الرئيس التونسي يفرض حظر تجوال في عموم البلاد لمدة شهر – BBC News عربي
أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد أمرا رئاسيا يقضي بفرض حظر تجوال اعتبارا من يوم الاثنين 26 يوليو/تموز، ولمدة شهر.
وأعربت الولايات المتحدة عن “القلق” بعد إقالة الرئيس التونسي للحكومة. ودعت تونس، التي وصفتها بأنها موطن الربيع العربي، إلى الالتزام بالمبادئ الديمقراطية.
وأعلنت الرئاسة التونسية على حسابها على تويتر: “منع جولان الأشخاص والعربات بكامل تراب الجمهورية من الساعة السابعة مساء إلى الساعة السادسة صباحا وذلك ابتداء من اليوم الإثنين 26 يوليو إلى غاية يوم الجمعة 27 أغسطس باستثناء الحالات الصحية العاجلة وأصحاب العمل الليلي”.
ويمنع بمقتضى هذا الأمر الرئاسي تنقل الأشخاص والعربات بين المدن خارج أوقات منع التجول إلا لقضاء حاجياتهم الأساسية أو لأسباب صحية مستعجلة، كما يُمنع كل تجمّع يفوق ثلاثة أشخاص بالطريق العام وبالساحات العامة.
كما أصدر سعيّد أمرا رئاسيا يقضي بتعطيل العمل بالإدارات المركزية والمصالح الخارجية والجمعيات المحلية والمؤسسات الحكومية ذات الصبغة الإدارية لمدة يومين بداية من الثلاثاء، مع إمكانية التمديد لذلك على أن يتم الإعلان عنه في وقت لاحق.
ويُستثنى من هذا الأمر الرئاسي أفراد قوات الأمن الداخلي والعسكريون وموظفو الجمارك والأفراد العاملون بالهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والعاملون بمؤسسات التربية والطفولة والتعليم العالي.
يأتي ذلك في أعقاب إصدار سعيد مرسوما رئاسيا بإقالة عدد من أعضاء الحكومة الرئيسيين، بحسب ما ذكرته صفحة الرئاسة على فيسبوك.
وأقال سعيد رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصب وزير الداخلية بالوكالة، كما أقال وزير الدفاع إبراهيم برطاجي.
وأقال الرئيس أيضا حسناء بن سليمان، الوزيرة المكلفة بالخدمة العامة والحوكمة لدى رئيس الوزراء، التي تتولى أيضا منصب وزيرة العدل بالوكالة.
وكلف كبار الموظفين العموميين في الإدارات المعنية بإدارتها حتى تعيين رئيس وزراء جديد وتشكيل حكومة جديدة، بحسب بيان الرئيس.
وأعلن سعيد الليلة الماضية عن مجموعة من الإجراءات الاستثنائية وقال إنه سيتولى السلطة التنفيذية، ويعين رئيسا للوزراء لمساعدته.
ووصف حزب النهضة الإسلامي، الأكبر في البرلمان خطوة سعيد بأنها “انقلاب”.
وتواجه تونس أسوأ أزمة لها منذ الربيع العربي قبل عشر سنوات، بعد إقالة رئيس الوزراء وتجميد البرلمان.
وقال سعيد إنه تصرف “ضمن حقوقه لإنقاذ تونس”، لكن رئيس البرلمان وزعيم أكبر حزب في المجلس التشريعي اتهمه بالقيام بانقلاب.
ووقعت اشتباكات خارج البرلمان بين أنصار سعيد ومؤيدي حركة النهضة.
وشدد المجلس التنفيذي للاتحاد العام للشغل (وهو بمثابة نقابة العمال)، الذي اجتمع في 26 يوليو/تموز، على ضرورة التزام جميع الأطراف “بالشرعية الدستورية من أجل ضمان احترام الدستور والمسار الديمقراطي وإعادة البلاد إلى الاستقرار”، حسبما أفاد راديو موزاييك.
كما دعا الاتحاد، الذي يتمتع بتأثير كبير في تونس، إلى مجموعة من “الإجراءات الاستثنائية التي يتخذها الرئيس مصحوبة بضمانات دستورية، بما في ذلك الحاجة إلى تحديد أهداف وإطار زمني لهذه الإجراءات لضمان عدم تحولها إلى دائمة، والابتعاد عن “تفسيرية” الأحكام والمركزية المفرطة”.
كما دعا إلى “ضمانات لاحترام الحقوق والحريات”، والالتزام بقواعد الديمقراطية والعمل التشاركي في أي تغيير سياسي في إطار خارطة طريق واضحة.
وشكر الاتحاد الجيش ودعا جميع الأطراف إلى إبعاده عن الخلافات السياسية.
وكان الاتحاد قد قال في يونيو/حزيران إنه سيستثني الرئيس من الحوار الوطني المقترح لإنهاء الأزمة.
جاء ذلك بعد أن وضع سعيد شروطا لإجراء حوار، قائلا إنه سيرفض أي محادثات مماثلة لتلك التي جرت في السابق.
وكانت هذه إشارة واضحة إلى حوار 2013 الذي رعاه بشكل مشترك الاتحاد، واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، ونقابة المحامين التونسيين.
وانطلق الحوار في أعقاب أزمة حكومة الترويكا، وبعد اغتيال اثنين من السياسيين المعارضين.
وتأتي التطورات الأخيرة في تونس بعد شهور من الجمود والخلافات بين سعيد، وهو سياسي مستقل، ورئيس الوزراء هشام المشيشي، وبرلمان منقسم في الوقت الذي تغرق فيه تونس بشكل أعمق في أزمة اقتصادية فاقمها وباء فيروس كورونا.
وشجب رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة الإسلامي المعتدل الذي أدى دورا في الائتلافات المتعاقبة، قرارات سعيد باعتبارها اعتداء على الديمقراطية، ودعا التونسيين إلى النزول إلى الشوارع لرفض القرارات.
واندلعت اشتباكات في الشوارع الاثنين خارج البرلمان التونسي الذي جمده لمدة 30 يوما، ويحصنه الجيش.
وحاصر جنود في وقت مبكر من الاثنين المجلس في تونس بينما ألقى أنصار الرئيس في الخارج الحجارة والزجاجات والشتائم على أنصار النهضة الذين منع زعيمهم من الدخول إلى المجلس.
وحاصرت قوات الجيش مكتب المشيشي الذي لم يصدر عنه رسميا بعد أي تعليق على الأحداث في تونس.
وأعلن سعيد الأحد أنه “اتخذ القرارات اللازمة لإنقاذ تونس والدولة والشعب التونسي”.
وحذر الرئيس، الذي يسيطر بموجب الدستور على القوات المسلحة خصومه من حمل السلاح، مهددا بأنه إذا أطلق أحد “رصاصة واحدة ، فإن قواتنا سترد بأمطار الرصاص”.
ردود فعل دولية
قالت جين ساكي، المتحدثة باسم البيت الأبيض، خلال مؤتمر صحفي: “نحن قلقون بشأن التطورات في تونس”.
وأضافت: “نحن على اتصال على مستوى رفيع، ونحث على التهدئة ودعم الجهود التونسية للمضي قدما بما يتفق والمبادئ الديمقراطية”.
وقال فرحان حق، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، إن المنظمة دعت جميع الأطراف في تونس إلى “ضبط النفس والعزوف عن العنف وضمان تهدئة الوضع”.
وأضاف حق أنه “يجب حل جميع النزاعات والخلافات من خلال الحوار”، بيد أنه ورفض التعليق على ما إذا كانت الأمم المتحدة تنظر إلى الوضع في تونس على أنه انقلاب أم لا.
وقال متحدث باسم صندوق النقد الدولي يوم الإثنين إن الصندوق على استعداد لمواصلة مساعدة تونس في التعامل مع تداعيات أزمة كوفيد -19 وتحقيق انتعاش “غني بفرص العمل” واستعادة الوضع المالي المستدام.
وأضاف المتحدث، ردا على سؤال لوكالة رويترز للأنباء: “نراقب عن كثب تطورات الوضع … لا تزال تونس تواجه ضغوطا اجتماعية واقتصادية غير عادية، بما في ذلك ما يفرضه وباء كوفيد-19، الذي تسبب في خسائر فادحة في الأرواح، فضلا عن تطلعات التونسيين غير المحققة من أجل نمو أعلى وغني بفرص العمل يشمل الجميع”.
وتسعى تونس إلى الحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار لمدة ثلاث سنوات للمساعدة في استقرار وضعها المالي، بعد ارتفاع عجز الحساب الجاري إلى 7.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالعام الماضي.
وحث الاتحاد الأوروبي جميع الجهات السياسية الفاعلة في تونس الاثنين على احترام دستور البلاد وتجنب العنف.
وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية “نحن نتابع عن كثب آخر التطورات في تونس”.
وأضافت “ندعو جميع الفاعلين التونسيين إلى احترام الدستور ومؤسساته ودولة القانون، كما ندعوهم إلى التزام الهدوء وتجنب أي لجوء إلى العنف حفاظا على استقرار البلاد”.
وفي تركيا أعربت وزارة الخارجية عن كونها “قلقة للغاية” من التطورات الأخيرة في تونس، ودعت إلى استعادة “الشرعية الديمقراطية”.
وأضافت الوزارة أن “الحفاظ على الإنجازات الديمقراطية في تونس، وهي قصة نجاح على صعيد المسيرة الديمقراطية التي تجري وفق تطلعات شعوب المنطقة، يعد أمرا بالغ الأهمية للمنطقة ولتونس أيضا”.
وكان إبراهيم كالين، المتحدث باسم الرئيس رجب طيب أردوغان قد صرح في تغريدة في وقت سابق: “نرفض تعليق العملية الديمقراطية وتجاهل إرادة الشعب الديمقراطية في تونس الصديقة والشقيقة.”
وأضاف: “ندين المبادرات التي تفتقر إلى الشرعية الدستورية والتأييد الشعبي. ونعتقد أن الديمقراطية التونسية ستخرج أقوى من هذه العملية”.
وفي ألمانيا قالت ماريا أديبهر” المتحدثة باسم وزارة الخارجية، إن بلادها تأمل في عودة تونس “في أقرب وقت ممكن إلى النظام الدستوري”.
وأضافت: “الديمقراطية ترسخت جذورها في تونس منذ 2011” في إشارة إلى عام الثورة الشعبية التي أطاحت بالدكتاتور زين العابدين بن علي.
وقالت إن ألمانيا “قلقة للغاية” مضيفة مع ذلك: “لا نريد التحدث عن انقلاب”.
وقالت أديبهر أنه “من المهم العودة إلى النظام الدستوري في أسرع وقت ممكن”.
وأضافت: “سنحاول بالتأكيد مناقشة (الوضع) مع السفير التونسي في برلين وسفيرنا في تونس مستعد للمشاركة في محادثات”.
وحثت فرنسا على العودة “في أقرب وقت ممكن” إلى “سير العمل الطبيعي” للحكومة في تونس.
ودعت وزارة الخارجية الفرنسية “جميع القوى السياسية في البلاد إلى تفادي أي شكل من أشكال العنف والحفاظ على مكاسب البلاد الديمقراطية”.
وفي روسيا قال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، في تصريحات مقتضبة إن روسيا تراقب تطورات الوضع في تونس.
وأضاف للصحفيين: “نأمل ألا يهدد أي شيء استقرار وأمن شعب هذا البلد”.
وفي قطر أعربت وزارة الخارجية عن “أملها … أن تتبنى الأطراف التونسية طريق الحوار لتجاوز الأزمة”.
وأكد وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي مع نظيره التونسي، “حرص المملكة على أمن واستقرار وازدهار تونس”.
كما حثت منظمة العفو الدولية الرئيس التونسي على “الالتزام العلني باحترام وحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي”.
#الرئيس #التونسي #يفرض #حظر #تجوال #في #عموم #البلاد #لمدة #شهر #BBC #News #عربي
تابعوا Tunisactus على Google News