جريدة «الوسط»: معركة «شد حبال» للسيطرة على أموال النفط
جريدة «الوسط»: معركة «شد حبال» للسيطرة على أموال النفط
القاهرة – بوابة الوسط الجمعة 25 مارس 2022, 08:54 صباحا
فيما يبدو تخلياً عن خيار دخول مدينة طرابلس بالقوة؛ لمباشرة مهامه كرئيس للحكومة المكلفة من قبل مجلس النواب، انتهج فتحي باشاغا على ما يظهر أسلوب «السيطرة الناعمة» على مقار غريمه، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، المتمسك ببقائه على رأس السلطة التنفيذية في مقر الحكومة بالعاصمة طرابلس، وفي الأثناء تدور معركة «شد حبال» بين الطرفين للسيطرة على «مفاتيح» توزيع أموال عائدات الطاقة، ممثلة في كل من المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي.
في هذا الاتجاه يردد وزراء حكومة باشاغا، وأعضاء برلمان مؤيدون لها أن أمر ممارسة مهامهم من العاصمة مسألة أيام فقط، مؤكدين وجود ترتيبات استباقية لاستلام مقر ديوان رئاسة الوزراء بطرابلس، سلمياً، وفعلياً جرى على أيدي نائبي باشاغا، وهما عن الجنوب، سالم الزادمة، وعن الشرق علي القطراني، بينما خاطب وزير الداخلية عصام أبوزريبة، وزراء حكومة الدبيبة بتسليم مقارهم للحكومة الجديدة، بشكل سلس.
حكومة باشاغا تتعهد بعدم استخدام العنف لدخول طرابلس
وفي السياق، قال المتحدث باسم الحكومة وزير الصحة عثمان عبدالجليل، إن الحكومة ستستلم قريباً مقراتها في العاصمة متعهداً في تصريحات صحفية، بعدم استخدام العنف وسيلة.
ومن جهته، كشف وزير الدفاع بحكومة باشاغا، احميد حومة اجتماعه أخيراً في تونس مع ممثلي بعض التشكيلات المسلحة، والمناطق العسكرية في غرب ليبيا، وقال في مقابلة مع قناة «الوسط» الليبية، إنه يعتزم التواصل مع رئيس أركان قوات حكومة الوحدة محمد الحداد، والتشكيلات المسلحة التي تتبع المجلس الرئاسي، وأمراء المناطق العسكرية في المنطقة الغربية للتشاور، وتقديم ضمانات، أوضح أن أهمها اعتزام وزارة الدفاع ممارسة عملها من داخل العاصمة طرابلس.
وفي وقت تصر حكومة الدبيبة على وصف حكومة باشاغا بـ«الموازية»، حذر الأخير جميع المؤسسات الرسمية من تنفيذ أي تعليمات وقرارات تصدرعن حكومة «تصريف الأعمال منتهية الولاية قانوناً» وفق ما جاء في بيان له الثلاثاء، محذراً «كل من يخالف أحكام هذا القرار بأنه سيقع تحت طائلة المسؤولية الكاملة ويعرض نفسه للمساءلة».
الدبيبة مستمر في سياسة الإنفاق
وفي المقابل، واصل عبدالحميد الدبيبة نشاطه كرئيس للحكومة، مستمراً في سياسة الإنفاق؛ إذ طالب مجلس وزرائه يوم الأحد، وزارة الشؤون الاجتماعية بضرورة صرف منحة الزوجة، وعلاوة الأبناء قبل شهر رمضان، في حين أعلن 10 من الوزراء، والوكلاء بحكومته حتى الآن، استقالاتهم.
ويسعى باشاغا إلى ضمان ولاء بعض الجماعات المسلحة الرئيسية والشخصيات المؤثرة في مدينته مصراتة وكذلك في طرابلس، كشرط مهم ليتمكن من تثبيت نفسه وحكومته المنثقة عن مجلس النواب.
وترى «مجموعة الأزمات الدولية» في تقرير لها نُشر بداية الأسبوع، أهمية إطلاق مفاوضات سياسية لتحاشي سيناريو تحوّل فيه الحكومتان المتنافستان البلاد مرة أخرى إلى مناطق متناثرة واقعة تحت سيطرة هذه الإدارة أو تلك، حالة استمرار الحال على ما هو عليه، ففي هكذا سيناريو، يمكن للأطراف أن تعود إلى الدخول في معركة شد الحبال حول السيطرة على مؤسسات الدولة، خصوصاً المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف المركزي، اللذين يحملان على التوالي المفتاح لتوليد وتوزيع أموال الدولة.
هل تقطع مؤسسة النفط الإمدادات المالية عن الدبيبة؟
وبهذا الخصوص، تتردد معلومات بشروع المؤسسة الوطنية للنفط، وبدعم ضمني من واشنطن بقطع الإمدادات المالية عن الدبيبة، حسب مصادر أجنبية، إذ بات يُعتقد أن ما بين 3 و4 مليارات دولار قد تراكمت بالفعل في حساب المؤسسة التي يرأسها مصطفى صنع الله لدى البنك الليبي الخارجي دون أن تحال إلى مصرف ليبيا المركزي، وفق النظام المعمول به في البلاد.
/للاطلاع على العدد 331 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا
ويعني تجميد عائدات النفط بالنسبة للدبيبة وقف إنفاقه المعتاد، في وقت تحدثت أوساط مقربة من محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير عن تعرضه لضغوط كبيرة للنأي بنفسه عن الدبيبة بالحد من تدفق الأموال إلى حكومته.
وفي تطور قد يؤجج التوترات، اتهمت «القيادة العامة» التي على يرأسها المشير، خليفة حفتر، رئيس حكومة الوحدة بحرمان جنودها من رواتبهم مدة ثلاثة أشهر، محذرة على لسان ممثليها في اللجنة العسكرية المشتركة من انهيار المسار العسكري المُضمّن في اتفاق جنيف لوقف إطلاق النار والعودة إلى الفوضى والعنف.
وسبق لمبعوث الولايات المتحدة وسفيرها لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند التدخل لدى الدبيبة حين حدثت أزمة صرف رواتب قوات الجيش قبل أشهر، وشدد فريق «القيادة العامة» في لجنة «5+5» من لهجته بالخصوص، للمرة الأولى منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، ووجه على إثرها رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، يوم الثلاثاء وزير المالية بحكومة الوحدة الوطنية خالد المبروك بضرورة الإسراع في صرف مرتبات منتسبي الجيش شرقاً وغرباً وجنوباً، قبل حلول شهر رمضان دون أي تأخير، كما شدد المنفي خلال لقاء آخر مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، الأربعاء، على أهمية الحفاظ على القطاع النفطي، والنأي به بعيداً عن التجاذبات السياسية.
باشاغا يرحب بجهود وليامز
وفي تطور لافت، رحب فتحي باشاغا في بيان أصدره مساء الأربعاء، بمساعي البعثة الأممية ومجهودات مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني وليامز، بشأن دعم المسار الدستوري من خلال اللجان الدستورية التي يتم اختيارها من مجلسي النواب والدولة، وتزامن ذلك مع بدء اللجنة الدستورية المشكلة من المجلس الأعلى للدولة اجتماعها التشاوري الثاني مع وليامز في تونس، وسط غياب وفد مجلس النواب الذي أرسل وفداً غير رسمي للقاء وليامز ضمن مهمة محددة وهي إقناعها بعدم جدوى تشكيل اللجنة المشتركة من المجلسين، وهو الاجتماع الذي يتطرق إلى أسئلة حساسة حول طبيعة النظام السياسي المستقبلي ومعايير الأهلية، والإطار الانتخابي في ليبيا.
وتلحق مساعي المستشارة وليامز الشكوك في إمكانية نجاحها إذا ظل مجلس النواب في موقفه غير المتجاوب، أو المتحمس لها؛ بل إن بعض النواب اعتبرها «لا تعمل من أجل حل الأزمة؛ بل تعمل على إدارتها»، ما يثير مزيد الشكوك على احتمال أن تتحقق رغبة قرابة الثلاثة ملايين ناخب ليبي في إنجاز الاستحقاق الانتخابي في مدى قريب، لتبقى العملية السياسية تدور في حلقة مفرغة، ربما حتى يونيو المقبل، الأجل الذي اقترحه الدبيبة لإجراء الانتخابات، إن لم تحدث مفاجآت في المشهد الليبي.
#جريدة #الوسط #معركة #شد #حبال #للسيطرة #على #أموال #النفط
تابعوا Tunisactus على Google News