تونس: «ضغوط أمريكية» لتشكيل المحكمة الدستورية تثير جدلاً سياسياً واسعاً
منذ 3 ساعات
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي ونائب وزير الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان
حجم الخط
تونس – «القدس العربي»: أثار بيان أصدرته الحكومة التونسية حول المحادثة الأخيرة بين رئيس الحكومة هشام المشيشي، ونائب وزير الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان، ويتعلق بدعوة واشنطن للإسراع في تشكيل المحكمة الدستورية، جدلاً سياسياً واسعاً في البلاد، فبينما ندد البعض بمحاولة الولايات المتحدة التدخل في شؤون البلاد، شكك آخرون بصحة ما جاء في البيان الحكومي، الذي اعتبروه «محاولة للاستقواء بأطراف أجنبية وحشرها في الصراع الداخلي التونسي».ووفق البيان الذي أصدرته الحكومة، فإن نائب وزير الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان، أكدت أن «الولايات المتحدة حليف استراتيجي ومهم لتونس، وأن بلادها تعمل على تعزيز علاقات التعاون في مختلف المجالات، معبـّرة بالمناسبة عن سعادتها بالحديث مع رئيس الحكومة حول جملة من الإصلاحات التي يتم تنفيذها في تونس، ومنوّهة بالمجهودات التي تبذلها الحكومة وبقيمة العمل الذي تنجزه في مجالات الحوكمة ومقاومة الفساد وضمان استقلالية القضاء ودعم منظومة حقوق الإنسان وبناء المؤسسات الدستورية، حيث أبرزت في هذا الإطار أهمية تركيز المحكمة الدستورية والعمل على ضمان الاستقرار السياسي وإنجاح المسار الديمقراطي».
سياسيون: استكمال المسار الديمقراطي لا يمكن أن يتم في ظل التدخل الأجنبي
وعلق رضون المصمودي، القيادي في حركة النهضة، على البيان في تدوينة على صفحته في موقع فيسبوك، قال فيها: «الخارجية الأمريكية تطالب تونس رسميّاً بتركيز المحكمة الدستورية واستكمال المؤسسات الدستورية والديمقراطيّة».ولكن البعض اتهم المصمودي بالدعوة إلى التدخل الأجنبي، قبل أن يوضح لاحقاً بقوله: «تم تشويه تدوينة نشرتها في صفحتي الشخصية وتقديمها على أنها دعوة للتدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية، ويهمني أن أوضح بأن إقامة المحكمة الدستورية هو شأن وطني واستحقاق دستوري لاستكمال عملية الانتقال الديمقراطي ولا علاقة له بأي ضغوط خارجية، وإنني بالرغم من ترحيبي بالدعم الدولي للتجربة الديمقراطية التونسية، فإنني ضد أي تدخل خارجي في شؤوننا الداخلية. ترسيخ المحكمة الدستورية هو مطلب شعبي وجماهيري وعد به كلّ المترشّحين الأحزاب في الانتخابات الماضية، واستحقاق ثوري قانوني ودستوري (لا يكتمل الدستور إلا بإرسائها) وليس مطلباً أجنبياً أو خارجياً».وكتب سمير ديلو، النائب عن حركة النهضة: «لا خير في مؤسّسات يتطلّب استكمالها تدخّلاً أجنبيّاً، مباشراً أو غير مباشر، وخاطئ من يبشّر بهذا التدخّل أو يرحّب به، حقيقيّاً كان أو وهميّاً».وأضاف عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري: «تركيز الهيئات الدستورية وعلى رأسها المحكمة الدستورية، استحقاق وطني، وكل تأخر في إنجازه سيربك مسار الانتقال الديمقراطي، ما في ذلك شك. لكن تهليل البعض واستبشارهم بتعبير مساعدة وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية عن دعمها لإرساء تلك المحكمة (حالاً وفوراً) يترجم استعداداً فطرياً لديهم لاستباحة الأوطان إذا ما تقاطعت مصالحهم مع الأجندات الخارجية تحت عناوين براقة. ومع ذلك يبقى استكمال بناء المؤسسات الدستورية استحقاق ديمقراطي ومقدمة ضرورية للاستقرار السياسي الذي يمثل أحد حصون استقلال القرار الوطني».فيما ندد حزب «الشعب يريد» بـ»ما قامت به مصالح الإعلام برئاسة الحكومة من تحريف وتزييف لمحتوى الاتصال الذي جمع رئيس الحكومة بنائبة وزير الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان، وتضمين بلاغ رئاسة الحكومة عبارات لم ترد في بلاغ نائبة وزير الخارجية الأمريكي تتعلق بطلب تسريع تركيز المحكمة الدستورية، وهو ما يعطي انطباعاً بتدخل أمريكي في شأن داخلي تونسي، وهو ما لم يحدث وما لم يشر له بلاغ الجانب الأمريكي، كما أنه يعد محاولة للاستقواء بأطراف أجنبية وحشرها في الصراع الداخلي التونسي».كما حذّر الحزب من «محاولة بعض الأطراف الاستثمار في الأزمة وفي معاناة التونسيين، ويؤكد أن عمل الحكومة على ضمان السير العادي لمؤسسات الدولة ومخاطبتها للجهات الدولية والجهات المانحة لا يمنحها صكاً على بياض يمكن أن يغطي على فشلها الذريع في إدارة شؤون الدولة وفي معالجة الأزمة الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي عصفت بالبلاد، كما يؤكد أن القرارات المرتجلة لهذه الحكومة أصبحت تمثل خطراً على حياة التونسيين وعلى السير العادي لدواليب الدولة».ويعقد البرلمان التونسي، غداً الثلاثاء، جلسة خاصة لمناقشة أسباب رفض الرئيس سعيد ختم مشاريع قوانين يصادق عليها البرلمان على غرار تنقيح قانون المحكمة الدستورية.ويأتي هذا القرار في ظل الجدل المثار حول مشروع تعديل قانون المحكمة الدستورية، والذي رفض الرئيس قيس سعيد ختمه وأعاده للبرلمان، على اعتبار أنه مخالف لأحكام الدستور، قبل أن يقوم البرلمان بالمصادقة عليه بأغلبية الثلثين.وكان رئيس البرلمان راشد الغنوشي انتقد قبل أيام ما سمّاه «الأخطاء التي وقع فيها الرئيس من تعطيله للتعديل الوزاري حيث أصبحت الحكومة مشلولة، فضلاً عن تعطيله لقانون المحكمة الدستورية» لكنه حدث -في المقابل- عن «توافق» مع الرئيس قيس سيعد تمت مناقشته خلال اللقاء الأخير الذي تم بين الرجلين قبل أيام في قصر قرطاج.
تابعوا Tunisactus على Google News