جهود لتنشيط السياحة الصحراوية في الجنوب الليبي
جهود لتنشيط السياحة الصحراوية في الجنوب الليبي
انقطعت الوفود السياحية عن زيارة منطقة بحيرة “قبر عون” في الجنوب الليبي منذ عام 2011. وللمرة الأولى منذ هذا التاريخ، نظمت مؤسسات وبعض الأهالي، في منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حملة لتنظيف البحيرة الأشهر في البلاد، وسط توقعات السكان بإمكانية عودة أنشطة السياحة الصحراوية التي كانوا يتكسّبون منها لسنوات.وأفاد عضو مجلس الحكماء والأعيان ببلدية بنت بيه عن محلة قبر عون، شعبان صالح، بأن الحملة انطلقت استجابة لنداءات السكان، موضحاً لـ”العربي الجديد”، أن الحملة نُظمت بإشراف مجلس أعيان وحكماء المحلة، وبمشاركة إدارة التنمية المجتمعية والمجلس المحلي للشباب، ومؤسسات مدنية، وفرق كشافة، ونوادي السياحة والرحلات، وعشرات المتطوعين.وأكد صالح أن “الحملة ستمتد إلى بقية البحيرات المحيطة ببحيرة قبر عون، ونحن بصدد استحداث هيئة لتولي مسؤولية صيانة وتسيير الأماكن السياحية في المنطقة، وسيتم تنظيم هذه الحملات سنويا للحفاظ على منطقة البحيرات، ونناشد السلطات زيادة الاهتمام بالجنوب الليبي وروافده الثقافية والسياحية”.
وتمتد بحيرات الجنوب الليبي على مساحة شاسعة في وادي الآجال، وهي غير بعيدة عن مدينتي “أوباري” و”غات” في الجنوب الغربي، وتقع في المنخفضات الموجودة بين الكثبان الرملية الكبيرة، ولا يزيد عمق أكبرها عن 7 أمتار، ومياهها دافئة، ومحاطة بأحزمة كثيفة من أشجار النخيل والقصب والأثل والديس والغردق وغيرها، ما يوفر الحماية الطبيعية والمستدامة لها، كما تعد ملاذاً للحيوانات والطيور البرية.ويعاني الجنوب الليبي من نقص حاد في الخدمات وخطط التنمية بسبب الإهمال الحكومي الطويل، ويعتمد سكانه منذ عقود على السياحة الصحراوية في معاشهم، لاسيما في منطقة قبر عون، حيث كانت السياحة الصحراوية تشكل لسنوات مصدر دخل رئيسي لسكان المنطقة التي يتوفر فيها عدد من عناصر الجذب السياحي.يقول المرشد السياحي محمد أومادي إن “إمكانيات السياحة الصحراوية في منطقة قبر عون شكلت منذ القدم مصدر دخل أساسي لسكان المنطقة، إضافة الى رواج تجارة التمور”، موضحاً لـ”العربي الجديد”، أنه “مع تعبيد الطرق وفتح المطارات، نشطت السياحة الصحراوية في المنطقة، وشهدت إقبال السياح من خارج البلاد، فعرفت تأجير المساكن وأسواق المصنوعات المحلية، وتأجير سيارات الدفع الرباعي للتنقل في الصحراء، وراجت معها العديد من الأنشطة كتجارة التمور”.
مهمة استعادة السياحة الصحراوية في الجنوب الليبي (عبد الله دومة/فرانس برس)يضيف أومادي: “كان من أبرز عوامل النشاط السياحي عدم وجود منافسة في المناطق المجاورة، وعدم التفات السلطات أو اهتمامها بفرض ضرائب على هذه الأنشطة، أو اشتراط استخراج الرخص الخاصة بمزاولتها، ما سهل على الأهالي الاستفادة منها، كما أن عدم وجود الفنادق أو المنتجعات الصحراوية سمح للأهالي بتأجير بيوتهم، وكذلك العمل كمرشدين سياحيين دونما تراخيص رسمية”.ويرى ميلود حمدان، وهو أحد سكان واحة “قبر عون”، أن المنطقة تأثرت بشكل كبير بالفوضى الأمنية التي شهدتها البلاد بعد عام 2011، ويقول لـ”العربي الجديد”: “السنوات العشر الماضية شهدت اختفاء مظاهر السياحة الصحراوية تماماً، واضطر كثير من السكان الذين كانوا يعتاشون عليها إلى البحث عن بدائل بسبب انقطاع الموارد المالية. في حين اضطر البعض إلى الهجرة إلى مناطق أخرى تتمتع بمستوى حضري نسبي وبالتالي تتوفر فيها فرص العمل”.
يضيف حمدان: “توقف الأعمال المصاحبة لسياحة الصحراء، كتأجير البيوت والسيارات، والعمل في الإرشاد الصحراوي، كان فجائياً، واستمر لمدة طويلة وصلت إلى 10 سنوات، والآن هناك بعض المؤشرات على عودة السياح، ولو بشكل نسبي، لكن العودة لن تكون سهلة، فمعظم من كانوا يعتاشون من هذه المهنة تركوها، واتجهوا إلى مهن غيرها، وهم يحتاجون إلى ضمانات قبل العودة مجدداً إليها”.وتمر بعض طرق تهريب المهاجرين من مناطق السياحة الصحراوية في منطقة بحيرات الجنوب الليبي، ما جعل بعض المخيمات السياحية السابقة تتحول إلى أوكار لتجميع المهاجرين. ويؤكد ميلود حمدان: “أعتقد أن تنشيط هذه المنطقة مهم، لكن يجب أن يجري ذلك برعاية الدولة، وأن يتم تنظيم الأمور لضمان تحسين معيشة السكان، وأن يجري ذلك ضمن خطة تنمية شاملة للمناطق الداخلية المهملة”.
#جهود #لتنشيط #السياحة #الصحراوية #في #الجنوب #الليبي
تابعوا Tunisactus على Google News