تونس: نظام سعيّد القاعدي يقسم خبراء الدستور… ومجموعة الأزمات الدولية تحذّر من الفوضى | القدس العربي
تونس – «القدس العربي»: أثار خطاب الرئيس التونسي الأخير والذي تحدث فيه عن نظام اقتراع جديد يعتمد نظريته للبناء القاعدي، انقساماً كبيراً بين خبراء الدستور، في وقت حذرت فيه مجموعة الأزمات الدولية من أن يتسبب تواصل احتكار سعيد للسلطات في فوضى في البلاد.
وكان سعيد أشار، خلال إشرافه، الأربعاء، على إحياء الذكرى الثانية والعشرين لوفاة الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، إلى أن التصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة «سيكون على الأفراد وليس على القائمات وفي دورتين، وذلك على قاعدة نتائج الاستشارة الوطنية» مشيراً إلى أن «هيئة الانتخابات ستواصل الإشراف على الاستحقاقات الانتخابية القادمة، ولكن ليس بتركيبتها الحالية».
وكتب الخبير الدستوري رابح الخرايفي: «ينبغي أن نفكر بعمق في الانتخاب على الأفراد في دورتين في الانتخابات التشريعية المقبلة. وبعدها الانتخابات البلدية. لنتفق أنه هناك إيجابيات، بعدما جربنا الانتخابات على القائمات المغلقة (1959-2011) ومن بعدها الانتخابات على القائمة مع أكبر البقايا (2011- 2019). لكن في تقديري ينبغي أن نفكر في المشاكل التي قد يطرحها هذا النظام كي نتجاوزها عند وضع النص النهائي».
وأضاف، في تدوينة على موقع فيسبوك: «لا نعرف إلى اليوم ما هو المعيار الذي سيوضع ويعتمد لاختيار مترشح عن الدائرة الانتخابية، فهل ستكون البلدية بما يعني نائباً عن كل بلدية؟ وعندها يكون لنا 350 نائباً في مجلس النواب. أم ستكون المعتمدية بما يعني نائباً عن كل معتمدية؟ وعندها سيكون لنا 264 نائباً في مجلس نواب الشعب. أم سيكون نائباً عن كل عدد معين (100 ألف مثلاً أو أقل من ذلك) من السكان في الولاية؟ وفي كل الأحوال العدد مرتفع جداً فمن المفيد التقليص فيه وإحداث غرفة نيابية ثانية».
وتابع بقوله: «على فرض المضي في خيار الانتخاب على الأفراد وفي دورتين، فإنه هناك جملة من المشاكل الجدية. الخطرة في ذات الوقت لي الاستقرار السياسي وأداء المجلس. وتتمثل في رأيي في أن هذا النظام لا يمكن المرأة من دخول المجلس وهو ما يمس من مبدأ التناصف. ويحيي ويعمق هذا الخيار فكرتي النعرة القبلية والعروشية (العائلية) في المجتمع التونسي. ويمكن هذا الخيار من فتح الباب أمام الترشيحات الفردية غير الجدية وهذا يغرق ويشل عمل الهيئة. ويمكن أن يفرز هذا النظام مجلساً غير متجانس الأفكار ولا يوجد انسجام بين النواب وهذا يهدد عمل البرلمان وحسن أدائه».
فيما اعتبر الخبير الدستوري شاكر الحوكي أن الرئيس سعيد يسير على خطى معمر القذافي وعلي خامنئي، حيث كتب على موقع فيسبوك: «بعد حوالي عقد من الثورة حيث انتعشت فيه الحقوق والحريات وعرفت فيها البلاد انتخابات دورية تشريعية ورئاسية اعترف المجتمع الدولي بنزاهتها وبشفافيتها (…) لا ينفكّ قيس سعيد عن اتّخاذ جملة من الخطوات والقرارات التصعيدية التي لم تكن تهدف إلا إلى نسف الأسس التي قامت عليها الديمقراطية في تونس».
وأضاف: «لم يلبث أن اتجه إلى العمل على تركيع القضاء والضغط عليه خدمة لمآربه الخاصة، فقام بحل المجلس الأعلى للقضاء المنتخب وإحلال محلّه مجلس معين طبقاً لتصوره الشخصي الذي أعلن عنه في 2012 في تعد فاضح على المعايير الدولية الخاصة باستقلالية القضاء، وفي اعتداء صارخ على حق التقاضي نفسه والحق في المحاكمة العادلة. وها هو ما زال «يكافح» ليلاً نهاراً من أجل إرساء نظامه السياسي القاعدي على شاكلة النظام الجماهيري الذي كان سائداً في ليبيا زمن القذافي».
واعتبرت أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي أن نظام الاقتراع على الأفراد «سيفرز في حال إقراره برلماناً أكثر تشتتاً، ولن يمثل قوة موازنة مع السلطة التنفيذية، وسيشجع على الترشحات الفردية، مما سيترتب عنه انفجار في عدد الترشحات في كل دائرة، وبالتالي سيفرز برلماناً مشتتاً أكثر مما سبقه بكثير، وهو ما سيجعل العمل البرلماني شبه مستحيل».
كما اعتبرت أن «الاقتراع على الأفراد سيؤدي إلى شخصنة السلطة، لأن الناخب سيختار المرشح على أساس معرفته الشخصية به لا على أساس معايير سياسية».
فيما اعتبرت مجموعة الأزمات الدولية أنه «بعد إحكام الرئيس قيس سعيِّد قبضته على السلطة في 25 تموز/يوليو 2021، فإن تونس تواجه خطر اندلاع عنف غير مسبوق. فالتحديات الاقتصادية والاجتماعية مكربة، مع تصلب الخطاب الوطني والشعبوي للرئيس، بعد قيامه بتعليق الدستور جزئياً. بالمقابل، زاد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ضغوطهما على سعيد للعودة عن هذا المسار، وهددا بتخفيض المساعدات، الأمر الذي من شأنه أن يفاقم من حدة الأزمة، خصوصاً إذا لم تكن الدولة قادرة على دفع ديونها الخارجية».
وأكدت، في تقرير أصدرته الأربعاء، أنه «يمكن لهذا الوضع أن يزيد من الاستقطاب الحاصل في البلاد، حيث تقف القوى المؤيدة لسعيد في جهة والعناصر المعادية له في الجهة المقابلة. وقد يلجأ الرئيس إلى اتخاذ إجراءات قمعية من شأنها أن تُحدث اضطرابات حادة وتزيد من عزلته السياسية، بشكل يدفع البلاد إلى المجهول. لمنع هذه الحصيلة، ينبغي أن يوافق سعيد على إجراء حوار وطني وأن يسمح لوزراء حكومته بتولي أمر السياسة الاقتصادية. وينبغي على شركاء تونس الرئيسيين تشجيع الرئيس على قبول العودة إلى نظام دستوري متفاوض عليه بغرض توفير آفاق اقتصادية أكثر إشراقاً للبلاد».
#تونس #نظام #سعيد #القاعدي #يقسم #خبراء #الدستور #ومجموعة #الأزمات #الدولية #تحذر #من #الفوضى #القدس #العربي
تابعوا Tunisactus على Google News