بعد المريمي… هل سلّمت حكومة الدبيبة السنوسي إلى واشنطن؟
لم يهدأ الرأي العام الليبي بعدُ حول قضية تسليم ضابط المخابرات الليبي المريمي، الذي أثار جدلاً وإرباكاً كبيرين بين الفرقاء الليبيين، الذين وجهوا موجات من الغضب والهجوم الشديد على رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة، واعتبروه مسؤولاً بشكل مباشر عن التفريط في سيادة واستقلال ليبيا، وقد انفجر أخيراً خبر تسليم عبد الله السنوسي، صهر العقيد الراحل معمر القذافي، رئيس جهاز الاستخبارات السابق، إلى السلطات الأمريكية.
وبرغم تضارب الأنباء حول صحة الخبر، فقد تصاعد غضب الليبيين على كافة المستويات ضدّ الدبيبة، واعتبروا أنّ ما جرى يمثل خرقاً لسيادة بلادهم، وتفريطاً في حق المواطن، بينما تتمسك حكومة الوحدة الليبية بنفيها تسليم السنوسي.
عائلة السنوسي تؤكد والحكومة تنفي
هذا، وأكدت عائلة السنوسي والمقربون منه أنّهم لم يتمكنوا من التواصل معه في الفترة الماضية، وأنّ هناك تسريبات وصلت إليهم من داخل قاعدة معيتيقة بالعاصمة طرابلس التي تسيطر عليها ميليشيات الردع بقيادة عبد الرؤوف كارا، ويُحتجز فيها السنوسي، بأنّه قد تم تسليمه بموجب طلب أمريكي لحكومة الدبيبة، وفي إطار التعاون القضائي بين البلدين، وأنّ إعلان ذلك مسألة وقت.
وقد وصفت عضو مجلس النواب “عائشة الطبلقي” تسليم المواطن الليبي المريمي إلى واشنطن بعملية البيع، وتابعت: “إن حدث، وتم تسليم السنوسي فعلاً، فمعنى ذلك بدأت عملية بيع الليبيين الواحد تلو الآخر”، بحسب تصريحات أدلت بها إلى وسائل إعلام محلية.
بالمقابل، نفى مصدر في حكومة الدبيبة في تصريحات لـ “العربية” تسليم عبد الله السنوسي، مؤكداً أنّه ما يزال في سجن في العاصمة طرابلس منذ عام 2012″.
وقال محمد حمودة، الناطق باسم حكومة الدبيبة: إنّ “خبر تسليم السنوسي غير صحيح”. وأضاف في تصريح لـ “الشرق الأوسط”: “لا توجد لديّ أيّ معلومة بخصوص طلب أمريكي بهذا الخصوص”، لكنّه مع ذلك “امتنع عن توضيح موقف حكومته بشأن تسليم السنوسي في حالة تقديم الولايات المتحدة طلباً بشأنه”.
قبائل ليبية تهدد
ومنذ أسابيع، ومع عودة قضية لوكربي إلى الواجهة، وبدء محاكمة المريمي، أحد المشتبه بهم في هذا الحادث أمام القضاء الأمريكي، بعد تسلّمه من حكومة طرابلس، تقود قبائل فزان التي ينتمي إليها السنوسي وعائلته، ضغوطاً للإفراج عنه، وسط مخاوف من أن يلقى السنوسي المصير نفسه، ويكون الهدف المقبل، وهو الذي ذكر اسمه في التحقيقات المرتبطة بالحادثة.
تصاعد غضب الليبيين ضدّ الدبيبة واعتبروا أنّ ما جرى يمثل خرقاً لسيادة بلادهم، وتفريطاً في حق المواطن
وهدّدت قبائل فزّان بقطع إمدادات المياه من النهر الصناعي وقطع الغاز عن إيطاليا، في حال عدم الإفراج عن عبد الله السنوسي، أو في حال تسليمه إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
في الأثناء، تسود حالة احتقان شعبي عدداً من مناطق ليبيا، خاصة إقليم فزّان والمنطقة الوسطى، بعد الحديث عن إمكانية إقدام حكومة الدبيبة على تسليم عبد الله السنوسي إلى واشنطن لمقاضاته في قضية لوكربي، في مشهد من المحتمل أن يدفع نحو تفاقم الصراع السياسي والاجتماعي داخل البلاد.
من هو السنوسي؟
وكان السنوسي (71) عاماً زوج أخت صفية فركاش الزوجة الثانية للقذافي، المحكوم عليه بالإعدام لدوره في قمع الثورة التي أدت إلى إسقاط النظام السابق عام 2011، ضمن الدائرة المقربة جداً من القذافي، وأدار لفترة طويلة الاستخبارات العسكرية الليبية.
ويشتبه في قيام السنوسي بـ “دور ما في قتل أكثر من (1200) سجين في سجن أبو سليم بطرابلس عام 1996″، كما ارتبط اسمه بحادث تفجير طائرة أمريكية فوق بلدة لوكربي الأسكتلندية عام 1988، أسفر عن سقوط (270) قتيلاً.
والسنوسي موضوع على مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية منذ 27 حزيران (يونيو) 2011، بتهمة القيام “من خلال جهاز الدولة الليبية وقوات الأمن الليبية” بارتكاب “مجازر وعمليات تنكيل بحق مدنيين تشكّل جرائم ضد الإنسانية” منذ بداية الثورة، وخصوصاً في طرابلس وبنغازي ومصراتة أكبر مدن ليبيا.
قبائل فزان تقود ضغوطاً للإفراج عن السنوسي وسط مخاوف من أن يلقى مصير المريمي نفسه
وألقي القبض على السنوسي عام 2012، بعد وصوله في رحلة جوية من موريتانيا إلى المغرب مستخدماً جواز سفر لدولة مالي.
وتنظر دول غربية إلى عبد الله السنوسي، أحد القيادات التي كانت مقربة من القذافي، على أنّه الصندوق الأسود للنظام السابق، بينما يلتزم هو الصمت منذ اعتقاله ومحاكمته طيلة الأعوام الماضية.
معلومات استباقية عن تسليم السنوسي
وقبل يومين، ذكرت وكالة “سبوتنيك” الروسية، نقلاً عن مصادر ليبية، أنّ هناك مخاوف لدى القبائل الليبية على مصير عدد من رموز نظام القذافي المحتجزين في سجون بطرابلس، قد يتم تسليمهم ضمن صفقة يعقدها الدبيبة مع الولايات المتحدة لتعزيز نفوذه وموقعه في نزاع الشرعية مع حكومة منافسة في شرق البلاد.
وبحسب المصدر ذاته، حذّرت المصادر الليبية من تصعيد القبائل ضد حكومة الدبيبة في حال لم تفرج عن السجناء السياسيين، مؤكدة أنّ واشنطن طلبت بالفعل من السلطة في طرابلس تسليم عبد الله السنوسي كاتم أسرار النظام السابق.
وجاءت تحذيرات القبائل الليبية بعد معلومات مؤكدة عن عزم الدبيبة تسليم السنوسي للولايات المتحدة، بعد تسليمه الضابط السابق المريمي، المتهم حالياً بأنّه شريك الراحل عبدالباسط المقرحي المتهم في قضية لوكربي، التي يفترض أنّه تمّت تسويتها وإغلاق ملفها، على أساس التسوية التي حدثت في عهد القذافي.
وكان الدبيبة قد اعترف بتسليم أبوعجيلة مسعود المريمي إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمحاكمته في تفجير “لوكربي”، وقال إنّه “إرهابي متهم بتصنيع المتفجرات التي أودت بحياة أكثر من (200) شخص بريء”.
وهاجم الدبيبة كلّ من انتقد قرار تسليم المريمي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومن تحدث عن انتهاك السيادة الليبية، وقال: إنّ أحدهم “عميل يتلقى التمويل من دول أخرى، والآخر تاجر مخدرات”.
مواضيع ذات صلة:
– تسليم المريمي إلى الولايات المتحدة يفجر تناقضات التيار الإسلاموي في ليبيا
– لا يُقارن بما فعله القذافي… باشاغا يُعلق على تسليم المريمي
– مسؤولون ليبيون: ميليشيات نافذة اعتقلت المريمي وسلمته لواشنطن
#بعد #المريمي.. #هل #سلمت #حكومة #الدبيبة #السنوسي #إلى #واشنطن
تابعوا Tunisactus على Google News