- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

تونس: المال السياسي حاضر بقوة في احتجاجات محدودة.. من يقف وراءها؟

في خضم مواجهات عدة يخوضها الرئيس التونسي قيس سعيّد على كل الجبهات مع حركة النهضة، التي يتهمها التونسيون بالمسؤولية عن “العشرية السوداء” التي استنزفت الاقتصاد الوطني لصالح أجندات أجنبية، سعت بعض الأطراف السياسية إلى تحويل محمد أمين الدريدي، البائع المتجول الذي انتحر منذ أيام، إلى “بوعزيزي” جديد لإعادة إنتاج ثورة 2011، ولكن هذه المرة ضد نظام سعيّد الذي سدّ كل المنافذ أمام عودة النهضة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في تونس، إلى المشهد السياسي.

 والسبت الماضي، أقدم البائع المتجول الدريدي على الانتحار شنقاً في منزله بمدينة مرناق بمحافظة بنعروس التي تبعد حوالي (15) كلم عن العاصمة، وقد فتحت السلطات تحقيقاً في وفاته، وفقاً لما أوردته وكالة “فرانس برس” عن وزارة الداخلية.

وخلصت التحقيقات الأولية إلى أنّ الدريدي كان يعمل بائع خضار وغلال، و”يعيش خلافات عائلية حادة”. وقبل يومين من انتحاره وجهت السلطات المحلية تنبيهاً إلى الدريدي الذي كان يستغل بصفة غير قانونية مكاناً لوضع بضاعته، قبل أن يتم “حجز آلة الوزن الإلكترونية التي كان يستعملها، مع الإشارة عليه بتسوية وضعيته”.

 توزيع أموال

انتحار الدريدي أثار احتجاجات محدودة في مرناق وعدد من المدن التونسية، وسط محاولات من أطراف سياسية لم تسمّها وزارة الداخلية التونسية، لتأجيجها وتوسيع دائرتها، غير أنّها لم تفلح، فقد نقلت إذاعة “موزاييك” عن بيان لوزارة الداخلية قوله: إنّ “حوالي (100) شخص تعمّدوا يوم 25  أيلول (سبتمبر) الجاري على مستوى مفترق السوق بمرناق إلى رشق الوحدات الأمنية بالزجاجات الحارقة وإشعال العجلات المطاطية وإغلاق الطريق بالمواد الحديدية، ممّا استوجب التدخّل وتفريقهم، والاحتفاظ بـ (12) من المعتدين”.

تونس: المال السياسي حاضر بقوة في احتجاجات محدودة.. من يقف وراءها؟

 وأضافت وزارة الداخلية أنّ عدداً من الموقوفين اعترفوا خلال الأبحاث الأوّلية بأنّ “شخصاً يُعرف بانتمائه إلى أحد الأحزاب السياسية قام بتسليم مجموعة أشخاص مبلغاً مالياً قصد تفريقه على عدد من الأشخاص لإحداث الشغب وتأجيج الأوضاع”.

وبمراجعة النيابة العمومية بـ “بن عروس”، أذنت بفتح محضر بحث موضوعه تكوين تشكيل إجرامي الغاية منه “المسّ بالأمن العام والاعتداء على الأملاك الخاصّة والعامة والرشق بمواد حارقة”، والاحتفاظ بـ (12) شخصاً من ذوي الشبهة، وإدراج من توفرت في شأنه شبهة التحريض وتوزيع الأموال بالتفتيش، على حدّ قول وزارة الداخلية.

  تأليب الشارع

يعتقد جانب كبير من التونسيين أنّ خصوم الرئيس سعيّد يستغلون الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد لتأجيج الشارع ضده، رغم أنّ الأزمة مرتبطة أساساً بالوضع العالمي وبتداعيات (10) أعوام من الحكم أدت إلى عجز تجاري وانهيار التوازنات المالية.

سعت بعض الأطراف السياسية إلى تحويل محمد أمين الدريدي البائع المتجول الذي انتحر منذ أيام إلى بوعزيزي جديد

 ونقلت صحيفة “العرب” اللندنية عن فاكر بوزغاية، رئيس مكتب الإعلام والاتصال بوزارة الداخلية، تأكيده أنّ “عملية تسليم الأموال من قبل أحد المنتمين إلى الأحزاب ثابتة، وأنّ المتورط في حالة فرار، ويتم التفتيش عنه لكشف كل الملابسات”.

 ورغم أنّ وزارة الداخلية لم تعلن عن الانتماء السياسي للشخص المحرّض، لكنّ مراقبين يرون أنّ هنالك العديد من القوى المعارضة للرئيس تستغل أيّ حدث أو أزمة للتحريض ضده، خاصة مع تضررها من التطورات والتغييرات الحاصلة بعد اتخاذ الإجراءات الاستثنائية في 25  تموز (يوليو) 2021.

  تضخيم وتهويل

على الرغم من أنّ الاحتجاجات كانت محدودة للغاية، ولم يشارك فيها سوى عدد قليل، عمدت بعض صفحات السوشيال ميديا إلى تضخيمها، وبث الاحتجاجات الليلية بشكل مباشر، للترويج إلى أنّ “هنالك انتفاضة أو هبّة شعبية ضد الرئيس سعيّد؛ بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار وفقدان المواد الأساسية”، وفقاً لـ “العرب”.

انتحار الدريدي أثار احتجاجات محدودة في مرناق وعدد من المدن التونسية، وسط محاولات من أطراف سياسية لتأجيجها وتوسيع دائرتها

 الاستخدام الواسع للمال السياسي والرشاوى الانتخابية هي إحدى الأدوات الثابتة في أدبيات جماعة الإخوان المسلمين؛ فالأسبوع الماضي رفع القيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري، وزير العدل السابق، أثناء محاكمة رئيس الحركة راشد الغنوشي في القضية المعروفة إعلامياً بـ”شبكات التسفير”، رفع “زجاجة زيت” لتحريض التونسيين على الانتفاض ضد الأوضاع الاقتصادية، في لهجة شعبوية علّق عليها القيادي السابق بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية طارق الكحلاوي، بحسب موقع قناة “نسمة” التونسية، بالقول مخاطباً البحيري والنهضة: “لا حافظتوا على الحرية ولا وفرتوا زيت الصانقو”، مضيفاً: خبزة الناس ومقدرتهم الشرائية وحاجتهم الأساسية هي كان جات الدنيا دنيا تخدم عليها (10) سنين، مش غاطسين في تعيينات الأحباب والأصحاب”، في إشارة إلى فساد حركة النهضة خلال “العشرية السوداء”.

طارق الكحلاوي مخاطباً البحيري والنهضة: "لا حافظتوا على الحرية ولا وفرتوا زيت الصانقو"

 وقد سعت الحكومة التونسية لمنع الاستغلال السياسي لحادثة انتحار البائع المتجول وما تبعتها من احتجاجات، وأكد عم الضحية أنّ والي بنعروس عز الدين شلبي عبّر عن تضامنه مع العائلة، وأكد نيته لتخفيف الضغوط على الباعة المتجولين في الولاية ومحاسبة المسؤولين عن الحادثة.

 أزمة اقتصادية

على وقع أزمة اقتصادية طاحنة تعود جذورها بالأساس إلى “العشرية السوداء” لحركة النهضة، شنّ العديد من القيادات السياسية، سواء من التيار الإسلامي أو من التيار الدستوري وبعض الأحزاب الاجتماعية، انتقادات واسعة ضد سعيّد، محمّلة إيّاه مسؤولية الأزمة، لكن سعيّد ما يزال يحظى بدعم شعبي، وفق ما نشرته مؤسسات استطلاع الرأي.

 ورفعت الحكومة هذا الشهر سعر إسطوانات غاز الطهي 14% لأول مرة منذ (12) عاماً، ورفعت أسعار الوقود للمرة الرابعة هذا العام كجزء من خطة لخفض دعم الطاقة، وهو إصلاح رئيسي يطالب به صندوق النقد الدولي.

الداخلية: شخص يُعرف بانتمائه إلى أحد الأحزاب السياسية قام بتسليم مجموعة أشخاص مبلغاً مالياً قصد تفريقه لإحداث الشغب وتأجيج الأوضاع

 وواصلت معدلات التضخم ارتفاعها لتصل إلى 8,6% والبطالة إلى 15,3%، في بلد يبلغ عدد سكانه نحو (12) مليون نسمة، وتشهد الأسواق نقصاً في مواد غذائية أساسية عديدة، من بينها مادة السكر، ممّا أثار انتقادات واسعة لسياسة الدولة الاقتصادية.

 ويرى مراقبون أنّ الأزمة لا يمكن أن يتحملها فقط الرئيس قيس سعيّد أو الحكومة، نظراً لامتداداتها العالمية وعمق الأزمة المالية في البلاد، والتي تعود إلى أعوام ماضية، في إشارة إلى “العشرية السوداء”.

  ويتهم الرئيس قيس سعيّد المحتكرين والمضاربين بتعميق الأزمة، وبالسعي إلى تجويع التونسيين، مطالباً بمنع التوريد العشوائي من خلال التخلي عن استيراد بعض المواد الكمالية التي تستنزف العملية الصعبة.

 وتسعى الحكومة التونسية إلى إيجاد حلول جدية للأزمة التي تمر بها البلاد، من خلال توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل يمكنها من خلاص بعض المزودين الدوليين واستيراد كميات كافية من المواد الأساسية، غير أنّ الصندوق الدولي يطلب، في المقابل، إصلاحات من شأنها تأجيج الشارع التونسي ضد سعيّد.

- الإعلانات -

#تونس #المال #السياسي #حاضر #بقوة #في #احتجاجات #محدودة. #من #يقف #وراءها

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد