تونس.. مذبحة قضائية وفشل الديمقراطية العودة سريعا إلى عهد زين العابدين بن علي
المصدر: وكالة أخبار اليوم
بيتر الشويفاتي
بعد الربيع العربي اعتُبرت تونس التجربة الناجحة الوحيدة في تحويل النهج السياسي من نظام ديكتاتوري إلى نظام ديمقراطي يمثّل الشعب، فهي البلد الوحيد الذي تمكّن من خوض انتخابات ديمقراطية حرّة أدت إلى وصول وجوه جديدة إلى السلطة على عكس مصر، سوريا، اليمن، وليبيا، فتجربة تلك الدول أوصلتها إلى حرب أهلية أو أعادتها مجددًا الى أنظمتها الديكتاتورية.
نجحت تونس في تطبيق مبادئ الديمقراطية من خلال انتخابات عامَي 2011 و2014 إذ كانت المنافسة شرسة بين العلمانيين والإسلاميين. لم يحقق أي من الطرفين الأكثرية النيابية ما أدى إلى تشكيل حكومات جامعة لأطراف متناقضة وبالتالي تعطيل الإجراءات الدستورية والأعمال الحكومي.
تحوّلٌ سياسي عجز عن إنتاج أي إصلاحات اقتصادية وأمنية في البلاد ، فتونس التي عانت منذ الثورة من فقدان الموارد الأساسية، وصلت نسبة البطالة فيها إلى 15% عام 2015 وانخفض عدد السياح بنسبة 50% بسبب العمليات الإرهابية المتتالية.
هذا الضرر في القطاع السياحي تسبّب في إغلاق 40% من المنشآت السياحية التي كانت من ركائز الاقتصاد التونسي، وعدم تمكّن الحكومة التونسية من الرد سريعًا على هذه الأزمات تسبب بدوره في تدهور الوضع الاقتصادي ومعه ثقة المواطنين في السلطة والنظام.
السيطرة على القضاء وعزل المكوّنات والعناصر السياسية الأخرى في البلاد خطوات تناقض المفهوم الديمقراطي قام بها الرئيس قيس سعيد من دون اعتراض لافت من قبل الشعب التونسي هو الذي واجه سابقا وبشراسة خطوات مماثلة قام بها الرئيس السابق زين العابدين بن علي ساهمت في إقالته.
هذا الرضوخ إن دلّ على شيء فعلى أن الشعب التونسي فقد الأمل في المعايير الديمقراطية التي فشلت في توفير حلول للأزمات الاقتصادية المتراكمة، وقبل مجددا بسيطرة زعيم واحد على مفاصل الدولة، وبالتالي فقدت تونس نظامًا سياسيًا يؤمن الرقابة والمحاسبة وتوزيع السلطات بين أطراف مختلفة وأصبحت السلطات الثلاث في البلد في يد شخص واحد.
ففي 25 تموز 2021 حلّ الرئيس سعيد حكومة هشام المشيشي وأوقف عمل المجلس النيابي، الذي كان تحت سيطرة حزب النهضة وتمكّن من الإستيلاء على سلطات المحكمة الدستورية التونسية ورفض أي نوع من الاحتكاك أو التسوية مع أي من الأفرقاء السياسيين في البلاد وسيطر على القضاء من خلال عزل 57 قاضيًا اتهمهم بالفساد وقبول الرشاوى. ووصفت جمعية القضاة التونسيين هذه الخطوة “بالمذبحة القضائية” معتبرة أن القضاء أصبح أسير الانتماءات السياسية.
حتى هذه اللحظة لا يزال الرئيس سعيد يواجه صعوبة في حل الأزمة الاقتصادية ومواجهة الارتفاع الملحوظ لوفيات فيروس كورونا في البلد والوضع الراهن في تونس يختصر بالتالي:
– للمرة الثالثة هذا العام ترفع الحكومة سعر المحروقات،
– نسبة التضخم بلغت 7.2% في آذار 2022 بعد أن كانت 6.7% في أوائل السنة،
– أسعار الخدمات ارتفعت بمعدل 4.7% والرفاهية 7.1% والخدمات الصحية 4.1%،
– العجز التجاري ارتفع بمعدل 4.3% هذا العام.
وعلى الرغم من كل هذه الإحصائيات المقلقة لا يزال الرئيس سعيد يحظى بثقة الشعب إذ أظهر استفتاء لشركة Emrhod Consulting أن 87% من التونسيين يؤيدون عمله بناء على المادة 80 من الدستور والتي خوّلته الحصول على صلاحيات تنفيذية واسعة.
منذ عام 2019 فقدت تونس 0.6 نقاط على المؤشر الديمقراطي العالمي لتهبط من المرتبة 54 إلى المرتبة 75. هذا التراجع والفشل في تطبيق الديمقراطية قد يعزز لدى العالم فكرة عدم قدرة أو أهلية البلدان العربية في تحقيق هذا النموذج السياسي.
#تونس #مذبحة #قضائية #وفشل #الديمقراطية #العودة #سريعا #إلى #عهد #زين #العابدين #بن #علي
تابعوا Tunisactus على Google News