تونس تراهن على التمويل التشاركي لتحفيز الاستثمار | خالد هدوي
تونس – ثمّن خبراء الاقتصاد آلية ما يعرف بـ”قانون التمويل التشاركي” في تونس وانعكاساته الإيجابية على المنظومة الاقتصادية بالبلاد، وسط ترجيحات بكونه سيحل جزءا من الاقتصاد المتعلق بالتمويل وسيدخل نقلة نوعية في مجال الأعمال عبر التعاطي الإلكتروني على مستوى التمويل.
وانتظمت تظاهرة عبر تقنية الـ”ويبنار”، تحت عنوان التمويل التشاركي: آلية تمويل جديدة: فرص للقطاع الخاص.
وأكّد المدير العام لوكالة النهوض بالصناعة والتجديد عمر بوزوادة أنّ “هذا التمويل في الولايات المتحدة مثّل حلّا لانطلاق العديد من المشاريع”.
وأوضح بوزوادة الأربعاء أن “وكالة النهوض بالصناعة والتجديد نظمت في سنة 2016 أول منتدى للتمويل التشاركي وقدمت مشروعا كانت فيه أفكار عميقة واقتراحات وحلول كانت يمكن أن تكون عملية”.
عمر بوزوادة: القانون موجه لجميع الفئات والأولوية ستكون للشباب
ويهدف مشروع القانون عدد 26 لسنة 2020 إلى تنظيم نشاط التمويل التشاركي لتوفير التمويل اللازم للمشاريع والشركات بغاية دفع الاستثمار.
ووفق هذا القانون، يقصد بالتمويل التشاركي صيغة التمويل التي تعتمد على جمع الأموال من العموم عبر منصة على الإنترنت مخصصة للغرض بهدف تمويل مشاريع أو شركات من خلال الاستثمار في أوراق مالية أو إسناد قروض.
وأفاد بوزوادة في تصريح لـ”العرب” أن “منذ سنة 2014، اشتغلنا على دراسة يمكن أن تفيد الاقتصاد بالتنسيق مع مختلف الهياكل، والآن ننتظر الأوامر التطبيقية لهذه الآلية”.
وأوضح أن “وكالة النهوض بالصناعة والتجديد ستقوم بإعداد المقترحات التي تلقتها من سلطات الرقابة وستحيلها على وزير الصناعة وبعدها ستتم إحالتها على رئاسة الحكومة التي ستقوم بتمريرها على مجلس الوزراء للمصادقة عليها”.
وأكد أن هذا القانون موجه لجميع الفئات، والأولوية ستكون للشباب خاصة، موضحا أن هذا القانون لن يتضمن العديد من القيود الصعبة ولن تكون هناك ضمانات للحصول على التمويل، قائلا إن الضمان الوحيد سيكون هو المشروع.
وتابع “التمويل التشاركي آلية قديمة – جديدة كانت مترسخة في تراثنا العربي والأمازيغي، والمنظومة الاقتصادية اليوم في حاجة إلى التمويل”.
وبيّن أن هذا المشروع يساهم في بناء علاقة مباشرة بين المستثمرين والرياديين، وتشمل هذه الآلية ثلاثة أنواع: التمويل التشاركي عبر الاستثمار وعبر القروض وعبر الهبات والتبرعات.
وأردف “الحصول على قرض اليوم يقترن بضمانات ملموسة تضمن للبنوك استرجاع أموالها، ولكن في التمويل التشاركي هو المشروع الممول عبر المنصة الافتراضية”.
واستطرد “لدينا ما يزيد عن مليون شاب خارج مقاعد الدراسة، ومن حقهم بعث مشاريع لاحتوائهم”.
ومن المنتظر أن يتم العمل على تسريع تفعيل قانون هذا التمويل وتمكين حاملين المشاريع من الاستفادة بكل سرعة من هذا القانون.
ارتفاع قياسي للبطالة
وأفاد الخبير الاقتصادي الصادق جبنون أن الآلية تأتي في إطار الحديث عن الاقتصاد التضامني، وهذا النوع من التمويل يضاف كمنظومة ثالثة على غرار القطاع العام والخاص.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” “هذه الآلية تفتح الباب أمام المشاريع الصغرى والتشاركية وهي صيغة مطورة من التعاضديات، لإدماجها أكثر في التشغيل مع إحداث صيغة بنك ممول لها، فضلا عن التزام المؤسسات البنكية بتخصيص جزء لهذه المؤسسات”.
وتابع “التمويل التشاركي يحتاج إلى دعم هام من الحكومة، الإطار التشريعي موجود، ويجب تفعيلها للتسويق عبر الوسائط الإلكترونية، والتكوين على المعاملات البنكية”.
واستطرد جبنون “هي نوع من الإدماج الاقتصادي لإخراج فئات معتبرة من دائرة الفقر”.
ويرى خبراء الاقتصاد أنه من الأسباب للتوجه نحو التمويل التشاركي وجود الفجوة بين مصادر التمويل والطلب عليها، بالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية تبعا لانتشار جائحة كورونا.
وأفاد الخبير والمستشار المصرفي والمالي المتخصص في التمويل التنموي، ومؤسس ومدير “الثروة”، سهل عنابي “أنه من مزايا القانون التشاركي هو التمويل المباشر بين أصحاب المشاريع ومصادر التمويل”.
الصادق جبنون: الآلية نوع من الإدماج لإخراج مجموعة مهمة من دائرة الفقر
وقال “كل شخص لديه فكرة يقوم بعرضها على المنصة ويتم الاهتمام بها من خلال الاستثمار وتقديم التموبل”.
ولفت عنابي إلى أن التمويل التشاركي هو أداة تمويل تجمع مبالغ بسيطة من عدد أكبر من الأطراف دون تدخل المؤسسات المالية، مع ضرورة وجود منصة إلكترونية لتسهيل عملية الربط والرقابة والتشريع على هذه الأطراف.
وأبرز أن الأطراف المتدخلة في التمويل التشاركي هي الممولون والمستثمرون وأصحاب المشاريع، مشيرا إلى أنه آلية مهمة جدا للاقتصاد والدول.
وأكد عنابي أن هذه الآلية ليست دائما منافسة للبنوك وأحيانا تكون ذات كلفة أعلى، مضيفا أنها ساهمت في خلق فرص عمل بشكل كبير ووسائل التمويل البديلة أصبحت ضرورية لخلق فرص العمل.
ومن جهة أخرى، أكد رئيس جمعية المستثمرين في رأس المال، محمد صالح فراد، أنه من الضروري تقديم معلومات جماعية لدفع الأشخاص لاستثمار أموالهم في هذه الآلية، مبينا أنه لا بدّ من أن يكون منسوب الشفافية والمحاسبة كبيرا جدا لإنجاح هذه العملية.
وسبق أن صادق البرلمان التونسي على مشروع قانون يتعلق بالتمويل التشاركي بالإجماع بــ127 صوتا دون اعتراض ولا احتفاظ.
وصوت النواب على مشروع القانون برمته بعد أن تم التصويت على فصوله وعددها 65 فصلا، كل على حدة.
وتعاني تونس من فجوة تمويل كبيرة مما عرقل رواد الأعمال في ظل نقص الموارد وأزمة اقتصادية حادة، فضلا عن بيروقراطية متجذرة في وقت تحاول فيه الحكومة البحث عن آليات مناسبة لردم الفجوة وتشجيع الاستثمار.
ويطالب الشباب في تونس بتوفير الشغل حيث تتواتر الاحتجاجات المطالبة بتوفير فرص عمل، فيما تحاول السلطات إيجاد آليات لضمان التمويلات وحث الشباب على إطلاق المشاريع لتعزيز إيرادات الدولة المتضررة من تداعيات كورونا والأزمة السياسية التي عرقلت الملفات الاقتصادية الكبرى.
تابعوا Tunisactus على Google News