جريدة المغرب | خلال لقائهما مع بعثة صندوق النقد الدولي أمس: اتحاد الشغل يتحفظ على برنامج الحكومة ومنظمة الأعراف تقدم مقترحاتها في انتظار نتائج المفاوضات الرسمية

يبدو أن حكومة نجلاء بودن باتت اليوم محاصرة بين تحفظات الاتحاد العام التونسي للشغل حول البرنامج الذي قدمته إلى صندوق النقد الدولي

وبين اكراهات الوضع الاقتصادي وضرورة البحث عن تمويلات لتعبئة ميزانية الدولة، تحفظات قدمها الاتحاد خلال لقائه أمس مع وفد من صندوق النقد الدولي والذي التقى أيضا في ذات اليوم مع وفد من الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، لقاءات تمهد للمفاوضات المباشرة بشأن اتفاقية تمويل جديدة بين الحكومة والصندوق الذي يشترط أن يكون البرنامج محل توافق جماعي خاصة مع المنظمات الوطنية في مقدمتها اتحاد الشغل وذلك لتفادي ما يمكن أن يحول دون تطبيقه على أرض الواقع.
أمام رفض اتحاد الشغل لما تضمنه البرنامج الحكومي المقدم، تجد الحكومة نفسها أمام ضغوطات كبيرة وعليها البحث عن مخارج من أجل أن تحظى خطتها الإصلاحية بالدعم المطلوب وتجنب قدر الإمكان الردود الاحتجاجية، فبعد الخطوط الحمراء التي رفعها الاتحاد في علاقة بتجميد الأجور والانتدابات ورفع الدعم والتفويت في المؤسسات العمومية والتي تبناها رئيس الجمهورية قيس الجمهورية باتت الحكومة في وضع صعب لكنها مجبورة على إعلان خطتها الإصلاحية وذلك حشد الدعم لتجسيدها فعليا.
مؤاخذات الاتحاد على مقترح الحكومة
استقبل الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي أمس بعثة صندوق النقد الدولي بتونس، بحضور الأمناء العامون المساعدون أنور بن قدور ومنعم عميرة ومحسن اليوسفي وخبراء الاتحاد. ووفق تأكيد بن قدور كان اللقاء مناسبة لتبادل الآراء ووجهات النظر، مبيّنا أن الاتحاد العام التونسي للشغل قدم تحفظاته على البرنامج الحكومي المقدم وخاصة رفع الدعم وتجميد الانتدابات والأجور. وقال بن قدور أن أبرز مؤاخذات الاتحاد على مقترح الحكومة المقدم لصندوق النقد الدولي أنه لا يمثل برنامجا اقتصاديا بل هو مجرد حزمة من الإجراءات التقنية المحاسباتية التي لا تهدف إلى إصلاح الوضع الاقتصادي ولا تتضمن أية رؤية. وأشار في تصريح له لموقع «الشعب نيوز» إلى أن الحكومة لا تمتلك نظرة اقتصادية وهو ما يفسر العجز عن مواجهة الغلاء والتضخم والبطالة، ليشدد على أن الاتحاد متمسك بإصلاح المؤسسات العمومية حالة بحالة غير أن الحكومة لم تقدم إلى الآن أي تصور للإصلاح. كما دعا من جهة أخرى الحكومة إلى مصارحة الشعب حول حقيقة الوضع الاقتصادي الصعب جدا.
التوافق حول برامج الإصلاح
كما التقت بعثة صندوق النقد الدولي التي تؤدي حاليا زيارة إلى تونس في إطار مواصلة المناقشات مع الحكومة بشان اتفاقية تمويل جديدة، مع رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول، وحسب بلاغ صادر عن منظمة الأعراف فقد بحث ماجول خلال هذا اللقاء سبل تجاوز المصاعب التي تواجهها تونس، بالاعتماد على التوافق حول برامج الإصلاح التي تحتاجها في مختلف القطاعات، كما استعرض ممثلو الاتحاد، بالمناسبة، رؤية المنظمة ومقترحاتها لإنعاش الاقتصاد الوطني ودفع الاستثمار. ويشار إلى أن بعثة صندوق النقد الدولي تضمّ كل من المديرة المساعدة لمنطقة الشرق الأوسط واسيا الوسطى تالين كورانشيليا ، ورئيس بعثة الصندوق بتونس، كريس جيريجات.
إجراءات عاجلة لتنشيط الاقتصاد
وجاءت زيارة بعثة الصندوق بالتزامن مع كشف الحكومة عن الإجراءات العاجلة لتنشيط الاقتصاد التي ترتكز على أربعة محاور أساسية تتضمن قرابة 50 إجراء سيتم تناولها بتفاصيل أكثر لاحقا، حيث يمثل المحور الأول، دعم سيولة المؤسسات المالية وتيسير النفاذ إلى التمويل بهدف المحافظة على النشاط ومواطن الشغل مع إيجاد خطوط تمويل لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة تجرى بشأنها حاليا مفاوضات مع عدد من الشركاء فضلا عن إجراءات أخرى. أما المحور الثاني فيتعلق بإعادة تنشيط الاستثمار عبر اعتماد إجراءات استثنائية للتسريع في انجاز المشاريع العمومية المعطلة وتنشيط الاستثمار الخاص، كما تشمل هذه الإجراءات محورا ثالثا يتعلق بتسهيل الإطار القانوني والترتيبي للأعمال ومحورا رابعا يتعلق بتبسيط الإجراءات لدفع التصدير. وحسب بلاغ رئاسة الحكومة فإن هذه الإجراءات ستمثل إطارا أوليا لإحداث ديناميكية جديدة في المدى القصير والمتوسط، بالتوازي مع برنامج الإصلاح الهيكلي العميق الذي أعدته الحكومة، وبصدد المناقشة مع صندوق النقد الدولي وباقي الشركاء، حتى تتمكن تونس من تجاوز هذه الأزمة الاقتصادية والمالية.