القمم العربية…. وأزمات النظام العربي المستعصية!!
مقالات
180
أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
القمم العربية…. وأزمات النظام العربي المستعصية!!
21 مايو 2023 , 02:00ص
عُقدت القمة العربية الثانية والثلاثون، والخامسة في السعودية منذ عام 1976، بغياب نصف القادة العرب لأسباب مختلفة. وسمعنا في القمة العربية تكرار لخطب إنشائية بمركزية القضية الفلسطينية، والتصدي لمحاولات تحويل منطقتنا لمنطقة صراعات. وإصلاح وتفعيل دور الجامعة العربية، وتكثيف جهود التنسيق والتعاون العربي المشترك! ليتكرر المشهد نفسه بترحيل الأزمات للقمم التالية.
وسط أجواء ومزاج عام محتقن وفي ظروف صعبة، كان لافتاً ارتفاع منسوب التفاؤل الذي برز بكلمات القادة برغم غياب نصفهم لأسباب مختلفة. والتأكيد على محورية وحل القضية الفلسطينية ورفض التدخلات الخارجية وتعزيز وتكثيف الجهود والعمل العربي المشترك. على أمل تحقيق بعض الآمال والطموحات التي عجز النظام العربي عن تحقيقها، لضعف بنية النظام وانشغال الأنظمة العربية بمواجهة التحديات الوطنية في الداخل والخارج. ما يمنع صياغة استراتيجية متكاملة تفضي لمشروع عربي جامع في نظام دفاع مشترك وتفعيل متطلبات الأمن الجماعي والتحالفات، يمكنه التصدي للقوى الإقليمية.
اللافت أيضاً في قمة جدة ما أفضى إليه التقارب بين السعودية وإيران بعد سبعة أعوام عجاف من قطع العلاقات والحرب الباردة وحرب الوكالات على رقعة المنطقة من اليمن إلى سوريا ومن العراق إلى لبنان- واستمرار العمل بالهدنة بين السعودية والحوثيين- واللافت تسارع الأحداث لتأهيل وإعادة نظام الأسد لجامعة الدول العربية بعد 12 عاماً من تعليق عضويته بسبب جرائم حرب النظام وتنكيله بشعبه لوأد انتفاضتهم ومطالبهم بحياة كريمة وحرية وعدالة!
تعويم وتأهيل النظام العربي للنظام السوري وحضور رأسه بشكل مثير للجدل ويفتقد للقبول وللإجماع العربي-دون تقديم التزامات-وتعهدات بسبب بدعة النظام العربي الذي سهل لنظامه العودة معادلة «الخطوة مقابل خطوة»! وكان صادماً ومستفزاً خطاب الأسد الشوفيني الفوقي بأن سوريا هي قلب العروبة وفي قلبها! وكلامه المستفز عن الأحضان والانتماء!، وانضم لفريق منتقدي تركيا والإخوان بانتقاده بإسقاطات «الفكر العثماني التوسعي المطعم بنكهة إخوانية منحرفة» -يؤكد أنه لم يتب ولا يرغب بالانتزاع من الحضن الذي يريد البقاء فيه!
لذلك يبقى موقف دولة قطر مبدئي الوحيد الرافض لتأهيل وتعويم نظام الأسد، الموقف الوحيد الذي يحرم حصول النظام على الاجماع العربي، ويلامس الواقع بسبب نهج النظام السوري على خرق المعاهدات والاتفاقيات بما فيها قرارات مجلس الأمن. لقناعة القوى الفاعلة في المنطقة وبدعم دولي بأن بقاء نظامه ضرورة ملحة ولأن البديل سيكون أسوأ.
وكان رئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبدالرحمن، عبّر بوضوح عن موقف دولة قطر من رفض عودة النظام السوري لجامعة الدول العربية والتطبيع معه. مؤكداً «أن الحل الوحيد لتطبيع العلاقات مع النظام السوري هو إيجاد حل شامل وعادل يرضي الشعب السوري، فالمشكلة ليست بين قطر والنظام، وإنما بين النظام وشعب عانى من ويلات الحرب على مدار الـ12 سنة الأخيرة. وأوضحت قطر موقفها منذ اتخاذ القرار بعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، بأن قطر لا تريد الخروج عن الإجماع العربي حول هذا الموضوع، لكن يُترك لكل دولة قرارها السيادي في تطبيع العلاقات الثنائية.
ومع تأهيل نظام الأسد في سوريا وعودته المشكوك فيها لكنف الحضن العربي التي تبدو من متطلبات المرحلة بعد التقارب السعودي الإيراني-ودور وكلائها في المنطقة، دون انتزاع أي تنازلات سياسية ومصالحات ملحوظة من النظام وعودة آمنة للاجئين والمهجرين الذي قتل وشرد نصف شعبه-ليعود وكأن شيئا لم يكن- لذلك كان المطلوب قبل إعادة النظام العربي للنظام السوري إلى الحضن العربي وضع خريطة طريق وآلية لفك ارتباطه من الحضن والنفوذ الإيراني وقيامه بخطوات يلتزم فيها بحوار جاد وبمخرجات واضح مع المعارضة ويلتزم بمخرجات جنيف 1 وبتطبيق قرار مجلس الأمن 2254 قبل إعادته للحضن العربي؟
وفي سابقة حضر الرئيس الأوكراني زيلنسكي ضيف شرف القمة في جدة بدعوة من الدولة المضيفة، وطالب بدعم أوكرانيا ومسلمي التتار وانتقد بشكل واضح حياد بعض الأنظمة من أخذ موقف ضد حرب روسيا. لكن كيف تقرأ روسيا مشاركته وتداعياتها على الحياد الخليجي والعربي حول حرب روسيا على أوكرانيا؟!
لكن تبقى الأزمات العربية مستعصية. استمرت وتفاقمت القطيعة بين الجزائر والمغرب. وشن جنرالات السودان حرباً ضارية للاستئثار بالسلطة والحكم لدولة تصنف من بين الدول الأكثر هشاشة وتفككاً في مؤشر الدول الهشة في العالم، ليزداد وضع السودانيين بؤساً!
وتعقدت الأزمات في كثير من الدول العربية. بعد سبعة أشهر من نهاية رئاسة ميشيل عون يبقى لبنان بلا رئيس جمهورية وحكومة تصريف أعمال وبرلمان لا يجتمع إلا نادراً ووضع اقتصادي هو الأسوأ وتقزم حلم اللبنانيين للحصول على خدمات الماء والكهرباء والتوظيف وحلم الطبقة المثقفة تذكرة سفر بلا عودة في هجرة للأدمغة نشهدها في عدد من الدول العربية!
وانهارت الأوضاع المالية والاقتصادية في دول عربية، وصاحبها ارتفاع التضخم والغلاء والبطالة، ما أدى لانهيار العملات الوطنية أمام الدولار، وتآكل الطبقة الوسطى ودخل ملايين العرب تحت خط الفقر في اليمن والسودان ولبنان وسوريا ومصر وليبيا.
واستفرد النظام في تونس بالسلطة وعطل مؤسسات الدولة وصاغ دستوراً وزاد من قبضة الاعتقالات والقرارات المتفردة لدولة كان ينظر إليها العرب بأنها مهد التغيير فيما عرف بالربيع العربي الكاذب، قبل أكثر من عقد من الزمن! وللأسف يبقى الشتات عقبة كـأداء أمام التعاون العربي المطلوب.
طالما فشل النظام العربي بالتحول لنظام يمكنه حماية والدفاع عن دولنا الاثنتين والعشرين 22 و450 مليون عربي لأكبر تكتل بشري وجغرافي وثروات طبيعية ومضائق على البحار الرئيسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وينهي حالة التبعية والضعف ويتصدى للمشاريع الإقليمية والدولية. سنبقى عرضة للتهديد والتآمر والتعدي على دولنا وشعوبنا من مشاريع الآخرين، ومن داخل كياناتنا العربية.
مقالات ذات صلة
مساحة إعلانية
#القمم #العربية… #وأزمات #النظام #العربي #المستعصية
تابعوا Tunisactus على Google News