بعد تغيير الحكومة التونسية.. الفشل والنجاح يحدده الرئيس
تونس/ عادل الثابتي / الأناضول** المحلل السياسي بولبابة سالم:- ستتغير بعض الشخصيات في حكومة الحشاني، لكن تبقى السياسات دائما بيد رئيس الجمهورية- مشكلة الحكومة مرتبطة بالأزمة الاقتصادية، والأداء الاتصالي لرئيسة الحكومة السابقة كان ضعيفا** المدير العام الأسبق للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية طارق الكحلاوي:- التغيير الجديد في رئاسة الحكومة يعود لملفات معطلة بينها المالي والاقتصادي- أخذ مسافة من الحكومة وتحميلها الفشل ذهنية عامة في تاريخ النظام الرئاسي بتونسمنذ مطلع العام 2023، شهدت الحكومة التونسية الكثير من التغييرات شملت وزراء ومسؤولين كبار بما فيهم رئاسة الحكومة، وسط مصاعب اقتصادية متتالية زاد من وطأتها آثار جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.وفي 2 أغسطس/ آب الجاري، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد عن تعيين أحمد الحشاني رئيسا للحكومة خلفا لنجلاء بودن، ليكون التغيير الكبير الثاني بالحكومة بعد أن فرض سعيد إجراءات استثنائية في 25 يوليو/ تموز 2021، بينها حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة وإقرار دستور جديد عبر استفتاء.وخلال أداء الحشاني اليمين الدستورية، ركز سعيد على أن دوره الرئيسي يتمثل في “رفع التحديات والحفاظ على الوطن والسلم الأهلي”، دون توضيح ماهية هذه المتطلبات.ويعرف الحشاني بأنه رجل دولة متقاعد قادم من عالم المال والأعمال، وتدرّج في مسؤوليات بوزارة المالية وتقلد مناصب قيادية في البنك المركزي، قبل أن يتقاعد خلال فترة رئيس البنك السابق الشاذلي العياري (2012 – 2018).وبينما يتحدث البعض عن أسباب التغيير المفاجئ برئاسة الحكومة، قال خبيران تونسيان إن الأهم هو “تغيير السياسات من أجل أداء جيد للحكومة بدلا من تغيير الأشخاص”.وقال المدير العام الأسبق للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية (تابع للرئاسة) طارق الكحلاوي، للأناضول، إن “توجه رئيس الجمهورية سيظهر في التغيير الحكومي وليس في تغيير رئيس الحكومة”.بينما أوضح المحلل السياسي بولبابة سالم، للأناضول أن “تغييرا حكوميا جديدا قد يشمل بعض المسؤولين في حكومة الحشاني، لكن تبقى السياسات دائما بيد رئيس الجمهورية”.أسباب التغييروحول إقالة بودن وتعيين الحشاني بديلا، قال سالم: “ليست هناك أسباب واضحة للإقالة، لأنه كان من المفروض أن يتم تقييم حول ما وعدت به (بودن) وما نفذ وما لم ينفذ”.وذكر بولبابة أن بودن “لم تعد بشيء وكانت شبه غائبة إعلاميا، لأن رئيس الحكومة في النهاية مطالب بالتنفيذ وليس مطالبا بالرؤى والتصورات التي يعطيها الرئيس وفق نص دستور 2022”.وتقول المادة 87 من الدستور التونسي إن “رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة”.ووفق المادة 100، فإن رئيس الجمهورية يضبط السّياسة العامّة للدّولة ويحدّد اختياراتها الأساسيّة ويعلم بها مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم.من جانبه، قال المدير العام الأسبق للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية (تابع للرئاسة) طارق الكحلاوي، إن تغيير بودن “قد يكون لأسباب صحية”، مبينا أنه “ليس هناك تقييم واضح من الرئيس لما حصل خلال فترة تولي نجلاء بودن”.وأوضح الكحلاوي أن “توجه رئيس الدولة سيظهر في التغيير الحكومي وليس في تغيير رئيس الحكومة”.من يتحمل الفشل؟يرى سالم أن “رئيس الدولة لا الحكومة هو الذي يتحمل نجاح الحكومة أو فشلها، لأنه هو الذي يختار الشخص المناسبة وينجز التصورات والاختيارات الاقتصادية والاجتماعية للدولة”.ولفت إلى أن التغيير الأخير في رئاسة الحكومة “جاء مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وطوابير الخبز وتزايد شكاوى المواطنين من سوء الأوضاع المعيشية”.وأضاف: “التغيير جاء لإحداث نوع من الرجة السياسية فقط وليست له مفاعيل أخرى، لأننا لم نر أن بودن تحدثت عن إصلاحات ستقوم بها ولا سمعنا رئيس حكومة الجديد يتحدث أمام البرلمان عن برنامجه”.وكرر سالم القول إن “كل السلطات والمسؤوليات بيد رئيس الجمهورية، وتغيير شخص بآخر لا أتصور أن يعطي نتيجة”.وفي ذات الاتجاه، مضى الكحلاوي قائلا: “رئيس الجمهورية هو من قرّر أن تكون الحكومة هي حكومة الرئيس، وبالضرورة أن ينعكس هذا على تحمله مسؤولية نجاح الحكومة أو فشلها، فهو بحكم دستور 25 يوليو 2022 المسؤول عن السلطة التنفيذية”.واستدرك: “يصر رئيس الجمهورية على أن يعطي الحكومة توجيهات عامة ويطلب منها في ذات الوقت أنها تذهب في توجه معين، والحكومة تقوم بتنفيذ قرارات الرئيس”.ووفق الكحلاوي، فإن هذا الطريق يقود في النهاية إلى “أخذ مسافة من الحكومة وتحميلها الفشل”، موضحا أن “هذا ليس بجديد في الذهنية العامة بتاريخ النظام الرئاسي في البلاد، حيث أن الرئيس يأخذ مسافة من الحكومة وتتحمل الأخيرة الفشل في حال وقوعه”.ملفات معطلةوبرأي الكحلاوي، فإن أسباب الرئيس في تغيير رأس الحكومة “تعود إلى عدة ملفات معطلة، أهمها الملف المالي والاقتصادي، لاسيما شق التمويلات المتعلق بصندوق النقد الدولي، وموضوع تموين السوق بالحاجات الأساسية كالقمح”.ومنذ فترة، تشهد تونس أزمة حادة في التزود بالمواد الغذائية الأساسية تمثلت مؤخرا في الطوابير الطويلة للحصول على الرغيف أمام المخابز.ومن الملفات المعطلة المرتبطة بالجانب المالي، يذكر الكحلاوي، أن “هناك مسائل لم يظهر فيها أي تقدم خلال فترة الحكومة السابقة مثل قضية الصلح الجزائي (تسويات تتعلق بجرائم مالية)”.وفي مارس/ آذار انتقد سعيد خلال زيارة أجراها لمقر لجنة الصلح الجزائي بالعاصمة تونس “تراخي لجنة الصلح الجزائي مع الفاسدين”، قائلاً إن “الأموال التي تم الاعتراف بنهبها من الفاسدين بلغت 4.35 مليارات دولار ويجب استرجاعها”.وانتقد سعيد عمل اللجنة بشدة قائلاً: “نبقى نبحث عن الأموال من الخارج، في حين الأموال موجودة في تونس، هذا التراخي غير مقبول”.وفي 22 مارس 2022، أعلنت تونس إقرار صلح جزائي يتعلق بـ”الجرائم الاقتصادية والمالية” في قضايا فساد مقابل استرداد أموال، بحسب مرسوم رئاسي”.تغيير السياساتوحول إمكانية نجاح الحشاني فيما فشلت فيه حكومة بودن، قال سالم: “رئيس الحكومة يعيّن أعضاءها لكن بالتشاور مع رئيس الجمهورية الذي يعود له في النهاية الاختيار والسياسات”.وذكر سالم أنه “إذا كانت السياسات ستتغير فسياسات الرئيس هي التي ستتغير وليست سياسات رئيس الحكومة الذي هو مسؤول فقط عن التنفيذ، لذا فالنجاح والفشل هنا يعود لرئيس الحكومة”.وأوضح أن “مشكلة الحكومة مرتبطة بالأزمة الاقتصادية ومسألة التزود بالمواد الأساسية”، مشيرا أن “أداء بودن الاتصالي كان ضعيفا، فلم تقدم مشروعا في البرلمان ولم نسمع لها صوتا”.وتساءل سالم: “هل سيكون رئيس الحكومة الجديد نسخة من بودن، أم أنه سيحاول الظهور والإجابة عن أسئلة الرأي العام؟ الآن مرت أيام على تعيينه ولم يتكلم، التغيير تم في عطلة برلمانية ولم نسمع أنه صرح أو أدلى ببرنامج للرأي العام”.وأضاف المحلل التونسي: “الأمور في البلاد لا تسير بالطريقة التقليدية التي كانت ما قبل 25 يوليو، بالتالي تغيير الأشخاص لا يكفي، إذ لابد من تغيير السياسات”.تغيير منتظروتوقع سالم أن يحدث تغيير حكومي جديد في تونس بعد تعيين الحشاني، قائلا: “التغيير الحكومي منتظر، لأن أي حكومة بعد عامين من تعيينها لابد أن يحدث فيها تغيير”.وأضاف: “نجلاء بودن بقيت سنتين ورئيس الحكومة الحالي سيبقى إلى موعد الانتخابات الرئاسية (متوقعة في خريف 2024)”.وبدا سالم متشائما من تغير الأمور مع رئاسة الحكومة الجديدة، وقال: “لا أتصور أن الأمور ستتغير كثيرا، ربما في بعض الشخصيات، لكن تبقى السياسات دائما بيد رئيس الجمهورية”.وبرأي الكحلاوي، فإن “حتى الوزراء لن يختارهم رئيس الحكومة بل سيختارهم رئيس الجمهورية”، متوقعا أن “يشمل التغيير المرتقب الوزراء ذوي الصلة بالملف الاقتصادي ومكثوا لفترة طويلة في مناصبهم منهم وزيرة المالية (سهام البوغديري نمصية) ووزير الاقتصاد ( سمير سعيّد)”.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
#بعد #تغيير #الحكومة #التونسية. #الفشل #والنجاح #يحدده #الرئيس
تابعوا Tunisactus على Google News