الكاتب العالمى هشام مطرعن روايته الجديدة «أصدقائى»: التجربة تخلق عالمها الخاص التى تسحبك بداخله
كتبت ــ منى غنيم
نشر في:
الجمعة 16 فبراير 2024 – 10:24 م
| آخر تحديث:
الجمعة 16 فبراير 2024 – 10:24 م
ــ حاولت دائمًا تأليف كتب قصيرة لكن هذه الرواية مختلفة إذ تتناول أحداث أكثر من 30 عامًا تُروى عبر ساعتين سيرًا على الأقدام فقط
أجرت صحيفة الجارديان البريطانية مؤخرًا مقابلة مع الكاتب العالمى الحائز على جائزة «البوليتزر» هشام مطر أعطت من خلالها للقراء نبذة عن حياته؛ فذكرت أنه وُلد فى نيويورك ونشأ وترعرع بين مدن طرابلس والقاهرة ولندن، موضحة أن الأخيرة هى المكان الذى عاش فيه جل الوقت منذ فترة مراهقته.
وأشادت الصحيفة بروايته السابقتين: «فى بلد الرجال» التى ترشحت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر الأدبية عام 2006، و«اختفاء» الصادرة عن دار الشروق أيضا باللغة العربية عام 2012، وكلتاهما تتمحوران حول تجربة خطف الأب؛ وهى التجربة التى بنى عليها «مطر» كتاب مذكراته «العودة» الذى صدر عام 2006 وحاز «مطر» بفضله على جائزة «البوليتزر» ودار حول وقائع السجن السياسى الذى كابده والده بعد معارضته لسياسات الزعيم الليبى الراحل معمر القذافى ومصيره الذى لم يُعرف حتى الآن وإن كان الأرجح أنه لقى حتفه على يد النظام الليبى.
وخصصت الصحيفة مقطعا كبيرًا من المقابلة للحديث عن كتاب «مطر» الجديد الذى يحمل عنوان «أصدقائى»، وهى رواية تدور حول قصة حياة شخص ليبى فى المنفى، وتأخذنا عبر أنحاء مدينة الضباب لنتتبع سويًا فترة شبابه وحتى بلوغه منتصف العمر؛ منذ أيام دراسته فى الثمانينيات من القرن الماضى وحتى سقوط نظام «القذافى» عام 2011، وقد وصفها المؤلف الكولومبى خوان جابرييل فاسكيز بكونها «أكثر رواية سياسية» نُشرت لـ «مطر»، ولكنها أيضًا تجسد تأملات عميقة فى مفاهيم حميمية مثل الصداقة والحب.
وفى السطور التالية تستعرض «الشروق» أبرز ما ورد عبر المقابلة:
> كيف بدأت العمل على رواية «أصدقائى»؟
ــ بدأت العمل على المشروع الأدبى منذ سنوات عديدة مضت، عندما كنت فى باريس أكتب رواية «فى بلد الرجال» كتبت على ظهر ظرف ورقى فكرة بسيطة جدًا مؤلفة من سطرين لكتاب تدور حبكته حول ثلاثة أصدقاء ترسو بهم الحياة على شُطْآن مختلفة، وبدأت أفكر فى الأمر أكثر بين عامى 2011 و2012 عندما كنت محاطًا بأصدقاء لى شاركوا بشكل مباشر فى الربيع العربى، ليس فقط فى ليبيا ولكن فى مصر وتونس أيضًا، لقد كان من المثير للاهتمام بالنسبة لى أن أرى أن الطريقة التى نتصرف بها فى مثل هذه المواقف قد لا تتعلق بالقناعة السياسية بقدر ما تتعلق بالمزاج الشخصى والقناعات الفردية، وأردت استكشاف تلك الفكرة بشكل أعمق فى رواية ولكنى كنت بحاجة إلى مرور المزيد من الوقت وأيضًا الانسلاخ عاطفيًا من الأحداث؛ لأنه فى ذلك الوقت لم أكن لأتمكن من كتابة مشهد مثل ذلك الذى ورد فى الكتاب عن مقتل «القذافى».
> هل كنت تنوى كتابة رواية أطول من المعتاد؟
ــ كلا، لقد حاولت دائمًا تأليف كتب قصيرة لأننى لا أحبذ الكتب الطويلة؛ ولكن نطاق هذا الكتاب مختلف لأنه يتناول أحداث أكثر من 30 عامًا تُروى عبر ساعتين سيرًا على الأقدام فقط، لقد سبب لى ذلك مشكلة كبيرة فى الكتابة، لكننى تغلبت عليها بفضل عملى كمهندس معمارى خلال السنوات السبع الأولى من حياتى المهنية لأننى تعلمت أن تعليق رسوماتك على الحائط يساهم فى إنجاز العمل بشكل كبير إذا كنت حائرًا أثناء العمل على أحد المشاريع، وما زلت أفعل ذلك حتى الآن مع كتاباتى، وهكذا كان لدى أثناء كتابة تلك الرواية 250 صفحة على طول الجدران، فى الممر، فى الحمام، وفى كل مكان من أجل تتبع الخط الزمنى للأحداث.
> تدور أحداث الرواية الجديدة حول واقعة إطلاق النار عام 1984 أثناء احتجاجات السفارة الليبية فى لندن وكنت تبلغ من العمر حينها 13 عامًا – هل كان من الصعب الكتابة عن ذلك الأمر؟
ــ فى الحقيقة لقد شعرت دائمًا بأننى قريب من ذلك الحدث؛ لقد تابعت ما حدث من خلال نشرة الأخبار أثناء إقامتى فى القاهرة، وقد ترك أثرا عميقا فى نفسى؛ لم أنس أبدًا منظر الشباب الليبيين الملثمين وهم يتلوون من الألم، أتذكر أننى سمعت أحدهم ينادى على والدته، وتشاء الصدف العحيبة أن بعد ذلك بخمس سنوات أثناء دراستى فى لندن أن أصبح صديقًا لنفس الرجل، كما أصيب صديق آخر لى التقيت به لاحقا فى ذلك اليوم فى نفس الأحداث، وهنا وجب التنويه أننى لم أجلس معهما يومًا ما لجمع المعلومات حول تلك الواقعة بشكل تقريرى، و لكن على مدار 35 أو 40 عامًا من معرفة شخص ما، يمكنك جمع أجزاء من المعلومات الأكثر فعالية تدريجيًا، وقد كنت قلقًا بشأن جعل الأشخاص الذين أعرفهم يشعرون بأننى أستحوذ على تجربتهم ولكن فى الواقع هذا هو مغزى الرواية بالضبط؛ إن لندن وليبيا عالمان مختلفان تمامًا، ولكنهما فى ذلك اليوم التقيا بطريقة وحشية وقاسية وهذا ما أرات تقديمه عبر الرواية.
> لا تدور رواية «أصدقائى» حول فكرة الأب الضائع أو المُختطف وذلك على عكس رواياتك السابقة، فهل طرحت كل ما بداخلك فى هذا الشأن عبر صفحات كتاب «العودة» وبالتالى أتاح ذلك لك كتابة نوع مختلف من الرواية؟
ــ أعتقد أن هذا صحيح؛ لقد شعرت دائمًا أن أصدقائى الأدباء ووكيل أعمالى ودار النشر معجبون للغاية بكمية «المواد الأدبية» التى أملكها بسبب زخم الأحداث التى مررت بها فى حياتى، وهو تعبير لا أحبه حقًا عندما يتعلق الأمر بالأدب؛ فأنا لا أملك الكثير من المواد الأدبية كما يسمونها لأننى قد مررت بالكثير فى حياتى؛ جميعا قد مررنا بالكثير، أنا فقط حذر للغاية بشأن ما أختار مشاركته مع جمهور القراء من بين تلك الأحداث الشخصية العديدة.إن التجربة تخلق عالمها الخاص التى تسحبك بداخله؛ وهو نفس ما حدث مع الروائى الإنجليزى مارتن أميس الذى نشر كتاب مذكرات وثّق من خلاله تجربته مع وفاة والده وأسماه «التجربة»، وهناك أيضًا الروائى الفرنسى مارسيل بروست الذى فى رأيى كتب أروع الروايات على الإطلاق وكان نادرًا ما يغادر غرفته، لذلك فقد حاولت من خلال «العودة» أن أجمع عصارة تجربتى فى هذا الصدد وأبعدها عن الطريق حتى أتمكن من كتابة روايات أخرى فيما بعد، كنت بحاجة إلى كتابة ذلك الكتاب أولًا الذى شعرت أنه يخرج من أعماق ذاتى.
> ما الذى تعكف على قراءته مؤخرًا؟
ــ قصائد الشاعرة الأمريكية الحائزة على جائزة نوبل، لويز جلوك، واسترعى اهتمامى بشكل خاص مجموعتها الشعرية التى تحمل عنوان «وصفات الشتاء من المجموعة»؛ حيث وجدتها رائعة بحق، وقرأت أيضًا الكثير من مجموعات الرسائل ولا أعرف السبب لذلك؛ ربما بسبب الافتقار إلى المراسلات الحقيقية بين الأشخاص ذوى وجهات النظر المختلفة فى العصر الذى نعيش فيه، واستمتعت كثيرا بقراءة رسائل الشاعر الأيرلندى شيموس هينى التى صدرت مؤخرًا، لأن فن كتابة الرسائل لم يعد رائجًا كما كان الحال فى الماضى ومن المثير للاهتمام قراءة مجموعة معاصرة تمامًا.
#الكاتب #العالمى #هشام #مطرعن #روايته #الجديدة #أصدقائى #التجربة #تخلق #عالمها #الخاص #التى #تسحبك #بداخله
تابعوا Tunisactus على Google News