- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

تركيا.. هل تهدّد أمن العرب؟ – الشروق

نشرت صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية مؤخرا، تقريرا تطرّق إلى كيفية متابعة البنتاغون لدور الطائرات التركية بلا طيّار “بير قدار” في حسم حرب إقليم ناغورني كاراباخ لصالح أذربيجان ضدّ أرمينيا.وقالت الصحيفة إنّ قادة الجيش الأمريكي تابعوا شرائط فيديو دامت ساعات عديدة للمسيَّرات التركية وهي تقصف الجيش الأرميني وتُنزل به هزيمة كبيرة وتدمّر 250 دبابة ومخازن ذخيرة وخطوط إمدادٍ لوجيستي وعتادا عسكريا بقيمة مليار دولار… ما أجبر أرمينيا على الانسحاب من كراباخ. واستخلص الجيشُ الأمريكي نتائجَ مهمّة من هذه الحرب، ومنها أنّ أمريكا “لم تعد تتمتع بتفوّقٍ لا منازع له ضدّ المنافسين لها”، وأنّ دولاً فقيرة يمكنها أن تكسب “قوّة جوية محترمة” بإمكانات قليلة، وأنّ قتل الجنود الآن من الجوّ أصبح عملية سهلة وبتكلفة رخيصة، وأنّ الطائرات المسيَّرة وحوشٌ طائرة وتخلّف دمارا عظيما وباتت أكثر الأسلحة فتكا، وأنّ الحروب القادمة ستكون حروب الآليات المسيَّرة التي ستنتقل إلى البرّ والبحر لاحقا، فنرى مستقبلا سفنا مسيَّرة ودباباتٍ مسيَّرة… وما على الجيش الأمريكي المتعوِّد على الحروب التقليدية سوى “إعادة تطوير نفسه” منذ الآن.هذه النتائج المهمّة كان يُفترض أن تكون مدعاة فخر للمسلمين جميعا، ومبعث أمل لهم؛ فلأول مرّة في العصر الحديث، يتمكّن بلدٌ إسلامي من تصنيع تيكنولوجيا عسكرية متقدّمة غيّرت قواعد الحروب التقليدية، وحسمت حربين كبيرتين في كاراباخ وليبيا لصالح حلفائه، وأضحت طائراتُه المسيَّرة تنافس نظيرتَها الأمريكية نفسها، غير أنّ المؤسف أن الأمر لم يرُق لدولٍ خليجية فأوعزت إلى فضائياتها بشنّ حربٍ إعلامية قذرة على تركيا، وتحذير الغرب من “الخطر التركي القادم”، وبالغت في تهويله إلى درجة إن إحداها اتّصلت بمحلّلٍ أمريكي لتسأله: “ألا يحقّ لأمريكا أن تقلق من تهديد تركيا لأمن الشرق الأوسط”؟!بالنسبة إلينا، فإنّ ما يذكره هؤلاء العملاء عن تهديد تركيا لأمن جيرانها العرب وسعيِها إلى إعادة بعث أمجادها العثمانية والتوسّع في المنطقة… ليس سوى تهويلٍ ومبالغات لا تستند إلى أسس صحيحة، بسبب تغيّر الواقع جذريا الآن. إذا كان هناك طرفٌ يهدِّد أمن العرب من المحيط إلى الخليج فهو الاحتلال الصهيوني وحده، ولا ينكر هذه الحقيقة الصارخة إلا عميلٌ متصهين مصابٌ بعمى البصيرة يرى الصديقَ عدوًّا والعدوَّ صديقا وحليفا.. أما تركيا، فإنّ كل ما تسعى إليه هو بعث صناعة عسكرية محلية متطوّرة تنافس نظيرتها الغربية، وحققت نجاحا باهرا في إنتاج الطائرات المسيَّرة وكذا محرّكات الطائرات الحديثة وأسلحة ثقيلة أخرى، وقد قامت تونس ودولٌ إسلامية عديدة باستيراد عددٍ من المسيَّرات التركية “بير قدار” بلا تعقيدات، فلماذا لا تحذو دولُ الخليج حذوها وتسعى إلى الاستفادة من القوة التركية الصاعدة، بدل أن تنخرط في حملةٍ تحريضية حقيرة ضدّها بسبب كرهها لكلّ ما هو إخوانيّ؟لقد تصرّفت تركيا في موضوع تسليحها بذكاءٍ كبير؛ فهي لم تسعَ إلى إقامة برنامج نووي يؤلّب عليها العالم كما فعلت إيران، بل استثمرت في برامج التكنولوجيا العسكرية الدقيقة غير المحظورة التي لا يمكن لأحدٍ عرقلتها علنا، أو حتى انتقادها، لذلك رأينا كيف تكتفي الولاياتُ المتحدة بدراسة “ظاهرة” طائرات “بير قدار” التركية واستخلاص الدروس منها، خلافا للعملاء العرب الذين لا يُحسِنون سوى الصراخ والعويل وتحريض الغرب على أشقّائهم المسلمين بدل أن يشمِّروا على سواعد الجدّ ويسعوا إلى توظيف أموالهم الطائلة لامتلاك تكنولوجيا مماثلة لحماية أمنهم.

- الإعلانات -

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد