باريس تعدّل موقفها تجاه الرئيس التونسي… وقادة الحراك يطعنون في شرعية حكومته المُقبلة | القدس العربي
منذ 23 ساعة
تونس – «القدس العربي»: بدأت باريس تعدل موقفها من الرئيس قيس سعيّد، حيث هاجمت الصحف الفرنسية «تدابيره الاستثنائية»، فيما أشارت بعض المصادر إلى احتمال إلغاء الرئيس إيمانويل ماكرون مشاركته في القمة الفرنكفونية التي ستعقد في جزيرة جربة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وتزامن ذلك مع تشديد باريس شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب العربي، في وقت عبر فيه قادة الحراك الشعبي المعارض للرئيس سعيد عن رفضه للحكومة التي سيشكلها الرئيس خلال الأيام المقبلة، فيما دعا بعضهم للاستعداد لمرحلة ما بعد سعيد.
وكتب المحلل السياسي طارق الكحلاوي: «منذ ثلاثة أيام، ثمة حملة في الصحف الفرنسية (لوموند وليبراسيون ولوفيغارو) ضد الأمر الرئاسي 117، وعموماً ضد قيس سعيد. لن أتحدث عن المضمون الذي يتضمن الكثير من التسطيح، لكن عندما تلتقي الصحف الفرنسية السائدة بحساسياتها المختلفة على رأي محدد مضموناً وتوقيتاً، فاعلم أنه قريب من الرأي الرسمي، والمحصلة هي رسالة إلى قيس سعيد».
وأضاف في تدوينة أخرى بعنوان «مؤشرات توتر العلاقة بين تونس وفرنسا»: «خبران في سياق ما أشرت إليه سابقاً، الأول: حسب مقال في موقع افريكان انتليجينس، فإن ماكرون لم يؤكد حتى الآن مشاركته في القمة الفرنكفونية في جربة. المقال يقول إن المشكل يعود إلى أشهر مضت بسبب تباطؤ قيس سعيد في التحضير لقمة لم يكن متحمساً لها أصلاً، فالفكرة تعود للباجي قائد السبسي، يضاف إلى ذلك القرار التونسي بتنظيم القمة في جربة التي لا تتوفر، حسب الطرف الفرنسي، على مقومات لوجستية للقمة. طبعاً، من السخرية أن يفسر أي كان ذلك بأن ماكرون صاحب نظرية «ضرورة أن يحكم الرجال الأقوياء إفريقيا» والداعم الأساسي لخليفة حفتر، لديه مشكلة مع الديمقراطية في تونس».
وتابع بقوله: «الخبر الثاني هو قرار باريس تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس رداً على «رفض» الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين من مواطنيها، وفق ما أعلن الناطق باسم الحكومة غابريال أتال، الثلاثاء، لوكلة فرانس برس. مرة أخرى، ننتقد وسننتقد قيس سعيد على انفراده بالسلطة وخرق الدستور في إطار وطني، لكن لن نفعل ذلك في إطار تعزيز والاحتفاء والترويج للموقف الفرنسي كما يفعل أنصار حزام، حاول أن يفعل ذات الشيء مع واشنطن عبر لوبيينغ مؤسسة «Dawn» لقطع المساعدات العسكرية والطبية على تونس وفشل حتى الآن (الإدارة الأمريكية اكتفت حتى الآن بطلب تسقيف زمني)».
وكتب المحلل السياسي زهير إسماعيل: «تغيّر الموقف الفرنسي كان نتيجة إدراك باريس بأنّ الانقلاب صار من الماضي. لذلك، ينطلق إعلامها بلهجة «جديدة» أمام العالم تنتقد توجّه سعيّد من مرجعيّة ديمقراطيّة هي آخر من يؤمن بها. وتبحث في السياق التونسي، أمام تعاظم الحراك المواطني المدافع بجذريّة عن دستور الثورة والديمقراطيّة، عن واجهة سياسيّة لها مدعومة من المنظمة الشغيلة. دخلنا مرحلة جديدة».
فيما عبر قادة الحراك التونسي المعارض للرئيس قيس سعيّد، عن رفضهم للحكومة التي من المفترض أن يعلن رئيسَها خلال أيام، معتبرين أن هذه الحكومة باطلة شرعاً، وأن أعضاءها «متورطون في الانقلاب».
وكتب الخبير الدستوري جوهر بن مبارك: «أيّ حكومة سيعلن عنها سعيّد هي حكومة غير قانونية وفاقدة للشرعية. وسنتعامل معها على هذا الأساس».
وعلق ناشط يدعى كريم، على ما كتبه بن مبارك بالقول: «يجب الاعتراض على أي قرار تتخذه هذه الحكومة أمام المحكمة الإدارية».
ودون الوزير السابق عبد اللطيف المكي: «أي حكومة تُعيّن على خلاف إجراءات دستور 2014 فهي غير شرعية، وقراراتها باطلة، ومن يشارك فيها يُعد مشاركاً في الانقلاب».
وكتب مهدي عبد الجواد، القيادي في حزب تحيا تونس: «ستدخل تونس بكل اطمئنان إلى فضاء اللاشرعية، أو على الأقل فضاء تنازع الشرعية. لن تكون شرعية الحكومة التي سيُعلنُ عنها رئيس الجمهورية كاملة… وستكون كل قراراتها في وضعية تنازع للشرعيات. قد تكون في حُكم الباطلة داخلياً وخارجياً».
وأضاف: «مرسوم الرئيس 117 ليوم 22 أيلول/سبتمبر نسف به الدستور والبرلمان والمؤسسات، ووضعه خارج الشرعية وكل قراراته أيضاً. سيتم الطعن في الحكومة ووزرائها وقراراتها، ومن المُمكن متابعتهم قضائياً».
واعتبر القاضي أحمد الرحموني، أن الرئيس قيس سعيّد «أرسى بموجب الأمر الرئاسي 117 حكومة صورية منزوعة الصلاحيات وتحت هيمنة رئيس الجمهورية، من ذلكأانها تسهر على تنفيذ السياسة العامة للدولة طبق التوجيهات والاختيارات التي يضبطها رئيس الجمهورية (الفصل 17) وأنها مسؤولة عن تصرفها لديه (الفصل 18)».
وأضاف: «ورغم أنه اعتمد في تصوره ذاك على «نظام رئاسوي» استمده من دستور 1 يونيو/حزيران 1959، إلا أنه مع ذلك اتجه إلى الحد من صلاحيات رئيس الحكومة إلى المستوى الأدنى الذي جعل منه مجرد تابع لا يرقى إلى موقع «وزير أول»، من أمثلة ذلك أن الوزير الأول، وطبق دستور 1959، يقترح على الرئيس تعيين بقية أعضاء الحكومة (الفصل 50)، في حين لا يملك ذلك رئيس الحكومة الذي يعينه قيس سعيد مع بقية الوزراء وكتاب الدولة (الفصل 16 من الأمر نفسه)».
وتابع بقوله: «وفي ضوء ذلك، يمكن أن نستنتج بسهولة أن مداولة مجلس الوزراء بشأن أخطر القرارات مصيرية (الحرب والسلم) تختصرها إرادة رئيس الجمهورية واختياراته! وهي وضعية لم يشهد تاريخ البلاد ولا تجارب العالم مثيلاً لها! وفي هذا الخصوص، ينص الفصل 48 من دستور 1959 أن رئيس الجمهورية يشهر الحرب ويبرم السلم بموافقة مجلس النواب».
وكان الرئيس قيس سعيّد، أكد في خطاب ألقاه في مدينة سيدي بوزيد قبل أيام، أنه سيقوم بتكليف رئيس حكومة جديد خلال أيام، مشيراً إلى أن إجراءاته الاستثنائية ستتواصل مع تواصل تجميد عمل البرلمان، وهو ما أكده عبر الأحكام الانتقالية التي تم نشرها لاحقاً في الجريدة الرسمية.
ودعا الإعلامي والناشط السياسي زياد الهاني، إلى مناقشة «مرحلة ما بعد قيس سعيد»، وكتب على صفحته في موقع فيسبوك: «لا يساورني شك في سقوط قيس سعيّد وفشل انقلابه، لكن السؤال الذي يؤرقني هو كيف؟ وضمن أي إطار ستتم إدارة البلاد بعد الإطاحة به؟ ستزيد الاحتجاجات على التوجهات الاستبدادية لقيس سعيّد من الضغوط المسلطة عليه داخلياً وخارجياً، لكن الضربة القاضية ستكون في تقديري من صنع أولئك الذين خاب أملهم فيه، ولم يجدوا من بضاعته غير الشعارات التي تدغدغ المشاعر لكنها لا توفر الخبز».
وأضاف: «تفاقم الأزمة الاقتصادية وعجزه عن إيجاد حلول لها هو الذي سيطيح -حسب رأيي- بقيس سعيّد. لكن كيف سيقتنع بتسليم السلطة التي استولى عليها بقوة موقعه الرئاسي، وحسب ما خبرنا من طبعه لحد الآن، أنه ليس من النوع الذي يقبل التراجع عن خطئه أو الاستقالة، وهو المسكون بهاجس الرسالة المتوجه بها إلى الإنسانية، ويرى في نفسه -حسب تصريح انتخابي سابق له- أنه مبعوث العناية الإلهية؟ من سيجبره على تلاوة بيان الاستقالة؟ ومن ستكون له شرعية قيادة البلاد خلال الفترة الانتقالية بعد الإطاحة به، ويمكنه أن يحظى بالقبول الشعبي الواسع والدعم الدولي؟».
وتابع بقوله: «من المهم أن نعتقد بأن الحراك الشعبي الديمقراطي سيطيح بقيس سعيّد، لكن الأهم هو أن نعرف ونحدد كيف، وماذا بعده؟ ولنفترض أن قيس سعيّد خرج من الحكم بالاستقالة مثلاً، ما الذي يمكنه أن يحصل فيما بعد؟ هذه التساؤلات ليست للمناكفة السياسية، ولا هي من قبيل الترف الفكري. وأرجوكم التفكير فيها، حتى بالنسبة لمن يعتقدون بأن قيس سعيّد باقٍ وسلطانه ممتد. فمستقبل بلادنا يهمنا جميعاً».
#باريس #تعدل #موقفها #تجاه #الرئيس #التونسي #وقادة #الحراك #يطعنون #في #شرعية #حكومته #المقبلة #القدس #العربي
تابعوا Tunisactus على Google News