الصحافيون التونسيون ومخاوف البطالة الإجباريّة
طالب الصحافيون الحكومات المتعاقبة بتنظيم أوضاعهم (وسيم جديدي/Getty)
يعاني القطاع الإعلامي التونسي من التجاوزات التي يرتكبها أصحاب المؤسسات الإعلامية، والتي تتسبب في جعل الكثير من الصحافيين التونسيين يعيشون أوضاعاً اجتماعية صعبة، نتيجة تدهور الأجور وتأخر صرفها وضعف تشغيلية الكثير من المؤسسات الإعلامية التى تكتفي بعدد محدود من العاملين، سعياً منها إلى الضغط على المصاريف من دون مراعاة لقوانين الشغل التونسية.
صيحة فزع أطلقها نقيب الصحافيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي يوم الاثنين الماضي، قبل أن يؤكد في حديث لـ”العربي الجديد” أن الكثير من المؤسسات الإعلامية التونسية، ومنها قنوات تلفزيونية مثل قناة “الجنوبية” وقناة “تونسنا”، وهما قناتان تونسيتان خاصتان، ومكتب صحيفة “العرب” اللندنية في تونس، وإذاعة “الكرامة”، لا تحترم قوانين الدولة التونسية، وتشغل الصحافيين بشكل لا يحترم خصوصية مهنتهم، كما تطرد الكثير منهم تعسفياً.
الجلاصي يضيف أن “على الدولة التونسية أن تقوم بواجبها عن طريق تفقديات الشغل لوضع حد لهذه الممارسات من قبل المؤسسات الإعلامية التى لا تحترم القانون، ومعاقبتها حتى لا تتصرف وكأنها فوق القانون مما يتسبب فى أضرار مادية للصحافيين التونسيين الذين يعاني الكثير منهم وضعاً مادياً مزرياً”.
ويحمّل نقيب الصحافيين التونسيين “الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري” جزءاً من المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع، لأنها الجهة التي تمنح الإجازات القانونية للبث للمحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية، وعليها التثبت من جدية المطالب التي تصل إليها للحصول على إجازات البث، حتى لا يدفع الصحافيون ضريبة فشل مشاريع إعلامية لم يُخطط لها بشكل جيد ولم تتم فيها مراعاة خصوصية الواقع الاقتصادي التونسي.
يذكر أن هشاشة الوضع الاقتصادي للصحافيين والطرد التعسفي الذي يتعرضون له والتأخر في صرف الأجور من أهم المشاغل التي تركز عليها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين في عملها الاجتماعي، خاصة بعد الارتفاع المتزايد لحالات الطرد من المؤسسات الإعلامية التونسية ومكاتب المؤسسات الإعلامية الأجنبية، والذي تجاوز مائتي حالة السنة الماضية، وهو رقم كبير مقارنة بحجم السوق الإعلامية التونسية.
أصحاب المؤسسات الإعلامية من ناحيتهم يعتبرون أن الوضع المالي الصعب الذي تمر به مؤسساتهم هو ما دفعهم إلى اتخاذ هذه القرارات، فسوق الإعلانات التجارية التونسية تعرف تراجعاً كبيراً نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تونس منذ سنوات. وفقاً لمختصين في علم اقتصاد الإعلام، لا يتجاوز حجم الحقيبة المالية للإعلانات التجارية في تونس 220 مليون دينار تونسي (حوالي 80 مليون دولار أميركي)، تخصص للمؤسسات الإعلامية السمعية التي يبلغ عددها 43 محطة إذاعية بين رسمية وخاصة، والبصرية (12 قناة تلفزيونية)، وأكثر من خمسين صحيفة ورقية ومئات المواقع الإخبارية، وهي حقيبة غير كافية لتمويل كل هذه المؤسسات الإعلامية، يضاف إلى ذلك احتكار عدد محدود من المحطات والقنوات التلفزيونية لأكثر من 80 في المائة من قيمة الإعلانات التجارية.
هذه الأوضاع دفعت أصحاب الصحف والقنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية إلى مطالبة الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2011 بتنظيم قطاع الإعلانات التجارية خاصة الرسمية منها، لكن لم تستجب أي منها، مما تسبب في غلق الكثير من المؤسسات الإعلامية التي عجزت عن توفير موارد مالية تمكنها من الاستمرار في العمل، الأمر الذي تسبب في إحالة الكثير من الصحافيين التونسيين على البطالة الإجبارية.
#الصحافيون #التونسيون #ومخاوف #البطالة #الإجبارية
تابعوا Tunisactus على Google News