بعد الفوز بجائزة الدولة التقديرية فى الفنون عازفة الفلوت دكتورة رانيا يحيى: أكثر ما يشغلنى تقديم أعمال صعبة أتحدى بها نفسى فى العزف
العراقيل تخلق التحدي وتبني الإنسان أو تهزمه
أعتبر أكاديمية الفنون بيتى فهى نافذتى على العالم
تعلمت الانضباط من أبيها وأصبحت رفيقة دربه للدرجة التى جعلتها تدرس القانون أسوة به، بينما ورثت الإبداع وحب الفن من والدتها التى غرست داخلها بفطرة الأنثى زرع الجمال في أبسط وأدق التفاصيل .دخلت الكونسرفتوار وهى ابنة الثانية عشرة عازفة فلوت واستمرت بها الرحلة حتى اصبحت عميدا للمعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون، كما نالت مؤخرا جائزة الدولة التقديرية في الفنون إنها الدكتورة رانيا يحيي التي نتحدث معها في هذا الحواركيف استقبلت خبر فوزك بجائزة الدولة التقديرية للتفوق في الفنون ، وهل كان متوقعا أم لا ؟عندما ظهر اسمي ضمن القائمة القصيرة ولد بداخلي أمل الفوز بنسبة 50 ٪ لأن أعداد المتقدمين لجوائز الدولة كبير جدا ، ويوم التصويت كنت خارج مصر ولم أستطع النوم من شدة القلق ، وفجأة وصلتنى أكثر من رسالة كل واحدة تحمل كلمة واحدة فقط هي مبروك ، ثم تلقيت مكالمة تليفونية وعلمت بخبر فوزى بالجائزة وشعرت بالسعادة ممزوجة بمشاعر أخري غريبة لم أعرفها من قبل ، ومر أمام عيني شريط حياتي سريعا ورغم فوزى بعدة جوائز أخري سابقة فإنى شعرت بأن جائزة الدولة التقديرية في الفنون مكافأة وتكليل لجهود كثيرة قمت بها في حياتي ، وأول شخص اخبرته بفوزي هي والدتي.ما الصعوبات التي واجهتك في مشوار حياتك ؟تخرجت فى معهد الكونسرفتوار وكنت الأولي علي الدفعة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف ، وقررت الحصول على الماجستير لكن لم أتمكن من التسجيل لمدة عامين وقيل لي « ماجستير إيه أنت لسه صغيرة » وبعد التسجيل بقيت أربع سنوات حتي حصلت على درجة الماجستير رغم انتهائى من جمع المادة العلمية بعد ستة أشهر من التسجيل.وتكرر الأمر عند تسجيل الدكتوراه حيث بقيت ثلاث سنوات لا أستطيع التسجيل ، وفى ذلك الوقت كنت مدرسا مساعدا وطلبت نقلي من الكونسرفتوار إلي المعهد العالي للنقد الفني وكانت مرحلة انتقالية مهمة فتحت لي آفاقا جديدة ومنحتنى فرصة لكتابة النقد الفني في الصحف والمجلات وقمت بتأليف مجموعة من الكتب ولولا هذه الخطوة لبقيت عازفة فلوت فقط ، لذلك أقول إن العراقيل تخلق التحدي وتبني الإنسان أو تهزمه إذا سيطر عليه اليأس والإحباط.انتقالك إلي مجال النقد الفني ، هل أثر على إحساسك بالموسيقى ؟بالطبع ، النقد الفني أثر علي وجعلني أنظر إلي الموسيقى بنظرة المتلقي وليس العازف فقط ، وترتب على ذلك تغير طريقة تفكيرى في الحفلات التي أقدمها للجمهور ، وبدأت أقدم أعمالا متنوعة تجمع بين المقطوعات الموسيقية الصعبة في العزف وأخري سهلة ، وأيضا موسيقى شرقية ترتبط بالتراث المصري وبدأت أصبغ الفلوت بالطابع الشرقي ، وفى كل حفلة أبحث عن الجديد لأقدمه إلي الجمهور ، وقبل ذلك كان أكثر ما يشغلني هو تقديم أعمال صعبة اتحدي بها نفسي فى العزف.كيف بدأ حبك للموسيقى ولماذا اخترت آلة الفلوت؟نشأت في أسرة عسكرية ليس لها أي علاقة بالفن لكن والدتي شاعرة وتمتلك حسا إبداعيا بالفطرة ، وقد ظهر في أدق تفاصيل حياتنا اليومية مثل طريقة تزيين البيت ،وإعداد السفرة، وتسريحة الشعر ، كما كانت حريصة جدا على اصطحابنا لزيارة المتاحف، ولا أنسي حتى الآن عندما ذهبنا معها أنا وأشقائي عند تمثال محمود مختار وظلت تنطق اسمه علي أجزاء كالتالي» محمود مخ تار» حتى لا ننساه ، أيضا في عيد الطفولة كانت تقيم لنا احتفالا في البيت وتصنع الحلوى وتزينها وتعطيها لنا مع كروت معايدة.وكانت تحضر لنا ألعابا موسيقية وأكثر لعبة جذبتني كانت أكورديون باللون الأزرق والأبيض ولاحظت أني أفضل العزف عليه عن مشاهدة الكارتون .وحصلت على أول درس بيانو في المدرسة بالمرحلة الإبتدائية، بعدها التحقت بالكونسرفتوار كي أتعلم الموسيقى وأصبح هاوية محترفة، وكنت في الثانية عشرة من عمرى ولجنة الاختبار هي التى اختارت لي آلة الفلوت، ومنذ ذلك الوقت اصبح حلمي أن أكون معيدة في الكونسرفتوار، وأعتبر أكاديمية الفنون بيتي لأنها البيت الأول الذي تعلمت فيه حب الموسيقى وتعرفت علي ثقافات مختلفة، فهو كان نافذتي على العالم.
هل الموسيقى تتأثر بالأحوال الاجتماعية والاقتصادية للبلاد؟طبعا، الفن عموما هو انعكاس للواقع ، وانتشار ظاهرة أغاني المهرجانات هو مردود للانعكاس السياسي الذى حدث في 2011 حيث ظهر مسرح الشارع والفرق المستقلة وغيرها ، ودائما يوجد ارتباط وثيق بين السياسة والفن ولدراسة ظاهرة محددة لابد من دراسة الجانب السياسي لأن الفن يبرهن على الواقع السياسي.أما بالنسبة للموسيقى البحتة الموجودة في الأوبرا تجمع بين الروح الشرقية والكلاسيكية العالمية وهذا لم يتأثر سلبيا لأنها وفق أسس عالمية ، لكن قديما عند افتتاح قناة السويس أمر الخديو إسماعيل ببناء دار الأوبرا المصرية وتأسست على أحدث طراز معماري وكانت من ماء الذهب، في ذلك الوقت كانت الأوبرا تستقدم الفرق الأجنبية باعتبارها الأوبرا الوحيدة الموجودة في منطقة الشرق الأوسط، وكان تأثير ذلك على الغناء أن بعض الملحنين مثل عبدالوهاب ورياض السنباطي قاموا بعمل مقطوعات موسيقية لتكون مقدمة لبعض الأغاني، لأن الاختلاف الجوهري بين الموسيقى الشرقية والغربية أن الشرقية تعتمد على الموسيقى مع الغناء لكن الغربية تنحصر بين الموسيقى فقط.كيف تنسقين بين الموسيقى والعزف ودورك في المجلس القومي للمرأة ؟التحقت بالمجلس القومي للمرأة منذ عام 2016 بقرار جمهوري، وقتها كنت مدير العلاقات العامة والإعلام في أكاديمية الفنون لذلك نسقت بروتوكولا بين المجلس القومي للمرأة وأكاديمية الفنون وأنشات وحدات لمناهضة العنف ضد المرأة في الجامعات، وظيفتها تلقي الشكاوى من البنات والسيدات في الجامعات والكليات ولها سلطة اتخاذ أقصى عقوبة على الجاني، أيضا بها مشرفين اجتماعيون ونفسيون لتقديم الدعم النفسي للضحايا.كما أقمت مجموعة من المبادرات والندوات للتوعية بقضايا المرأة ، ومؤخرا أطلقت لجنة الفنون والآداب بالمجلس القومي للمرأة التى أشرف برئاستها مسابقة « قوتنا لمتنا» لمناهضة ظاهرة زيادة أعداد حالات الطلاق وشارك بها 260 شابا وفتاة في مستوى الجمهورية فى أربعة مجالات هم قصة قصيرة ، وشعر غنائي ، ومسرحية من فصل واحد ، وفيلم روائى قصير تعبر عن أسباب الطلاق أو كيفية مواجهة هذه الظاهرة ، وفاز في كل مجال ثلاثة أشخاص ومن المقرر إنتاج الأعمال الفائزة.فى رأيك الشخصي ما هو السبب الرئيسي لزيادة أعداد حالات الطلاق ؟أري أن العنف سواء اللفظي أو البدني بين الزوجين ، والفهم الخاطئ للدين فيما يتعلق بتعدد الزوجات هما من أهم أسباب زيادة حالات الطلاق.هل العنف أصبح ظاهرة ، وما السبب في انتشاره ؟نعم العنف أصبح ظاهرة منتشرة في المجتمع والسبب في ذلك صعوبة الظروف الاقتصادية والسعي وراء الكسب المادي والعمل في أكثر من وظيفة لساعات طويلة دون وجود مساحة للنفس مثل سماع الموسيقى أو ممارسة الرياضة ، بالإضافة إلى انتشار المخدرات.كيف ترين حصة الموسيقى بالمدارس هل هى كافية لمكافحة العنف عند الأطفال ؟غير كافية تماما ، لأن كثيرا من المدارس لا يوجد بها حصص الفنون نظرا لزيادة أعداد الطلاب ، وأتمنى أن يعود المسرح المدرسي وحصة الموسيقى إلى المدارس مرة أخرى ، لأن الفن يجعل الطفل يعبر عن انفعالاته ويعلمه مهارة العمل الجماعي التى نفتقدها في الغالب.من هو عدو المرأة ؟للأسف في أحيان كثيرة تكون المرأة نفسها هى عدو المرأة لأنها يقع عليها مسئولية التنشئة وإذا تعاملت مع أطفالها بتمييز الولد عن البنت ينشأ الولد علي ذلك ، وفى مجال العمل تتعرض المرأة للعنف من المرأة التى ترأسها ، وأحيانا يكون الرجل عدو المرأة عندما يفقد الثقة بها ، ويظهر ذلك في الانتخابات عندما يرفض انتخاب السيدات المرشحات.ما هي أحلامك بعد حصولك علي جائزة الدولة التقديرية في الفنون ؟أحلامي لا تتوقف ، فالجائزة تدفعني للاستمرار فلدىَّ أكثر من مشروع لكتب جديدة إلي جانب الاستمرار في الأبحاث والدراسات وتقديم الحفلات.رغم فوزى بالعديد من الجوائز في مسابقات مختلفة فإن جائزة الدولة التقديرية لها «غلاوة خاصة» لأنها تحمل اسم بلدي مصر ، وأعتبرها تاجا على رأسي ، وأتمنى اتسلم تكريم جائزة الدولة التقديرية من سيادة الرئيس السيسي راعي الثقافة والإبداع والمبدعين وأحلم أن تتحقق هذه الأمنية قريبا.
رابط دائم:
#بعد #الفوز #بجائزة #الدولة #التقديرية #فى #الفنونعازفة #الفلوت #دكتورة #رانيا #يحيى #أكثر #ما #يشغلنى #تقديم #أعمال #صعبة #أتحدى #بها #نفسى #فى #العزف
تابعوا Tunisactus على Google News