تونس.. هل ينجح سعيّد في امتحان “حكومة الرئيس”؟
خميس بن بريك-تونس
يواجه الرئيس التونسي قيس سعيد مهمة صعبة لاختيار الشخصية الأقدر على تشكيل ما يعرف بـ”حكومة الرئيس” من بين الشخصيات المقترحة من الأحزاب الممثلة بالبرلمان، وفق رأي بعض المراقبين الذين استبعدوا إمكانية لجوئه لاختيار شخصية من خارج مقترحات الأحزاب.
ووجهت الأحزاب والكتل الممثلة بالبرلمان أمس رسائلها لرئاسة الجمهورية لإعلان أبرز الأسماء التي يحبذونها لتولي منصب رئيس الحكومة المكلف، وذلك تزامنا مع انتهاء مهلة حددها الرئيس قبل أن يكشف الاثنين المقبل عن الشخصية المختارة.
وأصبح سعيد المسؤول الأول لاختيار رئيس حكومة سيشرف لاحقا على مفاوضات تشكيل حكومة جديدة في أجل لا يتعدى شهرين، تنتهي إما بتزكيتها داخل البرلمان أو المرور إلى انتخابات مبكرة.
ويأتي ذلك عقب فشل رئيس الحكومة المكلف السابق الحبيب الجملي الذي اختارته حركة النهضة الفائزة بالانتخابات التشريعية الماضية، في نيل الأغلبية المطلقة من الأصوات بالبرلمان (109 أصوات)، الأسبوع الماضي.
مسؤولية كبيرةويقر النائب عن حركة النهضة محمد القوماني بحجم المسؤولية الملقاة على الرئيس قيس سعيد لأول مرة في عهدته لاختيار الشخصية الأقدر على تشكيل الحكومة بعد التشاور مع الأحزاب والكتل، في وقت يعلق فيه التونسيون آمالا كبيرة على الرئيس.
القوماني أقر بحجم المسؤولية الملقاة على الرئيس (الجزيرة)
ويقول للجزيرة نت إن الرئيس يبقى مقيدا بأحكام الفصل 89 من الدستور المتعلق بفرضيات تشكيل الحكومة، معتبرا أن التحدي الأكبر الذي سيواجهه الرئيس هو نجاحه في اختيار شخصية قادرة على إنجاح مفاوضات تشكيل الحكومة والحصول على ثقة البرلمان.
ولم يوجه القيادي بحركة النهضة أية تحفظات بشأن مقترحات الأحزاب التي تدور رحاها حول شخصيات أغلبها ذات كفاءات اقتصادية، تقول جل الأحزاب والائتلافات البرلمانية التي رشحتها إنها اختيرت على أساس الكفاءة ونظافة اليد والخبرة في إدارة الدولة والوفاء للثورة.
ومن أبرز الأسماء التي تلتقي عليها معظم الترشيحات هم وزراء المالية السابقون حكيم بن حمودة والفاضل عبد الكافي وإلياس الفخفاخ ووزير الخارجية الأسبق المنجي الحامدي ووزير التجارة قبل الثورة رضا بن مصباح. ولا يعرف لهذه الشخصيات نشاطا حزبيا.
ورشحت حركة النهضة أربعة أسماء منها وزير المالية الأسبق الفاضل عبد الكافي. ويقول القوماني إن أوضاع البلاد تقتضي الإسراع في تشكيل حكومة سياسية منفتحة على كفاءات غير متحزبة، مستبعدا أن يقفز الرئيس على مقترحات الأحزاب لتعيين شخصية بمفرده.
احترام الدستوربدوره، استبعد النائب عن حزب “تحيا تونس” مبروك كرشيد لجوء الرئيس إلى اختيار شخصية لتشكيل الحكومة من خارج ترشيحات الأحزاب، مؤكدا أنه رجل قانون دستوري ويحترم مقتضيات الفصل 89 لتعيين شخصية بعد التشاور مع الأحزاب.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال كرشيد إن الرئيس سيواجه امتحانا صعبا لاختيار شخصية من ضمن ثلاثين شخصية مقترحة، معتبرا أن الأمر سيكون سهلا بالنظر إلى الأسماء الأكثر تداولا بين الأحزاب وأغلبها من كفاءات اقتصادية، إضافة إلى شعور الأحزاب بوجود أزمة خانقة اقتصاديا.
ولم يعبر كرشيد عن أية تحفظات تجاه أسماء الكفاءات الاقتصادية، معتبرا أنها شخصيات مستقلة قادرة على تأمين حزام سياسي لها بالبرلمان، باعتبار أن كل الأحزاب والكتل البرلمانية لديها رغبة في إنجاح مسار مفاوضات تشكيل الحكومة والابتعاد عن سيناريو حل البرلمان.
وبغض النظر عن الشخصيات الاقتصادية المرشحة، برزت أسماء أخرى معروفة مثل النائب السابق عماد الدائمي مرشح ائتلاف الكرامة والمعارض البارز للنظام السابق محمد نجيب الشابي، إضافة إلى وزراء سابقين. كما جرى اقتراح امرأتين لمنصب رئيس الحكومة المكلف.
ضمان التزكيةويؤكد الإعلامي والمحلل السياسي زياد الهاني أن الرئيس لن يلجأ إلى خيار آخر خارج الترشيحات المقترحة من الأحزاب والكتل، موضحا للجزيرة نت أن الرئيس سيلجأ إلى اختيار شخصية من الشخصيات الأكثر تداولا بين الأحزاب لضمان سند سياسي لها.
وتوقع أن يعمل سعيد في إطار التشاور مع الأحزاب والكتل على اختيار شخصية توافقية تضمن تزكية الحكومة داخل البرلمان بـ109 أصوات على الأقل، مستبعدا إمكانية قفزه على ترشيحات الأحزاب واختيار شخصية بمفرده، لأن ذلك يعتبر انقلابا على الأحزاب.
من جلسة سابقة للبرلمان التونسي (الجزيرة)
وفي السياق ذاته، يقول الإعلامي والمحلل السياسي محمد بوعود إن الرئيس يواجه تحديا كبيرا مع اقتراب موعد الإعلان عن رئيس الحكومة الجديد المكلف الاثنين المقبل على أقصى تقدير، مضيفا للجزيرة نت أنه لم يعد الآن بإمكانه تحميل المسؤولية للأحزاب والكتل بعد تقديم ترشيحاتها.
ويرى بوعود أن هذا الاختيار في ظروف صعبة تعيشها البلاد قد تؤثر على شعبية الرئيس في حال باءت مهمة رئيس الحكومة الجديد بالفشل، معتبرا أن الصعوبة لا تكمن فقط في اختيار الشخصية الأقدر على تشكيل الحكومة، وإنما المفاوضات حول الحقائب الوزارية فيما بعد.
ويدرس الرئيس حاليا الترشيحات المقدمة إليه، على أن يقوم بمشاوراته في غضون 48 ساعة مع الأحزاب والكتل الممثلة في البرلمان، ليعلن الاثنين المقبل الشخصية التي ستشرع في مفاوضاتها مع الأحزاب حول تركيبة أعضاء الحكومة في أجل لا يتجاوز شهرين.
ومن المتوقع، بحسب المراقبين، تشكيل حكومة جديدة في الأسابيع المقبلة من أغلب الكتل والأحزاب السياسية الممثلة بالبرلمان، لكن في حال لم يحرز رئيس الحكومة المقترح على ثقة البرلمان في ظرف شهرين، سيحل البرلمان وتنظيم انتخابات برلمانية جديدة.
الصورة من المصدر : www.aljazeera.net
مصدر المقال : www.aljazeera.net