ثقافة التجدد و الابتكار في الصناعات التقليدية التونسية كمنجز فني حضاري
نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ثقافة التجدد و الابتكار في الصناعات التقليدية التونسية كمنجز فني حضاري, اليوم السبت 8 فبراير 2020 08:19 مساءًثقافة التجدد و الابتكار في الصناعات التقليدية التونسية كمنجز فني حضارينشر في الصريح يوم 08 – 02 – 2020
فعل ثقافي أصيل و ابتكار في صلة بالينابيع و نزوع نحو الذات في تعدد تلوينات دروبها و كيانها الملون بالتجلي و الانتشاء و ما نعني به سؤال الهوية في عمقه الدال..ثمة امتلاء بالهوية في كون مضطرب متسارع الأنساق و مربك في هيجانه المعولم على الخصوصيات و الثقافات بكلياتها و جزئياتها..من هنا كانت عوالم الصناعات التقليدية التونسية في منطلقاتها حيث و كما ورد في الموسوعة التونسية المفتوحة تعتبر تونس من البلدان الأشد محافظة على صناعاتها التقليدية بفضل اندراجها في معاش عدّة عائلات وعناية الدولة بها في علاقتها بالسياحة تكوينا وتسويقا وتشجيعا وتطويرا مع المحافظة على الجودة. وإن ّ جولة في أسواق تونس العاصمة أو في أسواق كبرى المدن وحتى في الأسواق الأسبوعية بالقرى تؤكّد ثراء التراث الحرفي وتنوّع أشكاله وهو ما يعكس أصالة الهوية وخصب الخيال ورقة الذوق. كيف لا وتونس أرض الحضارات وملتقى الثقافات بحكم موقعها وقيم شعبها المتمازج العناصر.لقد اقتضى تمصير مدينة تونس وفق التمصير الإسلامي للمدينة العربية المشهود في فاس أو مرّاكش أنّ ترتّب الأسواق بعناية أمراء بني حفص منذ القرن 7ه/13م في دوائر يحيط بعضها ببعض حول الجامع الكبير – وهو جامع الزيتونة المعمور. فخصّصت الدائرة الأولى للسّلع النظيفة مثل العطور والحلي والحلل والأقمشة والفواكه الجافة، فكانت أسواق العطّارين والقماش والحرايرية والبركة للصّاغة. وخصّصت الدائرة الثانية للخياطة والحياكة وصناعة الشاشيّة، فكانت أسواق البرانسيّة والشوّاشيّة، على حين خصّصت الدائرة الثالثة لصناعات النحاس والسلاح والنجارة. أمّا الدائرة الأخيرة فللصّناعات الملوّثة، نسبيّا، كالدباغة في سوق الدبّاغين، والصباغة في سوق الصبّاغين، والخزف والفخّار والجليز في القلاّلين، والنقش على الرخام في الجوار…. ولأسواق تونس، على سبيل المثال، أمناء ومحتسبون يحمون الصّنائع والحرفاء من أنواع الغشّ، ولها أبواب تغلق ليلا، وعسس يحمون المصانع والمتاجر والمخازن. ولأسواق القيروان، كذلك، نظام كان رتّبه يزيد بن حاتم، والي إفريقية (تونس) سنة 156ه/773م. فقد جعل على كل ّ صنعة أمينا. وقد نسبت إلى مؤسسيها أو إلى مشاهير أجوارها، مثل سوق إسماعيل التي أحدثها سنة 71ه/690م إسماعيل بن عبيد الأنصاري، وهو أحد أعيان التابعين. وكانت هذه السوق حذو مسجده المعروف اليوم بمسجد الزيتونة، وكذلك سويقة ابن المغيرة نسبة إلى عبد الله بن المغيرة الكوفي، من كبار المحدّثين، وسوق بني هاشم، نسبة إلى صالح بن حاجب بن هاشم، وسوق دار الإمارة لقربها منها.ومنذ سنة 1574م واصل الأتراك ما أسّسه الحفصيّون بالزيادة في الأسواق والتجديد في الصناعات وبناء الفنادق التي تعتبر الهياكلّ البدائيّة للسياحة والتسوّق. وفي عهد أحدهم – وهو عثمان داي (1598 – 1610م) استقطبت البلاد آخر مسلمي الأندلس الذين نشّطوا الصناعة والتجارة والتعمير في أنحاء العاصمة وبنزرت والوطن القبلي وسهول مجردة وخاصة في مجال النسيج والحرير والتطريز والشاشيّة في أسواق البشامقيّة والتّرك والشوّاشيّة. وبهذه الأخيرة شغفت الأرستقراطية فانتفعت بها داعمة بذلك اقتصاد البلاد بتصديرها إلى أوروبا والشرق العربي وإفريقيا رغم المزاحمة الأجنبية وتشتهر كلّ مدينة أو قرية بأنواع مخصوصة من الصناعات. فالقيروان تشتهر بنسج الزّرابي، وطرق النّحاس، وصناعة المقروض. ولفظ “كروانة” الذي يشير إلى آونة من النّحاس ليس إلاّ تحريفا للفظ “قيروانية”. أمّا صفاقس فتشتهر بالحدادة والنّقش، في حين تشتهر وذرف بنسج المرقوم، والجريد بنسج البرانس، وسجنان بصناعة الخزف والقصرين بالمخارق وتستور بصناعة الجبن والجبّة وغير ذلك ممّا يتنافس فيه.. وفي المنتوج الواحد تتميّز كلّ قرية وكلّ مدينة بأنواع معيّنة وبخصوصيّات أصيلة ونهوضا بالجودة في عالم التنافس يقوم الديوان بحملات تحسيس وزيارات إرشاد لورشات الغزل والصباغة والنسيج والبيع، مراهنة على الزربية التونسية خاصة في عاصمة إنتاجها: القيروان، حيث يتواصل الديوان مع الحرفيين والحرفيات في المنازل لتقديم المساعدات الفنّيّة. ولذلك أصبح إنتاج الزربية والنسيج المطبوع يمثل 80% من الانتاج القومي المراقب. وبلغ إنتاج الزربية 338.460م². سنة 1998, بينما بلغت نسبة النسيج 20% من الانتاج الوطني المطبوع، واحتلّ المرقوم المرتبة الأولى بمعدّل 45.000م². في السنة.وفي مجال المحافظة على الذاكرة وتشجيع الابداع فتح الديوان الوطني للصناعات التقليدية بالدندان – بتونس العاصمة – متحفا للّباس التقليدي يعرض أنواعا مختلفة باختلاف تنوّعات التراث عبر الجهات من الجبّة والبرنس والملاءة والحائك والسفساري والفوطة والبلوزة والقمجّة والفرملة والشاشية والطاقية والبلغة والريحيّة والشبرلّة… إلى جانب مجموعة هامة من الحليّ فضّة وذهبا. كما خصّص الديوان سنة 1996 فضاء للخمسة الذهبية لعرض نماذج من ابتكارات المصمّمين المشاركين في المسابقة السنويّة منذ إحداثها بمناسبة اليوم الوطني للّباس التقليدي. …”.و في السياق ذاته “…يمثل قطاع الصناعات التقليدية رافداً اقتصاديا هاماً وعنصرا ثابتاً للتشغيل في كافة مناطق البلاد. كما يعد مقوماً من مقومات الشخصية الوطنية إذ يساهم في ترسيخ ألهوية وتثبيت روح الأصالة والانتماء للحضارات والثقافات التي تعاقبت على بلادنا.وبالتأكيد دوره الفاعل في المسيرة التنموية الشاملة باعتباره يساهم في تقليص البطالة نظراً لقدرته على تعبئة واسعة لليد العاملة وإحداث عدد هام من مواطن شغل..و يوفر مداخيل محترمة لعدد هام من المواطنين إذ ينتفع من الصناعات التقليدية حوالي مليون شخص دون اعتبار النشاطات الموازية في ميدان الخدمات.كما يساهم في الناتج الداخلي الخام وجلب العملة الصعبة للبلاد بنسبة هامة.و يساهم في تنمية الجهات خاصةً النائية منها باعتبار تواضع تكلفة بعث المشاريع في الصناعات التقليدية المتميزة بطابعها الحضاري والتراثي المتجدد والمنتشرة في كامل تراب الجمهورية.و يدعم التوازن الاجتماعي والديمغرافي في تثبيت السكان في مناطقهم والتقليص من ظاهرة النزوح مع قابلية النشاط فيه بالمنازل لاسيما بالنسبة للمرأة التي تمثل عنصر فاعل ونشيط في هذا الميدان.Iو من خلال لمحة تاريخية كانت الأنشطة قبل الحماية ، منضوية تحت حماية هياكل اجتماعية فمجالس الحرف مثلا يمثل نوعا من تنظيم النشاط في الصناعات التقليدية والتجارة الحضرية حيث تحتكر كل مهنة هياكل مستقلة للتدريب والصناعة والاستهلاك(مواد أولية) غير أن ظهور نمط الإنتاج المصنع وتغير طرق الاستهلاك ساهما بصفة ملحوظة في الإخلال بالاقتصاد الحضري التقليدي في تونس.ولمواجهة تدهور أوضاع الصناعات التقليدية التونسية واستجابة لطلبات الحرفيين آنذاك قامت السلط الحكومية ببعض المبادرات منها إحداث الديوان المهني سنة 1923 ولذي فسح المجال لبعث عدة مراكز لصناعات التقليدية و أصبح هذا الديوان مصلحة للتكوين المهني والحرف والفنون سنة 1945 بمراقبة المنتجات التقليدية و في سنة 1953 قامت وزارة التجارة ببحث ميداني حيث تم ضبط عدد المنشآت الحرفية ب28.000 وحدة تشغيل قرابة 100.000 ألف حرفي.وتم إعتماد هذه الدراسة..
الصورة من المصدر : news.miralnews.com
مصدر المقال : news.miralnews.com