تعديلات المشيشي أمام البرلمان.. وزراء إخوان تلاحقهم الشبهات
وسط غضب شعبي يتصاعد واحتجاجات تتواصل، يصوت برلمان تونس، الثلاثاء، على تعديل وزاري كبير بجلسة تحكمها عواصف الأزمات السياسية والاقتصادية.
والسبت الماضي، أعلن رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، تعديلات وزارية شملت 11 وزارة من إجمالي 26 وزيرا. التصويت سيكون بواقع 109 أصوات على الأقل لفائدة كل وزير على حدة من إجمالي 217 نائبا.ووفق خبراء، فإن التعديل الوزاري يعد بمثابة كسر لعظم آخر جسر قد يربط المشيشي بصاحب قرار ترشيحه رئيسا للحكومة أي رئيس الجمهورية قيس سعيد وارتماء صريح في حضن التنظيم الإخواني للبقاء على رأس الحكومة ومؤسسات الدّولة المركزية ونيل ما يمكن نيله من امتيازات التسيير العليا في الدولة عبر خدمة مصالح “الحزام الحزبيّ الداعم” وبسط نفوذه المستفرد بالبلاد على قاعدة الابتزاز والنهب وامتصاص الخيرات.
وأكدوا على أنها مبايعة تامة لسياسة الهيمنة الإخوانية أعلنها رئيس الحكومة من خلال التعديل الذي طبخ خلال نهاية أسبوع مطولة أعلن خلالها وقبلها بيوم حجرا صحيا شاملا في البلاد التي أنهكها انتشار عدوى كوفيد 19 واحتجاجات استشرت في مدنها وقراها ومحافظاتها جميعا نارا تلتهم الهشيم.انعدام رؤيةومع تنامي الاحتجاجات بالبلاد وتزايد أعمال الشغب التي طالت أكثر من 10 محافظات، جدد المشيشي وعود الإصلاح والعدالة الاجتماعية والتنمية التي لم ير منها التونسيون شيئا طيلة الشهور الثلاثة الأولى من عمل حكومته. وقال رئيس الحكومة إن التوليفة الجديدة جاءت بعد مراجعته عمل فريقه لمائة يوم، فيما عارضته رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، مؤكدة أن تقييم عمل الحكومات بعد مائة يوم هو دور نيابي صرف.وقالت موسي، في تصريحات للعين الإخبارية، إن “حكومة تغير عددا بهذه الأهمية من وزرائها خلال شهور عملها الثلاثة الأولى هو اعتراف بانعدام رؤيتها وغياب برنامج عمل لها من الأساس، ما بالك بتنفيذ إصلاحات أو حلحلة وضع عسير كالذي تعرفه تونس”.
تعيينات حزبيةوجاء تأكيد المشيشي على “مواصلة فلسفة الحكومة المستقلة المدعومة من حزام برلماني أغلبي” لينبئ عما يتخفى ظاهرا من تلغيمه الحكومة بتعيينات حزبية ووزراء عليهم شبهات فساد كبيرة وبعضهم ملفاتهم بين أيدي القضاء.
ووفق تقارير محلية فإن سفيان بن تونس الذي اختير لحقيبة الطاقة والمناجم ينتسب لحزب قلب تونس وعليه شبهات فساد عدة، ويوسف فنيرة المختار لوزارة التكوين المهني والتشغيل والاقتصاد الاجتماعي والتضامني متّهم باستغلال نفوذه بمنح أشخاص مناصب دون وجه حق أيام كان على رأس الوكالة الوطنية للتشغيل.
وأسامة الخريجي المرشح لوزارة الفلاحة والموارد المائية هو ابن التنظيم الإخواني، والهادي خيري المختار لوزارة الصحة له ملف شهادة زور بخصوص خطأ طبي خطير جدّ خلال عمله بمستشفى فرحات حشاد (مشفى بمحافظة سوسة) كشفته المتضررة من الحادثة وعائلتها منذ إعلان ترشيحه.
إضافة إلى أن المشيشي اختار التخلّي عن وزراء تقنيين وأبناء قطاعاتهم لصالح آخرين متحزبين أو موالين لأحزاب كما هو الشأن مع وزير الرياضة والشباب المعزول ووزيرة الفلاحة التي أنهي تكليفها.
وضع مالي كارثيوفي هذا السياق، قال الكاتب السياسي التونسي، محمد بوعود، في تصريحات للعين الإخبارية، إن المشيشي استغنى في تعديله “العجيب الكاشف” عن كتابة الدولة للمالية وهي حقيبة تقنية بحتة، استغنى عنها في وضع مالي كارثي تعرفه تونس وذلك بعد أن مرر ميزانية 2021 وقانون المالية التكميلي 2020 الذين قدّر المختصون خواءهما وعجزهما عن ترجمة حقيقة الإفلاس الذي تعيشه المالية العمومية.
كما تخلّى، حسب بوعود ،عن الوزارة المكلفة بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وضم مصالحها إلى رئاسة الحكومة في ظرف دقيق أثبتت فيه المنظمات والجمعيات المدنية أسبقية دورها وعملها على تحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد المستشري في البلاد خصوصا في مفاصل الدولة التونسية ومؤسساتها.مصالح الإخوانملاحظة فارقة أخرى سجلها المحللون السياسيون تتعلق بتنحية وزيرتين ما فسروه برغبة المشيشي في السيطرة على فريق عمله في اتجاه فرض منطق سلطوي يخدم مصلحة الترويكا الإخوانية الجديدة المتكونة من حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة الشق الإخواني المتشدد حامل لواء الإرهاب الفكري في مخالفة صريحة لمقتضيات الدستور الذي يفرض توازن حضور المرأة مع الرجل في تركيبة الحكومة.