- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

السعيدي: الانقلاب يعمّق أزمات الاقتصاد التونسي والدعم الخليجي مسكنات

وزير الاقتصاد التونسي السابق، رضا السعيدي (العربي الجديد)

- الإعلانات -

أكد الوزير السابق للشؤون الاقتصادية في تونس رضا السعيدي، في مقابلة مع “العربي الجديد”، أن انقلاب يوليو/ تموز الماضي أضر بالاقتصاد المحلي وأرهب المستثمرين الأجانب والمحللين على حد سواء، وأوضح أن الدعم الخارجي سيكون فقط في إطار مسكنات.

وشدد السعيدي في حواره الموسع مع “العربي الجديد” على أن تونس الآن في حاجة إلى أكثر من 7 مليارات دينار (2.47 مليار دولار)، قبل نهاية السنة الجارية لغلق الميزانية التكميلية للسنة الجارية، وضبط ميزانية 2022، في وقت الصعوبات فيه كثيرة والحلول ضيقة جدا من حيث انحسار الايرادات الضريبية واستنزاف البنوك.

وبشأن الرهان على الدعم الخليجي قال رضا السعيدي: ” لا أعتقد أن السعودية والإمارات ومصر وغيرها قادرة على تقديم سوى بعض الجرعات المسكنة، وخاصة أني ذكرت أن تونس تحتاج خلال هذا العام لنحو 7 ـ 8 مليارات دينار لغلق ميزانيتها، وبالتالي فإن تونس ستكون بحاجة في العام القادم إلى أرقام مضاعفة.

وفيما يلي نص مقابلة “العربي الجديد” مع الوزير السابق للشؤون الاقتصادية في تونس رضا السعيدي:

* مع إجراءات 25 يوليو/ تموز الاستثنائية ما هي تداعياتها على المشهد الاقتصادي؟
وفق تجربتي الشخصية وعملي في الاستشارات الاقتصادية، فإن المستثمرين والمؤسسات المالية الدولية يراقبون المشهد السياسي بدقة وإمعان وتداعياته على الوضع الاقتصادي وبخاصة التصنيف الائتماني للبلاد، الأمر الذي كان يتطلب أن تكون السياسات العمومية عقلانية.
ولكن إثر أحداث يوليو/ تموز الماضي، فإن البورصة المحلية انهارت، بالإضافة إلى انتشار الشك والخوف وعدم اليقين لدى المستثمرين الأجانب والمؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمتهم صندوق النقد الدولي، الذي تعطلت المفاوضات معه نظرا لاعتبار الصندوق أن تجميد البرلمان يعني عدم وجود مؤسسة منتخبة تصادق على الخيارات والإصلاحات اللازمة.

ما يحصل الآن هو تفرد بالسلطة والقرار وضعف في آلية اتخاذ القرار، بالإضافة إلى ضعف الحكومة الجديدة برئاسة نجلاء بودن، والتي لن تكون قادرة على مواجهة الصعوبات السياسية والاقتصادية، خاصة مع تراجع التقييم السيادي الأخير.

* مع الانقلاب الذي حدث في تونس منسوب الغموض السياسي تزايد، ما عمق الأزمة الاقتصادية، فعلى ماذا يراهن الرئيس التونسي قيس سعيد لإنقاذ البلاد من الأزمة الاقتصادية؟
الرئيس التونسي بعيد كل البعد عن الملفات الاقتصادية والمالية وغير مؤهل لإدارة هذه الملفات، لهذا كان الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وشركاء تونس الدوليين، مثل أميركا والاتحاد الأوروبي، على أن تكون لرئيس الحكومة خلفية اقتصادية، لكن في النهاية تم تكليف أستاذة جيولوجيا لقيادة الحكومة لا تفقه شيئاً في الاقتصاد.
والبلد الآن في حاجة إلى أكثر من 7 مليارات دينار (2.47 مليار دولار)، قبل نهاية السنة الجارية لغلق الميزانية التكميلية للسنة الجارية، وضبط ميزانية 2022، في وقت الصعوبات فيه كثيرة والحلول ضيقة جدا من حيث انحسار الحيز الجبائي التونسي واستنزاف الجهاز المصرفي المحلي بعدما اقترضت البلاد بالدينار والدولار بشكل كبير من هذا القطاع لعدم وجود مصادر خارجية.
وبالتالي أصبحت السندات الدولية ذات أولوية، علما أن استنزاف القطاع المصرفي المحلي يضيق من مصادر التمويل التي يمكن أن يلجأ إليها القطاع الخاص محليا من أجل الاستثمار أو غيره.
يبقى أمام تونس في ظل هذا الوضع إما أنها تخفض الأجور، وهو أمر مرفوض من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل، أو تخفض مخصصات الاستثمار التي هي منخفضة بالأصل عند حدود 7 أو 8 مليارات دينار (الدولار = 2.85 دينار)، ما يعطل مشاريع التنمية، كما أنه ليس من الممكن تأجيل الديون المستحقة.
لذا ليس أمام تونس إلا المفاوضات مع الشركاء الدوليين وهذا صعب جدا بسبب التقييم الائتماني المنخفض عند Caa1، وهي المرحلة التي تأتي قبل مستوى عدم القدرة على السداد، وبالتالي المفاوضات ستكون صعبة وربما تحال إلى نادي باريس.
وفي غياب حلول كبرى تبقى الحلول الآن محصورة حول التعاون الثنائي، وهو ما يعول عليه الرئيس التونسي وحكومته، مثل تقديم تسهيلات أو قروض من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات وبعض الدول الخليجية الأخرى.

* هل الدعم المالي المتوقع أن تقدمه السعودية والإمارات لتونس قادر على حل الأزمة الاقتصادية؟
لا أعتقد أن السعودية والإمارات ومصر وغيرها قادرة على تقديم سوى بعض الجرعات المسكنة، وخاصة أني ذكرت أن تونس تحتاج خلال هذا العام لنحو 7 ـ 8 مليارات دينار لغلق ميزانيتها، وبالتالي فإن تونس ستكون بحاجة في العام القادم إلى أرقام مضاعفة.

كما أن تلك المسكنات لن تكون قادرة على أن تمكن تونس من الحصول على أموال من السوق المالية الدولية، وخاصة أن تقييم تونس السيادي يضعها على بعد خطوة من نادي باريس، وهو ما يجعل خروج تونس للسوق الدولي مكلفا جدا.
فنحن كنا نحصل على هذه الأموال بنسبة فائدة تراوح ما بين 8% و9%، لكن قبل شهرين تحدث محافظ البنك المركزي عن أنه إذا خرجت تونس للسوق الدولية فسيكون ذلك مقابل 12% فائدة، والآن أصبحت أكثر من 15% للفائدة، علما أن سندات تونس الدولية كاليورو بوند انخفض عليها الطلب نتيجة تراجع الثقة بها. وتجدر الإشارة إلى أن الأطراف العربية المذكورة سلفا لن تعطي أموالا لتونس دون شروط سياسية.

* ما مدى قدرة تونس على التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي؟
صندوق النقد الدولي لا يخضع لآلية عمل أو شروط معينة مع كل الدول وليس تونس فقط، فأنا شخصياً تفاوضت مع صندوق النقد خلال فترة وجودي في الوزارة وكان واضحا أننا كدولة نقدم برنامجا إصلاحيا يتضمن الإجراءات التي تنوي العمل عليها لكي تقلص عجز الموازنة وتحفز الاستثمار وترشّد النفقات، وذلك مقابل مجموعة من المعايير يضعها الصندوق ليضمن التزام الطرف المسؤول بالمتفق عليه.
ولكن ما حصل خلال السنوات الماضية هو أن الحكومات السابقة قدمت برامج للصندوق حظيت بقبول الصندوق، لكن مر عامان ولم يتم العمل على البرنامج المتفق عليه حينها، بسبب معارضة كبيرة من أصحاب المصالح وأرباب العمل وبعض القطاعات.
إلا أن حكومة هشام المشيشي تمكنت من الوصول في المفاوضات مع صندوق النقد إلى مراحل متقدمة والتي تناولت الإصلاحات اللازمة حول الجباية والمالية العمومية والبنك المركزي والأجور والدعم، ولكن مع إقالته توقف كل شيء.
وما نسمعه من خطابات وإعلانات الرئيس التونسي لا تتماشى مع إصلاحات الصندوق، خاصة في ظل رفضه للحوار الذي يقابله قبول من قبل باقي الأطراف التونسية الأخرى للجلوس على طاولة الحوار.
ما يعني أن المفاوضات ستكون شبه مستحيلة مع الصندوق لأنه في ظل غياب جهة منتخبة مثل البرلمان فلن يقبل الصندوق بأن يبرم اتفاقا مع حكومة إدارية ليست ذات غطاء شعبي، وبالتالي لن تكون قادرة على تطبيق الإصلاحات.

* في حال لم تتوصل الحكومة إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، فما هو مصير الاقتصاد الوطني في ظل المعطيات الحالية؟
لا إمكانية لدى الحكومة الحالية الضعيفة لقيادة البلاد في الوضع الحالي، سنكون مجبرين للمرور بمرحلة تقشف، سواء على مستوى المالية العمومية ونفقات الدولة أو تأخر المشاريع العمومية، كما أن الدولة ستكون مجبرة على تجميد الأجور، ما قد يؤدي إلى توترات اجتماعية.

ما يعني أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاقات ثنائية مع شركات دولية فستتم إحالتنا إلى نادي باريس.
ولكن في حال توصلنا لاتفاق وطني حقيقي فليس شرطا أن تكون هذه الشراكات مع دول الخليج، نظرا لوجود دول أخرى ستكون على استعداد لمساعدة البلاد، سواء أوروبية أو آسيوية.

* من المسؤول عن الأزمة الاقتصادية التي وصلت إليها تونس الآن؟ ولماذا لم تفلح الحكومات المتعاقبة في التوصل لحلول؟
المسؤولية في اعتقادي مسؤولية مشتركة بنسب مختلفة موزعة بين الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين، فلا يوجد طرف وحيد هو من يتحمل هذه المسؤولية.
ولكن كانت هناك إرادات للإصلاح منذ عام 2011، مثل المخطط الاقتصادي التنموي لعام 2016 وعام 2020، والذي تم بطريقة تشاركية، لكن الأزمات السياسية المتتالية هي التي أخرت الإصلاحات اللازمة وتنفيذ هذه البرامج المهمة ونتائجها، وبخاصة في ما يتعلق بإعادة هيكلة الاقتصاد التونسي والتعويل على القطاعات الواعدة وإعطاء الأولوية للتنمية وتقليص الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.
بالإضافة إلى وجود أصحاب مصالح عملوا على عرقلة هذه الإصلاحات.

فعلى سبيل المثال رغم محاولات لإصلاح تعبئة الموارد المالية للدولة كجباية المحامين والأطباء والفئات الاجتماعية ذات الدخل المرتفع، إلا أنه كانت هناك لوبيات واعتراضات كبيرة على هذه الإصلاحات، كذلك ساهمت بعض الأطراف السياسية في عدم مرور تلك الإصلاحات، وأيضا صعوبة الانتقال من اقتصاد ريعي إلى تنافسي ذي قيمة مضافة عالية والذي قوبل برفض من بعض رجال الأعمال الساعين للحفاظ على النسق الاقتصادي نفسه للبلاد لما له من ربحية تعود عليهم مقابل جهد أقل.

* ما هي أسباب تفاقم الدين وزيادة عجز الموازنة في تونس؟ وإلى أي مدى سيصل عجز الموازنة مع نهاية 2022؟
مشكلة الدين مقلقة، فدائما ما كانت هيكلة الدين العمومي منذ عام 2000 تتكون من ثلثي الدين خارجي وثلث هو دين داخلي، إلا أنه الآن أصبح الدين الداخلي أكبر بكثير من الدين الخارجي، ما يعرقل توسع النشاط الاقتصادي الخاص الداخلي.
كما أن الدين الخارجي أصبح يفوق إيرادات الدولة إذا ما قورنت بمداخيل السياحة وإيرادات العمالة في الخارج والصادرات في مقابل استيراد 55% من احتياجات الطاقة، كذلك القمح والسلع الوسيطة، ليتجاوز إمكانيات البلاد بكثير، خاصة في السنتين الأخيرتين، حيث وصل حجم خدمة الدين فقط بنهاية سبتمبر/ أيلول 2021 إلى نحو 3 مليارات دولار، بارتفاع بلغ 22%.
أما في ما يتعلق بالمالية العمومية، فإن موارد الدولة التي هي بالأساس جبائية تستنزف في تمويل عجز المؤسسات المالية العمومية، بالإضافة إلى ارتفاع حجم صندوق دعم المحروقات والمواد الأساسية، وكذلك ارتفاع كتلة الأجور، ما أدى إلى الاختلال والاتجاه نحو الاقتراض الخارجي.
اليوم البلاد بحاجة ملحة إلى موارد خارجية، وفي ميزانية الدولة الأصلية لعام 2021 كنا نحتاج إلى 19 مليار دينار تونسي منها 3 مليارات دينار اقتراض محلي و16 مليار دينار اقتراض خارجي.

ومع ارتفاع أسعار المحروقات دوليا، فمن المتوقع في موازنة عام 2022 أن تحتاج تونس إلى دين يفوق الـ21 مليار دينار، علما أنه في المعتاد تنشر وزارة المالية في 15 أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام قانون الموازنة للعام الجديد، ولكن وسط الإجراءات الاستثنائية الحاصلة أصبحت هذه الوثيقة سرية على ما يبدو.

* هل تونس تتجه إلى تكرار سيناريو لبنان الاقتصادي؟
عملية المقارنة بين الاقتصادين التونسي واللبناني أعتقد أنها ليست صحيحة، باعتبار أن الواقع اللبناني يختلف عن التونسي، سواء من حيث حجم الاقتصاد أو من حيث تركيبة الاقتصاد وميزانية الدولة في ما يتعلق بمواردها ونفقاتها.
الوضع في لبنان أكثر تعقيدا من تونس، نحن ما زال لدينا هامش للإصلاح والذي يجب العمل عليه سريعا لاستعادة التوازنات والنشاط الاقتصادي والاستثمار، فتكفي فقط عودة الاستقرار السياسي والخروج من الإجراءات الاستثنائية وهو ما سيرفع التقييم السيادي للبلاد ويمكنها من التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية والخروج من عنق الزجاجة.
ولكن في حال لم نتوصل إلى تلك الإصلاحات فإننا سنسير في موكب الدولة الخارجة عن الديمقراطية، ما سيتسبب في انهيار المالية العمومية، وهي ليست نهاية العالم، ولكنها ستدفع إلى إجراءات مؤلمة أكثر، بالإضافة إلى تأجيل برامج تنموية وخفض بعض الامتيازات في الأجور العمومية وغيرها.

#السعيدي #الانقلاب #يعمق #أزمات #الاقتصاد #التونسي #والدعم #الخليجي #مسكنات

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد