المظاهرات تتجدد في تونس ضد عنف الشرطة
تنتشر الاحتجاجات والمظاهرات، حيث يقذف المتظاهرون المفرقعات والحجارة على قوات الأمن التي ترد بالغاز المسيل للدموع، بالقرب من نقطة شرطة سيدي حسين.
وعلى وقع الغضب الشعبي، تواصلت الاحتجاجات والمظاهرات في ضواحي العاصمة التونسية.
وبعد أكثر من 10 سنوات من الثورة التي أشعلها عنف الشرطة وأطاحت الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، لايزال المتظاهرون يرفعون اليوم لافتات “مَن يحمينا من البوليس؟” و”أنقذوا حياةً.. قاضوا شرطياً”.
وفي مطلع العام الجاري، اعتقلت قوات الأمن حوالي 2000 شخص أغلبهم من القصر في احتجاجات مناهضة للحكومة، وقالت منظمات حقوقية إن مئات منهم تعرضوا لسوء المعاملة والتعذيب أحيانا.
فلماذا يستمر الغضب من جهاز الشرطة في تونس حتى الآن، في البلد الذي شهد الثورة الأنجح بين انتفاضات الربيع العربي؟
تزايد الانتهاكات
يرى الكاتب العام للهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، ضياء الدين نورو، أن الداخلية لم تشهد أي إصلاحات منذ 2011، وقال إنه تم وضع العديد من البرامج الإصلاحية في وزارة الداخلية خاصة فيما يتعلق بالتحقيق داخل مراكز الشرطة والتعامل مع المحتجين، لكنه لم يتم تطبيقها في الواقع.
وأضاف نورو في تصريحات لموقع قناة “الحرة”: “لاحظنا تكرار العديد من انتهاكات الشرطة خلال الشهور الماضية، ورصدتها الهيئة في بياناتها”. وأشار إلى أن هذه الانتهاكات تزايدت مع تعامل الداخلية مع المتظاهرين.
وأوضح نورو أنه تم رصد الكثير من الانتهاكات في تعامل الشرطة مع الاحتجاجات مثل استخدام العنف والقوة المفرطة والاعتقالات العشوائية.
أما الكاتب العام للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بشيري العبيدي، فيرى أن سلوك الداخلية وأعوان الشرطة ساء حالها منذ 2011.
وأضاف العبيدي في تصريحات لموقع “الحرة” أن المعالجة الأمنية للاحتجاجات الشبابية كانت سيئة، مشيرا إلى أن ما حدث في سيدي حسين دليل على ذلك، وتابع: “الشرطة أصبحت معادية للشعب”.
وفي تصريحات لصحيفة الغارديان، قالت المديرة القانونية لمكتب تونس للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، هيلين لجيي، إن الشرطة “تشعر أنها تستطيع فعل أي شيء تريده”. وأضافت “هناك عنف شرطي قاسي ومنتظم يمارس على المواطنين كل يوم. بقدر ما أستطيع أن أرى، الأمر يزداد سوءًا”.
وذكرت الصحيفة أن الأجهزة الأمنية من المؤسسات القليلة في الدولة التي لم يمسها الإصلاح بعد الثورة. وبدلاً من ذلك، ظهر عدد من النقابات التي تعمل على ضمان الإفلات الفعلي من العقاب لأي ضابط أدين بالاعتداء أو التعذيب.
وأوضحت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT)، أن النقابات تمارس ضغطا على القضاة والمحامين، الذين يحققون في قضايا انتهاكات الشرطة، كما يتعرض الضحايا والشهود للتهديد.
إدانات واسعة
عقب الأحداث الأخيرة، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتونس إنها تشعر بالقلق إزاء ادعاءات متكررة عن انتهاكات جسيمة للشرطة التونسية هذا العام، بينما تشهد العاصمة احتجاجات عنيفة منذ ست ليال ضد عنف الشرطة.
وأضافت المفوضية في بيان “تكشف هذه الانتهاكات الخطيرة والمتكررة منذ بداية العام عن استمرار الخلل في أجهزة الأمن الداخلي”.
وبحسب بيان الداخلية، تم إيقاف أفراد الشرطة المسؤولين عن واقعة فيديو الفتى العاري، وقال رئيس الحكومة ووزير الداخلية مؤقتا، هشام المشيشي، إن الحادث غير مقبول وصادم.
وتقول وزارة الداخلية إن الانتهاكات فردية ولا تمثل سياسة ممنهجة للوزارة التي بدات خططا للإصلاح منذ ثورة 2011، التي أنهت 23 عاما من الحكم الشمولي لنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
منذ 4 أشهر، تشهد تونس خلافا بين الرئاسيات الثلاثة، رئيس الجمهورية قيس سعيد، ورئيس الحكومة هشام المشيشي، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، بسبب التعديلات الوزارية.
وبدأت الأزمة منذ أن تجاهل المشيشي الرئيس، ولم يشاوره في التعديل الوزاري، كما لم يشاور إلا الأغلبية البرلمانية المتمثلة في تحالف النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة.
وشمل التعديل الوزاري الذي نال موافقة البرلمان 11 وزيرا، من بينهم وزراء جدد للعدل والداخلية والصحة، بعد أن استبعد رئيس الحكومة وزراء مقربين من الرئيس سعيد، الذي رفض أداء اليمين الدستورية لعدد من الوزراء الجدد، وقال إن بعضهم تتعلق بهم شبهة فساد وتضارب مصالح.
قوبلت مزاعم وزارة الداخلية بأن الضباط الذين ارتكبوا مخالفات سيعاقبون بالسخرية. وقال متظاهر يبلغ من العمر 25 عامًا لم يذكر اسمه لصحيفة الغارديان: “حتى لو قتلوا شخصًا ما، فسيتم تعيينهم في مكان آخر. لن نتوقف عن القتال حتى نحصل على حقوقنا”.
ولم ترد وزارة الداخلية التونسية أو سفارة تونس في أبو ظبي على طلبات للتعقيب حتى وقت نشر الموضوع.
تابعوا Tunisactus على Google News