- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

تونس: أزمة تمويل عجز الميزانية تنسف المناورة الاقتصادية



أزال قانون الموازنة للعام 2021 عن الحكومة التونسية كل هوامش المناورة الوقتية التي سادت طيلة عقد من الزمن منذ تصدع أركان الاقتصاد حيث فرض البرلمان على المركزي التدخل بعد تفويضه لتمويل عجز قياسي في الموازنة ما يكلف البلد ارتفاع التضخم وانهيار سعر صرف العملة علاوة على  تقويض قدرة المنظومة المصرفية على القيام بدورها الطبيعي في الاقتصاد.

وأقر البرلمان التونسي الجمعة الميزانية التعديلية للعام الجاري 2020 بعجز قياسي بلغ 11.4 في المئة وذلك بعد أسابيع من الجدل بشأن كيفية تمويلها.

ووافق البرلمان بعد جلسات ماراثونية على اضطلاع البنك المركزي بتمويل الميزانية بما يصل إلى 3 مليارات دينار (1.10 مليار دولار) من خلال شراء أذون خزانة.ويثير تدخل البنك المركزي داخل منظومة الاقتصاد التونسي الهش إشكاليات لا حصر لها حسب خبراء حيث أن طبع النقود وزيادة المعروض النقدي في ظل انعدام الإنتاجية وتعطل محركات النمو جراء الاعتصامات وتعطيل الإنتاج وتداعيات كورونا عوامل ضاعفت من الفاتورة الباهظة لهذا الإجراء.

وأشعل خبراء اقتصاد صفارات الخطر محذرين الحكومة من القرارات الارتجالية في ظل فشل الحكومات المتعاقبة في القيام بالإصلاحات الجذرية التي على رأسها ارتفاع مخصصات الأجور الذي يقدر بأعلى نسبة في العالم حسب صندوق النقد الدولي.

وقال الخبير الدولي في الاقتصاد نادر حداد خلال مقابلة خاصة مع “الـعرب” إن “إصدار سندات محلية واستجابة البنوك لتوفير هذه التمويلات لتمويل عجز الميزانية لكن يكون مقابل إنتاجية حيث أن العجز سببه ارتفاع كلفة الأجور والاستهلاك لا الاستثمار وخلق الثروة”. وأضاف أن “هوامش تحرك الحكومة في الوقت الحالي ضيقة مقابل قصر الزمن وضخامة التحديات التمويلية”.

وأوضح الخبير أن “إصدار سندات داخلية في الوقت الحالي صعب وإصدار سندات خارجية ضرب من المستحيلات نظرا للخلاف بين البنك المركزي ووزارة المالية وانخفاض الترقيم السيادي للدولة وانحدار تصنيفها الائتماني”.

وتابع أن “الدائنين رفضوا في مناسبة سابقة مطلب تونس بإعادة جدولة الدين خصوصا الدفعة القادمة من مستحقات قروض تبلغ نحو 500 مليون دولار خلال العام 2021”.

وبالنسبة لعملية التيسير الكمي وهو الحل الذي فرضه البرلمان التونسي بتفويض للبنك المركزي. تحدث الخبير عن ملامح وتداعيات هذا القرار على الوضع المالي بقوله “لا يمكن لاقتصاد هش كالاقتصاد التونسي استيعاب كتلة نقدية ضخمة نظرا لانعدام الإنتاجية مما سينعكس على ارتفاع نسبة التضخم وانهيار سعر صرف العملة المحلية الدينار ومضاربته مع بقية العملات الأجنبية فضلا على أن التيسير الكمي يستوجب خفض سعر الفائدة لتسهيل منح القروض”.

وأشار الخبير إلى أن “ضخامة الكتلة المالية الموجودة في السوق ستؤدي إلى ارتفاع العرض على حساب الطلب وبالتالي انزلاق سعر صرف الدينار مما سيقود إلى اختلال الموازين المالية ويقوض أداء المنظومة المصرفية”.

وقارن الخبير نادر حداد هذه التجارب ببلدان أخرى كالولايات المتحدة وبريطانيا لافتا إلى أن “هذه الدول ذات اقتصادات قوية باستطاعتها استيعاب كتلة نقدية وفيها نظم مقايضة بين العملات الرئيسية تمكنها من امتصاص تخمة المعروض النقدي”.

وشدد الخبير على أن “الحل الترقيعي الذي تسير فيه تونس لتمويل عجز الموازنة عبر إصدار سندات محلية فيه خطر كبير على القطاع البنكي في حالة تعثر الدولة على سداد الدين”.

ورجح حداد أن تتعثر تونس في سداد ديونها، مبينا أن ذلك سيسحب كافة البنوك ويغرقها في أزمة وهو الخطر الحقيقي الذي يهدد تونس داعيا رئيس الجمهوية قيس سعيد إلى التدخل نظرا لخطورة الأمر على الأمن القومي.

- الإعلانات -

وكان محافظ البنك المركزي مروان العباسي قد رفض طبع الأوراق المالية من أجل توفير السيولة لتمويل عجز الموازنة، محملا بذلك الحكومة مسؤولية البحث عن حلول يكون فيها البنك المركزي شريكا دون دفعه إلى اتخاذ إجراءات تهوي بقيمة العملة وترفع التضخم والأسعار.

وأكد نادر حداد على أن “عملية التيسير الكمي ستغرق البنوك على المدى المتوسط نظرا لأنها ستبطل دورها الرئيسي في الاقتصاد والمتمثل في خلق الثروة وتحفيز المشاريع والاستثمارات عبر منح القروض”.

ويجمع خبراء على أن تدخل البنك المركزي سيكون له تبعات خطيرة حيث سيمثل عبئا كبيرا على البنوك وعلى المواطنين في نفس الوقت.

11.4 في المئة نسبة عجز الميزانية الذي سيتم تمويله من خلال التسيير الكمي 11.4 في المئة نسبة عجز الميزانية الذي سيتم تمويله من خلال التسيير الكميوقال الخبير إن “خروج تونس للسوق المالية العالمية خلال المدى القصير والمتوسط سيكون فاشلا لأن المستثمرين يعزفون على الاستثمار في الديون عالية المخاطر فضلا عن انحدار الترقيم السيادي والائتماني”.

وأضاف “حتى لو تمكنت تونس من الحصول على تمويل وهو ما استبعده فإنه سيكون بفوائض عالية جدا بحوالي 10 في المئة أو أكثر”.

وفي إطار اقتراح حلول، دعا حداد وزير المالية التونسي إلى “تسوية ضريبية للمواطنين التونسيين بالخارج من خلال اتفاق مع وزارة المالية الفرنسية على تطبيق قاعدة ربح ربح فيما يتم استخلاص مستحقات الضرائب لدى المتهربين ما يمكن من استفادة الطرفين”.

ويواجه الاقتصاد التونسي ضربة مزدوجة بسبب تراجع عائدات قطاع السياحة وتراجع كبير في إنتاج زيت الزيتون الحيوي من 350 ألف طن إلى 140 ألف طن بجانب تعطل الإنتاج الطاقة بسبب الاحتجاجات الاجتماعية جنوب البلاد.

ويذكر أن تونس التي تعد ثالث منتج لمادة الفوسفات عالميا بإنتاج فاق 8 ملايين طن في 2010، تحولت إلى مستورد لأول مرة في تاريخها، جراء تعطل الإنتاج لأسباب تشغيلية واحتجاجات مطالبة بالتشغيل.

وكان أحدث تقرير لوكالة فيتش قد قال إن اتساع عجز الموازنة يعكس سوء حوكمة الشركات وزيادة الإنفاق لتسوية المتأخرات الحكومية لموردي القطاع الخاص والشركات المملوكة للدولة بما يشير إلى حصة كبيرة من الإنفاق خارج الميزانية من خلال الشركات الحكومية وتدهور إدارة المالية العامة وشحّ السيولة المالية.

من المتوقع أن ترتفع أقساط سداد أصل الدين المستحق على الديون التجارية الخارجية السيادية. وستؤدي القيود المفروضة على القدرة الاستيعابية للسوق المالية المحلية إلى تعقيد خطة السلطات لرفع مستوى قياسي قدره 8  في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في صافي التمويل المحلي في 2020.

وقالت فيتش إن النمو الاقتصادي في تونس دون مستوى “ب” المتوسط ​​من عام 2011، مما يعكس القدرة التنافسية المتدهورة، واضطرابات النشاط الاقتصادي من جراء الاحتجاجات الاجتماعية والصدمات الخارجية.



المصدر

- الإعلانات -

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد