الغاز الجزائري إلى المغرب.. 6 خبراء لـ”الطاقة”: استئناف التدفق مستحيل حاليًا – الطاقة
تحمل إمدادات الغاز الجزائري إلى المغرب عبر خط الغاز المغاربي الأوروبي أهمية خاصة للعلاقات الثنائية التي تدهورت على خلفية أزمات سياسية. قبل أيام، أحيا ملك المغرب محمد السادس الآمال بشأن عودة التدفقات الجزائرية إلى أوروبا مرورًا بالمغرب، بعد تصريحات قِيل إنها محاولة للتودد وإصلاح ذات البين مع الجزائر. ونالت الجزائر نصيبًا من خطاب العاهل المغربي بمناسبة ذكرى جلوسه على العرش يوم السبت الموافق 29 يوليو/تموز (2023)، قال فيه: “إنّ عملَنا على خدمة شعبنا لا يقتصر فقط على القضايا الداخلية، بل نحرص أيضًا على إقامة علاقات وطيدة مع الدول الشقيقة والصديقة، وخاصة دول الجوار، وخلال الأشهر الأخيرة، يتساءل العديد من الناس عن العلاقات بين المغرب والجزائر، وهي علاقات مستقرة، نتطلع لأن تكون أفضل”. وأضاف: “وفي هذا الصدد، نؤكد مرة أخرى لإخواننا الجزائريين، قيادة وشعبًا، أن المغرب لن يكون أبدًا مصدر أيّ شر أو سوء، وكذلك الأهمية البالغة، التي نوليها لروابط المحبة والصداقة، والتبادل والتواصل بين شعبينا، ونسأل الله -تعالى- أن تعود الأمور إلى طبيعتها، وفتح الحدود بين بلدينا وشعبينا، الجارين الشقيقين”. في ضوء هذا التطور، استطلعت منصة الطاقة المتخصصة آراء محللين اقتصاديين ومراقبين سياسيين من المغرب والجزائر، للتعليق على دعوة المملكة لرأب الصدع، وخاصة تأثير ذلك في احتمالات عودة إمدادات الغاز الجزائري إلى المغرب. صفحة الغاز الجزائري انطوت يقول الخبير الاقتصادي والمالي المغربي، إدريس العلاوي، إن تلك ليست المرة الأولى التي يصرّح فيها المغرب برغبته في فتح الحدود مع الجزائر، والعمل معًا من أجل النهوض بالمنطقة المغاربية. وأضاف في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة: “هنا في المغرب لدينا إيمان راسخ بأن القوة في التكتلات الإقليمية، لا في التفرقة، وهي ثقافة الحكماء”. وعن استئناف إمدادات الغاز الجزائري إلى المغرب، قال، إن الأمر غير محتمل في الوقت الراهن، موضحًا أن المغرب لم يعد يعوّل على إمدادات الغاز الجزائري، واتجه لإبرام عدّة اتفاقيات مع الشركاء الآخرين، ووصل إلى مرحلة أخرى في هذا الشأن. رسالة متكررة يقول الخبير الاقتصادي والمالي المغربي أنس راضي، إن رسالة الملك محمد السادس للجزائر، في خطاب الذكرى الـ24 لجلوسه على العرش، تندرج تحت إطار سلسلة من الرسائل المتكررة إلى الشعب والنظام في الجزائر، بهدف رأب الصدع بين الجارتين، وتجاوز الخلافات التي “ضيّعت على البلدين وعلى المنطقة المغاربية بأكملها فرصًا تمويلية هائلة”. وأضاف في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، أنه لا يعتقد أن النظام الجزائري سيتفاعل إيجابًا مع دعوات الملك المغربي لفتح الحدود وإعادة العلاقات الدبلوماسية إلى سابق عهدها. كما توقّع عدم حدوث تقارب، أو حتى تعزيز للتعاون الاقتصادي، الذي سجلت أرقامه انهيارًا مدويًا. وأوضح: “أظن أن رسالة العاهل المغربي للجزائر هدفها خلق المزيد من الضغط على النظام الحاكم من أجل تغيير المقاربة في التعامل مع الجار المغربي، و إيقاف هدر الزمن، والحدّ من الكلفة الاقتصادية الكبيرة لإغلاق الحدود بين البلدين، لأن إيجاد حلّ للمشكلة بين البلدين كفيل بأن يكون سببًا في الإسهام بإيجاد حلول مباشرة وفعالة لمشكلات قطاع الطاقة”. وبناءً عليه، استبعد المحلل المغربي أيّ فرضية لاستئناف إمدادات الغاز الجزائري إلى المغرب، عبر خط الغاز المغاربي الأوروبي، قائلًا: “هذا مستبعد في الوقت الراهن، على الأقلّ في المديين القريب والمتوسط”. من جانبه، يواصل المغرب جهوده الرامية لتأمين حاجته من الطاقة، خاصة أنه يستورد 96% من الاستهلاك المحلي من مصادر خارجية، بالتزامن مع ارتفاع الأسعار، الناتج عن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، بحسب الخبير المغربي. كما أشار إلى نجاح المغرب -مؤخرًا- في إبرام اتفاق مع شركة شل العالمية لتزويده بـ500 مليون متر مكعب سنويًا من الغاز الطبيعي المسال لمدة 12 سنة، وخلال السنوات الأولى للعقد، سيُصدَّر الغاز الطبيعي المسال من المواني الإسبانية إلى المغرب، عبر خط الغاز المغاربي الأوروبي، ثم سيُصَدَّر مباشرة عبر وحدات تحويل الغاز الطبيعي المسال المغربية المستقبلية. في سياق متصل، يقول راضي، إن المغرب يعمل على الاستثمار أكثر في الطاقات المتجددة، فضلًا عن عقد شراكات لإنتاج الهيدروجين الأخضر، إذ تعدّ المملكة واحدة من أكبر 5 منتجين للطاقة الشمسية بين الدول العربية. بدائل مغربية أعرب الباحث السياسي المغربي، عبدالله العبادي، عن أمله في فتح الحدود وعودة العلاقات الدبلوماسية وفتح صفحة جديدة بين الإخوة، قائلًا: “ما يجمعنا بالشعب الجزائري أكثر مما يفرقنا، وهناك عائلات كثيرة مشتركة، فضلًا عن أواصر الدم والقرابة، كما أنه يجمعنا مصير مشترك”. وعن خطاب ملك المغرب، يقول العبادي، إنه يمثّل سياسة اليد الممدودة التي يتبنّاها المغرب تجاه الجزائر، بقصد طيّ صفحة الماضي وفتح آفاق جديدة للتعاون والتكامل، الأمر الذي سيؤدي إلى تنمية المنطقة”. يقول المحلل المغربي، إن عودة العلاقات المغربية الجزائرية لطبيعتها كفيلة بإعادة تشغيل خط الغاز المغربي الأوروبي، الذي يحمل أهمية للبلدين ولأوروبا على نحو خاص. إلّا أنه لفت إلى أن الاقتصاد المغربي لن يتوقف على الغاز الجزائري، إذ تُنوّع المملكة من الشراكات والتعاون مع المصادر الخارجية، كما يحاول محليًا التنقيب لتحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير. كلام معسول على الجانب الآخر، يقول الأستاذ بجامعة أم البواقي في الجزائر، الخبير الاقتصادي، الدكتور مراد كواشي، إن تصريح ملك المغرب لا يتعدّى كونه خطابًا سياسيًا معسولًا ليس له علاقة بالواقع ولا بالعلاقات الاقتصادية، لكن الواقع يؤكد أن العلاقات الجزائرية المغربية لا تشهد استقرارًا، بل بالعكس تشهد تراجعًا رهيبًا، وهناك توتر سياسي ودبلوماسي كبير بين البلدين. حول استجابة الجزائر لدعوة المغرب للتقارب مجددًا، قال الدكتور مراد كواشي، إن الجزائر لا تؤمن بمجرد خطاب سياسي معسول، بل بخطوات ملموسة على أرض الواقع، وما يحدث الآن ينافي تمامًا خطاب الملك المغربي. وأكد: “لا أتوقع صدور ردّ رسمي جزائري، فحديث ملك المغرب يخصّه، والجزائر ليست ملزَمة بالردّ على “خطاب ليس له معنى على أرض الواقع”. ولذلك، يستبعد الخبير الجزائري كليًا استئناف تشغيل خط الغاز المغاربي الأوروبي في الوقت الراهن، بسبب توتر العلاقات، وخاصة بعد التقارب المغربي الإسرائيلي الذي لا تقبله الجزائر، وتحتفظ بموقف داعم للقضية الفلسطينية، التي تُعدّ أمرًا محوريًا في سياساتها. وأضاف مراد كواشي: “كل يوم نلاحظ تقاربًا أكبر بين المغرب والكيان الصهيوني، الذي اعترف قبل أيام بأحقّية المغرب في السيادة على الصحراء الغربية”. لا عودة لإمدادات الغاز الجزائري إلى المغرب يتفق الخبير الاقتصادي والأكاديمي الجزائري، الدكتور أحمد طرطار، مع مواطنه الدكتور مراد كواشي؛ إذ يستبعد عودة إمدادات الغاز الجزائري إلى المغرب في الوقت الراهن. كما يقول الدكتور أحمد طرطار، إن تصريحات ملك المغرب ليست بجديدة، فقد تكررت في العام الماضي (2022)، عندما أبدى اهتمامًا بتحسين بالعلاقات مع الجزائر انطلاقًا من مبدأ حسن الجوار والأهداف المشتركة والأواصر المتينة بين الشعبين. وأشار إلى أن العلاقات الثنائية تنتابها التوترات من حين لآخر بسبب مشكلة الصحراء الغربية منذ عام 1975، التي فشلت المؤسسات الدولية بقيادة الأمم المتحدة في التوصل إلى حلّ لها حتى الآن. ما فاقم العلاقات مؤخرًا -بحسب الخبير الجزائري- هو التقارب المغربي الإسرائيلي، والذي تعدّه الجزائر تهديدًا مباشرًا من الناحيتين العسكرية والسياسية؛ “كون إسرائيل تحاول تفجير الأوضاع في كل منطقة تقترب منها”. ولذلك، قلّل من حجم تأثير تصريحات الملك المغربي بشأن الجزائر، في ظل الإشكالات القائمة بخصوص الصحراء الغربية والتطبيع مع إسرائيل، قائلًا: “لن يجد اليد الممدودة نفسها”. وفي ضوء ذلك، يستبعد الدكتور أحمد طرطار عودة تشغيل خط الغاز المغاربي الأوروبي، بعد توقّفه في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2021، بسبب مشكلتَي الصحراء الغربية والتقارب المغربي الإسرائيلي. وأوضح أن المشكلة كانت عند المغرب، والجزائر من جهتها بدأت محاولات لإبرام مذكرة جديدة لاستئناف ضخ الغاز الجزائري إلى المغرب بعد نفاد المدة القانونية لسريان المذكرة سابقة، لكن المغرب رفض. لفت الخبير الاقتصادي الجزائري إلى التوتر الذي طال العلاقات بين الجارتين بعد توقّف إمدادات خط الغاز المغاربي الأوروبي، عندما رغبت إسبانيا في إعادة الغاز إلى المغرب من الاتجاه العكسي للخط. وهددت الجزائر في أبريل/ نيسان من العام الماضي (2022) بفسخ عقد نقل الغاز إلى إسبانيا، في حالة نقل مدريد الغاز الجزائري “إلى وجهة ثالثة” إشارةً إلى المغرب. من جانبها، أكدت إسبانيا أن الغاز الذي تنقله إلى المغرب عبر خط الغاز المغاربي الأوروبي ” ليس جزائريًا”. يُشار إلى أن هناك أنبوبين لنقل الغاز الجزائري إلى أوروبا، وهما “ميدغاز” خط الأنابيب الرئيس إلى إسبانيا، ويمكنه نقل 10.5 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا، وخط أنابيب “ترانسميد”، الذي ينقل الغاز الجزائري إلى البر الرئيس لإيطاليا عبر تونس وصقلية. احتمال مستبعد للتقارب تعليقًا على كلمة ملك المغرب، يقول الأكاديمي والباحث الجزائري في الشؤون الأمنية والسياسية، الدكتور عمار سيغة، إن أكثر ما شدَّ انتباهه هو التأكيد على انعدام أيّ خطر أو تهديد قد يضرّ بجيران المملكة، في إشارة للجزائر. بتحليل الخطاب، يقول الباحث الجزائري، إنه يأتي بعد غلق الحدود وقطع العلاقات إثر التطبيع مع إسرائيل، والذي تعدّه الجزائر تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. وإلى ذلك، يعتقد الأكاديمي الجزائري أن إمكانات التقارب “مستبعدة جدًا” في الوقت الحالي، رغم أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أبدى احترامه للشعب المغربي. وعن وقف الغاز الجزائري إلى المغرب عبر خط الغاز المغاربي الأوروبي، يقول، إن الجزائر لم توقف تدفقات الغاز إلى المغرب، وإنما انتهى عقد استغلاله في أكتوبر/تشرين الأول 2021، دون تجديد، على خلفية تصريحات مثيرة للجدل بشأن السيادة على الصحراء الغربية. وكلّف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في نوفمبر/تشرين الثاني، عملاقة الطاقة الجزائرية سوناطراك بوقف إمدادات الغاز الجزائري إلى أوروبا عبر خط الغاز المغاربي الأوروبي، بسبب ما وصفه بـ”الممارسات ذات الطابع العدواني من المملكة المغربية”. جاء ذلك بعد إعلان إسبانيا على لسان رئيس وزرائها بيدرو سانشيز، في مارس/آذار 2021، دعمها لمشروع الحكم الذاتي المغربي للصحراء الغربية، وهو ما أثار غضب الجزائر الداعم الرئيس لجبهة البوليساريو التي تسيطر على 20% من الأراضي هناك. يقول الدكتور عمار سيغة، إن قرار وقف الغاز الجزائري إلى المغرب جاء ضمن حزمة عقوبات اقتصادية على إسبانيا، إذ رأت الجزائر موقف إسبانيا تحيزًا للمغرب على حساب الجزائر. ومنذ عام 1996، كانت نحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز الجزائري تُنقل سنويًا إلى إسبانيا والبرتغال، عبر خط الغاز المغاربي الأوروبي. وكان المغرب يحصل -في مقابل عبور الغاز الجزائري على أراضيها- على نحو مليار متر مكعب سنويًا من الغاز الجزائري، وكان يمثّل نحو 97% من احتياجاتها. يُشار هنا إلى أن المغرب يستورد 90% من احتياجات الغاز حاليًا، ويُنتج نحو 10% فقط من الاستهلاك المحلي البالغ مليار متر مكعب. موضوعات متعلقة.. اقرأ أيضًا.. إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
#الغاز #الجزائري #إلى #المغرب. #خبراء #لـالطاقة #استئناف #التدفق #مستحيل #حاليا #الطاقة
تابعوا Tunisactus على Google News