المورد الثقافي بعد دورتين متتاليتين لدراسة ماجستير السياسات والإدارة الثقافية هدى سيوري: النتيجة إيجابية والمتخرجون يعملون في الحقل الثقافي أو يمثلون مؤسسات ثقافية
بيروت ـ «القدس العربي»: تتجاهل العديد من الدول العربية أهمية الثقافة ودورها الحيوي في حياة الشعوب. والثقافة المقصودة والتي يقبل عليها الجمهور برغبة تتمثل في السينما، والمسرح، والموسيقى على أنواعها. وفي ظل هذا التقصير المتفاوت بين دولة عربية وأخرى في تخصيص وزارات الثقافة بالموازنة التي تمكنها من العمل، فإن مؤسسات رديفة تقوم بالمهمة. مؤسسة المورد الثقافي تعمل منذ سنة 2004 على نطاق عربي يتسع بالتدريج بنشاط في هذا الميدان. وبعد خبرة طويلة في العمل الثقافي وجدت ضرورة لتأسيس برنامج الماجستير للسياسات الثقافية والإدارة الثقافية.
مع هدى سيوري مسؤولة البرنامج هذا الحوار:
○ ماذا في تفاصيل وأهداف الماجستير للسياسات والإدارة الثقافية التي أنشأتها مؤسسة المورد الثقافي؟
• أسس المورد الثقافي الماجستير بالشراكة مع جامعة الحسن الثاني بالمغرب، وجامعة هيلدسهايم في ألمانيا، وكرسي اليونسكو التابع لها للسياسات الثقافية للفنون في التنمية. لدى هاتين الجامعتين الخبرات والخبراء الذين يقدمون الاستشارة والتعاون على صعيد السياسات الثقافية. وهذا الماجستير هو أول تجربة أكاديمية للمورد الثقافي، ويهدف إلى تطوير جيل جديد من الباحثين في السياسات الثقافية، والمدراء الثقافيين من المنطقة العربية، وإلى تعزيز التعاون التربوي والثقافي المشترك، عبر إدخال مناهج أكثر استراتيجية في القطاع الثقافي العام.
○ متى برزت الحاجة لمن يحملون دراسات عليا في الثقافة في عالمنا العربي؟
• في عام 2013 أجرى المورد الثقافي دراسة جدوى لتقييم الحاجة من إنشاء برنامج أكاديمي للدراسات العليا في السياسة الثقافية والإدارة الثقافية في المنطقة العربية، إذ أنّ المعرفة والخبرات الأوروبية أو الأمريكية ليست كافية لمديري الثقافة والباحثين والناشطين في المستقبل في الدول العربية. بدأ العمل على السياسات الثقافية كمشروع من ضمن المشاريع التي ينفذها المورد الثقافي حيث نظّم المورد ورش عمل تدريبية في الإدارة الثقافية لمدراء ثقافيين عرب منذ عام 2005 ما أثمر شبكة كبيرة ومتنوعة من المدربين والمديرين الثقافيين. وفي عام 2009 أجرت مؤسسة المورد الثقافي أول مسح للسياسات الثقافية في 8 دول عربية، ومنذ ذلك الحين قامت بتأسيس ودعم مجموعات السياسات الثقافية الوطنية في 10 دول عربية. وأشارت الخبرات المتراكمة نتيجة هذين البرنامجين للحاجة إلى برنامج دراسة متقدم في السياسات الثقافية والإدارة الثقافية، ولهذا تم تأسيس برنامج الماجستير.
○ هل من أبحاث أدت لولادة مشروع الماجستير الثقافي؟
• أول خطوة في هذا الاتجاه تمثلت بتكوين فريق من خمسة خبراء أكاديميين وميدانيين لإجراء هذا البحث. وتم الاتفاق بين أعضاء الفريق على منهجية بحث تجمع بين الرحلات الميدانية والمقابلات، والبحوث المكتبية والاجتماعات والمناقشات المؤقتة بين أعضاء الفريق. تمت زيارة ثمانية بلدان عربية بهدف اختيار المكان المناسب لإسقبال الماجستير. تكونت أربعة اختيارات كمواقع محتملة للبرنامج هي مصر لبنان وتونس والمغرب. بحث ثانٍ حول البلدان الأربعة أفضى لأن يكون المغرب وجامعة الحسن الثاني، المكان الذي سيستقبل طلاب هذا الماجستير.
○ ما هي العناصر التي أدت لفوز جامعة الحسن الثاني بهذه المهمة؟
• من أهم تلك العناصر وجود برامج دراسات عليا والمكتبات والموارد كقسم مختص في الهندسة الثقافية. ما أثبت ان الجامعة قادرة على الجمع بين البحث الأكاديمي والمشاريع على أرض الواقع، وغير ذلك من المواد التي جاءت من ضمن اهتماماتنا للماجستير الثقافي. وسهّلت جامعة الحسن الثاني عملية الشراكة الرسمية لتأسيس البرنامج بالمغرب مع طلاب واساتذة من الخارج. بالإضافة إلى وجود عامل أساسي آخر متمثل باستقرار المغرب سياسياً. فالطلاب سيأتون من بلدان مختلفة ويحتاجون للإقامة، وغير ذلك من الأمور البيروقراطية التي تسهل هذه الشراكة.
○ هل يقتصر التدريس على المواد الموجودة حصراً في البرنامج أم أضيف لها ما يدعم هدفكم من الماجستير الثقافية؟
• الماجستير هو برنامج مختص وجديد على الجامعة. قامت اللجنة التوجيهية للبرنامج بتحضير المواد المدرجة ضمنه. ويتولى أمور الماجستير مجلس إداري يمثل كل من المورد الثقافي، وجامعة الحسن الثاني وجامعة هيلدسهايم، وخبراء مستقلون من جامعات ومؤسسات أخرى.
○ كم عدد المتقدمين إلى الدفعة الأولى وكم عدد الخريجين؟
• الخريجون 10. ترشح لنيل المنحة 1100 مغربي، وحوالي 100 من بلدان عربية مختلفة. يُذكر أن جامعة الحسن الثاني حكومية. واختصاص الماجستير للسياسات الثقافية جديد من نوعه في البلدان العربية، إنما للمرة الأولى يكون هناك نموذج أكاديمي متكامل للماجستير الثقافي. بالإضافة إلى تميزه بنوعية مواده التي تجمع بين التدريس البحثي الأكاديمي، والتعلم التطبيقي على أرض الواقع. وأسمح لنفسي بالإضافة أن اسم المورد الثقافي في منطقتنا العربية بات عنوانه الثقة لكثير من المدراء والباحثين في الثقافة.
○ وكم عدد المقبولين في الدورة الثانية؟
• نحن الآن بصدد الدفعة الثانية من الخريجين. كانوا 20 واستمرّ فقط 17 منهم. ضاعفنا العدد نتيجة الإقبال الكبير ونجاح التجربة مع الفوج الأول من الخريجين. بلغ المتقدمون من المغرب 1400 و75 من باقي الدول العربية في زمن كورونا الصعب دوليا.
الدفعة الأولى تخرّجت سنة 2020. تستمر الدراسة لسنتين بينها نصف سنة مخصصة لإعداد البحث. الدفعة الأولى من الطلاب حضرت كل الدروس في الدار البيضاء وكذلك الخبراء الذين تعاونا معهم. الدفعة الثانية بدأت الدراسة مع انتشار جائحة كورونا فتمت الدراسة عن بعد.
○ هل اخترتم طلاباً من دول عربية تحتاج إلى تنشيط ثقافي أكثر من سواها؟
• هناك طبعا ضرورة للمحافظة على التنوّع الجغرافي لكن لا يعني ذلك تفضيل بلدان معيّنة عن سواها. الاختيار مرتبط بشكل أساسي بنوعية الطلبات التي يقدّمها الطلاب للالتحاق بالبرنامج والتي تختار منها لجنة التحكيم الطلاب الذين سيشاركون في كل دورة حسب المعايير المتفق عليها سابقاً.
○ من يقرأ الاستمارات ويقرر الاختيار؟
• يتم ذلك على مرحلتين. الاختيار الخاص بالمغاربة متروك كلياً لجامعة الحسن الثاني. والمتقدمون من سائر الدول العربية تتولى اختيارهم لجنة خاصة تمثل الشركاء ومختصين آخرين. ويلتزم المورد الثقافي بتأمين منحة دراسية لتغطية جزئية لمتطلبات الحياة للطالب العربي والمغربي المقبول منذ لحظة وصوله إلى الدار البيضاء.
○ هل من حدود لعمر الطالب المقبول؟
• لا. وهذا يخلق غنى للبرنامج برأينا.
○ يبدو أن المال المرصود لهذه الماجستير كبير جداً. من أين هو؟
• الممول الرئيسي لهذا البرنامج هو مؤسسة فورد.
○ وهل قيمتم حصيلة الفوجين الأول والثاني؟
• صحيح وخلُصنا إلى نتيجة إيجابية للغاية، ونعمل حالياً على تقييم هذه التجربة والحصول على توصيات من المختصين من أجل تحديد الخطوات المقبلة للبرنامج.
○ وماذا عن المهمات التي يقوم بها الفوج الأول من حملة الماجستير؟
• نتواصل معهم كل ثلاثة أشهر للبحث في كيفية التشبيك بينهم وبين الفوج الثاني وآخرين في المجال. 9 من أصل 10 بينهم يعملون في المجال الثقافي. أحدهم تابع دراسته وينجز الدكتوراه. والآخرون يعملون في الحقل الثقافي وتطوير عملهم كأفراد وأشخاص يمثلون مؤسسات. وهذه حصيلة إيجابية للغاية. يُذكر أن 6 من خريجي الفوج الأول من المغرب، والآخرون من مصر وتونس وفلسطين واليمن.
○ في السنوات الخمس المقبلة ماذا تتوقعون من الذين حملوا الماجستير ثقافية؟
• نتوقع بناء جيل جديد من الباحثين والمدراء الثقافيين وصانعي السياسات الثقافية والأكاديميين القادرين على المساهمة في النشاط الثقافي في بلدانهم وفي المنطقة العربية، وتتوفر لديهم قدرات متميزة في التخطيط الاستراتيجي والإدارة الثقافية والسياسات الثقافية، ما يمكّنهم من تولّي دور جوهري في تطوير القطاع الثقافي الحكومي والصناعات الإبداعية والقطاع الثقافي المستقل، إذ يسعى البرنامج إلى بناء القدرات اللازمة التي تمكّن الطلاب من لعب دور فاعل في تعزيز حرية التعبير والحق في الثقافة والتعاون الثقافي الإقليمي والعمل الثقافي على نحو احترافي.
○ هل ترون في الماجستير الثقافية مرحلة متطورة من تاريخكم الذي يعود لسنة 2004؟
• بالتأكيد هي حصيلة تجربة مجموعات السياسات الثقافية بين 2005 و2009. نعمل كداعمين للعاملين في القطاع الثقافي، ونبني أرضية صحيحة بهدف تطويره.
#المورد #الثقافي #بعد #دورتين #متتاليتين #لدراسة #ماجستير #السياسات #والإدارة #الثقافية #هدى #سيوري #النتيجة #إيجابية #والمتخرجون #يعملون #في #الحقل #الثقافي #أو #يمثلون #مؤسسات #ثقافية
تابعوا Tunisactus على Google News