بين المطرقة والسندان.. غاز الجزائر “حائر” بين المعسكر الروسي والغربي
وبالنسية لإيطاليا التي تلقّت إمدادات غاز من الجزائر بنحو 21 مليار متر مكعب 2021، مقارنة بنحو 29 مليار متر مكعب من روسيا، وقعت اتفاقاً لزيادة مشترياتها من بنحو 9 مليارات متر مكعب إضافية سنويا خلال عامي 2023 و2024، أي ما يعادل 12 في المئة من استهلاكها من الغاز العام الماضي.
وبحسب وكالة "بلومبيرغ" للأنباء، فإن الجزائر تعتبر موردا رئيسيًا للغاز لكل من إيطاليا وإسبانيا، وثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي بعد روسيا والنرويج، ما قد يجعلها أداة للتخفيف من اضطرابات سوق الغاز.
وتعد شركة "ونترشال ديا" الألمانية من أبرز الشركات الناشطة بقطاع النفط الجزائري منذ 2002، حيث دخلت كأحد شركاء مشروع "رقان نورد" الذي يحتوي 6 حقول غاز و19 بئرا تنتج 2.8 مليار متر مكعب سنوياً، والمتوقع أن يستمر في الإنتاج إلى 2041.
ويقول نائب رئيس الشركة، توماس رتمان، إنه "لطالما كانت الشركة شريكًا فاعلًا في مشروع رقان نورد، ويسعدنا تعزيز دورنا"، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية.
كما يجري الحديث عن إحياء مشروع خط أنابيب الغاز "ميدكات" MidCat لنقل الغاز الجزائري من إسبانيا، التي تستورد حوالي 40 في المئة من الجزائر، إلى فرنسا.
الجزائر أمام اختيار صعب
وألقت أزمة الغاز في أوروبا وحرب أوكرانيا بالجزائر داخل دائرة الضوء الدولي والزخم الدبلوماسي، لكنها وضعت هذا البلد العربي في اختيار صعب ما بين المعسكرين الروسي والغربي.
وخلال الأسابيع الأخيرة، توالي الزيارات الأميركية والإيطالية والفرنسية والألمانية عليها للبحث عن بدائل للغاز، لكن موسكو استغلت مناسبة مرور 60 عاما من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لمحاولة قطع الطريق على الغرب واستمالة الجزائر في مربعها بزيارة أجرها الثلاثاء وزير خارجيتها سيرغي لافروف.
وخلال الزيارة حاول لافروف تذكير الجزائريين بوجود "ميزة إضافية تميز علاقات البلدين هي أن كلا البلدين عضوان في مجموعة الأصدقاء لميثاق الأمم المتحدة"، لافتاً إلى أن بلاده لديها ما يكفي من المشترين لمواردها من الطاقة خارج نطاق دول الغرب.
وفي سبتمبر الماضي تعهدت الجزائر وشركة غازبروم الروسية العملاقة للغاز الطبيعي بالعمل معًا في مجال إنتاج ونقل الغاز، وأعلنتا أن "حقل غاز الأصيل" الذي يتم تطويره بشكل مشترك سيدخل حيز الإنتاج في 2025.
ومن أوكرانيا كان هناك تحرك آخر لقطع الطريق على روسيا، إذ أجرى وزير الخارجية الأوكراني ديميترو كوليبا مباحثات هاتفية مع نظيره الجزائري رمطان لعمامرة، يوم الأحد، استعرض العلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق تعزيزها في مختلف المجالات.
كما جاءت زيارة لافروف بعد أخرى أجراها نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، حيث كانت الأولى من نوعها لوزير خارجية أميركي منذ 22 عاما، ووسط تقارير غربية تحدثت عن ضغوط أميركية على الجزائر لزيادة إمدادات الغاز لأوروبا ومحاولة استمالة هذا البلد بالصف الغربي.
ويقول الخبير الجزائري في شؤون الطاقة، مهماه بوزيان، إن العلاقات بين الجزائر وروسيا تحكمها "ارتباطات تاريخية واستراتيجية عميقة كمصادرات السلاح، حيث تعد الجزائر ثالث أكبر مشتري للسلاح الروسي بنحو 11 مليار دولار".
ويضيف، لموقع سكاي نيوز عربية، أن "روسيا تحاول الحفاظ على سعر الغاز، والتنسيق مع الجزائر في ذلك، كما أن زيادة إنتاج أي دولة من الغاز مرتبط بإمكانية توفر قدرات إنتاج إضافية، لكن واقع صناعة الغاز اليوم عالميا يقع تحت تأثير عجز الاستثمارات ما يحد ّمن إمكانية رفع الإنتاج".
المطرقة والسندان
ورغم التهافت الأوروبي، لا يتوقع خبراء الطاقة أن تستطيع الجزائر إنقاذ أوروبا وتخليصها من الاعتماد على الغاز الروسي، بحسب موقع" إذاعة ألمانيا".
ونقلت عن خبير الطاقة جورج زاكمان، قوله: "لا يمكن أن تنتج الجزائر كميات أكبر من الغاز بين عشية وضحاها"، حتى لو كان لدى البلاد "احتياطيات كبيرة جدا من الغاز".
أما المحلل الاقتصادي سيريل فيدرشهوفن، فيقول إن "الجزائر تواجه موقفًا صعبًا"، مضيفًا أنه "إذا أرادت الاستمرار كمصدر رئيسي للطاقة، ومساعدة أوروبا، فهذا أمر منطقي، لكن ذلك سيهدد علاقاتها مع موسكو".
ويردف: "من غير الواضح مدى قدرة الجزائر على أن تكون بديلًا فعليًا لروسيا، في الوقت الذي تعاني فيه من جمود صادراتها النفطية بسبب نقص الاستثمارات في القطاع، والنمو السريع للطلب المحلي".
ويقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، حسين قادري، إن الزخم الدبلوماسي الذي شهدته البلاد منذ اندلاع الأزمة في أوكرانيا وأزمة الغاز الروسي "وضع البلاد بين المطرقة والسندان".
ويضيف، لموقع سكاي نيوز عربية، أن "الجزائر يمكن أن تكون بديلا، لكنها في الوقت ذاته تحتاج الاستثمار لأن إمكانياتها بمجال الطاقة لا تسمح لها بتعويض الغاز الروسي على المدى القصير".
“>
وآخر تلك العواصم كانت برلين التي تستورد حوالي 55 في المئة من الغاز الروسي، حيث تستعد للاستحواذ على حصة شركة “إديسون” الأميركية بحقل “رقان نورد” الجزائري بقيمة قدرها 100 مليون دولار، وفقا لشركة “ونترشال ديا” الألمانية.
ومخاوف أوروبا من قطع الغاز الروسي واللجوء للجزائر قد يضع الأخيرة بين “المطرقة والسندان” وفي “اختيار صعب” ما بين المربع الروسي والانحياز لأوروبا والغرب، وفق خبراء.
والجزائر تعد المصدّر الإفريقي الأول للغاز والسابع عالميا، لكن البنية التحتية القديمة وزيادة الاستهلاك المحلي تعرقلان زيادة صادراتها.
تهافت أوروبي
وتعمل في الجزائر، وفق عقود تقاسم الإنتاج، العديد من شركات الطاقة الأجنبية مثل إيني الإيطالية وتوتال إنيرجيز الفرنسية وإيكونور النرويجية.
وبالنسية لإيطاليا التي تلقّت إمدادات غاز من الجزائر بنحو 21 مليار متر مكعب 2021، مقارنة بنحو 29 مليار متر مكعب من روسيا، وقعت اتفاقاً لزيادة مشترياتها من بنحو 9 مليارات متر مكعب إضافية سنويا خلال عامي 2023 و2024، أي ما يعادل 12 في المئة من استهلاكها من الغاز العام الماضي.
وبحسب وكالة “بلومبيرغ” للأنباء، فإن الجزائر تعتبر موردا رئيسيًا للغاز لكل من إيطاليا وإسبانيا، وثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي بعد روسيا والنرويج، ما قد يجعلها أداة للتخفيف من اضطرابات سوق الغاز.
وتعد شركة “ونترشال ديا” الألمانية من أبرز الشركات الناشطة بقطاع النفط الجزائري منذ 2002، حيث دخلت كأحد شركاء مشروع “رقان نورد” الذي يحتوي 6 حقول غاز و19 بئرا تنتج 2.8 مليار متر مكعب سنوياً، والمتوقع أن يستمر في الإنتاج إلى 2041.
ويقول نائب رئيس الشركة، توماس رتمان، إنه “لطالما كانت الشركة شريكًا فاعلًا في مشروع رقان نورد، ويسعدنا تعزيز دورنا”، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية.
كما يجري الحديث عن إحياء مشروع خط أنابيب الغاز “ميدكات” MidCat لنقل الغاز الجزائري من إسبانيا، التي تستورد حوالي 40 في المئة من الجزائر، إلى فرنسا.
الجزائر أمام اختيار صعب
وألقت أزمة الغاز في أوروبا وحرب أوكرانيا بالجزائر داخل دائرة الضوء الدولي والزخم الدبلوماسي، لكنها وضعت هذا البلد العربي في اختيار صعب ما بين المعسكرين الروسي والغربي.
وخلال الأسابيع الأخيرة، توالي الزيارات الأميركية والإيطالية والفرنسية والألمانية عليها للبحث عن بدائل للغاز، لكن موسكو استغلت مناسبة مرور 60 عاما من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لمحاولة قطع الطريق على الغرب واستمالة الجزائر في مربعها بزيارة أجرها الثلاثاء وزير خارجيتها سيرغي لافروف.
وخلال الزيارة حاول لافروف تذكير الجزائريين بوجود “ميزة إضافية تميز علاقات البلدين هي أن كلا البلدين عضوان في مجموعة الأصدقاء لميثاق الأمم المتحدة”، لافتاً إلى أن بلاده لديها ما يكفي من المشترين لمواردها من الطاقة خارج نطاق دول الغرب.
وفي سبتمبر الماضي تعهدت الجزائر وشركة غازبروم الروسية العملاقة للغاز الطبيعي بالعمل معًا في مجال إنتاج ونقل الغاز، وأعلنتا أن “حقل غاز الأصيل” الذي يتم تطويره بشكل مشترك سيدخل حيز الإنتاج في 2025.
ومن أوكرانيا كان هناك تحرك آخر لقطع الطريق على روسيا، إذ أجرى وزير الخارجية الأوكراني ديميترو كوليبا مباحثات هاتفية مع نظيره الجزائري رمطان لعمامرة، يوم الأحد، استعرض العلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق تعزيزها في مختلف المجالات.
كما جاءت زيارة لافروف بعد أخرى أجراها نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، حيث كانت الأولى من نوعها لوزير خارجية أميركي منذ 22 عاما، ووسط تقارير غربية تحدثت عن ضغوط أميركية على الجزائر لزيادة إمدادات الغاز لأوروبا ومحاولة استمالة هذا البلد بالصف الغربي.
ويقول الخبير الجزائري في شؤون الطاقة، مهماه بوزيان، إن العلاقات بين الجزائر وروسيا تحكمها “ارتباطات تاريخية واستراتيجية عميقة كمصادرات السلاح، حيث تعد الجزائر ثالث أكبر مشتري للسلاح الروسي بنحو 11 مليار دولار”.
ويضيف، لموقع سكاي نيوز عربية، أن “روسيا تحاول الحفاظ على سعر الغاز، والتنسيق مع الجزائر في ذلك، كما أن زيادة إنتاج أي دولة من الغاز مرتبط بإمكانية توفر قدرات إنتاج إضافية، لكن واقع صناعة الغاز اليوم عالميا يقع تحت تأثير عجز الاستثمارات ما يحد ّمن إمكانية رفع الإنتاج”.
المطرقة والسندان
ورغم التهافت الأوروبي، لا يتوقع خبراء الطاقة أن تستطيع الجزائر إنقاذ أوروبا وتخليصها من الاعتماد على الغاز الروسي، بحسب موقع” إذاعة ألمانيا”.
ونقلت عن خبير الطاقة جورج زاكمان، قوله: “لا يمكن أن تنتج الجزائر كميات أكبر من الغاز بين عشية وضحاها”، حتى لو كان لدى البلاد “احتياطيات كبيرة جدا من الغاز”.
أما المحلل الاقتصادي سيريل فيدرشهوفن، فيقول إن “الجزائر تواجه موقفًا صعبًا”، مضيفًا أنه “إذا أرادت الاستمرار كمصدر رئيسي للطاقة، ومساعدة أوروبا، فهذا أمر منطقي، لكن ذلك سيهدد علاقاتها مع موسكو”.
ويردف: “من غير الواضح مدى قدرة الجزائر على أن تكون بديلًا فعليًا لروسيا، في الوقت الذي تعاني فيه من جمود صادراتها النفطية بسبب نقص الاستثمارات في القطاع، والنمو السريع للطلب المحلي”.
ويقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، حسين قادري، إن الزخم الدبلوماسي الذي شهدته البلاد منذ اندلاع الأزمة في أوكرانيا وأزمة الغاز الروسي “وضع البلاد بين المطرقة والسندان”.
ويضيف، لموقع سكاي نيوز عربية، أن “الجزائر يمكن أن تكون بديلا، لكنها في الوقت ذاته تحتاج الاستثمار لأن إمكانياتها بمجال الطاقة لا تسمح لها بتعويض الغاز الروسي على المدى القصير”.
#بين #المطرقة #والسندان #غاز #الجزائر #حائر #بين #المعسكر #الروسي #والغربي
تابعوا Tunisactus على Google News