العلاقات التركية- الإماراتية.. هل تجمع لغة المصالح خصوم الأمس؟ | التلفزيون العربي
بعد أن مرّت العلاقات التركية الإماراتية بمراحل تأزم بلغت حد المواجهة السياسية العالمية بين الجانبين في أكثر من ملف ونزاع في الإقليم؛ بدأت هذه العلاقة تشهد مرحلة انفراج ملحوظة مع تبادل المسؤولين في البلدين الزيارات الثنائية.
فبعد زيارة ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد إلى تركيا في نوفمبر/ تشرين الثاني الفائت، وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في زيارة إلى الإمارات. وتمتد هذه الزيارة ليومين، حيث من المتوقع أن يبرم الجانبان عددًا من الاتفاقات الاقتصادية خصوصًا في مجال الاستثمار.
وقبل أشهر، بدأ الإماراتيون والأتراك في استبدال مداخل الاشتباك الحادة بينهما في أكثر من ملف ومكان بمشاهد التقارب. فالقطيعة التي مسّـت السياسة بدا أنّ من الممكن إصلاحها عبر الاقتصاد، وذهب الإماراتيون إلى تركيا بوعود استثمار ضخمة.
سنوات من القطيعة
وبالفعل، فقد ذهب زمن قطيعة عمرها ثماني سنوات. فعلى امتداد جغرافيا الإقليم امتد الخلاف التركي الإماراتي عابرًا حدود البحر المتوسط، من النزاع على الأرض في سوريا وإلى صدام الأحلاف في ليبيا، مرورًا بمواقف كانت على طرفي النقيض من الأنظمة السياسية التي تخلّقت في السنوات اللاحقة للثورات العربية.
لكن العداء كانت له لحظة ميلاد حاسمة، يوم محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في أنقرة. فقد بدت أبوظبي في عيون أنقرة حينها متموقعة في معسكر داعمي تلك المحاولة.
أمّا الآن فقد تغيّر في الإقليم الكثير، وكل طرف يعيد تقييم أدواره في جواره القريب والبعيد. ويدخل الأتراك عامهم الانتخابي الصعب وهم يحاولون التغلب على أزمة العملة المتذبذبة منذ أشهر. وبحسب الأتراك، فالواقعية السياسية تفرض تغليب المصلحة وتقليص هوامش العداء.
وقد يبدو ذاك دافع الإماراتيين أيضًا، وهم يديرون صراعًا جديدًا مع الحوثيين على أراضيهم هذه المرة، والأهم في لحظة انكفاء أميركي في إقليم لا تحسم فيه بسهوله قوائم الحلفاء والخصوم.
إعادة قراءة الأدوار
في هذا السياق، يعتبر رئيس شركة “إرم نيوز” تاج الدين عبد الحق أن زيارة الرئيس التركي إلى أبو ظبي تأتي في سياق مراجعة للعلاقات بين البلدين، في ضوء المتغيرات الكثيرة التي حصلت في الآونة الأخيرة، ولاسيما في السياسة التركية والدور الذي تقوم به الإمارات.
ويقول في حديث إلى “العربي” من أبوظبي: “الخصومة حدثت في خضم بعض التطورات العميقة التي حدثت في المنطقة بدءًا من الربيع العربي ومحاولة لعب أدوار تتجاوز السياسات التقليدية، إلى اتخاذ سياسات قائمة على الأيديولوجيا أكثر من الاعتبارات العملية”.
ويلفت عبد الحق إلى أن الإمارات تريد مراجعة علاقاتها بدول الإقليم للحفاظ على الأمن الإقليمي.
أبعد من المصالح الاقتصادية
من جهته، يرى مستشار العلاقات الدولية في جامعة إسطنبول سمير صالحة أن هناك أكثر من عامل على المستوى الثنائي في العلاقات التركية الإماراتية، منها عوامل إقليمة وتوازنات دولية فتحت الطريق أمام علاقات جديدة بين البلدين.
ويقول في حديث إلى “العربي” من إسطنبول: “المسألة ليست مرتبطة فقط بالأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا وحاجتها إلى عقود وصفقات وعلاقات جديدة مع الدول”؛ بل يعتبر أن المسألة تتعلق بتطورات دولية منها وصول الرئيس جو بايدن إلى الإدارة الأميركية وتعاطيه مع ملفات منطقة شرق المتوسط. ويلفت إلى تأثير التوازنات الجديدة التي بدأت بعد عام 2010.
وحول الضرورات الاقتصادية، يشير صالحة إلى حاجة تركيا لعقود وصفقات مع الإمارات لترتيب الداخل التركي، لكنه يرى أن الزيارة الأخيرة تتعلّق بالملفات الإقليمية.
تحولات جيو-استراتيجية
بدوره، يلفت أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت عبدالله الشايجي إلى دور التحولات الجيو-استراتيجية في تحول العلاقة التركية الإماراتية حيث استوجبت إعادة تموضع وقراءة جديدة لدور البلدين اللذين كانا على طرفي نقيض في ليبيا وتونس ومصر.
ويقول في حديث إلى “العربي” من الكويت: “الآن هناك واقعية ونتحول إلى تصفير المشاكل بين الطرفين”.
ويعتبر أن الواقع الجديد فجّرته خسارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وانكفاء أميركا عن المنطقة. ويقول: “هناك تساؤل في الخليج عن جدوى الاعتماد الكلي على الحليف الأميركي وهناك قبول للتنويع في التحالفات وسط مخاوف من صفقة بين بايدن وإيران حول الملف النووي”.
ويضيف:” تركيا تقدّم نفسها مؤثرة ومهمة، ولديها رغبة في تصفير المشاكل وإعادة قراءة العلاقة ليس بسبب الوضع الاقتصادي فقط، بل لرغبتها في لعب دور أكبر”.
ويلفت الشايجي إلى وجود ملفات عالقة بين تركيا والإمارات، فهم “ليسوا حلفاء استراتيجيين بعد”. لكنه يشير إلى دور المخاوف من امتداد الأذرع الإيرانية.
#العلاقات #التركية #الإماراتية #هل #تجمع #لغة #المصالح #خصوم #الأمس #التلفزيون #العربي
تابعوا Tunisactus على Google News