- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

تونس: خطوة جديدة نحو الحكم المطلق | القدس العربي

بعد سيطرته على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية قام الرئيس التونسي قيس سعيّد، السبت الماضي، بإصدار مرسوم يلغي استقلالية هيئة الانتخابات ويعطي الرئيس صلاحية تعيين أعضائها.
مثل المؤسسات التونسية الأخرى التي قام سعيّد بإلغائها فقد كان تأسيس الهيئة المستقلة للانتخابات نتاجا لنضال سياسي ومدني كبير لدمقرطة الدولة التونسية وكان أحد أهدافه الرئيسية فصل هذه المؤسسة عن نفوذ وزارة الداخلية، كما كان الحال أثناء الحقبة الدكتاتورية في تونس منذ عام 1952، وكما هو حالها في مجمل الأنظمة العربية.
ونتيجة للمسؤولية الكبيرة والوضعية غير المسبوقة فقد احتاج تأسيس وعمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الأولى، فقد تشكل أعضاؤها من اقتراحات هيئات مدنية ونقابية، كجمعيات ونقابات القضاة والمحامين وكتاب العدل والصحافيين والجامعات والأحزاب، ويخضع أعضاؤها لانتخابات ديمقراطية.
قرار الرئيس التونسي، بهذا المعنى، لا يقوم بإلغاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ولكنه يلغي أثر المجتمع المدني برمّته، عبر تجاهل دور مؤسساته التي شاركت في تشكيل الهيئة، كما يلغي الطبيعة الاستقلالية للهيئة، والطبيعة الديمقراطية لنشوئها، ويحوّلها إلى أداة أخرى من الأدوات التي يسيطر عليها.
كشفت الخطوة الأخيرة الأوهام التي ساهمت في ترويجها بعض القوى السياسية التونسية التي ساندت حركة سعيّد في 25 تموز/يوليو الماضي، كما هو حال حزب “التيار الشعبي” الذي اعتبرها حينها “خطوة مهمة تفتح أفقا سياسيا أمام شعبنا لاسترجاع وطنه وإنقاذ مؤسسات دولته”، وكما هو حال “التيار الديمقراطي”، اليساري، و”الدستوري الحر”، الذي يضم أنصار النظام السابق.
أدت إجراءات سعيّد المتصاعدة إلى انزياح بعض القوى السياسية التي قامت بتأييد حركته الانقلابية وكان لافتا في هذا السياق إعلان عبير موسي، رئيسة “الدستوري الحر”، مؤخرا، أنها تعتبر أن راشد الغنوشي، زعيم “النهضة”، ما زال رئيسا للبرلمان، وكذلك هجوم الأمين العام لـ”التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، على مرسوم سعيّد الأخير واعتباره “هيئة الرئيس هيئة لتزوير إرادة الشعب”.
أحد الانزياحات السياسية المهمة كان عمل أحمد نجيب الشابي، وهو أحد الوجوه السياسية اليسارية البارزة في تونس، على توحيد المعارضة التونسية، واعتباره أن “الخطر الداهم حاليا هو قيس سعيّد”، ولقاءه بزعيم “النهضة” ورفضه “شيطنتها”، رغم الخصومة السياسية والأيديولوجية الكبيرة بين الطرفين، لكن الواضح أن بعض القوى السياسية التونسية لا تزال متخندقة ضمن كهوفها الأيديولوجية الكثيفة التي تمنعها من إدراك خطورة الكارثة السياسية التي يجر سعيّد البلاد إليها، بحيث تنعكس على كل الاتجاهات السياسية، بغض النظر عن أيديولوجياتها.
إحدى المسائل الأخرى التي تتجاهلها هذه القوى السياسية التي ترفض التوحد في جبهة ضد الدكتاتورية لا تتعلق فقط بأن سعيّد يأخذ البلاد إلى حكم تنعدم فيه السياسة، بل تتعلّق أيضا بالعلاقة الوثيقة بين السياسة والاقتصاد، فالحكم المطلق يؤدي، بالضرورة، إلى انتشار المحسوبية والفساد والاحتكار وهو ما ينعكس خرابا اقتصاديا بدأت البلاد تشهد آثاره الخطيرة والتي تتجه بالبلاد إلى حال من العجز وإمكانية الإفلاس، وهو أمر لا تنفع معه بعض القروض المسيّسة من بعض الدول العربية أو الأوروبية.

- الإعلانات -

#تونس #خطوة #جديدة #نحو #الحكم #المطلق #القدس #العربي

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد