحور لكورونا، في انتظار نتائج التحاليل النهائية. وأكد المتحدث ذاته في تصريح لـ “الخبر”، أمس، بأن الوضع الصحي مستقر تماما، ولم تسجل أي حالة مؤكدة لحد الآن، كما لا يوجد أي مصاب في مصالح الإنعاش، ما يؤشر إلى استقرار الوضع الصحي. وأضاف محدث “الخبر”، بأنه تم التكفل بالحالات التي ظهرت عليها بعض الأعراض على مستوى المستشفيات الستة عبر الولاية.
وحسب مسؤولة مصلحة الوقاية بمديرية الصحة، فإنه يوجد من بين الحالات المشتبه فيها، طفل تم التكفل به بمستشفى الأم والطفل بالشرفة.
بدوره، طمأن مدير الصحة بالنيابة باستقرار الوضع الوبائي عبر تراب الولاية، ودعا إلى ضرورة الالتزام بشروط الوقاية من هذا الوباء الذي ظهرت أعراضه بشكل أقل حدة من الموجات السابقة.
وفي ولاية غليزان، اتخذت مديرية الصحة وإصلاح المستشفيات بغليزان كل الاحتياطات لمجابهة الموجة الخامسة، حيث كشف مصدر بالمديرية أن كل الترتيبات تم اتخاذها من أطقم طبية وتوفير مخزون ووسائل العمل والحماية الفردية، بما فيها الكمامات، مضيفا بأن اللقاح متوفر على مستوى المؤسسات العمومية الاستشفائية محمد بوضياف بعاصمة الولاية، وأحمد فرانسيس بوادي ارهيو ومازونة.
#الخبرالموجة #الخامسة #تزحف #في #صمت
تابعوا Tunisactus على Google News