تونس … إلى أين؟ (8) حركة النهضة شريك في الحكم رغم فقد الأغلبية – بوابة الفتح
الحمد لله، والصلاة
والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فرغم حصول تحالف نداء تونس على المركز الأول
في انتخابات أكتوبر 2014 متقدمًا على حزب النهضة الذي جاء في المركز الثاني، فقد
نجح حزب النهضة في التحالف مع تحالف نداء تونس، وبالتالي المشاركة في الحكومة
الائتلافية.
وقد أعلنت الحركة عن عدم تقدمها لانتخابات
الرئاسة ودعمها للمرشح التوافقي للرئاسة، وكان هذا المرشح هو الباجي قايد السبسي
رئيس تحالف نداء تونس.
وبعد تولي الباجي رئاسة الجمهورية كلَّف
(الحبيب الصيد) بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة مع مراعاة الأغلبية التي يحظى بها
تحالف نداء تونس، وقد نالت الحكومة الجديدة الثقة في 5 فبراير 2015.
وقد شهد تحالف نداء تونس بعد ذلك انشقاقًا
كبيرًا بين نوابه؛ بسبب التنازع حول توريث حافظ قايد السبسي -ابن رئيس الجمهورية-
رئاسة الحزب، أي: أن يخلف الابن والده، مما دفع 22 نائبًا من الحزب بزعامة محسن
مرزوق الأمين العام السابق للحزب بتأسيس (الكتلة الحرة) مع نواب آخرين.
وقد أعاد هذا الانشقاق حركة النهضة لتصدر
المشهد السياسي بحكم امتلاكها بعد هذا الانشقاق أكبر كتلة برلمانية داخل مجلس
النواب.
وفي مايو 2016 عقدت حركة النهضة مؤتمرها
العام العاشر الذي شهد تحولًا جديدًا في نشاط الحزب، حيث اتخذ حزب النهضة قرارًا
بالابتعاد عن الجذور الدعوية والتركيز حصريًا على العمل السياسي.
جاء عن
راشد الغنوشي زعيم الحركة قوله:
“قبل الثورة كنا نختبئ في
المساجد ونقابات العمال والجمعيات الخيرية لأن النشاط السياسي الحقيقي كان محظورًا،
لكن الآن يمكننا أن نكون طرفًا سياسيًّا علنيًّا”.
وقال
أيضا: “نتطلع إلى تطوير
حزب نهضة جديد، وتجديد حركتنا، ووضعها في المجال السياسي خارج أي انخراط مع الدين”
(راجع: إخوان تونس: رحلة الصعود والسقوط، المقالة الخامسة: (لماذا تراجعت
النهضة في انتخابات 2014) مصطفى بكري – جريدة الأسبوع – عدد 13 سبتمبر 2014 : 7).
وبناءً
على هذا التغير جرى التقليص الشديد للأسس الدينية والابتعاد عن أيديولوجيا العمل
الدعوي، وتكريس الموارد البشرية والمالية للسياسة، وبالتالي إعادة هيكلة يتم بموجبها فصل العمل السياسي عن
النشاط الدعوي، وإحالة النشاطات الدعوية إلى منظمات دينية. وإن كان يرى البعض أن
هذا الفصل التام لم يتم بعد.
لقد جرى توظيف المؤتمر العاشر لحركة النهضة
لتأكيد الحاجة إلى تطوير إستراتيجية الحركة للحفاظ على أنصارها والسعي لاجتذاب
قواعد انتخابية أوسع؛ هذا في الوقت الذي رفض المؤتمر فكرة تغيير اسم الحركة (انظر
المصدر السابق).
برنامج حزب النهضة:
(كما جرى في مصر، فإن حركة النهضة (في تونس)
قدمت في 14 سبتمبر 2011، أي: قبل الانتخابات البرلمانية، برنامجًا طموحًا، قال
الأمين العام للحركة (حمادي الجبالي) في هذا التوقيت إن البرنامج أعده 182 خبيرًا
طوال 150 يومًا، وبعد تشخيص الواقع التونسي وضعوا 365 مقترحًا. وقد وعدت بمقتضى
هذا البرنامج بتحقيق نسبة نمو تصل إلى 8%، وتشغيل 590 ألف عاطل، وزيادة معدل الدخل
الفردي إلى 10 آلاف دينار تونسي خلال خمس سنوات) (راجع: “إخوان
تونس” المقالة الثالثة).
ومنذ أن شاركت حركة النهضة في الحكم في
أكتوبر 2011 من خلال حكومات ائتلافية، كانت لها فيها الأغلبية أو لم تكن لها فيها
الأغلبية، وحتى يوليو 2021 عانت تونس من أزمات اقتصادية واجتماعية إلى جانب
أزماتها السياسية والأمنية؛ خاصة مع ظهور أزمة كورونا بكل تداعياتها الكبيرة على
أكثر دول العالم اقتصاديًّا واجتماعيًّا، وبنسبٍ متفاوتةٍ.
ويمكن
اعتبار الحركة مشاركة في تدهور الأوضاع في تونس ولكن بقدر نصيبها من المشاركة في
الحكم مع الأحزاب والقوى السياسية التي تحالفت معها، وهي أحزاب لها أغلبية أيضًا.
ومع ذلك دأبت الأحزاب والقوى السياسية
والإعلامية المناوئة لحركة النهضة على تحميل الحركة مسؤولية تدهور الأوضاع كاملة.
بلغت الديون الخارجية لتونس في يوليو 2021 نحو
35.7 مليار دولار، مع حاجة الحكومة لحوالي 6 مليارات دولار لسد العجز في ميزانية
2021، كما بلغت نسبة الدين العام المستحق على البلاد ما يساوي 55% من الناتج
المحلي الإجمالي حتى نهاية 2021، كما أن العجز المالي بلغ نحو 11.5 % من الناتج
المحلي الإجمالي في عام 2020، وهو الأعلى منذ ما يقرب من أربعة عقود.
وتشير دراسات إلى أن مؤشرات الاقتصاد التونسي
تراجعت، ومن أبرز مؤشرات التدهور هو انكماش الاقتصاد بنحو 9% خلال عام 2020، فضلًا
عن ارتفاع معدل البطالة إلى 18 %، (أما الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني (فيتش)
فقد خفضت التصنيف الائتماني الطويل المدى لمصادر العملة الـجنبية التونسية من (ب)
إلى (سالب ب)، مع آفاق سلبية، الأمر الذي يعكس مخاطر توفر السيولة المالية محليًّا
وخارجيًّا. وقد اعتبر البنك المركزي التونسي أن خفض تصنيف تونس الائتماني يعد مؤشرًا
سيئًا)، (ودعا الحكومة إلى القيام بالإصلاحات اللازمة خاصة المتعلقة برفع الدعم
وتخفيض كتلة الأجور) (راجع في ذلك: (إخوان تونس: رحلة الصعود والسقوط) المقالة
السادسة – جريدة الأسبوع – عدد 20 سبتمبر 2021، ص 3).
وقد أخذ البعض على حركة النهضة تحالفها سياسيًّا
مع رموز من العلمانيين وممثلين عن النظام السابق قبل الثورة، وكذلك (تصويت نواب
النهضة عام 2015 لتخفيض الضرائب على المشروبات الكحولية المستوردة)، الذي أثار جدلًا
داخل الحركة (راجع في ذلك مقال: (القصة الكاملة لانهيار إخوان تونس) أحمد
فوزي سالم).
#تونس #إلى #أين #حركة #النهضة #شريك #في #الحكم #رغم #فقد #الأغلبية #بوابة #الفتح
تابعوا Tunisactus على Google News