- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

جريدة المغرب | نتائج الدورة الرئيسية لبكالوريا 2022: ترسيخ التفاوت الجهوي

- الإعلانات -

صدرت أمس نتائج الدورة الرئيسية للامتحان الوطني «البكالوريا» لسنة 2022 لتعيد التذكير بعمق ازمة المنظومة العمومية للتعليم في تونس والتي تعبر عن نفسها

بأوجه عدة لكن اشدها سوءا وقتامة هو التفاوت الكبير بين الجهات وانعدام تكافئ فرص النجاح بين التونسيين.
تفاوت يظهر بشكل صريح وواضح من خلال نسب النجاح المسجلة بين الجهة المتصدرة للترتيب وهي ولاية صفاقس، بمندوبيتيها الجهويتين للتعليم، بنسبة نجاح عامة قدرت بـ60.93 % مقابل نسبة نجاح بـ23.79 % سجلتها ولاية القصرين. وبين النسبتين تتجلى بشكل صريح وواضح ازمة المنظومة التربوية في تونس التي ترسخ التفاوت الجهوي الصارخ الذي يعبر عن نفسه في فروق هيكلية صارخة بين الجهات وسقوط مبدإ تكافئ الفرص.
كما ان ولاية القصرين ليست الوحيدة التي تعاني من هذا الانخرام، فقد حققت 12 ولاية نسب نجاح اقل من المعدل الوطني المقدر بحوالي 38 %، وهي ولايات داخلية بالاساس تضم ولايات الشمال الغربي والوسط الغربي والجنوب الغربي اضافة الى ولاية زغوان. هذه الولايات الـ12 التي خاض 35026 من ابنائها الدورة الرئيسية للبكالوريا ونحج منهم 10881.

هذه الارقام التي تحدث وزير التعليم عن انها لفتت انتباه الوزارة وان الاخيرة ستنظر في حل لهذه المعضلة، تجسد بشكل مثالي مدى تازم مختلف المنظومات العمومية، تعليم وصحة بالاساس، وترسخ التفاوت الجهوي لا فقط في منظومة التعليم بل في مختلف اوجه الحياة كمعضلة سياسية واخلاقية كبرى عجزت مختلف الحكومات والسلطات في تونس عن معالجتها.
ارقام ونسب لا يمكن أن نفككها ونفسرها بالاستكانة للردود السهلة المتمثلة في «الفروق الفردية» او في دور الاسرة في تميز ابنائها او فقط في التفاوت المسجل في البنية التحتية للمدارس والمعاهد العمومية، بل هي تجسد حقيقة التفاوت المرسخ في جودة الحياة بين الولايات التونسية التي باتت 12 ولاية منها منفرة وطاردة.

نسب إذا اريد فهمها وفهم اسبابها وجب الانتباه الى حقيقة جلية وواضحة منذ سنوات وهي ان المنظومة التعليمية في هذه الولايات الـ12 تعاني منذ سنوات من خلل هيكلي وبنيوي جعلها غير قادرة على ان تكون ولايات جذب تتميز بدينامكية متكاملة تسمح بمراكمة التجارب والنجاحات في كل القطاعات ومنها قطاع التعليم الذي يعاني في هذه الولايات من كونه طاردا ومنفرا يحول دون نجاح عملية استقطاب اطار تربوي وشبه تربوي متميز يمكنه ان يؤثر إيجابا على التحصيل العلمي للتلاميذ في هذه الولايات ويحفزهم للتميز او يصقل مهاراتهم ويغذيها لضمان التفوق او الاقتراب منه على الاقل.
فهذه الولايات الـ12 تعاني بالاساس من غياب سياسة عمومية تنهض بها وتحقق جودة الحياة والتي أدت تباعا لان تكون هذه الولايات مستقطبة للاطار التربوي المتميز والكفء ومعه تتحقق اولى بدايات الاصلاح التربوي القائم على مبدإ المساواة الذي يضمن ذات الحظوظ والامكانيات لكل طفل وطفلة تونسية منذ ولوجه الى منظومة التعليم في سنواتها المبكرة الى حين بلوغه البكالوريا مع تشجيع التميز الذي يبرز الفروق الفردية وليس تشجيع التفاوت الجهوي.

تفاوت لا يمكن اليوم القول بان معالجته ستكون بتخصيص اعتمادات مالية كبيرة لهذه الولايات لتحسين البنية التحتية للمدارس والمعاهد فيها، ولئن كان هذا مهما وضروريا على الاقل لتهيئة مناخ سليم للتعلم، فانه لن يكون كافيا اذ انه لا يعالج بالأساس اصل الازمة ولا يطال جذورها التي تمتد لتشمل المدرسة والمعهد والفضاءات المحيطة بهاو ايضا كل الفضاءات المرافقة والمتصلة لفضاءات التعليم.

فقد ترسخت اليوم حقيقة ان الطفل او الطفلة الذي يلج لأول مرة الى مساق التعلم في اي من هذه الولايات الـ12 يعاني من عدم مساواة في الحظوظ والفرص التي يتمتع بها قرينه او قرينتها في اي من الولايات 12 الاخرى التي تمتاز بجودة الحياة افضل نسبيا مما انعكس ايجابا على قطاع التعليم خلال العقود الماضية. ورسخ هذا التفاوت كحقيقة تبين فشل كل السياسات العمومية لا فقط في التعليم والتربية

قطاع إذا اريد له اليوم ان يخوض عملية اصلاحية وتكلل السياسات العمومية فيها بالنجاح لا يجب ان بنظر اليه على انه قطاع معزول غير متاثر او مؤثر في محيطه وفي بقية القطاعات.

#جريدة #المغرب #نتائج #الدورة #الرئيسية #لبكالوريا #ترسيخ #التفاوت #الجهوي

تابعوا Tunisactus على Google News

- الإعلانات -

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد