تونس.. تباين بشأن “تغييب الأحزاب” عن حوار “الغلابة والمساكين”
تتجه تونس نحو مؤتمر حوار وطني يناقش “النظامين السياسي والانتخابي”، ولكن الرئيس قيس سعيد أراده أن يكون مع ”الغلابة والمساكين”، دون أي ذكر للأحزاب الوازنة، ما أثار العديد من التساؤلات حول إمكانية نجاحه.
سعيد الذي لم يتطرق مباشرة إلى مشاركة الأحزاب والمؤسسات الفاعلة في المؤتمر الذي ينوي تنظيمه، قال إن الحوار الحقيقي سيكون مع ”الغلابة والمساكين وليس مع من نهبوا البلاد ومازالوا ينهبونها”، وذلك خلال اجتماعه بوزير أملاك الدولة والشؤون العقارية، محمد الرقيق، الاثنين.
والخميس الماضي، أعلن الرئيس التونسي، أثناء ترؤسه لثاني اجتماع لمجلس الوزراء، عن خططه لإطلاق حوار وطني، يشارك فيه الشباب، ويتطرق إلى مواضيع منها “النظامين السياسي والانتخابي” في البلاد، مع تأكيده على أنه “لن يشمل كل من استولى على أموال الشعب أو من باع ذمته إلى الخارج”.
ويرى الصحفي والمحلل السياسي صبري الزغيدي في كلام سعيد “نوعا من المبالغة”، مستغربا “تغييب الأحزاب” التي لا يعتقد أنها جميعها “متطابقة ومتشابهة، فالبعض منها كانت ديمقراطية تقدمية وساهمت في تكريس الحقوق الاجتماعية والسياسية للأفراد”.
وأضاف الزغيدي: “لا شك بأن هناك أحزاب أضرت بمصالح الشعب والاقتصاد الوطني، ولكن هذا لا يعني إجراء حوار وطني مفتوح مع الشباب بإقصاء أحزاب ومؤسسات وطنية عريقة ولها تاريخها، مثل الاتحاد العام للشغل”.
ولم يصدر أي من الأحزاب والمنظمات تعقيبا على مبادرة الحوار التي أعلنها سعيد، باستثناء الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية) الذي شدد أمينه العام نور الدين الطبوبي، على أن الاتحاد يعتزم المشاركة في الحوار.
وقال الطبوبي، السبت، إن الديمقراطية لا تكون دون أحزاب، ومعاقبة الأحزاب تكون عبر صناديق الاقتراع و لايمكن استبدالها باللجان الشعبية.
ودعا الطبوبي إلى ضرورة توضيح الخيارات السياسية للمرحلة المقبلة والحوار دون إقصاء .
من جهته، يدافع النائب السابق والمحلل السياسي، فيصل البشير خليفة، في حديث لموقع “الحرة”، عن مواقف الرئيس ويرى أن “سعيد غيّب الأحزاب لأنها غير صالحة في الوقت الحاضر، ولن تنفع الشعب التونسي، الذي يشكل الأولوية للرئاسة”.
بلا أحزاب.. قوى سياسية في تونس تشكك بجدوى الحوار الوطني
بعد 3 شهور من قراراته بتجميد عمل البرلمان وحل الحكومة، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، عزمه إطلاق “حوار وطني” لمناقشة النظامين السياسي والانتخابي في البلاد، في محاولة جديدة لحل الأزمة السياسية في البلاد.
واعتبر أن الحوار “سيكون مع الجمعيات والشعب ومع الطبقة الفقيرة والمتوسطة التي تثق بالرئيس”، مشيرا إلى أن “آخر استطلاع رأي أجرته مؤسسة “سيغما كونساي” أظهر أن فرصة سعيد للفوز بالانتخابات الرئاسية بلغت 89.4 في المئة”.
وأضاف: “الرئيس يتقدم بخطى ثابتة رغم الضغط الدولي الذي يطالبه بتفعيل دور المؤسسات، ولكن يتعمد السير منفردا دون الاحتكام لأي جهة إلا الشعب”.
وكان البرلمان الأوروبي قد شدد، الأسبوع الماضي، على أهمية استعادة النظام الديمقراطي في تونس، داعيا سعيد إلى وضع جدول زمني محدد لإعادة فتح البرلمان.
وفي الأسبوع الأول من أكتوبر الجاري، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس: “نحض الرئيس التونسي ورئيسة الوزراء الجديدة على الاستجابة لدعوة الشعب التونسي لوضع خارطة طريق واضحة للعودة إلى عملية ديمقراطية شفافة ينخرط فيها المجتمع المدني والأصوات السياسية المتنوعة”.
فيما أبلغ وزير الخارجية التونسي، عثمان الجرندي، الولايات المتحدة، الأربعاء، بأن سعيد سيتخذ خطوات جديدة من شأنها طمأنة شركاء تونس، مؤكدا أهمية استمرار الولايات المتحدة في دعم تونس لمواصلة “المسار التصحيحي”.
في المقابل، يرى الزغيدي أن على الرئيس إعادة النظر في حساباته والتعاطي مع القضايا العالقة للشعب التونسي، في مقدمتها القدرة الشرائية، وتحسين الأوضاع المعيشية في ظل الأوضاع الاقتصادية والصحية الراهنة، وذلك بشكل توافقي”، مشددا على أن “لا أحد يملك عصا سحرية لتغيير الأوضاع”.
وتعاني تونس من أزمة اقتصادية، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي في البلاد سنويا ما بين 2010 إلى 2020 حوالى 0.6 في المائة.
وبسبب الجائحة، حصل في العام 2020 انكماش بنسبة 8.8 في المائة، فضلا عن تأثر قطاع السياحة الذي كان يمثل 14 في المائة من الناتج الداخلي الخام والذي تضرر بشكل كبير، بحسب “فرانس برس”.
وفي مايو الماضي، عادت تونس المثقلة بالديون للمرة الرابعة خلال عقد للتفاوض مع صندوق النقد الدولي سعيا للتوصل إلى اتفاق على ثلاث سنوات والحصول للعام 2021 على 3.3 مليارات يورو مقابل وعد بإصلاحات يبدو الالتزام بها أصعب من السابق، لكن المفاوضات توقفت منذ إعلان سعيد الإجراءات الاستثنائية، المطالب بتفعيل المؤسسات للتفاوض معها.
النظام الحالي
وحول شكل نظام الحكم الحالي في تونس، قال خليفة إن “البلاد تعيش في ظل نظام رئاسي بعد أحكم (سعيد) السيطرة على مجلسي الوزراء والنواب، حيث أن هناك جهة واحدة تحكم في تونس وهي مؤسسة رئاسة الجمهورية التي تتحكم بكامل مفاصل الدولة، ومحاسبة الفاسدين بها”.
وأشار إلى أن “قبل القرارات الاستثنائية كان هناك دائما صراعات متتالية بين السلطات”، مشددا على أن “الحياة الديمقراطية ترتكز على تعدد الأحزاب ولكن سعيد رأى أن الأحزاب هي من قادت البلاد إلى الدمار، ومن المستحيل أن تتقدم وتحقق الديمقراطية”.
وأضاف خليفة: “التخلص من الديمقراطية الفاسدة هي بحد ذاتها ديمقراطية حقيقية، وبموجب الفصل 80 أصبحنا أمام ديكتاتورية دستورية”.
وفي 25 يوليو، أعلن سعيد تجميد أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتولي السلطات في البلاد، بناء على الفصل 80 من الدستور الذي يخوله اتخاذ تدابير في حالة “خطر داهم مهدد لكيان الوطن”.
وفي 22 سبتمبر، صدرت تدابير “استثنائية” بأمر رئاسي أصبحت بمقتضاه الحكومة مسؤولة أمامه فيما يتولى بنفسه إصدار التشريعات عوضا عن البرلمان، ما اعتبره خبراء تمهيدا لتغيير النظام السياسي البرلماني في البلاد الذي نص عليه دستور 2014.
كما قرر سعيد رفع الحصانة عن النواب وتعليق رواتبهم والمنح المالية التي كانوا يتقاضونها.
وفي 11 أكتوبر، أقر سعيد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نجلاء بودن، والمؤلفة من 24 وزيرا، بينهم 9 سيدات.
وبعكس خليفة، يشدد الزغيدي على أن “النظام السياسي الحالي في تونس هو برلماني معدل وقرارت سعيد لن تغير ذلك”، معتبرا أنه “من الضروري البحث في شكل النظام الأصلح للبلاد وبالقانون الانتخابي الأنسب في حوار وطني يجمع كل الأطراف باستثناء الأحزاب المتورطة في قضايا فساد وجرائم أخرى”.
ولفت الزغيدي إلى أن “البرلمان المجمد أهمل مشاكل التونسيين، ولكن ليس هناك وصفة سحرية للأزمة الحالية، فيجب التنسيق مع الأحزاب والخبراء الدستوريين والشخصيات الوطنية الفاعلة لوضع نظام انتخابي وسياسي جديدين”.
بينما يكرر خليفة ضرورة استثناء الأحزاب من المشاركة في المرحلة الحالية، قائلا: “سيكون هناك مجلس نواب ولكن بعد إقرار قانون انتخابي جديد”.
وذكر أن “لجنة من الخبراء عملوا على مسودة قانون ستقدم للرئيس تنص على أنه لن يكون هناك قوائم انتخابية بل أفراد، بالإضافة إلى حق يكفل للشعب عزل النواب قبل انتهاء مدة ولايتهم (5 سنوات) في حال ثبت أي تقصير في عملهم”.
هذا ورفض سعيد مبادرات الحوار في مناسبات عدة، أبرزها مبادرة أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل في بداية ديسمبر الماضي.
وقبل إعلان الإجراءات الاستثنائية، أعرب الرئيس التونسي عن موافقته على الإشراف على حوار وطني للخروج من الأزمة الراهنة، لكنه وضع شروطا أبرزها تتمحور حول تعديل الدستور وصياغة قانون انتخابي جديد.
#تونس #تباين #بشأن #تغييب #الأحزاب #عن #حوار #الغلابة #والمساكين
تابعوا Tunisactus على Google News